القائمة الرئيسية

الصفحات

المحاكمة الجنائية عن بُعد في ظل جائحة كورونا بقلم : مهند عماد عبد الستار الزبيدي أكاديمي وباحث دكتوراه في القانون الجنائي




المحاكمة الجنائية عن بُعد في ظل جائحة كورونا
بقلم : مهند عماد عبد الستار الزبيدي
أكاديمي وباحث دكتوراه في القانون الجنائي



المحاكمة الجنائية عن بُعد في ظل جائحة كورونا
بقلم : مهند عماد عبد الستار الزبيدي أكاديمي وباحث دكتوراه في القانون الجنائي

    كما نعلم بأنّ الإجراءات المُتبعة في التحقيق والمحاكمة في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971، هي بالوسائل التقليديّة المتعارف عليها كحضور الشهود للمحكمة، ومثول المتهم أمام قاضِ التحقيق وكذلك أمام قاضِ محكمة الموضوع، وحضور محامٍ أثناء المحاكمة ... وهلم جرا.

    وموضع " المحاكمة الجنائيّة عن بعد "  لم يكن تثويره بسبب جائحة كورونا فحسب، بل يُعدّ هذا الموضوع - المحاكمة عن بُعد -هو أحد ركائز إعادة بناء منظومة العدالة الجنائية الذي أصبح دويَّهُ مسموعًا بين أروقة القضاء في العالم، باعتبارهِ وليد من رحم عالم التقنيّة الرقميّة الحاصل في عصرنا هذا، والذي كان له التأثير الكبير على جميع مفاصل حياتنا العلميّة والعمليّة على حدٍ سواء، مما دفع بعض الحكومات الأوربية إلى تكريس هذا التطور على مفاصل القضاء الجنائي لمواكبة الحداثة، والخروج من نطاق الوسائل والطرق المألوفة والتي نسميها بالتقليديّة، والدخول في عالم المحاكمة الجزائية عن بعد عبر وسيلة تسمى " video conference "، وتُعد هي تقنية التحقيق والمحاكمة الجزائيّة عن بعد والتي نعتبرها من أهم الثمار التي ولدتها لنا التكنولوجية.

     إن تقنية المحاكمة عن بعد، هي وسيلة من وسائل الاتصال الصوتي والمرئي يتم تفعيلها عن طريق اتصالها بالإنترنت، وعن طريق هذه التقنية يتم نقل الصوت والصورة لِلفيف من الأشخاص في مكان معين وعرضها سواء أمام قاضٍ مختص بالتحقيق أو أمام قاضٍ مختص بالمحاكمة، ويستطيع الكل سماع بعضهم وتدوين أقوالهم، فهذا لا يطبق على النطاق الداخلي فحسب، وإنما قد يكون بين دولةٍ وأُخرى، بمعنى أن يكون الشهود على سبيل المثال في دولة والمتهم الذي يُحاكم في دولةٍ أخرى، مما يساعد القضاء الجنائي على الخروج من الجمود والاِنتقال إلى عالم المرونة، الذي سيكون له الدور في حل بعض الأزمات المتفاقمة في جهاز العدالة الجنائيّة.

    جديرٌ بالذكر إن تقنية المحاكمة عن بعد توفر المشقة والوقت للوصول إلى الحقيقة، بالإضافة إلى تجميع عدد من الأشخاص في آنٍ واحد، وقد يكون جمعهم خلال وقت يسير صعب جدًا لأسباب عديدة، مما يؤدي إلى ذوبان الدليل في الجريمة على سبيل المثال، والذي يمكن أن يجعل أدلة الجريمة في مهب الريح، كذلك هناك بعض الشهود لا يمكن لهم الذهاب لدولةٍ معينةٍ بسبب معارضتهم للنظام الحاكم، أو عدم صلاحيتهم للدخول لدولة بسب صدور منع دخول صادر من الدولة الراغب بالذهاب إلها بدوره كشاهد... وهلم جرا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التقنية الحديثة في المحاكمة تُعدّ من وسائل التعاون في عصر التكنولوجية، خاصة في جرائم الإرهاب الدولي الذي أصبح ظاهرة عالميّة تمس سيادة جميع دول العالم، وهذا ما أكده البروتوكول الثاني لاتفاقيّة أوروبا لمساعدة القضاء في المسائل الجنائيّة، وهذه الاتفاقيّة هي من ساعدت في وضع القواعد المستخدمة في هذه التقنية، وجاء ذلك من منطلق مبدأ التعاون الدولي في مكافحة الجريمة.  

     وأخيرًا وليس آخرًا، فأن هذه التقنية في المحاكمة الجنائيّة غير متوفرة في العراق، بل حتى على صعيد الوطن العربي، مما يجعلنا أن نقول بأنّ جرائم الإرهاب الدولي وتنقل المجرمين بين الدول على مستوى العالم، وبين المحافظات على مستوى الدولة الواحدة، كل ذلك سيدفع جميع الدول في العالم مستقبلًا إلى استخدام هذه التقنية التي قد تُقلل من الثقل المُلقى على كاهل القضاء الجنائي وتخرجه من أزمة تكدس الدعاوى التي لا تُعد ولا تُحصى، ونخص بالذكر القضاء الجنائي العراقي، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى الشهود او الخبراء او حتى المتهم في حال إذا كان في دولةٍ أخرى. وهذا ليس كلام فحسب وإنما يحتاج إلى دراسة معمقة من الناحية الاقتصادية وكذلك من الناحية الإجرائيّة، بالإضافة إلى دراستها من الناحية القانونية، وفي حال تم اعتماد هذه التقنية كطريقة من طرق المحاكمة الالكترونيّة، فإننا نحتاج إلى تشريع قانون لكي تأخذ هذه التقنية مجراها نحو طابع الإلزام.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع