القائمة الرئيسية

الصفحات

سرقات في زمن الكوارث (خطف الفن) بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا




سرقات في زمن الكوارث (خطف الفن)
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

  
سرقات في زمن الكوارث (خطف الفن)
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

     لم يقف تفشي الوباء حائلاً أمام سرقة الفن فلم تقتصر السرقات على لصوص المال وسماسرة الدواء والغذاء بل امتد للفن, فواحدة من أهم اللوحات الاصلية للفنان فنسنت فان كوخ من متحف ( سينغر لارين ) في هولندا وفي 30/3/2020 اقتحم لصوص المتحف المغلق وسرقوا لوحة (حديقة دير نونن في الربيع) عبر كسر الباب الزجاجي للمتحف ، اللوحة المستعارة من متحف آخر في هولندا, التي رسمها الفنان عام 1884 خلال اقامته بمنزل والده وتقدر قيمة اللوحة بما يتراوح بين مليون وستة ملايين يورو لتأتي تلك السرقة تزامنا مع ذكرى ميلاد الفنان الراحل.
حدثت السرقة في الساعة الثالثة والربع صباحاً عبر كسر زجاج الزجاج الامامي للمتحف ودوي جرس الانذار إلا ان اللصوص تمكنوا من الفرار قبل وصول الشرطة لتقع حصرا على لوحة فان كوخ على الرغم من اللوحة كانت جزءاً من معرض مرآة الروح, الذي يضم حوالي سبعين لوحة اخرى من القرن التاسع عشر الميلادي الامر الذي يثير الدهشة لتجاهل اللصوص باقي اللوحات والتي لا تقل قيمة عن اللوحة المسروقة، ووفق تصريح مدير المتحف فإن الاجراءات الامنية قد اتبعت بالكامل وفقا للبرتوكول المتعارف عليه لتدرج اللوحة الى قائمة الانتربول الدولية للأعمال المسروقة، ومن الجدير بالذكر ان المتحف قد تعرض سابقا في عام 2007 لسرقة سبع تماثيل من حديقة المتحف تقدر قيمتها بحوالي 1.3 مليون يورو ومن ضمنها تمثال المفكر الفرنسي (أوغست رودين) الذي تم العثور عليه في حالة تالفة، الكارثة التي طالت الجميع في مختلف انحاء العالم لم تقف حائلا امام اللصوص الذين وجدوا ان الوقت مناسباً في ظل انشغال الدول بمكافحة الوباء للقيام بسرقة العديد من الاعمال الفنية ففي بريطانيا تمت سرقة خمس مسدسات استخدمت في سلسلة افلام جيمس بوند من منزل في شمال لندن في انفيلد منها اخر مسدس استخدمه الممثل الراحل (روجر مور) خلال تجسيده دور (العميل 007) لتعلن الشرطة ان تلك المسدسات تتجاوز قيمتها (100) الف جنيه استرليني ، كما سرقت لوحة الفنان البريطاني الشهير ( تيري فروست), التي رسمها عام 1954, التي تسمى (الميناء الازرق) والتي تقدر بألاف الجنيهات من القطار في بريطانيا بعد ان سافر مالكها من ميلتون كينز الى لندن لتحدث السرقة بسبب تأخر موعد القطار وازدحامه مما ترتب عليه انزلاق اللوحة خلف مقعد احد الركاب وبعد نزول المالك وادراكه نسيانه اللوحة وابلاغ شركة القطارات الا ان اللوحة كانت قد اختفت، اللوحة النادرة والتي تعد ذات اهمية وطنية والتي تم شرائها من قبل المالك قبل ثلاثين عاما لكونه من هواة جمع التحف واللوحات، ولم تكن تلك السرقة الوحيدة في بريطانيا اذ تمت سرقة ثلاث لوحات من جامعة اكسفورد تصور الساحل الصخري وجنود يدرسون خطة للفنان (سلفاتور روزا) رسمها عام 1640 والثانية تصور صبيا يشرب للفنان (انيبالي كاراتشى) رسمها عام 1580 والثالثة تصور جنديا على ظهر حصان للفنان (فان ديك) رسمت عام 1616 والتي تقدر قيمتها لوحدها بحوالي 1.5 مليون دولار وفق ما ذكرته صحيفة (ديلي ميل) البريطانية وهو ما أثار التساؤل حول تلك السرقات في ظل تلك الظروف ،وفي فرنسا قبضت الشرطة الفرنسية على لصين وهما يحاولان سرقة الاحجار الكريمة من كاتدرائية نوتردام, التي تخضع للترميم بعد ان تعرضت للدمار بعد الحريق الذي تعرضت له في نيسان من العام الماضي, التي يرجع عمرها الى القرن الثاني عشر الميلادي اذ يبلغ عمر المبنى حوالي 850 سنة اذ بناه الماسونيين في العصور الوسطى ، وقد القي القبض على اللصوص وبحوزتهما الاحجار التي كانا ينويان بيعها عبر موقع (ebay) للحصول على ثروة صغيرة لهما، خلال الحرب العالمية الثانية تمت سرقة العديد من اللوحات الفنية, التي لا تقدر بثمن والتي منها لوحة الحاكم الروسي سيء السمعة ايفان الرهيب من متحف الفن الاوكراني والتي تجسده على ظهر جواد ليتم وضعها في منزل زوجين غير مدركين لقيمتها التاريخية ليعلن عن عودتها بعد 75 عاما بعد سرقتها من قبل النازيين اثناء غزو فرنسا في الحرب العالمية الثانية لتعود لموطنها الاصلي، كما اعادت المانيا لوحها كان قد سطا عليها النازيون كانت بحوزة تاجر فنون سيء السمعة يدعى (كورنيليوس جولييت) كان يتاجر بأعمال مسروقة من فرنسا المحتلة خلال الحرب العالمية الثانية اذ تعد تلك اللوحة واحدة من 1500 عمل تعاد لورثتها الشرعيين ،تشير الدلائل على ان فترات الازمات والكوارث تعد مناخا ملائما للصوص الفن فالنازيون خلال الفترة الواقعة من عام 1933 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عمدوا لنهب معظم الاصول الفنية من الدول الاوربية, التي تم استرجاعها من قبل الحلفاء مباشرة بعد الحرب واعادتها لأصحابها الشرعيين او اسرهم ، وفي الاتحاد السوفيتي وبعد التقصي عن جرائم النازية في الاتحاد وجد انه قد تم نهب واتلاف اربع وستين من مقتنيات المتحف السوفيتي الاكثر قيمة من اصل (427) اذ نهب النازيون (173) متحف مع قطع قدرت بالآلاف وعدد غير محدد لأجمالي العدد المفقود ،وهو ما يعيدنا لسرقة الاثار العراقية في نيسان من عام 2003 بعد الاجتياح الامريكي اذ فقد ما يقدر بـ (15000) قطعة اثرية تاريخية نادرة تم استرجاع (7000) قطعة منها بالتعاون بين الانتربول والشرطة العراقية ويجهل مصير الباقي فيما اذا كانت ما تزال في العراق او تم بيعها في الاسواق السوداء العالمية بعمليات غير مشروعة تجد لها زبائنها الذين يتهافتون على شرائها لقيمتها العالية بعد ان كانت تعرض في المتحف العراقي الذي يعد خامس اهم متحف في العالم يضم قطع اثرية تعود لالاف السنين ليتكرر الامر بعد اجتياح داعش لمدينة الموصل وتدميره الاثار المتواجدة في المدينة لتظهر بعد ذلك ان التنظيم كان يعمد لبيع تلك الاثار لتمويل اعماله الارهابية  وهو ما يدفع للتساؤل لما تكثر تلك السرقات في زمن الازمات ولا سيما ان المشتري لا يسأل غالبا عن مصدر السلعة وهو ما يشجع على العودة مجددا لبيع بضائع جديدة من المقتنيات الفنية التي بات الحصول عليها اسهل من الاوقات العادية لتصبح اكثر رواجا في العالم بعد تجارة المخدرات وغسيل الأموال وتجارة السلاح اذ تقدر تجارة السوق السوداء للأعمال المسروقة بحوالي 6 بلايين دولار سنويا مع التأكيد على ان معدل اعادة المسروق من الاعمال الفنية منخفض جدا اذ تتراوح نسبة المسترد منها بحوالي 5%- 8% لتكون سرقة المتحف جريمة منظمة ومتخصصة ودقيقة ففي معظم الحالات يعمد اللصوص لسرقة قطع خفيفة الوزن وصغيرة الحجم وعالية القيمة وفي اجواء امنية ضعيفة لتستخدم وارداتها في تمويل تجارة السلاح مقابل بيعها او اعادتها مقابل فدية ليصح على تلك الاعمال بـ (خطف الفن) ليثير الامر القلق ولا سيما ان تلك المسروقات تعد ارثا تاريخيا وتزايد تلك الاعمال على الرغم من الاجراءات الامنية المشددة وهو ما يؤكد توسع نفوذ المافيات في جميع دول العالم والتي استفادت من الاحداث الاخيرة لتحقيق ارباح مضاعفة مستغلة الظروف الجارية وهو ما يدفع للعمل على اعادة النظر في تلك الاجراءات وعلاج مكامن الخلل فيها واعادة تنظيمها باليات جديدة تتفق مع تطوير تلك الاطراف لأساليبها في سرقة وخطف تلك الاموال والمقتنيات الفنية.    
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع