القائمة الرئيسية

الصفحات

قرأت لك ( التعايش المجتمعي وأثره في الاستقرار السياسي في عراق ما بعد عام 2003 ) للباحث الدكتور كاظم مهدي الحار. بقلم / د. ايناس عبد الهاد الربيعي

 

 

قرأت لك ( التعايش المجتمعي وأثره في الاستقرار السياسي في عراق ما بعد عام 2003 ) للباحث الدكتور كاظم مهدي الحار.

بقلم / د. ايناس عبد الهاد الربيعي

 


قرأت لك ( التعايش المجتمعي وأثره في الاستقرار السياسي في عراق ما بعد عام 2003 ) للباحث الدكتور كاظم مهدي الحار.  

بقلم / د. ايناس عبد الهاد الربيعي

 

     الاستقرار المجتمعي في دولة معينة يعرف بأنه: مدى تماسك فئات المجتمع داخل هذه الدولة، وترابطهم فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين السلطة من جهة أخرى، وبين مؤسسات هذه السلطة من جهة ثالثة، ترابطاً عضوياً بما يكفل صمود  هذه الدولة ومجتمعها أمام التقلبات والمتغيرات المختلفة كوحدة متماسكة. وفي حال توفر ذلك في دولة معينة فإننا نقول عن هذه الدولة أنها تتمتع بوحدة وطنية، والوحدة الوطنية التي هي أساس وجود واستمرار الدولة، فالدول التي تفقد أو تتعرض وحدتها الوطنية للاهتزاز تزول أو تهزم ،اما الاستقرار السياسي هو مدى قدرة النظام السياسي على استثمار الظروف وقدرة التعامل بنجاح مع الأزمات لاستيعاب الصراعات التي تدور داخل المجتمع، مع عدم استعمال العنف فيه، لأن العنف هو أحد أهم ظواهر عدم الاستقرار السياسي، والاستقرار السياسي أمر تسعى إليه الأمم والشعوب لأنه يُوفِّر لها الجو والبيئة الضروريين للأمن والتنمية والازدهار، ومفهوم الاستقرار السياسي مفهوم نسبي تختلف بعض مفرداته حسب المجتمعات ، فالاستقرار السياسي هو حالة الثبات وعدم التغيير فيما يعرف بالمؤسسات السياسية الرسمية وغير الرسمية التي ترسم قوانين ودساتير وأعراف تحكم وتضبط نسق وتوازن المؤسسة للوصول إلى الأهداف المنشودة وكذلك ضبط العلاقة مع بقية النسق السياسي الذي إذا حدث أي خلل في جزء منه تتأثر بقية الأجزاء الأخرى وكون قد خرجت من حالتها التي رسمتها لنفسها وهي الاستقرار إلى حالة عدم الاستقرار.

    وبالعودة للكتاب الذي بين ايدينا نجد ان المؤلف قد عمد لتناول هذا الموضوع عبر فصل تمهيدي وثلاث فصول ، خصص الفصل التمهيدي لتناول المفاهيم الاساسية المتعلقة بموضوع الكتاب وذات الصلة الوثيقة به عبر تناول السياق التأريخي للتعايش المجتمعي وعلاقته بالاستقرار السياسي في العراق بتسلسل تأريخي تدرج من خلاله بتناول تلك المراحل وصولا لبيان تأثيرها على العلاقات الاجتماعية والسياسية في العراق.

   في حين خصص الفصل الاول والمعنون (التعايش السلمي وعلاقته بأزمة الحكم في العراق) لتناول التعايش السلمي وعلاقته بالوضع السياسي في العراق قبل عام 2003، ومن ثم بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، وبيان أثر ذلك كله على الوضع السياسي في العراق في مباحث ثلاث .

    اما الفصل الثاني والمعنون ( ازمة التعايش السلمي وانعكاساتها على الاستقرار السياسي في العراق ) فقد خصصه الباحث لتناول اثر الصراع على السلطة في الاستقرار السياسي في العراق في مبحث اول ومن ثم بيان أثر العامل الخارجي في ازمة الحكم في العراق في مبحث ثاني ، ومن ثم تناول اثر الاعلام في تلك الازمة في مبحث ثالث واخير.

   وفي الختام خصص الفصل الثالث لتناول مستقبل التعايش المجتمعي والاستقرار السياسي في العراق ، تناول عبر السيد المؤلف الخيارات السياسية ومستقبل التعايش المجتمعي، ومن ثم عمد لبيان آليات التعايش المجتمعي والوصول الى الاستقرار السياسي بنظرة مستقبلية.

   موضوع مهم كان السيد المؤلف موفقا في عرضه وتناوله ولا يفوتنا ذكر تميزه في اختياره لكونه يمثل واقع حال تجربة تمثل مجريات لسان  حال المجتمع العراقي في وقتنا الراهن ،وذلك إن تمتع الدولة باستقرار داخلي يؤدي إلى منحها فرصاً أكثر لخدمة مصالحها الاستراتيجية في علاقتها الخارجية، وبالتالي لعب دور استراتيجي أقوى، وتمتعها بثقل أكبر ضمن الحسابات الإقليمية.

    ويتأثر واقع الاستقرار في المجتمع بعوامل ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية متداخلة ترتبط بالبنى الفكرية السائدة في المجتمع الثقافي وتطوير الوضع الاقتصادي، واستقرار النظام السياسي في الدولة، ومدى احترام مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، والتداول السلمي للسلطة، ودور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية: هل هي متدخلة فيها أم لا؟ وكيف يحدث هذا التدخل: هل هو على شكل ضغوط، أم يتخذ شكل انقلابات ؟ وما هي ديمومة هذا التدخل :مؤقت أم طويل المدى؟ تساؤلات عدة تثيرها تلك الحالة اذ تعد ظاهرة عدم الاستقرار السياسي أكثر الظواهر السياسية شيوعاً في الدول النامية،  والواقع أن مفهوم عدم الاستقرار السياسي أكثر المفاهيم السياسية غموضاً وتعقيداً ،هذا المفهوم قد يضيقه البعض ليقتصر على عدم الاستقرار الحكومي، بمعنى التغيرات السريعة المتتابعة في عناصر الهيئة الحاكمة، وقد يوسع فيه البعض الآخر ليحتضن أيضاً عدم الاستقرار النظامي، بمعنى التحولات السريعة في الإطار النظامي للدولة من شـكل معين إلى نقيضه من الملكية إلى الجمهورية، من الحكم المدني إلى الحكم العسكري، وقد يزداد المفهوم اتساعاً ليعانق الصور المختلفة للعنف السياسي من أعمال شغب ومظاهرات واضطرابات واغتيالات سياسية وحروب أهلية وحركات انفصالية.

    إن عدم الاستقرار السياسي هو ظاهرة تتميز بها الأنظمة البرلمانية، التي لا يتمكن فيها الناخبون من إيصال أكثرية واضحة تنتمي إلى حزب أو تيار واحد إلى البرلمان، وهذا يمكن الأحزاب الصغيرة من التحكم في تشكيل الحكومات وفي إسقاطها نتيجة عدم التفاهم في تشكيل الحكومة، لكن مما يؤخذ على ذلك عدم انطباقه على معظم دول العالم سواء كانت ديمقراطية أم ديكتاتورية، فعلى سبيل المثال، إن عدم الاستقرار السياسي في الأنظمة الرئاسية التي تتبعها العديد من دول العالم، كان أكبر بكثير من الدول ذات النظام السياسي البرلماني، بسبب عدد الانقلابات فيها، كما أن الدول التي تتبع نظام الحزب الواحد أو القائد أو المهيمن سواءاً كانت شيوعية أم فاشية أم غير ذلك، توجد فيها طاقات كامنة كبيرة جداً لإحداث عدم الاستقرار السياسي، فسقوط المعسكر الشيوعي عام 1989 أدى إلى تفككه وتفكك دوله إضافة إلى اندلاع حروب أهلية في معظمها .

    وهو ما لا نتمناه ان يكون مصير الاستقرار المجتمعي في العراق ، كتاب قيم جدير بالقارئ المختص الاطلاع عليه والوقوف على حيثياته كونه يمثل تصورا حقيقيا لواقع الاحداث ومجرياتها.

 

 

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع