القائمة الرئيسية

الصفحات

الصراع الامريكي الإيراني واثره في التكتلات الدولية والإقليمية الدكتور عمار احمد المكوطر معهد العلمين للدراسات العليا




الصراع الامريكي الإيراني واثره في التكتلات الدولية والإقليمية
الدكتور عمار احمد المكوطر – معهد العلمين للدراسات العليا



الصراع الامريكي الإيراني واثره في التكتلات الدولية والإقليمية
الدكتور عمار احمد المكوطر – معهد العلمين للدراسات العليا

     بعد تصاعد حدة الصراع الأمريكي الإيراني وبلوغه مستويات لم يبلغها من قبل ، إذ تصاعدت وتيرة المواجهة من حرب إعلامية ونفسية الى التهديدات ، حتى بلوغها مواجهة عسكرية غير مباشرة عبر حلفائهما ، ومن ثم إسقاط طائرة  استطلاع أمريكية من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني  ، ادعاء الولايات المتحدة إسقاطها لطائرة إيرانية مسيرة في مياه الخليج العربي بعد ان كانت تحلق فوق البارجة الأمريكية ، وقد نفت إيران ذلك ، ولم تقدم الولايات المتحدة ما يثبت ادعائها .
    وقد تصاعد الموقف حدة ، بدخول المملكة المتحدة في الصراع بعد احتجازها لناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق ، وعلى متنها حمولة نفط تقدر بمليوني برميل ، بذريعة انها متجهة إلى سوريا ، وقد نفت إيران انها متجهة شطر سوريا ، وان لها الحق في بيع نفطها في الأسواق العالمية إسوة بباقي الدول المنتجة ،  وقد ردت إيران بعد توعد المرشد الأعلى السيد علي خامنئي ، وقد تم بالفعل بشكل سريع ومباشر، ، باحتجاز نافلة نفط ترفع العلم البريطاني وسيقت الى ميناء بندر عباس ، معللة إيران ذلك ، بانه إجراء قانوني وفق طلب البحرية الإيرانية كون السفينة البريطانية قد خالفت قواعد المرور بسيرها بالاتجاه المعاكس واصطدامها بزورق إيراني ، وتجاهلها نداءات القوات البحرية الإيرانية ، وإطفاءها اجهزة التتبع ، إلا ان الواقع هو رد بالمثل كوسيلة للضغط على بريطانية وتبيان قدرة إيران على المواجهة وعدم الخضوع للإملاءات الغربية ، وان زمن الهيمنة والعربدة البريطانية في الخليج قد ولى ، وفقاً لما صرح به قائد البحرية الإيرانية حسين خانزادي ، واضاف ان إيران تمتلك طائرات مسيرة عابرة للقارات ، وان لهم قدرة تتبع السفن الأمريكية من لحظة انطلاقها حتى وصولها مياه الخليج العربي .
    نلاحظ مما سبق تصاعد في حدة الخطاب والصراع وتبادل التهديدات باستخدام القوة العسكرية او الرد بها ، بين كل من إيران والولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الاستراتيجية بريطانية .
    هذا يدفع بالمتابعين والمختصين بشأن الصراع ، ان له امتدادات وتطورات نحو التصعيد ، وقد يصل حد المواجهة العسكرية المباشرة ، بالرغم من إدراك جميع الأطراف انها ربما تقود لحرب عالمية .
   وما يترتب على ذلك من اهوال وكوارث عظمى تطال العالم بأسره ، فضلاً عن اطرافها  المباشرين .
    إلا ان الأهم في ذلك، ما يشهده العالم من انكسار في العلاقات الدولية، وظهور ملامح تكتلات دولية وإن كانت غير معلنة ، بيد ان الواقع يثبتها  . 
    إذ ان هناك ما يشبه الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية الساعية لاستعادة مكانة ودور الاتحاد السوفيتي الذي تفكك عام ١٩٩١ ، بالأخص بعد وصول فلاديمر بوتين الى السلطة عام 2000 ، وسعيه الجاد لتحقيق تلك الطموحات ، وقد سأعتده الظروف في تسريع ما يتطلع ، عبر اخطاء في السياسة الأمريكية، واحتلال كل من أفغانستان والعراق، وشكل العامل الاقتصادي عنصر دعم في ذلك بعد تصاعد أسعار النفط واحتكار شبه تام وتحكم لروسيا في أسواق الغاز في الاتحاد الأوروبي ، واثر ذلك في قوة القرار الروسي في السياسة الدولية عموماً، والأوربية خصوصاً، بعد فشل خط غاز نابوكو ومشروع الغاز القطري، فضلاً عما شكلته الأزمة السورية من فرصة تاريخية في عودتها للقطبية العالمية ووصولها للمياه الدافئة في حوض المتوسط.
    كما ان هناك انكسارات في العلاقات الصينية الأمريكية بعد فرض الرئيس  الأمريكي ترامب رسوماً جمركية على البضائع والسلع الصينية ، يقابله تعاون صيني روسي حثيث بدافع مواجهة تهديد مشترك .
    ومحاولة الصين من تعزيز مكانتها الدولية، وإن كانت عبر البوابة الاقتصادية اولاً.
    كما شهدت العلاقات الأمريكية التركية إنكساراً كبيراً، بتهديد الولايات المتحدة  بفرض حصار على تركيا إثر تسلم الأخيرة منظومة صواريخ (  S400)، وتهديد الأولى ايضاً بعدم تنفيذ صففه تسليم طائرات (F35)، ورد تركيا بالتعاون مع أطراف دولية أخرى لتعويض ذلك، وقد أكده رئيس مؤسسة روتسيخ الحكومية سيرغي تشيميزوف بأن موسكو وانقرة  تجريان مباحثات حول الإنتاج المشترك لأجزاء من منظومة صواريخ S400 واستعداد بلاده لتوريد طائرات سو 35 إلى تركيا.
     فضلاً عن الرد التركي في مجالات اخرى، منها ما اعلنه وزير الخارجية التركي مولود تشاووش اوغلو عن استعداد بلاده للرد بالمثل واتخاذ خطوات مناسبة تشمل وضع قاعدة انجرليك. 
   تأسيساً على ما تقدم فإن هناك تكتلات دولية تقف بالضد من سياسات الولايات المتحدة، تبرز في مقدمتها كل من روسيا، الصين، تركيا و إيران، فصلاً عن دول أخرى ككوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا.
    هذه التكتلات والأحلاف الدولية التي تعمل غالباً انطلاقاً من نظام توازن القوى الذي عرفه النظام الدولي قبل تأسيس المنظمات الدولية الساعية عبر نظام الأمن الجماعي لحفظ الأمن والسلم  الدوليين، من خلال العمل بميثاق مؤسسة قانونية تقر بمبدأ السيادة والاستقلال والمساواة بين جميع الدول، وحل النزعات والمشكلات الدولية بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة او التهديد بها.
   إن ما تشهده الساحة الدولية من صراعات حادة بسبب تناقض المصالح وسعي كل طرف للتوسع في مناطق نفوذه على حساب غيره من الأطراف، وسياسات الولايات المتحدة القائمة على استخدام القوة الصلبة والتهديد بها، ومحاولة إقصاء فواعل وقوى دولية  كبرى، وتضييق دائرة المشاركة في صنع القرار الدولي، وتهميش دور المنظمة الدولية، والعمل خارج مبادئ وميثاق الأمم المتحدة ، كاحتلالها في غضون ثلاثة اعوام  لدولتين عضوين في منظمة الأمم المتحدة، وهي كل من افغانستان والعراق، والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان المصطنع، والاعتراف بالجولان السورية  المحتلة كأرض صهيونية، وغيرها من سياسات، سيدفع نحو مزيد من التصعيد والصراع والمواجهة، بينها وبين بقية الدول المتضررة من تلك السياسات، مما دفعها للتكتل في معسكر مضاد، وقد يؤدي إلى  نشوب حرب كونية ثالثة ليس فيها من رابح ونتائجها صفرية على الجميع .
   فعلى جميع القوى الدولية الفاعلة العمل الجاد لتوسيع قاعدة المشاركة والتعاون بما يحقق مصالح جميع الأطراف وبصورة متوازنة . والنظر بعقلانية حيال منطقة الخليج العربي، والإدراك ان امنها لن يتحقق إلا عبر تعاون دولها بعيداً عن التدخلات الخارجية وما سيجلبه من صراعات وحروب تنعكس آثارها  وتداعياتها السلبية على جميع العالم، ويأخذوا بأن الوضع الدولي قد تغير، فليس عام ١٩٩١ هو عام  ٢٠١٩ وما بعده، وان إيران ليست العراق في زمن صدام حسين ، وان الشعوب باتت اكثر وعياً وإدراكاً، وان زمن الاحتلالات العسكرية قد ولى، ولم تعد سياسات الحصار والمقاطعة منتجة  .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع