القائمة الرئيسية

الصفحات

معادلة جديدة في الصراع الصهيو امريكي الإيراني بقلم الباحث الاستاذ عمار المكوطر معهد العلمين للدراسات العليا



معادلة جديدة في الصراع الصهيو امريكي الإيراني
 بقلم الباحث الاستاذ عمار المكوطر
 معهد العلمين للدراسات العليا


معادلة جديدة في الصراع الصهيو امريكي الإيراني
 بقلم الباحث الاستاذ عمار المكوطر معهد العلمين للدراسات العليا

    بعد فشل العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران وثنيها عن التراجع في سياساتها الساعية لتحقيق مشروعها في ان تصبح دولة إقليمية كبرى ذات تأثير ونفوذ في السياسة الدولية ، في ظل تراجع الدور التركي وغياب الدور والمشروع  العربي ، وعدم قدرة الدول العربية عامة والخليجية خاصة في إحداث اي فعل مؤثر في السياسات والأحداث الإقليمية الشرق اوسطية والعالمية .
   وفي ظل فراغ القوة هذا ، في منطقة تعد الأهم عالمياً في إنتاج الطاقة خاصة النفط والغاز ، اعان إيران لتلعب ذلك الدور الفاعل ، بعد استكمال بنى تحتية صناعية وعسكرية وأمنية متقدمة ، اثبتت نجاحها وتفوقها في ساحات عديدة ، إقليمية منها سورية واليمن ولبنان والعراق.
   هذا التفوق النوعي علمياً وعملياً اغاض الولايات المتحدة وحلفاءها ، وعرض مصالحها للخطر ولاسيما مصلحتها الأولى ، امن الكيان المصطنع ، فألغى الرئيس الأمريكي ترامب الاتفاقية النووية معها ، وفرض اقسى العقوبات الاقتصادية عليها ، وقرر تصفير صادرات إيران النفطية ، وبالرغم من الأضرار الاقتصادية والمالية الجسيمة ، والانخفاض الحاد للعملة الإيرانية ، إلا ان الرد الإيراني جاء خلاف ما تبتغيه الولايات المتحدة في الرضوخ لشروط وضعتها الأخيرة ، منها إيقاف تصنيع و تطوير الصواريخ والعودة للتفاوض ، حيث رفضت إيران رسمياً وبضرس قاطع على لسان كبار صناع القرار فيها ، منهم المرشد الأعلى علي خامنئي ، و عبرت عن تحديها للتهديد الأمريكي بإرسال حاملة الطائرات إبراهام نلكولن وقوات عسكرية إضافية للخليج العربي ، إثر  تهديد ايران بغلق مضيق هرمز ، وكمحاولة للضغط عليها وتطمين حلفائها الخليجيين وكيانها المصطنع . قامت إيران بإرسال عدة رسائل للولايات المتحدة والعالم باستهداف ناقلات نفط سعودية وإماراتية ، بطريقة ذكية وتوقيت دقيق ، تعبيراً عن قدرتها على شل شريان الطاقة النفطي العالمي خاصة لأمريكا وحلفائها الأوروبيين  ، مما اربك حسابات صانع القرار الأمريكي ودفعه للمناداة بطلب التفاوض ، وبعد يأسه ، قام بوساطات دولية للتدخل في إقناع ايران للعودة للتفاوض ، ومنها إرسال رئيس الوزراء الياباني لإيران بعد زيارة ترامب لليابان وتكليفه .
    وحيث ان الموقف الإيراني غالباً يتسم بالوضوح والتحدي ، رفض التفاوض وطالب بالعودة للاتفاقية النووية ، ورفع العقوبات الاقتصادية دون شرط مسبق ، وانها ( إيران ) لا تثق بالولايات المتحدة وتعهداتها ، ويبدو ان هذا القرار الإيراني كان متوقعاُ من الطرف الأمريكي وحلفاؤه ، مما حدا بهم بضرب ناقلتين نفطيتين في خليج عمان احدهما يابانية والأخرى فيتنامية ، لإثارة الرأي العام العالمي وتحشيده ضد إيران ، وهو نوع من إدارة الأزمة بالأزمة ، تجيده الولايات المتحدة  ، وتمظهر ذلك بالاتهام السريع  لوزير الخارجية الأميركي بومبيو إيران بالوقوف وراء الحادث ، دون اي دليل عملي او تحقيق مستقل يثبت ذلك . إن صانع القرار الإيراني ليس بهذه الدرجة من البلادة ليقدم على هكذا قرار ،  وفي ظل زيارة زعيم دولة كبرى كاليابان لبلاده ، وتجييش المواقف الدولية ضده او إحراج حلفاءه ولاسيما روسيا والصين ، فقد رفضت الأولى اي إتهام مسبق لإيران او تحميلها مسؤولية ما حدث .
   في ظل هذا السيناريو التصعيدي الجديد ، والأفعال غير المتوقعة ، التي أسهمت في توتر شديد بلغ مراحل عليا من التشنج وقد تصحبه ردود أفعال حادة من اي من الطرفين المتصارعين ،  قد يصل مرحلة المواجهة العسكرية ، بات حل الأزمة او تخفيف حدتها أمرا ضرورياً ، فأي تطور فيها سوف يهدد العالم باسره ويؤثر على  اقتصاده ، بل ربما يحدث ازمة اقتصادية دولية اشد من اي ازمة أخرى مرت بما فيها أزمة عام  ٢٠٠٨ ، كما ان على دول المنطقة ان تقرا مسرح الأحداث و التفاعلات الدولية بشكل دقيق وفتح قنوات الحوار والتفاوض مع إيران وعقد اتفاقيات دولية بصددها ، ولاسيما  بعد إعراب إيران عن رغبتها في ذلك ، وبخلافه تبقى التوترات والأزمات مشتعلة ، فالتاريخ والجغرافية يفرضان على دول المنطقة ذلك ، وليس بوسع دول الخليج ، ان تعيش للأبد تحت الحماية او الوصاية الأمريكية ، وعليها ان تنوع علاقاتها ومصالحها مع الدول الصاعدة في سلم القوة كالصين وروسيا ، فإن ملامح العالم تتغير سريعاً ومؤشرات ذلك توحي بميلاد عالم متعدد الأقطاب ، وأن مصادر قوة الولايات المتحدة باتت تتآكل وشهدت تراجعات عدة في ميادين مختلفة .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع