القائمة الرئيسية

الصفحات

طرق حل المنازعات في الدولة الفيدرالية قراءات قانونية في ضوء دستور العراق الصادر عام 2005 (عصر الارصفة الفيدرالية ج : 1) د. حيدر ادهم الطائي

 

 

 

 

طرق حل المنازعات في الدولة الفيدرالية قراءات قانونية  في ضوء دستور العراق الصادر عام 2005

(عصر الارصفة الفيدرالية ج : 1)

د. حيدر ادهم الطائي

 


طرق حل المنازعات في الدولة الفيدرالية قراءات قانونية  في ضوء دستور العراق الصادر عام 2005 (عصر الارصفة الفيدرالية)

د. حيدر ادهم الطائي

 

المقدمة

    كرس دستورعام 2005 شكلاً فيدرالياً للدولة العراقية لأول مرة في تأريخها, وربما كان ذلك نتيجة رؤى فكرية ذات بعد سياسي !!! عكست ما ينبغي أن يقوم به العراق من دور بعد أن جرب جيران بلد الإمبراطوريات الأكدية والآشورية والبابلية والكلدانية والخلافة العباسية عراقاً قوياً صعب المراس ربما رسخ في نفوسهم خوفاً وقلقاً عظيمين فكانت الرؤية لمستقبله - إن وجدت مثل هذه الرؤية -  في فترة الاحتلال الأمريكي شبيهة نسبيا لرؤية الحلفاء الأوربيين لما ينبغي أن يكون عليه الدور السياسي لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية, وبشكل يضعف مركزية الدولة إلى أبعد الحدود، بل وينهي أي دور إقليمي له حيث مازال هذا البلد نتيجة ضعف السلطة المركزية وانتشار الفساد في صفوف الطبقة السياسية الحاكمة ملعبا لتصفية الحسابات بين الجوار المؤذي , مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار المشهد الذي يراد للمنطقة أن تعبر عنه بحيث تكون النظرة الى الصورة مكتملة غير مجتزءة. وفي المعنى المتقدم يشير جوتا كريمر في ورقة له تحت عنوان ألمانيا: القوى المتداخلة والتشابك السياسي: (تأسست جمهورية ألمانيا الفيدرالية عام 1949، بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية بأربع سنوات، وبعدما أعطى حلفاء الغرب رؤساء وزارات الولايات المكونة Länder مهمة وضع مسودة دستور ذي سمة فيدرالية. كان هدفهم هو منع قيام دولة مركزية قوية في ألمانيا مرة أخرى. وكان النظام الفيدرالي الناتج عن ذلك يتسم بالسلطات المتداخلة والمتصلة بين الحكومة المركزية والوحدات المكونة).

     ويضيف الكاتب المذكور: (ومع ذلك أثبت النظام الفيدرالي التعاوني بأنه ليس فقط نظاماً أعرج على المستوى العملي بل هو أيضاً يسبب المشاكل من وجهة النظر الديمقراطية.

    وإذا أصبح كل شخص مسؤولاً عن كل شيء، ستكون النتيجة أن لا أحد سيكون مسئولاً عن أي شيء). وإذا صح رفض هذا الكلام على مستوى التنظيم الفيدرالي في عراق ما بعد التاسع من نيسان عام 2003 فليس من الحكمة رفضه على مستوى ما آلت اليه أوضاع الوظيفة العامة في هذا البلد حيث يوجد جيش عرمرم من الموظفين الذين لا يقدم أكثرهم نفعاً حتى أصبح جل ما مطلوب منهم أن يكفوا عن إثارة المشاكل لمن يقدم شيئاً, بعد تداخل الاعتبارات الحزبية الضيقة مع الاعتبارات المهنية.

    إن التمعن في السطور المتقدمة وما تحمله بين طياتها من مضامين ومعاني سياسية تجعل الدارس للوضع العراقي في ظل دستور عام 2005 يصل إلى قناعة مفادها إن هذا الدستور بنصوصه الحالية إذا صح الافتراض الذي أشرنا اليه آنفاً قد خلق عن سابق قصد وكرس عن كامل تصميم نظاماً سياسياً ضعيفاً وفاسداً ليس فقط على مستوى المعالجة الدستورية لشكل الدولة، وإنما حاصرت النصوص المذكورة أية إمكانية في الاصلاح فلم يتم الاكتفاء بشكل فيدرالي ضعيف للدولة يقترب من الناحية العملية من الشكل الكونفيدرالي أي من جهة التطبيق او الممارسة الفعلية الواضحة للقاصي والداني طبقاً لما يذهب اليه البعض من المناوئين لتبني الفيدرالية في العراق بل عززت حالة الضعف من خلال تبني نظام برلماني عاجز قائم على تشابك الصلاحيات وتداخل السلطات فضلاً عن نظام انتخابي مؤسس على التمثيل النسبي توج الى حدٍ ما بممارسات تزوير في بعض المناطق الانتخابية، ونظام حزبي هو نتيجة لنوع النظام الانتخابي قائم على تعدد الأحزاب والتيارات السياسية التي تتكاثر كما تتكاثر الأرانب مما جعل النظام السياسي المذكور يعاني الشلل على مستوى معالجة الأزمات التي تعصف بالشعب العراقي والذي عزز ذلك كله بيئة إقليمية معادية للتجربة الديمقراطية الجديدة وبشكل يضاعف التهديد لمستقبل العراق كدولة بحدوده الحالية، فقد ظهر واضحاً إن هؤلاء الجيران لا يستطيعون الفصل بين قيام عراق ديمقراطي والنظرة إلى هذه التجربة من جانبهم كونها محاولة أمريكية لإعادة صياغة الوضع السياسي في المنطقة, كما إن عجز سلطات هذه الدولة عن الضرب بيد من حديد عند مواجهة كل مفسد جعل العراق نهباً لكل من هب ودب من الأفاقين والسراق.

    إن وجهة النظر المتقدمة لا تعني عدم إمكانية قبول شكل من أشكال منح الصلاحيات الواسعة للمحافظات غير المنتظمة باقليم ذات طابع تنفيذي مع ممارسة رقابة حقيقية عليها، أو لإقليم كردستان العراق طبقاً لتعبير دستور عام 2005، وهذه حقيقة دستورية وواقعية قائمة تصبح الموازنة التي تستهدف إيجاد حل يوفق بين دفع المخاوف الناجمة عن عودة ديكتاتورية مؤذية بتوفير نصوص دستورية تحقق شكلاً مقبولاً من أشكال الديمقراطية الحامية للحقوق والحريات وبين مراعاة خصوصية الأكراد كقومية عراقية فضلاً عن باقي القوميات والأديان والطوائف ولا أستثني العرب منهم جوانب لا يمكن إنكار أهميتها على المستويات كافة فإذا كانت الفيدرالية محققة لطموحات بناء الإنسان في شمال الوطن فإن من المهم أيضاً ـ وهذا ما يحقق حماية للإنسان العراقي في كردستان العراق ـ أن لا تتحول الفيدرالية إلى مجرد شعارات بحيث تصبح من الناحية الفعلية عبارة عن نظام سياسي إقليمي يكرس شكلاً من أشكال الديكتاتورية والانفراد بالسلطة في جزء من الخارطة العراقية ذلك إن هذه النتيجة ستجعل من الفيدرالية مشكلة لا تقل خطورة عن مشكلة الديكتاتورية في العراق ككل. ومن ثم,  ينبغي العمل على خلق نظام سياسي ديمقراطي قادر على الإنجاز، يكون فعالاً على مستوى الداخل المحلي كما من المهم أيضاً أن يكون فعالاً في التأثير بمحيطه الإقليمي على مستوى الخارج. ومن هنا يجب أن يكون داخل البيت العراقي مستقراً لإمكانية التحرك بإيجابية على مستوى الخارج, وربما تكون نقطة البداية من خلال إيجاد نصوص دستورية واضحة ومحددة وقاطعة في توزيع الاختصاصات في ظل دستور عام 2005 أو بعيدا عنه وإذا تحقق ذلك فسيصبح النص القانوني  الدستوري أو القانون بمصادره المتنوعة أداة للتغيير السياسي بل والاجتماعي. 

   إنني في الوقت الذي أجد نفسي خاطاً هذه السطور أرى من المهم للغاية أن يتمتع قارئها بروح رياضية عالية شبيهة بروح الملاكم الخاسر بوزن ثقيل وهو يهنئ خصمه الفائز فانا لا أعلم قبل أن يقرأ هذا الكتيب هل خسرت أم ربحت هذا النزال ولا أظنني متمتعاً بوزن سياسي أو علمي ثقيل بل أنا متاكد من المعنى المتقدم ولو قلت شيئاً غير ذلك لكنت جانبت الصواب، وهذا مصداق جاء في القرآن الكريم: (بسم الله الرحمن الرحيم لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) كما إن موقفي من تبني الشكل الفيدرالي للدولة في العراق باعتباري مواطناً عراقياً قد مر بمراحل عديدة شهدت فيها حالات من المد وأخرى من الجزر فأسال الله السلامة لبلادي حيث النهرين الخالدين وتأريخ حافل بالمجد والأحداث الجسام التي تلهث وراءه.

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع