القائمة الرئيسية

الصفحات

الاتفاقات التنفيذية في قانون عقد المعاهدات العراقي النافذ الدكتور حيدر ادهم الطائي


الاتفاقات التنفيذية في قانون عقد المعاهدات العراقي النافذ
الدكتور حيدر ادهم الطائي


 الاتفاقات التنفيذية في قانون عقد المعاهدات العراقي النافذ
 الدكتور حيدر ادهم الطائي

      تعرف في اطار الممارسة المتبعة في الولايات المتحدة الامريكية ظاهرة الاتفاقات ذات الشكل المبسط (Executive agreement) التي لا ينص عليها الدستور الفيدرالي الامريكي المبرم عام 1787 وهي ممارسة تبنتها بعض دساتير دول العالم بنصوص صريحة, حيث لجا الرؤساء الامريكان الى هذا الاسلوب للافلات من رقابة الكونغرس, والحقيقة ان تاريخ ابرام المعاهدات الدولية يثبت وجود معاهدات ذات اهمية جرى ابرامها بصيغة مبسطة غطت مواضيعها جوانب متنوعة عسكرية وامنية واقتصادية ومالية وثقافية الامر الذي تبرره سرعة الاحداث وتنوع العلاقات على المستوى الدولي وتطورها, ففي العام 1976 تم ابرام 13 اتفاقية من جانب الولايات المتحدة الامريكية باجراءات كاملة من مجموع 288 اتفاقية. ولا يعرف الدستور العراقي لعام 2005 صيغة قانونية تسمح بابرام اتفاقات ذات شكل مبسط على غرار الممارسة المتبعة في الولايات المتحدة الامريكية, وحسنا فعل المشرع الدستوري عندما تبنى التوجه المذكور, وكذلك الحال بالنسبة لقانون عقد المعاهدات العراقي رقم 35 لسنة 2015 الذي نجد فيه تعريفا "للاتفاقات التنفيذية" ورد في المادة (1/ثانيا) ويقصد بها المذكرات والبرامج التنفيذية التي تعقد لتنفيذ احكام المعاهدات المصدقة بموجب احكام قانون عقد المعاهدات رقم 35 لسنة 2015 حيث لا تسري احكام الاخير على الاتفاقات التنفيذية التي تعقد لتنفيذ احكام المعاهدات المصدقة بطريقة قانونية, ويخضع نفاذ مثل هذه الاتفاقات ذات الطبيعة التنفيذية لموافقة الوزير المختص او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة طالما لم يتضمن الاتفاق التزاما ماليا يتحمله العراق, ولموافقة مجلس الوزراء اذا تضمن مثل هذا الالتزام (المادة 3/اولا)
     اما مذكرات التفاهم فهي تعقد بين الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة, وما يقابلها في الدول الاخرى, وبصرف النظر عن تسمية هذه "المذكرات" حيث يخضع نفاذها لموافقة رئيس مجلس الوزراء او من يجري تخويله هذه الصلاحية من جانبه, ولا يجوز لمن يخول من طرف رئيس مجلس الوزراء هذه الصلاحية ان يخولها للغير (المادة 3/ثانيا) وهي لا تخضع ايضا لاحكام قانون عقد المعاهدات النافذ فضلا عن الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تبرم طبقا لمبدا المعاملة بالمثل بالحقوق والالتزامات التي تعقدها جمهورية العراق ممثلة بوزارة الخارجية وحكومة الدولة المتعاقدة الممثلة بوزارة خارجيتها (المادة 3/ثالثا) مما يقتضي ايجاد او خلق نظام قانوني موحد ينظم عملية ابرام مثل هذه الاتفاقات التنفيذية ومذكرات التفاهم فما وجد في قانون عقد المعاهدات العراقي النافذ رقم 35 لسنة 2015 بخصوصها لا يتجاوز التحديد الموجز للمفهوم بهدف التمييز بينها وبين المعاهدات التي تخضع لاحكام القانون المذكور. اما المساحة المتبقية فهي ارض خلاء بحاجة الى  ان يجري تنظيمها طبقا لمدونة تشريعية مستقلة وموحدة.
    من جانب اخر يلاحظ على بعض مذكرات التفاهم التي جرى ابرامها من جانب جهات عراقية انها تقترب من صيغة المعاهدة في بعض جوانبها الموضوعية اذا ما مست جانب من مظاهر السيادة العراقية في وجه من وجوهها الامر الذي يرتب التزاما قانونيا ووطنيا يقع على كاهل الاطراف الحكومية العراقية بتوخي الحذر عند ابرام مثل هذه المذكرات لا ان يصار الى ابرامها  او يوكل ابرامها من الناحية العملية لموظفين  لا يملكون المعرفة القانونية الكافية بالجوانب التي يمكن ان تمسها بعض نصوص هذه المذكرات, والتي تتعلق بالجانب العراقي, فضلا عن اتفاقيات قد تمس جوانب معينة تنطبق عليها الملاحظة ذاتها. فعلى سبيل المثال, يمكن الاشارة الى "جهد قضائي" ردت فيه محكمة التمييز الاتحادية بموجب قرارها المرقم (العدد 600/الهيئة الاستئنافية , منقول/2018,ث 289) الصادر بتاريخ 4/3/2018 دعوى المميز "رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اضافة لوضيفته" ضد "رئيس المنظمة الدولية للهجرة اضافة لوظيفته" على اساس ان المنظمة الدولية للهجرة مستثناة من الخضوع لولاية القضاء العراقي بموجب المادة (4/اولا) من اتفاق التعاون المعقود بينها وبين الحكومة العراقية والمصادق عليه بالقانون رقم 20 لسنة 2011 المنشور بصحيفة الوقائع العراقية بالعدد 4215 الصادر بتاريخ 31/10/2011 والتي نصت على ان تتمتع المنظمة وممتلكاتها وموجوداتها بالحصانة تجاه اي شكل من اشكال الدعاوى القانونية باستثناء اي حالة خاصة قد تعبر فيها عن التنازل عن حصانتها, كما انه من المتفق عليه بين الطرفين ان عدم التنازل عن الحصانة لا يقتضي القيام باي اجراء تنفيذي, وحيث ان المنظمة المذكورة لم تتنازل عن الحصانة في الدعوى موضوع النزاع مما استوجب ردها. لكن الملاحظ على التوجه القضائي المذكور ان موضوع الدعوى المقامة من جانب المميز ضد رئيس المنظمة الدولية للهجرة "اضافة لوظيفته" يتعلق بعملية صرف "غير قانونية" طبقا لاتجاه اللجنة التحقيقية المشكلة للتحقيق في هذه المسالة تمت بموجب مذكرة تفاهم ابرمت من جانب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من المنظمة المذكورة ابرم في العام 2004 وهو متعلق بعملية التصويت في انتخابات الجمعية الوطنية عام 2005 فكيف جرى تاسيس رد الدعوى من جانب القضاء العراقي على اتفاقية وقعت في العام 2009  وتمت المصادقة عليها في العام 2011 ؟ الامر الذي لم يتم توضيحه في القرار لا من بعيد ولا من قريب !!! ذلك ان الاصل في القانون ان التصرفات القانونية لا تسري الا على ما يقع بعد دخولها دور النفاذ طبقا للاصول القانونية المعمول بها في الدولة باعتبارها كيانا قانونيا وسياسيا ينظم تصرفات الاشخاص القانونية في المجتمع. فهل يوجد نص في اتفاق التعاون المعقود بين المنظمة الدولية للهجرة من جانب والحكومة العراقية من جانب اخر والمصادق عليه بالقانون رقم 20 لسنة 2011 يقضي بمد تطبيق هذا الاتفاق باثر رجعي ؟
    الحقيقة ان القرار الصادر عن محكمة التمييز الاتحادية لم يشر الى هذا الامر مطلقا فان وجد مثل هذا الاستثناء "التطبيق باثر رجعي" فان النقص في التسبيب يبقى من الماخذ التي قد توجه الى عملية صياغة هذا القرار. اما في حالة عدم وجود الاستثناء المذكور "فلا تعليق" !!!!!! والحقيقة انه غير موجود ذلك ان نص المادة (12) من الاتفاق قد كرس حكما مفاده ان هذا الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من تاريخ تبادل المذكرات الدبلوماسية المؤيدة لتصديق الطرفين عليه وفقا للاجراءات القانونية النافذة لديهما. ومع ذلك تبقى امكانية التبرير من زاوية محددة قائمة على اعتبار ان المنظمة المذكورة وقت اقامة الدعوى كانت متمتعة بالحصانة مما يستوجب رد الدعوى المقامة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ضد المنظمة الدولية للهجرة الا ان رد الدعوى لا يمكن معه قبول ايقاف او اهمال اي اجراءات قانونية من المهم ان تتخذ بحق عملية الصرف غير القانونية , والتي تمت الاشارة اليها في عمل اللجنة التحقيقية.






هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع