القائمة الرئيسية

الصفحات

التجريد من الجنسية الفرنسية المبني على ارتكاب اعمال ارهابية La déchéance de la nationalité française ا.د. خيرالدين الأمين استاذ القانون الدولي الخاص المقارن



التجريد من الجنسية الفرنسية المبني على ارتكاب اعمال ارهابية
La déchéance de la nationalité française
ا.د. خيرالدين الأمين
استاذ القانون الدولي الخاص المقارن



التجريد من الجنسية الفرنسية المبني على ارتكاب اعمال ارهابية
La déchéance de la nationalité française
ا.د. خيرالدين الأمين استاذ القانون الدولي الخاص المقارن

     بعد ان ادانت محكمة النقض الفرنسية خمسة اشخاص فرنسيين من اصول مغربية وتركية بتهمة ارتكاب اعمال ارهابية, بعد ذلك قامت ووفقا للمادة ٢٥و  ٢٥- ١ من القانون المدني الفرنسي, بتجريد هؤلاء الاشخاص من جنسيتهم الفرنسية.
    بعد صدور هذا القرار تقدم الاشخاص الخمس بالطعن بقرار محكمة النقض الفرنسية امام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان, وقد اسسوا طعونهم على اساس من ان القرار جاء مخالفا للميثاق الاوربي لحقوق الانسان, والميثاق الاوربي المؤسس للاتحاد, وقد جاء في لائحة الاسباب أيضا, ان محكمة النقض الفرنسية لم تحترم حقهم بالحياة الخاصة واحترام حياتهم العائلية, كما انها لم تحترم الحق في عدم المحاكمة أو العقاب مرتين عن نفس الوقائع.
     وعند نظر الطعن من قبل المحكمة الاوربية , اكدت هذه الاخيرة بالقرار الصادر في ٢٥/ ٦/ ٢٠٢٠ ان التجريد من الجنسية الفرنسية وفقآ للمادة ٢٥ والفقرة ١ من نفس المادة من القانون المدني الفرنسي  المؤسس على ارتكاب الاشخاص لجرائم ارهابية, لا يتعارض مع مضمون الاعلان العالمي لحقوق الانسان والميثاق الاوربي, وذهبت الى القول  أن المحكمة لم تنتهك الحقوق الأساسية للمدانين عندما قامت بتجريدهم من جنسيتهم وفقآ للقانون الفرنسي.
    وقد كان قد حُكم على هؤلاء الاشخاص الخمسة المزدوجي الجنسية ، أربعة منهم, من اصل مغربي والاخر من اصل تركي ، في عام 2007 بالسجن لمدة تتراوح بين ست وثماني سنوات بتهمة " الانضمام والاشتراك في جمعية لها اهداف بالقيام بأعمال إرهابية". وقد حُكم عليهم بسبب علاقتهم وصلتهم المباشرة مع الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية ، المسؤولة عن هجمات الدار البيضاء (المغرب) في 16 مايو / أيار 2003 ، والتي قتل فيها 45 شخصًا ، بينهم ثلاثة فرنسيين ومائة جريح. تم الإفراج عنهم في 2009 و 2010 ، وتم بعد ذلك تجريدهم من جنسيتهم الفرنسية في أكتوبر 2015.
    للعلم ووفقا للقانون المدني الفرنسي, انه تبنى نص المادة ٢٥ في القانون المدني, والتي تعطي للقضاء امكانية التجريد من الجنسية الفرنسية للأشخاص الذين "اكتسبوا الجنسية الفرنسية" ، ولأسباب محددة في المادة 25 بفقراتها 1 -2 ، ولا سيما الذين حُكم عليهم بتهمة الخيانة أو الإرهاب. وإذ شددت المحكمة الاوربية على أن "العنف الإرهابي يشكل في حد ذاته تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان" ، أيضا لاحظت المحكمة [أن موقف محكمة النقض الفرنسية لم يؤدي الى جعل الاشخاص عديمي الجنسية ، كونهم مزدوجي الجنسية ، واضافت ايضآ "إن التجريد من الجنسية الفرنسية هذا لم يؤد تلقائيا إلى ابعاد هؤلاء الاشخاص من الإقليم الفرنسي"’, وبالتالي تجد المحكمة الاوربية نفسها مقتنعة بالواقع وبالحكم الذي ذهبت اليه محكمة النقض الفرنسية , وكذلك تجد المحكمة نفسها ان هذا القرار أي قرار التجريد من الجنسية "لم يمس الحياة الخاصة العائلية".
   ولنا على هذا التوجه ثمة مجموعة من الملاحظات, تتمثل بأن هذا التوجه يخرق الألفة الاجتماعية والعائلية المعروف عنها في القانون الدولي الخاص الفرنسي, حيث بدأت مظاهر هذا الخرق منذ نهاية القرن الماضي, وذلك عندما تبنى المشرع الفرنسي نص المادة ٢٥ بفقراتها (١ و ٢) من القانون المدني, والتي تذهب الى امكانية تجريد الشخص او الاشخاص من جنسيتهم الفرنسية, اذا ما ارتكبوا جرائم ارهابية ضد القيم والمبادئ الاساسية للشعب الفرنسي, والاعتداء على الحريات العامة .
    أيضا يلحظ على هذا التوجه, انه يمثل دكتاتورية لا تأتلف مع طبيعية ومنهج القانون الدولي الخاص, وهو اتجاه منتقد, على اعتبار, من عدم وجود تماثل في طبيعة العقوبة (اي مابين الجريمة والاثر المترتب عليها), - بمعنى اخر - عدم تجانس بالطبيعة فيما بين الفعل والاثر, أيضا يلحظ على هذا التوجه, انه اهدر فكرة التوازن مابين فكرة الفرض وفكرة الحكم في النص القانوني.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع