القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في المتغيرات الدولية على الساحة الاقليمية صراع القوى د. ايناس عبد الهادي الربيعي / حزيران 2021

 

 

قراءة في المتغيرات الدولية على الساحة الاقليمية صراع القوى

د. ايناس عبد الهادي الربيعي 

 


قراءة في المتغيرات الدولية على الساحة الاقليمية صراع القوى

د. ايناس عبد الهادي الربيعي / حزيران 2021

 

   شهدت العلاقات الدولية خلال السنوات الاخيرة تغيرات مهمة ادت الى بروز مفاهيم جديدة في النظام الدولي كالعولمة والديمقراطية وحقوق الانسان وانفتاح الاسواق المحلية والاقليمية والدولية امام تدفق البضائع دون عراقيل او قيود ، وهو ما نتج عنه اعادة صياغة مفاهيم القوة والتفوق والسيطرة والنفوذ الامر الذي نتج عنه اتباع سياسات واستراتيجيات تضمن مصالح الدول المستفيدة واستمرارها عبر الاطاحة بالأنظمة التي تعرقل ذلك ومساندة الانظمة التي تتوافق معه بما يضمن استمرار تلك المصالح ، تلك التغيرات قد تنعكس سلبا او ايجابا على الوطن العربي ولا سيما ان تلك التغيرات اوجدت نظاما عالميا يفتقر الى التوازن الامر الذي اضعف المنظومة القانونية الدولية وهو ما آثر سلبا على المنطقة العربية الذي بات بشكل فعلي يعاني من مأزق خطير ممثل في مواجهته لوضع دولي سريع التطور والتحول بما يضاعف التحديات امامه كمجموعة من دول العالم الثالث التي تهدف التحركات الدولية من قبل الدول الكبرى لتطويقها وتضييق الخناق عليها ومنعها من ان توجد لنفسها طريقها الخاص ليكون الهدف توطين هيمنة الدول الكبرى على سواها من الدول وما الحروب والمشاكل التي نشبت في العديد من دول العلم الثالث الا نتاج لتلك السياسة التي تتحكم بها تلك الدول بوسائل عدة.

     للتموضع الهيمنة بأسلوب جديد الى جانب مظاهر الخضوع السياسي على الاصعدة الاقتصادية والثقافية واستفحال المديونية في معظم دول العالم الثالث مع تعميق التبعية التكنلوجية والهيمنة الاعلامية عبر السيطرة على وسائل الاتصال المتطورة والتحكم فيها مع خلق شبكة متقدمة في نقل المعلومات والاخبار وانماط المعيشة والقيم لتكون الحدود الوطنية بذلك مجرد خطوط على الخرائط ، ليكون بذلك الوطن العربي نموذج صارخ لتلك التحولات الدولية بما ترافق معها من انعكاسات سلبية على واقعه في مختلف نواحي الحياة ، ليكون الضغط على الوطن العربي لقبول سياسة اقتصادية تديرها الدول الكبرى وفق مصالحها تتبلور في مناح عدة منها الاتفاقيات الاقتصادية كاتفاقية (الجات) للتجارة ، الا ان الامر الاكثر خطورة هو التشعب والتنوع الذي أصاب هيكل الدول الداخلي وقضاياها ومشاكلها الامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

    ولم يقتصر الامر على ذلك بل محاولة القوى الكبرى خلق محاور للصراع بين دول الجوار الجغرافي في المنطقة العربية مع خلق اسباب للصراع بين الدول العربية نفسها، لذا تبرز المشكلة الاكبر من كون النظام العربي برمته غير قادر على مواجهة التغيرات الدولية ومحاولة الصمود في محاولات بعض القوى الدولية لاختراقه وجعله منطقة تنافس وتصفية حسابات بين تلك القوى لما يعانيه من ضعف في التنسيق السياسي والاقتصادي أضافة الى ذلك الانقسامات التي تشهدها الساحة العربية تدفعها للتعامل مع تلك المتغيرات انطلاقا من دوافع قطرية ومصالح ذاتية ورؤية سياسية رسمها لها الخارج مع عدم لممانعة من التأقلم مع تلك المتغيرات في ظل تزايد نفوذ القوى الكبرى وتغلغلها في الوطن العربي الامر الذي أفضى لعدم حدوث توافق عربي حول تصور موحد لقيام تحالفات اقليمية مؤثرة كما هو الحال في اوروبا.

    وتبعا لذلك كان احد اهم الاسباب المؤثرة في مستقبل المنطقة العربية ولاسيما بعد حرب الخليج الثانية التي تركت اثرا بارزا في اعادة التصورات الامنية في المنطقة واعتماد اسلوب التدخل المباشر والتصرف بشبه حرية في المنطقة ومعالجة الصراعات بما ينسجم مع مصالح تلك الدول وهو ما يؤكد ان اعادة هيكلة النظام الدولي تعتمد على تغيرات تتم على بنية الانظمة الاقليمية والوطن العربي احدها ليعاد بناؤه على أسس جديدة تستبعد فيها الاعتبارات القومية والفكرية ليمتد اطارها لمدى اوسع يوصف بالنظام الاقليمي الشرق اوسطي يضم قوة و وحدات اقليمية الى جانب دول الوطن العربي ، وهو ما سينتج واقعا جديدا يؤثر على البنية العربية ومستقبلها واعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة الامر الذي يعني استحداث ادوار جديدة وهو ما يعني بقبول وعاء جديد للعلاقات في المنطقة لا صلة لها بالتصورات العربية بل علاقات مبنية على الاموال والبضائع والاستثمار وليس على التضامن وبناء الوحدة العربية كالسابق ، ليكون الخاسر الاوحد هو الشعوب التي بقيت تعيش في حدودها القومية او الوطنية الضيقة ولم تعرف كيف توسع افاق عملها وتطور استراتيجياتها على المستوى العالمي لتبقى تحت ضغط ارساء تغلغل سياسي واقتصادي لتلك الدول في المنطقة والتي ستبقى خياراتها مسيسة بسبب حدة التنافس على المنطقة لتلجأ لاستخدام دبلوماسية المساعدات الاقتصادية للوطن العربي لإرساء دعائم علاقات وثيقة مع دول المنطقة العربية ، وهو ما كان نتاج للتحولات الدولية والثورة الثقافية والتي كان الخاسر الوحيد فيها الشعوب العربية.

 

 

 

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع