القائمة الرئيسية

الصفحات

ثلث الوصية التمليكية المحامية نهضة عبد الحسين الخفاجي باحثة دكتوراه في القانون الخاص

 

 

ثلث الوصية التمليكية

المحامية نهضة عبد الحسين الخفاجي

باحثة دكتوراه في القانون الخاص

 


  ثلث الوصية التمليكية

المحامية نهضة عبد الحسين الخفاجي

باحثة دكتوراه في القانون الخاص

 

المقدمة

 ان الخوض في الموصى به , وهو محل الوصية ,انه شرط ثلث الوصية , وهل يمكن ان تكون الوصية باقل من الثلث او اكثر من ذلك ؟وان يكون الموصى به له نفع, و محلل شرعا , و معتد به. وغير مخالف للاداب والنظام العام . واشترطت المادة 69 من قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل ان يكون الموصى به قابلاً للتمليك بعد موت الموصي .

  لذا تم تقسيم البحث على فرعين الاول حول ثلث الوصية والاجازة بالزيادة . والفرع الثاني حول حكم الوصية بالزيادة مع وجود او عدم وجود وارث وكما يلي :

الفرع الاول

ثلث الوصية والاجازة بالزيادة

    قد اشترطت المادة 69 من قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل ان يكون الموصى به قابلاً للتمليك بعد موت الموصي .و من ضمن شروط الموصى به لدى الفقهاء أن يكون مقداره في حدود الثلث، واذا زادت عن الثلث فلا بد من اجازة الورثة لهذه الزيادة . وكما نصت المادة السبعون من قانون الاحوال الشخصية العراقي المعدل ( لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث الا بإجازة الورثة وتعتبر الدولة وارثا لمن لا وارث له ) (1).

 ويعتبر الثلث وقت الوفاة , لا وقت تحرير الوصية , فلو أوصى بشيء وكان موسرا في حال الوصية ثم افتقر عند الوفاة , لم يكن بأيساره اعتبار وكذلك لو كان في حال الوصية فقيرا ثم ايسر وقت الوفاة , كان الاعتبار بحال أيساره (2). وحيث ان الوصية عقد غير لازم في حياة الموصي , الا انها تصبح عقداً لازماً بعد وفاته ولا يجوز بأكثر من ذلك إلا بإجازة الورثة وان يكون الموصى به حقاً أو عملا وانها في حدود الثلث (3). لذا سوف نتطرق اولا الى المجيزين للوصية, وثانياً وقت الاجازة وشروط المجيز  للوصية وكما يلي :

اولا :المجيزين للوصية  

  لقد أجمع الفقهاء على أن القدر الذي تجوز فيه الوصية من غير توقف على إجازة الورثة هو ما كان في حدود الثلث .والى هذا اشارت المادة 70 من قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل والتي جاء فيها (لا  تجوز الوصية بأكثر من الثلث الا بإجازة الورثة وتعتبر الدولة وارثاً لمن لا وارث له ). ولكن هل يمكن ان تكون الوصية باقل من الثلث ؟

استحباباً (عند الامامية ) ممكن ان تكون الوصية من المال بأقل من الثلث واختيار الخمس أو الربع :

1- عن ابي جعفر كان امير المؤمنين ( عليهما السلام)يقول : لئن أوصي بخمس مالي أحب إلي من أن أوصي بالربع . ولئن أوصي بالربع أحب إلي من اوصي بالثلث .

2-  عن جعفر بن محمد , عن ابيه , عن آبائه (عليهم السلام ) قال : الوصية بالخمس : لأن الله عز وجل قد رضي لنفسه بالخمس , وقال الخمس اقتصاد , والربع جهد , والثلث حيف (4).

3- ولا يجوز حرمان بعض الورثة من الميراث ولا يصح , مثلا: شخص له ولدان واوصى بحرمان زيد من الميراث وله اخ: أوصى بسدس ماله لأخيه واوصى بحرمان ولده زيد اعطي اخوه السدس واعطي زيد الثلث واعطي ولده الاخر النصف (5).

4-   لو اوصى بثلثه لواحد , وبثلثه لآخر , كان ذلك رجوعا عن الاول إجماعاً (6) .

ثانياً : وقت الاجازة

1- وفقاً للفقه الامامي المعاصر

لابد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من امضاء الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني (7). وبين السيد الخوئي ليس للمجيز الرجوع عن اجازته حال حياة الموصي ولا بعد وفاته كما لا أثر للرد إذا لحقته الاجازة (8).

وكذلك اذا أوصى بنصف ماله مثلاً , وأجاز الورثة ذلك قبل موت الموصي نفذت الوصية , ولم يكن لهم ردها بعد موته (9). حيث قال الامامية : اذا اجاز الورثة فلا يحق لهم العدول عن اجازتهم , سواء كانت الاجازة في حياة الموصي , او بعد حياته . واختلفوا في الوقت الذي يقدر فيه الثلث : هل هو الثلث عند الوفاة , او عند قسمة التركة؟ (9)

2- اختلف فقهاء السنة في الوقت المعتبر لإجازة الورثة هل هو قبل موت الموصي– أي وقت الوصية - أم بعده؟ على قولين

القول الأوّل:

  إن وقت الإجازة المعتبر بعد الموت - أي موت الموصي – إما إجازة حال حياة الموصي فلا يعتد بها؛ لأنها قبل ثبوت الحق للموصى له، وإنّ الحق يثبت عند الموت؛ لأن  الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت ، والى ذلك ذهب جمهور الفقهاء .

القول الثاني

  إنّها تكفي الإجازة حال حياة الموصي، ولا يشترط أن تكون بعد وفاته، وإن كان تملكه بعد موت الموصي، وإلى ذلك ذهب الظاهرية.

ثالثاُ: شروط المجيز

اشترط جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة والامامية والمالكية شروط معينة في الوارث المجيز لكي يكون اهلا للاجازة وهي :

 أن يكون عالماً بما أوصى به، أمّا إذا أجاز الورثة دون علمهم بما أوصى به  الموصي فلا تصح الإجازة .وأن يكون من أهل التبرع؛ بأن يكون بالغاً، وكامل الاهلية وعاقلاً، غير محجور عليه؛ لسفه أو غفلة، ولا يكون في حكم المحجور عليه، وهو المريض مرض الموت . ويجب أن يكون وارثاً– بعد موت الموصي– وأمّا إذا كان غير وارث فلا تصح إجازته فيما زاد على الثلث. وذهب المالكية الى ان الاجازة هي عبارة عن هبة او عطية ابتداءً من الورثة الى الموصى له وليس تنفيذ للوصية الصادرة من الموصي  (10).

الفرع الثاني

 الوصية بأكثر من الثلث مع الوارث

  لقد اختلف الفقه كذلك فيما لو كان للموصي وارث أم لم يكن ، وتأثير ذلك – أي وجود الوارث – على الوصية ، وسوف نتناول اولا حكم الوصية بأكثر من الثلث إذا كان للموصي وارث, وثانياً حكم الوصية بأكثر من الثلث إذا لم يكن للموصي وارث, مبينة الاختلافات الفقهية بهذا الصدد , وكما يلي:

اولاً: حكم الوصية بأكثر من الثلث إذا كان للموصي وارث

اختلف الفقهاء حول جواز الوصية بأكثر من الثلث إذا كان للموصي وارث على قولين:

القول الأوّل:   الامامية

  إنّ الوصيّة بما زاد على الثلث تكون موقوفة على إجازة الورثة، فإن أجازوها جميعاً نفذت، وإن لم يجيزوها جميعاً بطلت في القدر الزائد، وإن أجازها البعض نفذت في حصة المجيز وبطلت في حقّ من لم يجز (11) . وإلى هذا ذهب الحنفية والشافعية والمالكية.

استدل الفقهاء: على أنّ الوصية بما زاد على الثلث جائزة إذا كان للموصي وارث، وأجازها بالآتي: عن سعد بن أبي وقاص قال: جاء النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال: ( يرحم الله ابن عفراء) قلت: يا رسول الله، أوصي بمالي كلّه؟ قال: (لا)، قلت: فالشطر؟ قال: (لا)، قلت: الثلث؟ قال: ( فالثلث والثلث كثير، إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون النّاس ) وجه الاستدلال: أنّ المنع من الزيادة هو لأجل الورثة، فإن أجازوها جازت.

القول الثاني : إنّ الوصية بما زاد على الثلث باطلة مطلقاً، سواء أجاز الورثة القدر الزائد على الثلث ، أم لم يجيزوا، وإلى هذا القول ذهب: أبو يوسف والظاهرية وبعض الحنابلة وبعض الشافعية وبعض المالكية .

أدلة القول الثاني: استدل الفقهاء بأنّ الوصية بالزائد على الثلث باطلة مطلقة، سواء أجازها الورثة أم لم يجيزوها(12). ولو اوصى شخص بشيء واحد لاثنين , وهو يزيد عن الثلث , ولم يجيز الورثة كان لهما ما يحتمله الثلث (13).

وما ورد عن سعد بن أبي وقاص قال: جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم يعودني وأنا بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال: (يرحم الله ابن عفراء) قلت : يا رسول الله، أوصي بمالي كلّه؟ قال: (لا)، قلت: الثلث؟ قال فالثلث والثلث كثير، إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون النّاس:

حجتهم : أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نهى سعداً أن يتصدّق بالزيادة على الثلث.

ثانياً: حكم الوصية بأكثر من الثلث إذا لم يكن للموصي وارث

 اختلف الفقهاء في الوصية بالزائد على الثلث مع عدم وجود الوارث للموصي على قولين:

القول الأوّل : إنّ الوصية بما زاد على الثلث إذا لم يكن للموصي وارث جائزة، وإلى هذا القول ذهب بعض الحنابلة وبعض المالكية و الحنفية .

  أدلّة القول الأوّل: استدل من قال بأنّ الوصية بما زاد على الثلث جائزة بما ورد عن سعد بن أبي وقاص أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال له: ( إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون النّاس):  وجه الاستدلال , لأنّ المنع من الزيادة لتعلّق حقّ الورثة، أمّا من لا وارث له فتجوز وصيته بجميع ماله .

القول الثاني: إنّ الوصية بما زاد على الثلث باطلة وإن لم يكن للموصي وارث، وإلى هذا القول ذهب الظاهرية وبعض الحنابلة والشافعية وبعض المالكية.

   أدلّة القول الثاني ما ورد عن أبي هريرة أنّ (رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم )قال: إنّ الله أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم) وجه الاستدلال) أنّ الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ما أجاز لنا إلاّ بالثلث فقط

وقال: أنّ رجلاً أعتق ستّة عبيد مملوكين له عند موته .

 2 - ولما ورد عن عمران بن حصين لم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فجزأهم أثلاثاً ثمّ أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرّق أربعة، وقال قولاً سديدا . وجه الاستدلال : أنّ الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لم يجز للأنصاري الزيادة على الثلث مع أنّه لم يكن له وارث.(14)

 3- لأنّ مال من لا وارث له يصير إلى بيت المال .

4- ولأنّ الحقّ للمسلمين، وذلك لأنّ المنع من الزيادة كان لأجل الورثة، فأمّا من لا وراث له فتجوز له الوصية بجميع ماله ،أو يتصدق بأكثر ماله للفقراء والمساكين، لأنهم أحق بالمال من بيت مال المسلمين، وبذلك يمكن الخروج من الخلاف، والله تعالى أعلم

 

 

الخاتمة

بعد ان تناولنا في البحث الاختلافات الفقهية في شرط ثلث الوصية التمليكية , وعلى ضوء قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ,وقد وصلنا الى ما يلي :

1-   ان تجوز الوصية بأكثر من ثلث التركة اذا اجاز الورثة هذه الزيادة .

2-   ان يكون المجيز بالغ عاقل يعلم بما يجيز .

3-    كما ويمكن ان تكون باقل من الثلث استنادا لفقه آل البيت عليهم السلام .

4-   يجب ان يكون الموصى به غير مخالف للاداب والنظام العام .

5-   ارث من لا وارث له يصار الى الدولة .

ونسأل الله السداد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والهوامش

(1)        وقد اشارت الفقرة 2 من المادة 1108 من القانون المدني العراقي المعدل على ما يلي ( تجوز الوصية للوارث وغير الوارث في ثلث التركة , ولا تنفذ الوصية فيما جاوز الثلث , الا بإجازة الورثة )

(2)        الشيخ مرتضى الانصاري , الوصايا والمواريث , الطبعة الاولى , مؤسسة الكلام , قم , ايران ,ربيع الاول 1415 هـ , ص 69 .

(3)        د. والشيخ جواد احمد البهادلي , الوسيط في الوصايا والمواريث , الطبعة الاولى ,مطبعة اهل البيت ,  النجف , العراق , 2016 م , ص47 .

(4)        السيد ابو القاسم الخوئي , منهاج الصالحين, المعاملات, الجزء الثاني , الطبعة الثامنة , مطبعة النعمان , النجف الاشرف , 1397 هـ , ص 237 , مسألة 1039 .

(5)                        الشيخ مرتضى الانصاري , المصدر السابق , ص 76 .

(6)                        السيد ابو القاسم الخوئي , المصدر السابق, ص 233 . مسألة 1019 .

(7)                        السيد الخوئي , مصدر سابق, ص 230, المسالة 1006.

(8)          السيد ابو القاسم الخوئي والسيد علي الحسيني السيستانيئ, المسائل المنتخبة , العبادات والمعاملات ,الطبعة الاولى , بيروت , دار الصفوة , 2007 ميلادية , ص 416 , مسالة 1283 .

(9)                        محمد جواد مغنية , الفقه على المذاهب الخمسة , الطبعة الرابعة ,2016 , ص485 .

(10)      أ .م. قحطان هادي عبد , حد الثلث في الوصية (دراسة مقارنة ), جامعة تكريت , مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية  , ص 240 .  

     (11)السيد ابو القاسم الخوئي , المصدر السابق , ص 230,مسألة 1004 .

(12)محمد علي محمود , رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة النجاح , سنة 2010,ص 124  .

     (13) الشيخ الانصاري , مصدر سابق , ص 79 .

      (14)الشيخ مرتضى الانصاري , مصدر سابق , ص 73

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع