القائمة الرئيسية

الصفحات

جريمة سلب وقتل - قضية من الواقع العملي

جريمة سلب وقتل

جريمة سلب وقتل - قضية من الواقع العملي


جريمة سلب وقتل
يعتاد اكثر المجرمين من التخصص في ارتكاب نوع معين من الجرائم يتقنون في وسائل ارتكابها وطرق تنفيذها بدقة ومهارة عالية ويحتاطون من اكتشاف عملياتهم الجرمية قبل وبعد تنفيذهامما يصعب على الاجهزة الامنية من اكتشافها او من منع حدوثها اوالحد من نشاطهم الجرمي , اتخذوا ارتكاب جرائمهم هذه وسيلة للحصول على الاموال والنقود او تحقيق غايات معينة من ارتكابها .

ان تكراروقوع مثل هذه الجرائم الخطيرة كالسرقة والسلب والخطف والقتل بانواعه وغيرها من الجرائم الاخرى مما يؤدي الى زعزعة الامن والاستقرار والطمانينة في المجتمع. مهما فعل المجرمون من محاولات واعمال التستر على اعمالهم الاجرامية لابد ان يتركوا اثارا مادية في مواقع وامكنة الحوادث الجرمية التي يرتكبوها يستدل منها الى معرفة بعض صفات وخصائصهم الشخصيةوغاياتهم الاجرامية اذا ما تم تشخيصها وتحديدها ومعاينتها بدقة واهتمام من قبل المحققين المختصين ذوي

التجربة والكفاءة من رجال الاجهزة الامنية والقضائية. وعلى ضؤها يمكن وضع الخطط اللازمة لمتابعة ومراقبة نشاط المجرمين بدقة في الامكنة والازمنة المحددة لها , مما تحد من نشاطهم ومن التمكن من القاء القبض عليهم ولو بعد حين ولن يفلتوا من العقاب .اذا ما تم العمل بمهنية مخلصة وبكفائة عالية .

في سبعينات من القرن الماضي وقعت جرائم سلب عديدة "في منطقة الكرادة ومناطق بغداد الجديدة ,تميز وقوعها بعد مرور عشرة ايام من وقوع جريمة سلب شخص تقع جريمة سلب اخرى لشخص اخر بنفس الاسلوب والطريقة وباماكن متفرقة من منطقة الكرادة وبغداد الجديدة وملعب الشعب وقناة الجيش. واستمرارتكاب تلك الجرائم المتماثلة في الاسلوب والوقت والغاية المقصودة منها لفترة شهور عديدة بعضها اقترنت بقتل اشخاص بطعانات بالات حادة كالسكين وكان المخبرين المجنى عليهم عموما يخبرون بوقوع عملية السلب عليهم في الطريق العام من قبل ثلاثة او اربعة اشخاص يقتادوهم بالقوة ويستعملون معهم العنف الشديد اذا ما حاولوا مقاومتهم وقد اعطوا بعض اوصافهم واعمارهم التقريبية وكان بعضهم يحضر مركز الشرطة بعد عملية سلبه بملابسه الداخلية فقط وقد انتزعت منه كافة ملابسه وكان مصابا بكدمات شديدة بسبب تعرضه للضرب والعنف الشديد .

وكانت جريمة السلب تتكرر كل عشرة ايام من بعد حدوث الجريمة السابقة في وقت ما بعد غروب الشمس وفبل منتصف الليل من دون ان تتمكن الاجهزة المختصة من اكتشافها والقبض على مرتكبيها او الحد من نشاط المجرمين .

مما اثارت انتباه واهتمام المسؤولين في قيادة شرطة بغداد والشرطة العامة ووزارة الداخلية بعد ان طالت تلك الجرائم اشخاص مسؤولين في مراكز مهمة في اجهزة الدولة .وقتل اثنان منهم .واتخذت الجهات الامنية ومديرية الشرطة في المنطقة خطة خاصة ومدروسة على اساس المعلومات التي وردت من المخبرين المسلوبين المجنى عليهم وعلى اساس المعلومات المتوفرة لديهم عن اساليب وطرق واماكن ووقت ارتكاب المجرمين جرائمهم .

ونصبت الكمائن في مناطق محددة واطلقت الدوريات والمفارز المهيئة من عناصر نشطة وكفؤة في مناطق محتمل وقوع الجريمة فيها وكان التنسيق والتعاون بين جهاز مكافحة الاجرام وبين الشرطة المحلية قائم بصورة جيدة ومستمرة . ورغم كل هذه الاحتياطات والاجراءات الامنية المشددة وقعت جريمتي سلب لاشخاص في المنطقة نفسها مما اتضح ان المجرمين كانوا على حذر شديد من تجنب مراقبة اجهزة الشرطة لهم ولم يتركوا اي اثر يدل على مكان ايوائهم وتواجدهم سوى

المعلومات المتوفرة لدى مراكز الشرطة من اقوال المخبرين واثار وقوع جرائم القتل .في المنطقة .وعلى ضؤ ذلك اتخذت اجراءات جديدة ومكثفة ومتنوعة بالمراقبة .ومن تلك الاجراءات تم احضار كافة الذين يتم القبض عليهم للاشباه بهم في ما بعد الغروب خاصة "في مقر مديرية شرطة الكرادة و في صباح اليوم التالي يتم مواجهتهم واستجوابهم من قبل لجنة تحقيقية مختصة وكان يتم فرزالعناصر التي يقع عليها الاشتباه والذين تتوفر فيهم بعض الملامح والاوصاف الشخصية المناسبة لطبيعة ارتكاب مثل نلك الجرائم ويتم توقيف بعض ممن يشتبه بهم لفترة مناسبة من قبل قاضي تحقيق المنطقة المختص لاكمال التحقيقات اللازمة معهم لمدة مناسبة  ويتم اطلاق سراح من لم يثبت وجود ما يستوجب توقيفه فيما يتعلق بموضوع التحقيقات دون تاخير ,

 وكان الهدف الاساسي من ذلك هو عدم اثارة الخوف والفزع بين الناس في المنطقة والمحافظة على الهدوء والسكينة فيها وشعور المواطنين بوجود نشاط امني فاعل في المنطقة يهدف الى حمايتهم اولا وقبل كل شئ .

وفي احد الايام واثناء مواجهة المعتقلين تم فرز اثنين منهم لحصول الاشتباه بهما على وجه شيه اليقين وعلى ضوء اسباب وجودهم ضمن منطقة قرب ملعب الشعب التي تم القبض عليهما فيها وفي وقت متاخر من الليل وهم من سكنة منطقة العطيفية ولم تقتنع اللجنة بحججهم وادعاءاتهم .وبناءا على ذلك .تم توقيفهما لمدة اسبوع من قبل قاضي تحقيق المنطقة بناءا على طلب المحقق المختص ضابط شرطة العلوية .لاكمال التحقيقات اللازمة معهما "وكانت اعمارهم بحدودالسادسةعشروالسابعةعشرسنة".

وبعداستجوابالمتهمين ومناقشتهما علىضوء تلك الحقائق والادلة المادية المستنبطة من وقائع واساليب ارتكابهم الجرائم مما ولد ضغطا نفسيا وانهيارا معنويا لديهما وخلال اربعة وعشرين ساعة اعترفا بكامل تفاصيل جرائم السلب التي ارتكبوهابالاشتراك مع اثنين اخرين معهما(الهاربين) وكان ثلاثة منها مقترنة بقتل المجنى عليهم لمقاومتهم لهم ولم يستسلموا لهم بسهولة وحسب ما ورد في اقوال المتهمين .وافادا ان ما يقارب من اربعة عشرة جريمة سلب ارنكبوها ,

 ويبدوا ان البعض من المسلوبين لم يخبروا بالحادث لاسباب شخصية وخوفا من افتضاح امرهم. كما بين المتهمين بافادتهما عن كيفية ارتكابهما جرائم السلب .كان محل الالتقاء بالاشخاص الضحايا في دور السينما في منطقة الباب الشرقي بعد غروب الشمس يجري استتراجهم بطريقتهم الخاصة بالقيام باعمال جنسية غير اخلاقية الدنيئة معهم واخذهم الى محل تواجد الشركاء الاخرين المتفق عليه مسبقا ثم يقوموا بعملية السلب بطريقتهم الوحشية الدنيئة واستعمال العنف الشديد وقتل الضحية اذا ما حول مقاومتهم " ويتركوا

البقية عراة بملابسهم الداخلية بعد اتمام جريمتهم النكراء وهكذا كانوا يرتكبون جرائمهم حتى ان تم القبض عليهم بالاشتباه بهم وبعد غروب الشمس وفي قرب السدة ومن ملعب الشعب من قبل المفرزة المنسبة للمراقبة في تلك المنطقة .

كما ورد ذلك في اعترافهم وافاداتهم التي ادلوها امام قاضي التحقيق المختص عن الجرائم التي ارتكبوها بكامل تفاصيلها واحيلت القضية مع كافة تقاريرالكشوفات غلى محل وقوع الحوادث وافادات الشهود المخبرين الى المحاكم المختصة بقضايا الاحداث لصغر اعمارالمتهمين وعدم بلوغهم سن الرشد.ارتكبوا تلك الجرائم البشعة الوحشية وبطريقةغيراخلاقية اثارت العجب والاستغراب والاسف للضحايا الذين اوقعوا انفسهم بايديهم فريسة سهلة لهولاء الاوغاد المنشحرفين الطائشين لنوازع سيئة ومهاوي دنيئة غير شريفة كانت عاقبتها مؤلمة وبشعة ومخجلة للجميع .ان هذه الاحداث منذ بدايتها وحتى نهايتها ورغم كل ماسيها ونتائجها المحزنة وطرق واساليب ارتكابها الوحشية المنظمة بدقة وحذرشديد من قبل المجرمين المنحرفين .

 ولكن لم يبق الفاعل مجهولا امام رجال الامن والمحققين المخلصين الكفؤين الذين لم يغمض لهم جفن ولم يهدئ لهم بال ألا ويفعلوا المستحيل حتى يكتشفوا حقيقة وقوع تلك الجرائم والقبض على فاعليها وبطريقة مهنية ذكية ووفق الطرق والاجراءات القانونية الاصولية وباشراف قاضي تحقيق المنطقة المختص ونائب المدعي العام ..
المحامي فاروق العجاج
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع