القائمة الرئيسية

الصفحات

الحق في حماية البيئة بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


الحق في حماية  البيئة
بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

الحق في حماية  البيئة
بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا
     حمل الله تعالى الانسان امانة عمارة الارض ولا تستقيم هذه العمارة بدون صون ما استخلفنا فيه بالحفاظ على مقوماته وضمان بقائه لمجتمع الوم ولأجيال الغد قال تعالى في كتابه الكريم :  ( ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها ) وقوله تعالى : ( ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين ) وقد قدم الخالق جل وعلا في مجمل كتابه الكريم العديد من الآيات التي تظهر نعم الله على خلقه ليستشعروا منها آيات عظيمة وبراهين قدرته جل وعلا ,وفي ظل التقدم الهائل في مجال النشاطات الصناعية وتنامي الثروات الاقتصادية لم يعد الانسان يعبا بالأضرار التي تصيب سلامة البيئة وما يترتب عليها من اثار وظاهر تهدد سلامة البيئة التي يعيش ويتواجد فيها .
    فاستنفاذ مصادر الثروات الطبيعية والتخريب البيئي الناتج عن الانشطة الصناعية مهد لظهور فكرة المسؤولية الدولية عن تلك الاضرار والتي مهدت لها افكار جورج بيركنز عام 1964 بقوله : ( ان الانسان يستطيع التحكم في الطبيعة من اجل المنفعة ومن اجل الضرر وان الحكمة هي في البحث عن المحافظة على توازن الطبيعة وان على الجيل الحالي مسؤولية المحافظة على رفاهية الاجيال القادمة ) لذى فقد تنبه الانسان للأضرار التي اصابت البيئة ولا سيما بعد كوارث الحرب العالمية الثانية والتي منها قصف هيروشيما بالقنبلة الذرية وما انتجه ذلك من قلق عالمي للأثار المخربة واساءة استخدام المنجزات العلمية في القتل والتخريب بدل تسخيرها في التنمية ، لذى بدأ الالتفات الى ان حماية البيئة هو حق من حقوق الانسان في التنمية لينعكس ذلك في  اقامة العديد من المؤتمرات الدولية للوقوف على اليات عمل تضمن الالتزام بضمان تلك الحماية منها مؤتمر الامم المتحدة المعني بالبيئة البشرية لعام 1972 في ستوكهولم ومؤتمر الامم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية لعام 1992 ودورة الجمعية العامة الاستثنائية المكرسة للبيئة لعام 1997 ومؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة لعام 2002 ومؤتمر الامم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2012 مع العديد من المؤتمرات والاتفاقيات على الصعيد الاقليمي والوطني في هذا المجال لتؤكد تلك المؤتمرات ان البشر هم محور اهتمام التنمية المستدامة وان الحق في بيئة سليمة يجب ان يحقق احتياجات الاجيال الحاضرة والقادمة مع تحميل المتسبب في تلوث البيئة نفقات ما نجم من ضرر بيئي فالقانون الدولي البيئي يهدف الى تحقيق التنمية المستدامة ولتحقيق ذلك يعني وضع التنظيم التشريعي اللازم لمواجهة اخطار تلوث البيئة على نحو يحقق الحفاظ على البيئة للأجيال الحالية والقادمة ، لذى وانطلاقا من العمل على وضع الالتزامات الدولية محل التطبيق لجات العديد من الدول الى تشريع قوانين لحماية البيئة من التلوث مع تضمين هذا الواجب في دساتيرها الوطنية كدستور مصر لعام 2014 في ديباجته والتي عدتها م/ 227 منه جزا لا يتجزأ من الدستور وكذلك فعل المشرع العراقي بنصه على حماية البيئة في م/ 114 منه مع ذكر وجود تشريع لحماية البيئة وهو قانون حماية وتحسين البيئة العراقية رقم 27 لسنة 2009 وسابقه قانون حماية البيئة العراقية رقم 3 لسنة 1997 .
     اضافة لذلك فقد فرضت المؤتمرات الدولية وما نتج عنها من اتفاقات بهذا المجال على الدول الكبرى التزامات في مجال حماية البيئة منها خفض انبعاثاتها من غازات المسببة للاحتباس الحراري للحد من ارتفاع درجات حرارة الكرة الارضية مع الزام الدول النامية عن خططها في هذا المجال مع انشاء صندوق دولي يتم تمويله من الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية على مواجهة الاضرار البيئة وتنفيذ مشاريع لمواجهة تلك الاضرار ، لذى فقد اصبح موضوع حماية البيئة من مقتضيات الحق في التنمية تستند في اساس عملها على التعاون الدولي لمواجهة ظاهرة التلوث لتحقيق اهدافها المرجوة عن طريق تظافر الجهود الوطنية مع الدولية لتحقيق اهدافها في هذا الجانب في اطار فلسفة تشريعية تتجاوز الافكار القانونية التقليدية في نطاق تشريع القوانين لتتجرد عن فرض الحماية على النطاق الوطني فحسب بل ممتدة لحماية البيئة  خارج الحدود انطلاقا من التزام دولي يقع على كافة الدول والمجتمع الدولي باسره مهمة الحفاظ عليه من خلال تجريم افعال الاعتداء على البيئة كما فعل المشرع الفرنسي بسنه للعديد من القوانين التي تحمي لبيئة البحرية من التلوث مع منح مأموري الضبط القضائي سلطة التصدي لحالات التلوث الناتجة من السفن ومنحهم صلاحية اتخاذ الاجراءات اللازمة لضبط تلك الجرائم واثباتها سواء حدثت تلك الخروقات في المياه الاقليمية او المنطقة الاقتصادية الخالصة او في المياه الدولية .
     ومن اهم الاتفاقيات التي نظمت سلطات الدولة فيما يرتكب من جرائم بيئية خارج حدودها الوطنية اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 الى جانب العديد من الاتفاقيات الاخرى التي نظمت حق الدول في التصدي للتلوث وان حدث خارج اقليمها كاتفاقية بازل بشان نقل النفايات الخطرة عبر الحدود واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة ومن الجدير بالذكر ان امتداد الاختصاص القضائي الجنائي خارج اقليم الدولة يكون وفق احكام واليات تضمن مواجهة تلك الظاهر بشكل جاد بما يحقق الهدف المراد من هذه الاجراءات .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع