القائمة الرئيسية

الصفحات

المحكمة الاتحادية العليا واستقلال القضاء بقلم ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


المحكمة الاتحادية العليا واستقلال القضاء
بقلم ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا


المحكمة الاتحادية العليا واستقلال القضاء
بقلم ايناس عبد الهادي الربيعي

      قضت المحكمة الاتحادية العليا في جلستها ليوم 14-4-2019بعدم دستورية المدة الثانية اولا في شقها الاخير من قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته رقم 41 لسنة 2008  والتي تنص على :( يحال على المحكمة الكمركية سائق المركبة او الزورق او ربان السفينة ومستخدمو وسائط النقل الاخرى ومن اشترك معهم في ارتكاب الجريمة ممن يتم ضبطهم بموجب احكام هذا القانون ولا يطلق سراحهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة الا بعد صدور حكم بات في الدعوى ) والتي تم الطعن بها بموجب طعن قدم للمحكمة من قبل الادعاء العام في محكمة تحقيق الناصرية التابعة لرئاسة محكمة استئناف ذي قار والذي طعن بعدم دستورية الشق الاخير من القانون المذكور اعلاه والتي منعت اطلاق سراح سائق المركبة او الزورق او ربان السفينة ومستخدمو وسائط النقل الاخرى ومن اشترك معهم في ارتكاب الجريمة ممن يتم ضبطهم بموجب احكام القانون المذكور اعلاه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة الا بعد صدور حكم بات في الدعوى ، اذ وجدت المحكمة ان الاصل في المتهم البراءة حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة وفق المادة 19/خامسا من دستور جمهورية العراق لسنة 2005والتي تنص على : ( المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة ......) لتشدد المحكمة برئاسة القاضي مدحت المحمود وحضور كافة اعضائها بان حرية الانسان وكرامته مصونة وفق المادة 37 /اولا/أ من الدستور والتي تنص على : ( حرية الانسان وكرامته مصونة ) وان حجب هذه الحرية او حجبها يجب ان ينظمها القانون مع ترك الحرية للقضاء تقدير الموقف القانوني في توقيف المتهم او اخلاء سبيله بكفالة ضامنة وفق ما يترأى للمحكمة من خلال النظر لجسامة الجريمة ودور المتهم فيها وظروف تطبيق احكام المواد 19/اولا و88و47 من الدستور ، لتقضي المحكمة باستقلال القضاء في اتخاذ احكامه وقراراته ولا سلطان عليه لغير القانون ومبدأ الفصل بين السلطات الذي كفله الدستور .
    لتبين المحكمة في قرارها بان قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل قد نظم موضوع الطعن بشكل دقيق متوخيا المصلحة العامة والحرية الشخصية في المادتين 109-110 منه والتي حددت الجرائم التي يجوز اخلاء سبيل المتهم فيها بكفالة مع اجازة اخلاء سبيله في الجرائم الاخرى تاركة حرية تقدير ذلك لقاضي الموضوع وفق الجواز القانوني في مرحلتي التحقيق والمحاكمة ليقرر مدى خطورة الجريمة المسندة للمتهم ومدى تأثير اخلاء سبيله على سير التحقيق والمحاكمة اذا ما اخلي سبيله بكفالة ضامنة لتقرر المحكمة ان تقييد القاضي بالشق الاخير من المادة الثانية على اولا من القانون محل الطعن قد خالفت الدستور لذى قضت  المحكمة بعدم دستوريته .
     ومن قراءتنا للقرار المذكور اعلاه نجد انه قد شرع في ظروف استثنائية يمر بها البلد اوجبت تشريعه ولا سيما ان التهريب من الجرائم الاقتصادية التي تتسبب في تخريب اقتصاد البلد وحماية الثروة النفطية ووضع حد للتلاعب بهذه الثروة المهمة وهدرها بدون وجه حق نرى ان تشديد العقاب على تلك الجرائم هو عين الصواب لجسامة تلك الجرائم وخطورتها وتأثيرها السلبي على العديد من المرافق الحيوية في الدولة ناهيك عن كون النفط احدى اهم مصادر تمويل ميزانية الدولة ان لم يكن اكثرها اهمية ، مع اهمية ذكر ان المادة الثالثة من القانون محل الطعن في فقرتيها قد شددت العقوبة للفاعل الاصلي والشريك لانتهاك احكام المادة الاولى منه في فقرتها الثالثة والمرتكب لجريمة حمل النفط ومشتقاته بدون تصريح رسمي لتعود المادة الثالثة في فقرتها الثانية لتعد ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في القانون محل الطعن ظرفا مشددا في ظروف الحرب او النفير او الطوارئ او ازمات الوقود وهو الامر الذي ينطبق على اكثر من حالة في وضعنا الراهن في ظل الحرب على الارهاب والانضمام  للعديد من الاتفاقيات التي تلزم الدولة بتجفيف مصادر تمويل الارهاب والتي يعد تهريب المشتقات النفطية احدى اهم مصادر تمويلها واكثرها خطورة .
    لذى ومما تقدم لا نتفق مع قرار المحكمة الاتحادية العليا في حكمها بعدم دستورية المادة محل الطعن اعلاه وان كان ظاهر القول يؤيد اتجاه المحكمة الا ان الاحداث الجارية وما يرافقها من تداعيات في هذه المرحلة الراهنة تستوجب تشديد العقاب على تلك الجرائم للظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد ولسد الابواب امام من تسول له نفسه على ارتكاب اي من تلك الجرائم ولا سيما ان ظروف تشريع القانون وان كانت تحقيقا لالتزام دولي فهي نتيجة لإفرازات وضع راهن يفرض نفسه على الساحة وارض الواقع.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع