القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في قرار المحكمة الجنائية الدولية في قضية الحريري اعلان الحقيقة بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

قراءة في قرار المحكمة الجنائية الدولية في قضية الحريري

(اعلان الحقيقة)

بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي

معهد العلمين للدراسات العليا

 

قراءة في قرار المحكمة الجنائية الدولية في قضية الحريري اعلان الحقيقة

بقلم/ د. ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

 

     بعد انتظار خمسة عشر عاما منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في شباط من عام 2005  وبعمل متواصل لتحديد ومحاكمة من وقف خلف ذلك الاغتيال والذي تم عبر تفجير هائل استهدف موكبه في العاصمة بيروت، محكمة خاصة انشئت بناء على طلب الحكومة اللبنانية بطلب قدم الى الامم المتحدة من قبل الحكومة اللبنانية عبر اتفاق بين لبنان والامم المتحدة بشان المحكمة لتنشأ في 13 كانون الاول من عام 2005 بعد اصدار قرار مجلس الامن المرقم (1757) ليدخل قانون انشاء المحكمة حيز النفاذ في 10 حزيران من عام 2007 لتعقد اول جلساتها في لاهاي في اذار من عام 2009، ليعلن رئيس قلم المحكمة (هرمان فون هابيل) ان المحاكمة ستبدأ في السابع عشر من ايلول من عام 2011  مع الاعلان بان مذكرة الاتهام بتلك الحادثة والتي تم التعامل معها على ان الارهاب جريمة قائمة بذاتها ستبقى سرية في هذه المرحلة وسيطلق عليه (بالقرار الضني) لان من تم تسميتهم بالقرار ابرياء حتى تثبت ادانتهم.

    لتكون الية العمل بنظام وصف بالهجين بين القانون  الجنائي اللبناني والقانون الدولي لتكون الولاية الرئيسية للمحكمة لمقاضاة المتهمين بتنفيذ التفجير الذي خلف ثلاث وعشرين قتيلا بينهم الحريري ، لتبدا المحكمة المحاكمة غيابيا لعدم مقدرة الحكومة اللبنانية من القبض على المتهمين ، وعملا بقرار صدر عن المحكمة وبصورة سرية اصدره قاضي الاجراءات التمهيدية في الخامس من اب من عام 2011 للنظر في ثلاث قضايا تبين انها ترتبط بحادثة شباط لعام 2005 وهي الاعتداءات التي استهدفت سياسيين لبنانين ما زالت قيد التحقيق منذ ذلك الحين وبعد سنين طويلة من اجراءات المحكمة وجولات طويلة من المرافعات تصدر المحكمة قرارها  بعد (415) من الجلسات والاستماع الى (297) شاهد ليسدل الستار عن اطول محاكمة عرضت على القضاء الدولي دون حسم قطعي والذي قد يرد الى ان طبيعة قرار المحكمة من الممكن ان يوصف بالسياسي دون القانوني لخطورة النتائج التي جهدت المحكمة لتجنبها لثقلها السياسي بما يمكن ان يتهدد الامن العام في لبنان في وقت الظرف يقتضي تضميد الجراح، فاختزال المحكمة التهمة في شخص واحد امر يتناقض مع واقع الاحداث والتي كان احد اسبابها وفق منظور المحلل للأحداث قرار مجلس الامن رقم (1515) القاضي بإخراج القوات السورية من لبنان والذي قد يكون المحرك الرئيسي للأحداث ،لذا نجد ان قرار المحكمة قد لا يكون قد لامس اصل المشكلة وهو ما يدفعنا للقول بان قرار المحكمة سياسي وبامتياز وهو ما يدفع للتساؤل عن جدوى التقاضي في حالات كتلك كان الاجدر اللجوء للقضاء الوطني اذا ما كانت النتيجة واحدة في الحالتين فسعي المجتمع الدولي لأنشاء هيئات قضائية دولية هو بالأصل للحد من الافلات من العقاب وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحاشي ثغرات التجارب السابقة في مقاضاة الانتهاكات الخطيرة لقواعد القانون الدولي الانساني.

    الا ان تلك المحاكم قد تكون احدى الوسائل للإفلات من العقاب فالاجتهاد القضائي لتلك المحاكم المختلطة يبرز ضعفه من خلال اصدار قرارات بعيدة كل البعد عن المهنية وممارسة دورها القانوني بالأساس وهو ما يجعل الثقة بها محل تشكيك على الرغم من انها تستمد شرعيتها من قرار دولي صادر عن مجلس الامن استنادا للفصل السابع من الميثاق عند اصداره للقرار (1757) لعام 2007 والذي راعى بإصداره ان المسالة التي صدر بصددها عدت تهديدا للأمن والسلم الدوليين ليكون شرعنة للقرار استنادا  للمادة (39) من الميثاق الممهدة للجوء لإجراءات الفصل السابع من الميثاق، على الرغم من الجريمة الاساسية التي تنظر بها المحكمة هي جريمة قتل وصفت في قرارات مجلس الامن بانها عمل ارهابي على الرغم من انعدام الاتفاق دوليا على تعريف دولي لجريمة الارهاب او تبني عقوبة معينة على جريمة الارهاب بل كانت الدعوة تتكرر للدول الاعضاء لتبني تشريعات داخلية تجرم الجرائم الارهابية ووضع العقوبات الملائمة لها ، اضف الى ذلك انعدام السوابق القضائية الدولية في نطاق التقاضي حول جرائم الارهاب والتي يمكن ان تكون مرشدا في موضوع بحثنا للمحكمة الجنائية الدولية بل قرارات وطنية حصرا اضافة لذلك بعض الدول كفرنسا والولايات المتحدة تحديدا لا تعد تلك الجرائم ارهابا دوليا وهو ما يؤكد اختصاص القضاء اللبناني بنظرها وما يؤكد ذلك ان النظام الاساسي للمحكمة يتضمن تطبيق التدابير المنظوية تحت مظلة القانون الجنائي اللبناني المتعلقة بتجريم الاعمال الارهابية.

على الرغم من ان اللجوء لتشكيل محاكم من تلك الشاكلة يعد شكلا متوسطا بين المحاكم الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية ظهرت للوجود لمعالجة حالات معينة الا اننا لا نجدها مجدية لطول اجرائتها وارتفاع نفقاتها وهو ما قد يكون احد نقاط ضعفها بما يؤثر على استجابتها لتكريس محاكمات عادلة تحد من الإفلات من العقاب لتكون اداة لكشف الحقيقة وليس اداة للانتقام وبما يعزز حكم القانون.

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع