القائمة الرئيسية

الصفحات

البصمة الوراثية ومدى حجيتها في أثبات النسب ونفيه ( دراسة مقارنة) للأستاذ القاضي / عبد الحسين صباح صيوان الحسون بقلم / د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

 

البصمة الوراثية ومدى حجيتها في أثبات النسب ونفيه ( دراسة مقارنة) للأستاذ القاضي / عبد الحسين صباح صيوان الحسون

بقلم / د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 


البصمة الوراثية ومدى حجيتها في أثبات النسب ونفيه ( دراسة مقارنة) للأستاذ القاضي / عبد الحسين صباح صيوان الحسون

بقلم / د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

    يسخر الانسان كل امكانياته البشرية والطبيعية والعلمية في متواصل صراع مع الزمن في سبيل الوصول الى الاكتشافات العلمية الدقيقة والعمل على تطويرها بشكل مستمر ، ليعد اكتشاف البصمة الوراثية من انجع الطرق العلمية لمعرفة هوية الاشخاص البيولوجية عبر خصائصهم الوراثية لتكون بذلك قرينة قوية للحكم في القضايا الجنائية او المدنية ، لتكون الاكتشاف الذي مثل نقطة تحول في ثورة العلوم الشرعية بل الاهم في الاوساط العلمية في القرن التاسع عشر ليكون ادق تقنيات العصر الحديث لتقدم البينة الجينية الدالة على هوية كل انسان بعينه، فالحامض النووي (D.N.A ) يقدم البينة على هوية كل أنسان بعينه فهو تركيب فريد في كل شخص لا يتكرر من شخص لأخر الا في التوائم المتطابقة محققا التميز والتفرد لكل انسان على حده، ولكون حداثة تلك التقنية كانت الدافع لاختلاف الرؤى الفقهية والتشريعية حول مشروعية الاخذ بها في الاثبات الجنائي او المدني على حد سواء بخلاف امتد للبحث بشرعية ومشروعية الاخذ بها في اثبات النسب ونفيه .

     عنوان مهم يمثل احدى أهم وسائل الاثبات المستحدثة في نطاق الاثبات القضائي بشقيه المدني والجنائي مع اختلاف الرؤى الفقهية والتشريعية ، ولأهمية الموضوع ولكون النسب رابطة سامية وصلة عظيمة وعلى جانب من الخطورة كما تفضل السيد المؤلف بالأدلاء في مقدمة مؤلفه موضحا بأن الشارع الكريم لم يدعها نهبا للعواطف والاهواء توهب لمن يشاء وتمنع عمن يشاء بل تولاها بالتشريع لتحاط بسياج منيع يحميها من الفساد والاضطراب لترسي على قواعد وأسس متينة ليكون النسب من اقوى الدعائم التي تقوم عليها الاسرة وتربط بين افرادها برباط دائم قوامه وحدة الدم لتكون بذلك نسيج الاسرة ، ولكون اثبات النسب ليس حقا منفردا للطفل وحده بل هو حق للام والاب في ذات الوقت ، فمن مقاصد الشريعة الغراء حفظ النسب وسلامته حفظا لكرامة الانسان وبناء مجتمع ينعم بالوحدة والمودة والاستقرار لتتحقق المصلحة العامة للمجتمع وحفظ كرامة الانسان التي امر جل وعلا بحفظها لقوله تعالى : (  ادعوهم لإبائهم هو أقسط عند الله) .

    ليكون اختيار موضوع البصمة الوراثية ومدى حجيتها في أثبات النسب او نفيه انطلاقا من خطورة الموضوع وأهميته ولحساسيته البالغة وتأثيره على المجتمع والعلاقات الاجتماعية كأحد الاسباب التي اوردها السيد المؤلف لاختيار ذلك الموضوع كعنوان لمؤلفه الذي عمد الى مناقشته في خطة من ثلاث مباحث خصص الاول منها والمعنون (ماهية البصمة الوراثية ) الى بيان تعريف البصمة الوراثية في مطلب اول والذي تناول من خلاله تعريف البصمة الوراثية عبر بيان المعنى اللغوي للبصمة الوراثية والذي يبن المؤلف كونه مركب وصفي يتكون من كلمتين (البصمة ) و ( الوراثية) ليتناولها بالتفصيل في بيان معناها اللغوي بتفصيل فائق الدقة والبيان بما لا يدع مجالا للغموض للمطلع والقارئ في تلقيه لكم من المصطلحات اللغوية التي تزيل اللبس والغموض عن المصطلح الوارد تعريفه، ليكون الجزء الثاني من المطلب الاول مخصص لبيان المعنى الاصطلاحي للبصمة الوراثية متناولا من خلاله بيان التفاصيل العلمية للبصمة الوراثية وما يتعلق بعملية اكتشافها وتسميتها وصفاتها اذ نجد ان المؤلف في هذا الجانب كان متجها لبيان الجانب العلمي وبشكل دقيق للبصمة الوراثية .

     ليكون الجزء الثالث من هذا المطلب قد عمد الباحث لتناول التعريف الفقهي للبصمة الوراثية والذي نجده قد مثل امتدادا للتعريف الاصطلاحي في الجزء الثاني من ذات المطلب حيث عمد المؤلف لبيان التعريف الفقهي في نطاق المصطلحات العلمية والذي يتضح عبر ايراد تعريفات عدة في هذا الجانب والتي منها (البينة الجينية) و( الصفات الوراثية) و ( النمط الوراثي) و (تحديد هوية الانسان) والتي بين المؤلف كونها متقاربة في المعنى وان تباينت عباراتها .

ليكون الجزء الرابع والاخير من المطلب الاول مخصص لبيان التعريف القانوني للبصمة الوراثية مع بيانه بانه وعلى الرغم من الاقرار في العديد من التشريعات الوطنية بالبصمة الوراثية في قوانينها الداخلية مع اقرار العمل بها في المحاكم كدليل اثبات في المجالات المدنية والقضائية الا انها لم تتعرض لتعريفها وهو ما اورد الادلة والدلائل عليه مختتما مطلبه ببعض التعاريف الواردة لهذا المفهوم .

    في حين عمد الى تناول خصائص البصمة الوراثية واهميتها في المطلب الثاني والذي نجد انه قد عمد الى تناول تلك الخصائص والمميزات في نقاط عدة ساعيا لبيان تلك الخصائص بقدر من التفصيل ليختتمه ببيان اهميتها في بيان الدور الفاعل للبصمة الوراثية في الكشف عن هوية الجناة والتعرف على ضحايا النكبات والحروب والمفقودين في العمليات العسكرية مع ذكر أهميتها في عملية الفصل في دعاوى النسب والبنوة والارث وتوزيع التركات.

    ليكون المطلب الثالث والمعنون (مراحل اكتشاف البصمة الوراثية وتطورها) مخصص لبيان تلك المراحل التي تم من خلالها اكتشاف البصمة الوراثية مع التطرق للجانب العلمي من الموضوع والذي تميز بكونه عرض شيق لتلك المراحل دون ان يفوتنا غناه بكم من المعلومات العلمية التي تغني نطاق البحث في هذا المجال من الموضوع محل البحث.

    اما المطلب الرابع فقد عمد المؤلف الى تخصيصه لتناول مصادر استخلاص البصمة الوراثية وطرق تحليلها وهو ما نجده مقاربا للمطلب السابق من حيث اصطباغه بالصبغة العلمية التي رافقت ثناياه ومن جوانب عدة عمد المؤلف لتناولها بالتفصيل الذي يراه مانحا موضوعه ميزة الحداثة في العرض والتفصيل وفقا لما يتطلبه موضوع البحث ليكون متصلا بالمطلب الخامس والاخير من المبحث الاول والذي عنون ب (شروط العمل بالبصمة الوراثية) متناولا الجانب الفني من الموضوع والالية التي يتم من خلالها اجراء عملية تحليل البصمة الوراثية في جانب اول والثاني من يقوم بتلك المهمة في جانب اخر متطرقا لشروط الخبير الذي توكل إليه تلك المهمة والاماكن الواجب اجرائها فيها والشروط الفنية لعملية التحليل ليكون ذلك ختاما للمبحث الاول من الكتاب.

    وتأسيسا على ذلك نجد ان المبحث الثاني والذي بعنوان (أثبات النسب بأستخدام البصمة الوراثية ) قد مثل المدخل للجانب القانوني من الموضوع فالمطلب الاول والذي يحمل عنوان (تعريف اثبات النسب وأسبابه) نجد السيد المؤلف قد عمد الى التمهيد لمطلبه من خلال بيان تعريف النسب لغويا وحصر أسبابه دون ان يفوته تعزيز قوله بالنصوص القانونية المؤيدة لطرحه العلمي من خلال بيان ادلة ثبوت النسب معززا ذلك بروايات السلف الصالح والقرارات القضائية وقضاء محكمة التمييز بهذا الجانب.

    في حين كان المطلب الثاني من المبحث الثاني قد خصص لتناول اثبات النسب بالبصمة الوراثية ليكون الانطلاقة التمهيدية لصلب الموضوع وفق ما نرى بما انضوى عليه من قرارات قضائية تتعلق بصلب الموضوع والتي نجدها الاقرب لبيانه وتفصيله على الوجه الاكمل دون ان يفوته طرح الآراء الفقهية ذات الصلة بموضوع البحث .

    ومن هذا المنطلق كان المطلب الثالث مخصصا لبيان الطريق الشرعي لنفي النسب والذي نجد ان المؤلف قد استهله لبيان الجانب الشرعي من الموضوع في هذه النقطة وبالتفصيل الوافي ليون ختام المطلب ايضاحه في التشريعات الحديثة وفقا للآراء العلمية ذات الصلة ختاما لمطلبه، الذي تبعه بمطلب رابع حمل عنوان (نفي النسب بأستخدام البصمة الوراثية ) والذي نجده يمثل جانبا من عنوان الكتاب وان كان الاصح نصف العنوان مستعرضا احكام الشريعة الاسلامية بهذا الجانب معززا قوله بالأدلة العلمية ليكون مزيجا فريدا مع ما اورده من قرارات قضائية تعزز قوله بهذا النطاق دون ان يفوته تناول موقف التشريعات المقارنة من ذلك الامر والتي لحظ حداثة معظمها والمرتبط بحداثة الموضوع بشكل رئيسي .

    ومن زاوية اخرى كان ختام المبحث في مطلبه الخامس تناول منزلة البصمة الوراثية بين ادلة النسب الشرعية بأن يوازن بينها وبين باقي الادلة من حيث القيمة الشرعية للبصمة بين باقي الادلة الواردة في كتاب الله وسنة رسوله (ص) والمذاهب الاسلامية على قدر من التفصيل وهو ما أختتم به هذا المبحث.

وبطبيعة الحال خصص المبحث الثالث والاخير لعرض جملة من التطبيقات العلمية والعملية للبصمة الوراثية والتي أضفت على الموضوع جودة في العرض والتفصيل عبر ما تم عرضه من قرارات قضائية مثلت اغناء للموضوع في كافة جوانبه كل ذلك في مطلب اول ، ومن زاوية اخرى فقد خصص المطلب الثاني لبيان مشروعية البصمة الوراثية في اثبات النسب ونفيه في الفقه الاسلامي مستعرضا عبره الضوابط العلمية والشرعية لاعتمادها والعمل بها مع استعراض الآراء الفقهية ذات الصلة للمذاهب الاسلامية مستعرضا الرؤية الفقهية المعتمدة في كل منها والتي تتصل بهذا الموضع من البحث دون ان يفوته ان يورد الادلة الشرعية على ذلك من الكتاب والسنة .

    وتماشيا مع ما تم ذكره فقد عمد الى تخصيص المطلب الثالث الى تناول (اثبات النسب ونفيه بالبصمة الوراثية في القانون الوضعي) بعد ان افحم الموضوع بحثا في الجانب الشرعي والفقهي كان هذا الموضع من مؤلفه مخصصا لتناول الجانب القانوني منه مستعرضا موقف التشريعات العربية من البصمة الوراثية ومن ثم موقف المشرع العراقي بذلك الجانب والذي نجده متصلا مع المطلبين اللاحقين والمتعلقين بموقف القضاء من اثبات النسب ونفيه بأستخدام البصمة الوراثية ومدى حجيتها ومصداقيتها في اثبات النسب ونفيه والتي اورد من خلالهما جملة من التطبيقات القضائية ذات الصلة في الولايات المتحدة الامريكية وأوربا والدول العربية ومن ثم العراق والذي تدرج نجد ان  المؤلف كان موفقا في اعتمادها ، بخاتمة ونتائج كان الاستاذ المؤلف موفقا في العرض والبيان والتحليل حيث يجد القارئ متعة في تتبع الموضوع للوقوف على اولياته وصولا الى المراد منه دون ان يفوتنا التطرق لأهمية الموضوع من جوانب عدة ولا سيما انه يمس جانبا مهما من جوانب الشخصية الانسانية والحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه. 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع