القائمة الرئيسية

الصفحات

كعكة الحظ لقاح كوفيد -19 بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



كعكة الحظ لقاح كوفيد -19
بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا


كعكة الحظ لقاح كوفيد -19
بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

     من الجميل الحلم بالعيش في عالم تتولى فيه شبكة عالمية من المختصين الطبيين مراقبة ورصد الفيروسات المعدية الناشئة من السلالات المتطورة بشكل متواصل عبر تحديث الابحاث الخاصة باللقاحات ضد تلك الفيروسات مع اتاحة تلك المعلومات للدول والشركات في شتى انحاء العالم، كل ذلك يتم دون اعتبارات تتعلق بالملكية الفكرية والحقوق الحصرية للإنتاج وغياب الاحتكارات الطبية لشركات الادوية التي تستغل جمهورا يشعر باليأس لتزيد أرباحها ومواردها على حساب حالة اليأس والخوف التي يعيشها العالم، وما نتمنى ان يكون حلما لصورة مثالية هو وصف لواقع ألية انتاج لقاح الانفلونزا منذ خمسين عاما مضت تحت مظلة منظمة الصحة العالمية بمسمى (النظام العالمي لمراقبة الانفلونزا والاستجابة لها) اذ يجتمع الخبراء من شتى بقاع العالم مرتين سنويا لتحليل ومناقشة احدث البيانات حول السلالات الناشئة وادراج  لقاحاتها ضمن شبكة من المختبرات الممتدة عبر (110) دولة ممولة من حكومات بشكل كلي او مؤسسات بشكل جزئي ليكون اصدق تعبير عن (العلم المفتوح) لكون هذا النظام يركز على حماية الارواح دون تحقيق الربح فهو يعمل بشكل فريد على جمع وتفسير المعرفة العلمية القابلة للتطبيق في نطاق انتاج وتطوير اللقاحات وهو ما يعد ميزة اتت اكلها لسنين عدة وبصورة ملحوظة ومتواصلة .
 وعند انتشار الجائحة اظهر المجتمع العلمي استعدادا مثيرا للتقدير للتبادل العلمي والمعرفي حول العلاجات المحتملة وتنسيق التجارب السريرية لتطوير نماذج جديدة من تلك العلاجات ونشر النتائج بشكل فوري في مناخ من التعاون ،وعلى الرغم من هذا الجانب المشرق الا انه من المؤلم ان نرى بعد انتشار الجائحة (كوفيد -19) بان بعض الشركات التي استمرت لعقود ببسط سيطرتها على المعارف الطبية والسيطرة على انتاج الادوية المنقذة للحياة واحتكارها عبر براءات اختراع غير مبررة لتمارس الضغوط التي تمارسها ضد انتاج واجازة انتاج تلك الادوية وهو ما ظهر بشكل جلي خلال الازمة الراهنة عندما تسببت (441) براءة اختراع مسجلة باسم احدى الشركات بان يواجه تصنيع الاقنعة الطبية والكمامات والتي ورد فيها مصطلح (3M) و( N95 ) ومما يصعب الامر ان ثلاثة من العلاجات الاكثر استجابة لفيروس كورونا (Remdesivier- Iopinavir-Ritonavir-Favipiravir) تحبط القدرة على انتاج تلك الادوية واتاحتها بأسعار معقولة وهو ما يضعنا امام خيارين الاول ان نعتمد على المسار المعتاد بإنتاج شركات الادوية الكبرى لسد الحاجة للأدوية اللازمة لعلاج الفيروس على امل نجاح احد تلك العلاجات في القضاء على الفيروس وان يحقق احدها النجاح المطلوب للقضاء على المرض، او ظهور تكنولوجيات اخرى للكشف والوقاية من الفيروس مستقبلا تمنح براءة الاختراع لاحتكاريين جدد للسيطرة على تلك الابتكارات وهو ما يضعنا تحت طائلة اسعارهم بكونهم محتكرين للعلاج وتلك التقنيات وبسعر مرتفع وهو ما يدفع للتقنين في مجال الرعاية الصحية لغلو تكلفتها وهو ما سيدفع لإزهاق الارواح ولا سيما في الدول النامية لعدم امكانية توفير تلك المنتجات الا لمن يقدر على دفع تكلفتها، وهو ما يظهر المشكلة الحقيقية عند اكتشاف لقاح لفيروس كورونا على نقيض ما حدث عند اكتشاف لقاح شلل الاطفال المكتشف من قبل (جوناس سلك) الذي تم توفيره مجانا على نقيض معظم اللقاحات المتوافرة في الاسواق والتي تحمل براءة اختراع فلقاح مثل (PCV13) المحتكر من قبل شركة فايزر والذي يعطى للأطفال الصغار ضد الالتهاب الرئوي يكلف مئات الدولارات.
 على الرغم من ان تحالف اللقاحات  يدعم تكاليف اللقاحات للدول النامية الا انه سنويا تسجل مئة الف وفاة في الهند بين الاطفال الرضع بسبب الالتهاب الرئوي في حين يجلب اللقاح سنويا ما يعادل خمسة مليارات دولار كإيرادات لشركة فايزر سنويا وهو ما يجعل الاحتكارات وسيلة لقتل الناس لأنها تحرمهم من الوصول للأدوية المنقذة لحياتهم والتي كانت لتباح لولا نظام الاحتكار الذي لا يتناسب والهدف من المعرفة وهو ما دفع لإيجاد  انظمة بديلة للحد من تلك السياسة ،اذ دعت دولة كوستاريكا منظمة الصحة العالمية لأنشاء تجمع تطوعي من حقوق الملكية الفكرية لعلاجات كوفيد -19 وهو امر من شأنه السماح للعديد من الشركات المصنعة بتزويد الاسواق بالعقاقير والادوات اللازمة للتشخيص بأسعار معقولة، وهو ما نجد انه فكرة ليست بالجديدة فقد سعت الامم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية منذ عقود مضت لتعزيز القدرات للوصول لعلاجات لأمراض كنقص المناعة المكتسبة والتهاب الكبد الفيروسي والسل ليتوسع البرنامج بإضافة فيروس كوفيد-19 لتلك القائمة مع حصيلة الارواح التي يحصدها الفيروس تجعلنا نتساءل عن الحكمة من احتكار براءات الاختراع وما هي الدوافع الاخلاقية التي تجعلنا نصمت عن معاناة ملايين البشر الم يحن الوقت للاستعانة بنهج جديد للتخلي عن تلك البراءات بما يتعلق بالأدوية واللقاحات المتعلقة بمكافحة فيروس كورونا فمن غير المقبول ان تحد الاحتكارات في مثل هذه الظروف اتاحة الادوية واللقاحات لأسباب تتعلق بالأرباح فكسر الحواجز المادية وايصال العلاج للفقراء والنفعة العامة غير التجارية هي الاولى في حالات الطوارئ، اذ نجد ان التغاضي عن التشريعات والقوانين التي توجب الحصول على ترخيص لاستغلال ذلك الكشف العلمي هو الاولى في حالة ان ذلك الاستغلال يحقق منفعة عامة غير تجارية ولمواجهة حالة طارئة وضرورة قصوى ولا سيما بما يتعلق بالأدوية التي اثبتت فعالية في العلاج واجهزة التنفس واللقاحات التي اثبتت نجاحها في المراحل الاولى من التجارب الحيوانية ومنع تعسف صاحب البراءة في استخدامه للتربح على حساب الارواح التي يمكن انقاذها بهذا المنتج.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع