القائمة الرئيسية

الصفحات

كوفيد – 19 تجربة الاحتواء بين النجاح والفشل بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



كوفيد – 19 تجربة الاحتواء بين النجاح والفشل
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



كوفيد – 19 تجربة الاحتواء بين النجاح والفشل
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

    منذ انتشار الفايروس وتحوله لجائحة وجد ان فرص احتوائه تتضاءل لتكون معدومة ليترك ذلك اثره البارز على فرص احتواء الفايروس وليعد من ابرز التداعيات التي افرزتها الازمة لتكون الفروق في التعامل مع الازمة من قبل الدول على الصعيد العالمي ليكون الفشل والنجاح هو محور الحديث عند المقارنة بين تلك التجارب لتبرز على السطح ادارة الصين للازمة ولا سيما انها البؤرة الاصلية للوباء بدء انتشاره مقارنة بالقارة الاوربية ودول غربية تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية فمن بطء الاستجابة السريعة للتصدي للوباء والتخبط في الاداء كانت القارة الاوربية والدول الغربية عرضة للانتقاد في تداركها للوضع وبطء استجابتها لتفشي الجائحة وكأنها تغرد خارج السرب في حين كانت دول اخرى في القارة كألمانيا تظهر بشكل واضح فعالية انظمتها الصحية وتعاملها الاستباقي في السيطرة على الوباء على الرغم من عدد الضحايا لتعلن سيطرتها على الوباء وباقل عدد من الضحايا في اوربا كلها ولا سيما انها ومنذ اللحظات الاولى بدأت بأجراء فحوص شاملة لكشف الحالات مبكرا وتتبع لسلة العدوى بشكل افضل  وبدون ان تلجأ لإجراءات عزل مشدد اذ فرضت المانيا قيودا على المدارس فأغلقتها كما قامت بغلق الاماكن الثقافية ومنع التجمع لأكثر من شخصين اضف الى ذلك ما تمتلكه  المانيا من اجهزة التنفس ومنشات رعاية خاصة للرعاية المركزة والحالات الحرجة ، اما الصين ومنذ اللحظات الاولى لتفشي الوباء على اراضيها كان تقييم ادائها يتراوح بين السلب والايجاب على الرغم من انها بدأت خطتها للتصدي للوباء بعملية واسعة النطاق عبر عزل مقاطعة ووهان بكاملها ووضعها تحت الحجر الصحي والقيام بعمليات فحص واسعة النطاق لكشف وعلاج المصابين وهو ما كان محل ثناء لتلك الجهود التي باركتها منظمة الصحة العالمية التي عدت تعامل الصين مع تفشي الوباء نموذجا يحتذى به لما اتسم به من سرعة في الاداء والحسم مقارنة بنماذج دول اخرى كإيطاليا التي كانت المحطة الاولى لتفشي الفيروس في اوربا ومحلا لأكبر عدد من الضحايا والوفيات في اوربا ،وعلى الرغم من ان العديد من الدول تشكك في عدد الضحايا من الصينين وعدم دقة المعلومات التي قدمتها الصين للعالم حول من سقطوا ضحايا للوباء في الصين وان الحصيلة الحقيقية قد تمثل اضعافا مما اعلن من قبل الحكومة الصينية، وعلى الرغم من ذلك نجد انها تجاوزت ذلك الامر لتتصدر دولا اخرى الموقع بكونها الاكثر تضررا بفعل تفشي الوباء وعلى مدار اسابيع ليشهد تعامل ادارة الرئيس ترامب مع الازمة انتقادات واسعة متهمة اياها بالفشل في ادارتها للازمة لتوصف تلك الادارة بانها ارتكبت اخطاء وصفت بالكارثية ولا سيما بما يتعلق بالتخطيط والاعداد والتعامل مع الحظر الذي تعرضت له البلاد لتزداد حدة تلك الانتقادات بعد الاعلان عن العزم عن رفع بعض القيود المفروضة للتصدي لتفشي الفيروس وهو ما وجد انه يتعارض مع الحقائق على الارض وهو ما تم مقارنته مع التجربة النيوزلندية الايجابية التي باتت حديث العالم بقضائها على الفيروس فدولة ذات خمسة ملايين نسمة لم تكن تسجل سوى اصابات تعد على الاصابع  يوميا وتعرف مصدر اصابة كل حالة مما يعني السيطرة على انتقال الفيروس في المجتمع والنتيجة تخفيف القيود دون ازالتها بالكامل لتكون العودة للحياة الطبيعية بشكل نسبي، وهو نقيض ما يجري في الولايات المتحدة التي باتت الاولى عالميا بعدد الاصابات وبوفيات تجاوزت 90 الف وفاة لتوصف معالجات الولايات المتحدة للازمة بالمتعثرة ليكون التساؤل حول كفاءة الحكومة محل تساؤل، وكذلك الامر في تايوان التي كان من المتوقع ان تتصدر عدد الاصابات عالميا الا انها نسفت تلك التوقعات بسيطرتها على الوباء والذي يعزى لاستعداداتها المبكرة لاحتواء الفيروس منذ تفشي فيروس سارس عام 2003 اذ انشات بعد اشهر من انتشار الفيروس آنذاك مركزا متخصصا لمكافحة الاوبئة واطلقت عليه اسم (مركز القيادة الصحية الوطنية) ليكون جزءا من مركز ادارة الكوارث الوطنية والذي تنصب مهمته على الاستجابة السريعة لحالات تفشي الاوبئة والفايروسات مع العمل على تدريب الاطقم الطبية على تنفيذ اجراءات الحجر الصحي في الظروف العادية فمنذ 31 كانون الاول من عام 2019 وبعد ابلاغ الصين منظمة الصحة العالمية بتفشي الفيروس عمدت تايوان وبنفس اليوم وقبل حتى ان يحل ظلام ذلك اليوم للصعود على متن الطائرات القادمة من الصين لفحص المسافرين والتأكد من عدم اصابتهم بأعراض الالتهاب الرئوي قبل السماح لأي منهم بمغادرة الطائرة ومن المدهش ان تايوان اول دولة اعلنت الطوارئ في العالم قبل ان تعلن في مقاطعة ووهان نفسها مهد الجائحة العالمية لتنفذ وفقا لذلك (124) خطوة ضمن خطة احتوائها للفيروس والتي تجاوزت مراقبة الحدود لتتميز تلك الاجراءات بالسرعة واستخدام التكنلوجيا وتخصيص الموارد ودعم كل ذلك بإجراءات قانونية حازمة اذ عمدت لدمج قاعدة البيانات الخاصة بالتامين الصحي مع قاعدة بيانات الهجرة والجمارك لأنشاء شبكة معلومات اكبر حجما للتحليل وهو ما منح السلطات القدرة على الحصول على تنبيهات عاجلة وفي وقت دخول الشخص للمشفى للحصول على تاريخ ظهور الاعراض والمقارنة بينها وبين تاريخ السفر، كما عمدت تايوان لاستخدام تقنية جديدة تعرف بـ (كيو ار) والتي تظهر بيانات الاشخاص المسافرين وتوجه الرحلة وموعدها في فترة (14) يوم الاخيرة لتعمد لأرسال رسائل قصيرة لأولئك الاشخاص والطلب منهم مراجعة السلطات المختصة لأجراء الفحوصات اللازمة ،اما من يشكلون خطرا مؤكدا فيوضعون تحت الحجر الصحي لضمان وضعهم تحت المتابعة خلال فترة الحضانة، اضف الى ذلك الفحوص الاستباقية لمن يعانون من اعراض تنفسية وحظر السفر للصين ومنع السفن السياحية من الرسو في موانئها وفرض عقوبات صارمة على من يخالف اوامر الحجر الصحي او من ينشر معلومات مضللة عن الجائحة ،وبالعودة لنماذج الدول التي نجحت في ادارة الازمة والبحث عن القاسم المشترك بينها كأفضل الدول في ادارة الازمة كألمانيا وايسلندا والنرويج وتايوان وفنلندا ونيوزلندا والدنمارك  نجد ان قيادات تلك الدول هن من النساء وهو ما يظهر الفرق الذي احدثته تلك القيادات في تلك الدول السبع من نجاح في ادارة الازمة والتي اتسمت بالوقوف على الحقيقة والحسم والتكنلوجيا وهو ما ميزها خلال تعاملها مع الازمة، لذا يثار التساؤل عن افضل تلك التجارب للاقتداء بها ولا سيما انها نجحت في منع انتشار الفيروس وما هو النموذج الاقرب لتطبيقه في البلدان العربية والتي تفتقر للقدرة على مواجهة الفيروس، مما لا ينكر ان تلك الدول استعانت بالتكنلوجيا للتواصل مع السكان ومقدمي الخدمات الصحية اضف الى ذلك قوة النظام الصحي الذي يعد الافضل عالميا ولا سيما انه نظام رقمي يتيح للأطباء التعرف على بيانات المرضى بيسر وسرعة وهو ما يظهر وجود قيادات حقيقية لقيادة الازمة وادرتها بشكل مركزي، اما بالمقارنة بين انظمة الدولتين نجد ان تايوان من افضل الديمقراطيات في اسيا لذا لم تلجا لوسائل غير مشروعة لوقف انتشار الفيروس على عكس الصين الشعبية التي دوما ما كانت عرضة للانتقاد كونها اكبر دولة في العالم تفرض رقابتها على مواطنيها وهو ما كان احد أسباب التشكيك في حقيقة احتوائها للازمة ولا سيما بعد اعتقال اول طبيب اعلن عن المرض بتهمة نشر اخبار كاذبة ومن ثم اعلان وفاته بالمرض، ليكون استخدام الصين للتكنلوجيا بشكل مختلف اذ تلزم موطنيها بالإبلاغ عن تنقلاتهم وتشجيع الناس للإبلاغ عن جيرانهم المرضى نظير جوائز تمنح لهم مقابل ذلك التصرف لتستغل الصين انتشار الفيروس لإظهار البلد كقوة حقيقية عند الكوارث، وهو نقيض ما حدث في اوربا من حرية التنقل بين دول الاتحاد الاوربي دون تسجيل حركة المرور وهو ما كان عاملا مهما لانتشار الفيروس ،وعلى الرغم من انه لا احد يشجع تكريس سلطة كهذه الا اننا نرى انه قد حان الوقت لتدخل صارم بقرارات حاسمة تلزم الجميع فما الفائدة من قوانين مهملة مع انعدام الانظمة الرقمية الصحية اذ ان معظم سكان الدول النامية ومنها العراق غير مسجلين في انظمة التأمينات الاجتماعية ان وجدت اصلا، او ان بعضها حتى الان لم يجد وسيلة لدعم العوائل المتضررة من حالة الطوارئ الصحية، وهو ما يظهر ان معظم الدول قد اضاعت الفرصة الاستباقية لمواجهة الفيروس وهو ما كان سيسهم بالحد من انتشار الوباء وهو ما يوجب عليهم الاتعاظ من تجارب الدول التي نجحت في احتواء الازمة عبر العمل على تعميم التامين الصحي الاجباري على المواطنين وتشجيع الناس على الاهتمام بصحتهم سواء في العمل او في المنزل مع العمل على تعزيز قدرة التحاليل المختبرية السريعة ليكون الدرس الاهم هو التعلم من تلك التجارب والسير بخطى الناجحين كدرس مستخلص من تلك التجارب.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع