القائمة الرئيسية

الصفحات

الملاحقة القضائية عن الجرائم الارهابية بقلم ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


الملاحقة القضائية عن الجرائم الارهابية
بقلم ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



الملاحقة القضائية عن الجرائم الارهابية
بقلم ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي

     يعد القانون الدولي الانساني من اهم ادوات القانون الدولي لحماية حقوق الانسان وضمان عدم افلات المجرمين من طائلة العقاب فمنذ استيلاء مسلحي ما يعرف بتنظيم  الدولة الاسلامية (داعش) عام 2014 على مناطق شاسعة من حلب والرقة والموصل اذ ارتكب التنظيم المذكور العديد من الجرائم الوحشية التي تباينت بين عمليات القتل الجماعي والاغتصاب وغيرها من اشكال العنف والتجنيد القسري للأطفال واضطهاد الاقليات العرقية والدينية الى جانب تدمير الممتلكات الثقافية ، وبعد هزيمة التنظيم في ساحات القتال في كل من سوريا والعراق ظهرت مسالة ملاحقتهم ومحاكمتهم  ، لتظهر الملاحقة القضائية كجلة من الاجراءات التي تقوم بها السلطة القضائية بالتعاون مع الاجهزة الحكومية لتقديم مرتكب الجريمة للقضاء المختص للفصل في الادانة او العكس ، لتكون الملاحقة القضائية جملة من الاجراءات القانونية للتقصي عن الجرائم وملاحقة مرتكبيها ومحاكمتهم واصدار الاحكام وتنفيذها بعد استنفاذ طرق الطعن بها وصيرورتها قطعية .


       وبما ان مرتكبي الجرائم الارهابية هم من جنسيات متعددة والمتضرر منها العالم باسره او يصح ان نقول الانسانية كلها لتعد جرائمهم جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية لتكون ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم في أي بلد في العالم بغض النظر عن مكان ارتكابها او جنسية مرتكبيها.


فقوانين العقوبات الوطنية لا تخلو من تجريم الجرائم الارهابية لتختص محاكمها في الفصل في الاتهامات الموجهة لمرتكبي تلك الجرائم والوصول لأدانتهم او العكس في حالة عدم ثبوت ارتكاب الفعل الارهابي على المتهم لتكون المحاكم الوطنية هي الرديف الرئيسي للعدالة الدولية ضد الجرائم الارهابية اذ يتيح القانون الجنائي الوطني للقضاء النظر في الجرائم الارهابية والانتهاكات المرتكبة في مجال القانون الدولي الانساني من خلال الاستعانة بالمعاهدات الدولية والقانون الدولي العرفي والمبادئ العامة للقانون ،وقد عمدت العديد من الدول الى تجريم تلك الافعال او تشديد العقوبات في نطاق الملاحقة القضائية لتلك الجرائم لما تمثله من انتهاكات خطيرة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني وحقوق الانسان لذى تطلب الامر تكاتف الجهود الدولية في مجال مكافحتها والقضاء عليها .


       فعلى الصعيد الوطني نجد ان قانون العقوبات العراقي اخذ بمبدأ اقليمية القانون الجنائي في المادة 7 منه لذى فارتكاب عمل ارهابي سواء كان بفعل واحد او بعدة افعال فهو يخضع لاختصاص القانون والقضاء العراقي وقد عمد مجلس النواب العراقي في جلسة 18 نيسان لعام 2015 الى التصويت على احالة جرائم داعش في العراق الى المحكمة الجنائية العراقية بعد تعديل قانونها ليشمل جرائم داعش الا ان ذلك الاتجاه منتقد لكون قانون المحكمة حصر اختصاصها بالجرائم المرتكبة قبل عام 2003 في عهد النظام السابق ، كما ان اختصاص النظر بتلك الجرائم ضمن اختصاص المحكمة الجنائية المركزية فلا يتطلب الامر تعديل القانون سابق الذكر اعلاه للنظر بتلك الجرائم وهو ما بينه الامر 13 لعام 2004 الخاص بتشكيل المحكمة الجنائية المركزية اذ جعل جرائم الارهاب من ضمن الجرائم الواقعة ضمن اختصاص المحكمة في القسم 18 في باب الولاية القضائية للمحكمة 


 وفي هذا المجال نجد ان المحكمة الجنائية المركزية قد مارست دورها في هذا المجال من خلال فصلها بالعديد من الجرائم الارهابية فهي صاحبة الولاية القضائية في جميع انحاء العراق بالنسبة للجرائم التي تدخل في اختصاصها والتي بينتها المادة 18 من الامر اعلاه مع اهمية ذكر ان تشريع قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لعام 2005 كان له الدور الكبير في مكافحة الارهاب والجريمة الارهابية مع ما عرض على القضاء العراقي من جرائم ارهابية مع تنوع  جنسيات المجرمين ليكون القضاء العراقي الاول في التعاطي مع قضايا الارهاب ونجاحه في معالجتها وتوصلها الى العديد من الشبكات الارهابية المرتبطة مع بعض من خلال الاعترافات المدونة من قبل المتهمين عن طريق محكمة التحقيق المركزية التي هي احدى تشكيلات المحكمة الجنائية المركزية العراقية والقبض على تلك الشبكات وتقديمها للقضاء مع التعاون مع الجهات الامنية في القبض على متهمين قبل القيام بتنفيذ اعمالهم الارهابية .


      كما عمدت الامم المتحدة في أطار التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الارهابية الى انشاء فريق خاص لمساعدة المحاكم العراقية لمقاضاة الارهابين.
     وفي نطاق ملاحقة الجرائم الارهابية نجد ان  العديد من الدول لجأت لتدابير مختلفة اضافة للتجريم في مجال مكافحة الجريمة الارهابية ففي الولايات المتحدة  الامريكية بدورها  فقد اتخذت اجراءات قضائية لمحاكمة تهريب القطع الاثرية التي نهبها تنظيم داعش من سوريا والعراق لتمويل انشطته ولتفادي اخفاء تلك الكنوز لدى هواة جمع القطع الاثرية قام المدعي العام الفدرالي في ديسمبر عام 2016 في مقاطعة كولومبيا التي تضم العاصمة واشنطن بطلب مصادرة يتعلق بخاتم وقطع من الذهب تقدر بعدة ملايين من الدولارات في الية تستند قانونيا الى العقوبات الامريكية التي تصنف تنظيم داعش من ضمن المجموعات الارهابية الاجنبية ليكون الهدف منها تحذير هواة جمع الاثار حول العالم من ان شراء هذه القطع لا يضمن أي حق شرعي بملكيتها .


     اما في السويد فقد أعلن القضاء السويدي في اواخر عام 2018 ملاحقة ثلاثة اشخاص من اسيا الوسطى بتهمة التحضير لعمل ارهابي مع ذكر ان هؤلاء الاشخاص يشتبه في انهم خزنوا كميات كبيرة من المواد الكيمائية اضافة لمعدات لقتل الاشخاص واصابتهم مع اتهام هؤلاء بتمويل الارهاب من خلال ارسالهم لأموال لتمويل عمليات تنظيم داعش.


     ان الملاحقة القضائية عن الجرائم الارهابية على الصعيد الوطني تعد حجر الاساس لضمان عدم الات الارهابين من العقاب على ما ارتكبوه من فضائع وانتهاكات بحق الانسانية جمعاء متجردين من إنسانيتهم ولتدعيم هذا الجهد الوطني لا بد من ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم على المستوى الدولي لضمان وضع حد لتلك الجرائم من خلال التعاون الدولي بين الدول جمعاء ولا سيما ان الارهاب بات يضرب شتى بقاع العالم بلا هوادة فلم ينجو بلد من اثاره وشروره والحل  يكون عن طريق قيام التشريعات الوطنية بالملائمة بين الاتفاقيات والالتزامات الدولية لتكون تلك الافعال مجرمة بموجب التشريع الداخلي والدولي على حد سواء . 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع