القائمة الرئيسية

الصفحات

المرجعية والتكافل الاجتماعي بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



المرجعية والتكافل الاجتماعي
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا


   
المرجعية والتكافل الاجتماعي
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

      ما ان شهد البلد الازمة الصحية بسبب انتشار وباء كورونا حتى سارعت المرجعية العليا ممثلة بالسيد علي السيستاني (دام ظله) بأخذ زمام المبادرة واصدار فتوى التكافل الاجتماعي لمساعدة العوائل المتعففة لتنطلق المبادرات الانسانية في معظم محافظات العراق ليشمل توزيع السلات الغذائية على تلك العوائل التي كانت في مقدمة المتضررين من الازمة لتبرهن المرجعية انها صاحبة رسالة بموقفها الذي لم يكن غريبا اذ سبقتها فتوى الجهاد الكفائي لدحر خطر داعش على مدن العراق الحبيب اذ واكبت المرجعية الرشيدة الاحداث متعاطية مع الازمات أيا كان نوعها بحنكة في الادارة والنصح والارشاد لتكون دائمة الاستعداد لحفظ البلد من الضياع لتثبت المرجعية برجالها بانهم رجال المهمات ونعم السند لأبناء شعبهم بموقف يصح القول عنه انه موقف رسالي كان مدعاة للفخر امام شعوب العالم كأبهى صورة للتكافل الاجتماعي تجسدت لكافة اطياف الشعب تراحما وتكافلا ومساعدة للآخر لتوصل رسالة للعالم اجمع بان المرجعية هي  مجموعة من القيم المعبرة عن حقيقة العقيدة والانتماء وهي ما تمثل المقومات الاربعة التي لا بد من الجمع بينها كعقيدة صحيحة وعمل صالح واخلاق فاضلة تأسيا باهل البيت سلام الله عليهم مقتدين بسيرتهم الطاهرة في تعزيز التكافل الاجتماعي ،اذ يقوم التكافل الاجتماعي في الاسلام على بناء فكري متكامل متخذا اساسه من العقيدة ومن المنظومة الاخلاقية الاسلامية التي جاءت كفكرة متقدمة تجاوزت مجرد التعاون بين الافراد او تقديم المساعدة وقت الحاجة والازمات كمبدأ اقرته الشريعة لقوله تعالى : ( المؤمنون بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم) فلم يصور الاسلام الفرد كائنا مستقلا بذاته منعزلا عن غيره وانما يتبادل افراده الولاية بما تعنيه من تكافل واشراف واسناد في امور الدنيا بما يعني التزام القادر من افراد المجتمع تجاه غير القادر لقول الرسول (ص) ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع الى جنبه) لتظهر الزكاة كإحدى صور التكافل في الاسلام كحق قدره الشارع بمعنى اخص من الصدقة التي لا تقدر بمال معين او قدر بذاته لتترك لاختيار الفرد ولمن توجه ، وكإحدى صور التكافل الاخرى في الاسلام وجوب نفقة الاقارب على القريب الغني كالزوجة على زوجها والابناء على الاب والوالدين الفقيرين على الابن القادر والاخ الفقير على اخيه الذي يرثه ، ولم يقتصر الامر على الجوانب  المادية بل امتد ليتسع شاملا البر لقوله تعالى : {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب} وهو ما يعكس الصورة التي عليها المسلمون من تالف وتعاون يسعى كل منهم في حاجة اخيه ،ولقول الامام علي بن ابي طالب (( كرم الله وجهه)) : ((ان الله فرض على اغنياء المسلمين في اموالهم بقدر الذي يسع فقرائهم ولن يجهد الفقراء اذا جاعوا وعروا الا بما يصنع أغنياهم الا وان الله يحاسبهم حسابا شديدا او يعذبهم عذابا اليما)) فالإسلام دين التكافل يعين القادر غير القادر فالعطاء من الله وحده يهب من يشاء لمن يشاء ويبسط الرزق ويقدر والجميع موضع اختبار الفقير على صبره والغني ايعطي ام يبخل وهو امين على ما رزقه الله وهو رفع قدر لكلاهما الغني والفقير فالأول حتى لا يكون عبدا لما يملك وانعتاقا لرقبته من الحرص والبخل وحب المال وعبودية المال واصدق دليل قوله (ص) ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة ان اعطي رضى وان لم يعط سخط تعس وانتكس واذا شيك فلا انتقش ،طوبى لعبد اخذ بعنان فرسه في سبيل الله اشعث راسه مغبرة قدماه ان كان في الحراسة كان في الحراسة وان كان في الساقة كان في الساقة ان استأذن لم يؤذن له وان شفع لم يشفع)) ليكون ذلك قيمة انسانية كبرى لغير القادرين وحفظا لكرامتهم واشعارا لهم بالتكافل والتضامن في المجتمع الذي حث عليه الاسلام قاصدين وجه الله في عطائهم قال تعالى : { الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا منا ولا اذى لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } فالعطاء يقع بيد الله وهو من يتلقاها بالقبول والجزاء لقول الرسول (ص) :(( من تصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله الا طيبا كان انما يضعها في كف الرحمن يربيها كما يربى احدكم فلوه او فصيله حتى تكون مثل الجبل )) وهو تأكيدا لقوله تعالى : {الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} وقوله تعالى : {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} فالصدقة قرض مبارك لله يبارك الله فيه وينميه ولا تنقص المال وتبعث في القلوب اسمى قيم المحبة وذخر للأخرة فهي دليل على صدق ايمان المؤمن وبرهان على ما في قلبه اساسا للعمل الصالح كسلوك عملي تصلح به حال المجتمع وافراده وتتحقق العدالة ليبنى المجتمع على اساس من اشاعة التراحم كثمرة من ثمرات الايمان وتفريج الكربات.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع