القائمة الرئيسية

الصفحات

"هل يتغير واقع التعليم العالي في العراق بعد جائحة كوفيد 19 ؟" "مع ملاحظات متعلقة بنشر القانون الدولي الانساني في العراق" ح: (1) د. حيدر ادهم الطائي كلية الحقوق بجامعة النهرين

 

 

"هل يتغير واقع التعليم العالي في العراق بعد جائحة كوفيد 19 ؟"

"مع ملاحظات متعلقة بنشر

 القانون الدولي الانساني في العراق" ح: (1)

 

د. حيدر ادهم الطائي

كلية الحقوق بجامعة النهرين


 

 

"هل يتغير واقع التعليم العالي في العراق بعد جائحة كوفيد 19 ؟"

"مع ملاحظات متعلقة بنشر القانون الدولي الانساني في العراق" ح: (1)

 

د. حيدر ادهم الطائي كلية الحقوق بجامعة النهرين

 

 

   في مقالة متميزة للكاتب التونسي "حكيم مرزوقي" نشرت في صحيفة العرب اللندنية يوم السبت الموافق السادس من اذار 2021 وهي تحت عنوان "في الشعر الجاهلي, كتاب طه حسين الذي اربك الدارسين, التاريخ والمنطق ينصفان الرجل الذي ذهب بالفكر الحر نحو اقصاه" يقول (الجميع تسابق على شتمه والاساءة اليه قبل قرابة قرن, ليفرج مؤخرا عن الوثيقة التي برأته من تهمة الاساءة الى الدين الاسلامي ونشره كتابا يتضمن "خرافات وتكذيبا للكتب السماوية" انه طه حسين الازهري الدرعمي والسوربوني, سارق النار والمبصر الوحيد في جوقة العميان....) واتمنى صادقا ان لا اكون من خلال نشري لهذه السطور مرة اخرى "المبصر الوحيد في جوقة العميان" بل الاصح ان اقول, ولعلني اكون اكثر من ذلك "نصف المبصر في جوقة المتعامين"

   من جانب اخر اقول في الموروثات العربية الثرية بالمعاني والغنية بالحكمة المتعالية يحكى ان رجلا من البادية العربية التقى اعرابيا عند بئر ماء وسط الصحراء حيث لفحات اشعة الشمس المحرقة واللامعة على كثبان الرمال, وقد لاحظ الرجل ان حمل البعير كبير, فاستفسر من الاعرابي عن محتواه, فقال: هو كيس يحتوي على المؤونة "ما يعيش عليه الانسان". اما الكيس المقابل فهو يضم كمية من التراب وضعت ليستقيم الوزن في كلا الجانبين !!! فقال الرجل: لم لا تستغني عن كيس التراب وتنصف كيس المؤونة في الجهتين؟ فتكون قد خففت الحمل على البعير, واعنته عليه. فقال الاعرابي: صدقت. واخذ بما اشار اليه الرجل. ثم عاد ليساله مرة اخرى: هل انت شيخ قبيلة ام رجل دين؟ فاجاب الرجل: لا هذا ولا ذاك, لكنني رجل من عامة الناس. عندها قال الاعرابي: قبحك الله, لا هذا ولا ذاك, ثم تشير علي بالنصيحة. وقام باعادة حمولة البعير كما كانت.

   ما اريد ان اقوله ان الناس لا تهمهم اهمية الفكرة حتى لو كانت ذات قيمة بقدر ما تستهويهم الالقاب واوصاف الاشخاص الذين قد يعبرون عن افكار معينة وان كانت لا تستحوذ على شيئ من الصحة, والخليفة الراشدي الرابع الامام علي بن ابي طالب, وهو امام المتقين يقول في معنى يتعارض جملة وتفصيلا مع هذا السلوك الغريب للبشر, وهو امام النزعة العقلية حيث المعايير الموضوعية في ابهى صورها: "لا تعرف الحق بالرجال, ولكن اعرف الرجال بالحق" وقد شهدت المنطقة العربية في السنوات الاخيرة شكلا من الصراعات المسلحة غير المالوفة في حدتها واثارها السلبية على حياة الانسان والبيئة التي تشكل جانبا جوهريا من ثقافته المتميزة عن ثقافات العالم بطابعها الخاص والممتد الى اعماق التاريخ الضارب في القدم, ورغم ثراء البعد الانساني للموروث العربي في الميدان المذكور الا ان الملاحظ سعة الانتهاكات التي تعرض لها الانسان العربي على وجه التحديد جراء النزاعات المسلحة الاخيرة سواء في العراق او ليبيا او سوريا او اليمن....الخ بحيث اهلكت الزرع والضرع كما يقال في الماثورات التي يؤمن بها ابناء هذه البقعة من الارض في العالم, واذا كانت النتائج الماساوية التي نجمت عن النزاعات المسلحة المذكورة قد شكلت نهجا انتهكت من خلاله القواعد الانسانية نتيجة التفسير المنحرف, والتوظيف الخاطئ لجوانب من التاريخ الذي شهدته المنطقة العربية فان هناك التزام قانوني واخلاقي وديني وانساني يرتب على كافة المعنيين بالشان المذكور العمل على بث الوعي بمجموعة القواعد القانونية والاخلاقية والدينية والانسانية ذات الصلة بالتعامل مع الاعداء وقت الحرب, وما يرتبط بها, وهي قواعد عرفت في الممارسة الاسلامية كما تطرق اليها بعض كبار الفقهاء المسلمون تحت عنوان "السير" معالجين الجوانب الخاصة بهذا الموضوع من خلال تصورات متنوعة تؤكد على البعد الانساني والاخلاقي العالي الى حد كبير. واود ان اشير في هذه الصفحات التي استعيدها مجددا للتذكير بل وللتاكيد على انني سبق وان قمت بنشرها في صحيفة "المواطن" العراقية فضلا عن قيام احد المواقع الالكترونية بنشرها ايضا "موقع شبكة القانونيين العرب" وحيث انني لم الاحظ تغييرا في الواقع السيئ الذي يعاني منه العراق على وجه التحديد يتعلق بمحتوى هذه الصفحات فقد قمت بالاضافة اليها وتنقيحها ونشرها للمرة الثانية, بعد ان طرحت تحديات جائحة "كوفيد 19" مجموعة من المشاكل شملت كافة نشاطات الانسان, وعلى كافة المستويات, بما فيها قطاعي التربية والتعليم العالي !!! حيث يؤكد احد المختصين في الميدان المذكور ان الجامعات ستتغير الى حد كبير وبشكل غير مسبوق الا ان العامل الاكبر في هذا التغيير سيتمثل بالحاجة القديمة لقطاع التعليم العالي !!! والملحة الى التغيير, بما في ذلك المواضيع ذات الصلة بالقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان, وهما فرعين يتعلقان بالتعامل مع الانسان وقت الحرب ووقت السلم خاصة وان المشهد السياسي يتجه الى المزيد من عدم الاستقرار والاضطراب حتى ان "فرانسيس فوكوياما" المفكر السياسي من جامعة ستانفورد  يقول بانه "لم ير فترة سيطرت عليها هذه الدرجة من القلق فيما يتعلق بالمشهد السياسي العالمي ومستقبله اكثر من هذه التي نعيشها اليوم" فقد طرح تحدي الجائحة اسئلة في منتهى الخطورة تتعلق بكفاءة الحكومات وتصاعد التوجهات ذات الطبيعة الشعبوية اليمينية, وتهميش الكفاءات والخبرات الحقيقية, وتراجع تعددية الاطراف. بل ان الحاجة الى التغيير في ميدان دراسة القانون الدولي لحقوق الانسان على وجه الخصوص تمتد لتشمل كافة الفروع العلمية والانسانية في الجامعات العراقية. وعلى اساس ما تقدم تصبح المطالبة بضرورة وجود تصورات عميقة لمعالجة مشاكل التعليم العالي امرا ملحا بعد خروج العراق من "مؤشر المعرفة العالمي" عام 2020 وتواصل المسلسل المتعدد الحلقات لهبوط مستوى التعليم بشكل عام بحيث اصبحت الكثير من المؤسسات التعليمية بل والمؤسسات الصحية مكانا لغسيل الاموال المسروقة من قوت الفقراء العراقيين, حتى انني في مجرى هذه السطور استعير كلاما لاحد الاساتذة سبق وان نشر في احدى المجلات القانونية العربية عام 1965 - فالمطلوب واحد حيث ينطبق فحوى الكلام على قطاع التعليم عموما - اوجز فيها هذا الاستاذ تصوراته عن كيفية خلق سياسة خارجية متماسكة عندما قال: (وتحدد الدولة المنهاج السياسي الذي تسير عليه في علاقاتها الخارجية على هدي حقائق الموقف الدولي وفي حدود القوة التي تتمتع بها. واذا لم تراعي الدولة هذه الحقائق والظروف فان الدولة ستشتبك في سياسة قد لا تتفق مع حقيقة الاوضاع الدولية, وقد تتهدد مصالح حيوية لها بالضياع, او قد تضيع فعلا).  فالمطلوب وقفة حقيقية وشجاعة لاصلاح الحال بالسرعة القصوى , ويشمل الامر المذكور مؤسسات التعليم الحكومي والاهلي والله من وراء القصد.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع