القائمة الرئيسية

الصفحات

ترامب - أردوغان وقانون الغاب (ح : 1) بقلم : أ. د. حكمت شبر عميد معهد العلمين للدراسات العليا القانون والعلوم السياسية سابقا .


ترامب – أردوغان وقانون الغاب ( ح : 1)
بقلم : أ. د. حكمت شبر


   ترامب – أردوغان وقانون الغاب (ح : 1).
   بقلم : أ. د. حكمت شبر . استاذ القانون الدولي العام في المستنصرية وبغداد وعميد معهد العلمين للدراسات العليا القانون والعلوم السياسية سابقا .

    كتبت هذا العنوان عامداً لأبين التناقض بين المجتمع الدولي الذي يحكمه القانون الدولي بمؤسساته المختلفة ، الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة ، والمعاهدات الدولية المتعددة الأطراف ، منها ما يتعلق بحقوق الأنسان كإعلان حقوق الأنسان عام 1949 والمعاهدات المتعلقة بتنظيم الطيران ومعاهدة البحار ، ومعاهدات حماية الطفل والمرأة وغيره من المعاهدات المتعلقة بالغذاء وتنظيم أمور حماية البيئة ، كمعاهدة باريس الأخيرة المتعلقة بالحد من التدهور الحاصل في الغلاف الجوي وتكوين الانحباس الحراري عام 2015 . وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالغذاء وحماية الأنسان من ظروف الآفات والأزمات الخانقة والقاتلة .
   في الوقت الذي يحاول محبو الإنسانية من العلماء ورجال القانون وغيرهم من الاختصاصيين في مختلف المجالات – بجعل الكرة الأرضية صالحة لحياة الأنسان وحمايته من الأمراض الفتاكة والأزمات الاقتصادية الخانقة . نجد بعض قادة الدول الكبرى ينهجون منهجاً مخالفاً للإنسانية ولقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية محاولين فرض حكمهم الدكتاتوري الفاشي ليس على شعوبهم فحسب ، بل على شعوب ودول العالم وفي مقدمة هؤلاء الرئيس الأمريكي (ترامب والتركي أردوغان)
   وسأتناول ما قام به هذان الزعيمان من انتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولي ، وما قاموا به ويقومون بأعمال عدوانية ضد الشعوب والدول الآمنة .
   لا بد لي من البدء بظهور الأمم المتحدة ، التي نشأت بفعل جهود كبيرة للدول التي عانت من عدوانية وشراسة وتدمير النظم الاستبدادية الفاشية ، نظام هتلر وموسيليني ونظام حكم العساكر في اليابان . وما تسبب هؤلاء بدمار وقتل عشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية . وبعد هزيمتهم وانتصار الحلفاء ظهرت المنظمة الدولية على أسس جديدة انسانية وديمقراطية وقواعد مهمة لحفظ السلم والأمن الدولي وحماية الأنسان من الحروب العدوانية والمدمرة .
    جاء في ديباجة الميثاق مايلي :
نحن شعوب الأمم المتحدة :
وقد ألينا على أنفسنا :
أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف وأن نؤكد من جديد أيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء كبيرها وصغيرها من حقوق أساسية .
وان نبيّن الأحوال ، التي يمكن في ظلها العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي ،
   وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً ، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح ،
وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا
   ان نأخذ أنفسنا بالتسامح ، وان نعيش معاً في سلام وحسن جوار ،وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي ...
   لا بد لي من التأكيد على بروز وتطور مبادئ جديدة ذات محتوى أنساني وديمقراطي تختلف في جوهرها عن النظم الدولية ، التي كانت سائدة في نظام العالم القديم .
   وقد تم تثبيت هذه المبادئ في ميثاق الأمم المتحدة ومن هذه المبادئ المساواة الكاملة بين الدول ، واحترام السيادة ، والتعايش السلمي بين النظم المختلفة ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، إلى مبادئ وقواعد جديدة فرضتها المرحلة التاريخية التي يعيشها العالم .
   نهضت شعوب المستعمرات بعد هزيمة النظم الفاشية ونجاح الحلفاء في القضاء على دكتاتورية النظم في ألمانيا وإيطاليا واليابان . فقد حصلت الثورات في العديد من دول العالم واستقلت دول الهند ، أند ونسيا ، وانتصرت الثورة في الصين الشعبية على النظام الرجعي . ونجحت الثورات في الدول الأسيوية والأفريقية ، كما وانتصرت حركات التحرر في بلداننا العربية وطردت الدول الاستعمارية وبروز المعسكر الاشتراكي ولعل أهم مرحلة في نضال شعوب العالم من أجل الحرية والاستقلال ما قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها ألغاء الاستعمار ومنح المستعمرات الاستقلال في عام 1960 . هذا القرار عجلّ بحصول المستعمرات في أفريقيا وأسيا على استقلالها . وقد ألغت نصوص الوصاية بهذا القرار التي تؤخر المستعمرات على الاستقلال قبل نضوجها السياسي الإداري .
   جاء في الفقرة الثانية من القرار" أن عدم وصول الشعوب المستعمرة إلى مرحلة الأعداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكذلك الأعداد في المجال الثقافي ، لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تعتبر عائقاً في الحصول على الاستقلال.
   وتطالب الفقرة الرابعة من الإعلان مستندة إلى حق تقرير المصير بمنح الشعوب المستعمرة استقلالها في ظروف سلمية . ويعني ذلك أن أيه محاولة أو أجراء عسكري ضد تلك الشعوب مهما كانت صفته يعتبر حرباً عدوانية ضد السلم والأمن الدولي .
   أما الفقرة الخامسة فتطالب بمنح الاستقلال بسرعة إلى الشعوب الخاضعة للوصاية والأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وأن جميع السلطات يجب أن تسلّم إلى الشعوب المذكورة بدون وضع أي عقبات أو شروط وبدون النظر إلى نوع الدين والجنس واللون لتلك الشعوب .
  ومما تجدر إليه الإشارة أن اعلان ألغاء الاستعمار وافقت عليه الجمعية العامة بالأجماع عدا تسعة دول أمتنعت عن التصويت .
   كل هذا التقدم في نهوض الشعوب وحصولها على الاستقلال وتطور قواعد القانون الدولي الإنسانية والديمقراطية ، وبروز المعسكر الاشتراكي ومعسكر عدم الانحياز الذي ميّز هذه الفترة من سنوات النصف الثاني من القرن العشرين واجهته الولايات المتحدة ومعها دول الاستعمار بردة عنيفة لإيقاف هذا التقدم وتطور قواعد القانون الدولي .
وكان أول ما لجأت إليه أنشاء حلف الأطلسي العدواني ، الذي تجاوز وسرق اختصاصات الأمم المتحدة وشكل خروجاً صارخاً على قواعد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق بالجزاءات التي تفرض على من يخرج على التزامات الميثاق .
أوكل الميثاق حصراً بمجلس الأمن أتخاذ التدابير والجزاءات لحماية السلم والأمن الدولي ووقف العدوان . وحرّمها على الدول فرادى أو جماعات في استخدام القوة لحماية السلم والأمن الدولي وردع العدوان . إلا في حالة واحدة تتمثل في الدفاع الشرعي عن النفس كما نصت على ذلك المادة (51) من الميثاق(1)
    كما وحصر الميثاق الجزاءات المختلفة الاقتصادية والعسكرية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية واللاسلكية وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية (2) ووضع كافة الإمكانيات من جيوش قد يستخدمها المجلس لإيقاف العدوان وقيادات عسكرية وأجهزة أركان من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لأداره المعارك بغية أنهاء العدوان والحفاظ على السلم والأمن الدولي واستخدام الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها لتنظيم التسليح بالقدر المستطاع وفقاً للمواد 45 – 47
    إلا أن ما حصل بعد أنشاء الأمم المتحدة ومنح مجلس الأمن تلك الصلاحيات الكاملة لوقف العدوان وحماية السلم والأمن الدولي ان قامت الولايات المتحدة مع شريكاتها من الدول الاستعمارية بأنشاء منظمة عدوانية تعارض وتتجاوز على صلاحيات الأمم المتحدة تدعى (حلف الأطلس)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-    جاء المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة ما يلي :
ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي فرداى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا أعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة ، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي والتدابير التي اتخذها الأعضاء أستعمالاً لحق الدفاع  عن النفس تُبلغ إلى مجلس الأمن فوراً  .
2 – جاء في المادة (41) ما يلي :
لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب أتخاذه من التدابير التي تتطلب أستخدام القوات المسلحة لتنفيذ قرارته وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير . ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الأقتصادية والمواصلات الحديدة والبحرية والجوية والبريدية والبرية واللاسلكية وغيرها من المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية .
جاء في المادة (42) ما يلي :
إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة (41) لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به ، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لأعادته إلى نصابه ، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى وبطريق القوات البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع