القائمة الرئيسية

الصفحات

الحبس التنفيذي في قانون أصول المحاكمات - 1/ لعام 2016

 الحبس التنفيذي في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016


المبادئ الجديدة في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 

في الحبس التنفيذي:

عُرِفَ الحبس الإكراهي كوسيلة يلجأ لها لحمل المدين على وفاء الالتزام المترتب بذمته، في سورية منذ العهد العثماني، حيث سمح قانون الإجراء العثماني المؤقت النافذ في سورية آنذاك، في المادتين 131 و137 منه التوسل بالحبس التنفيذي في جميع القضايا المدنية والتجارية وفي التعويض الناجم عن جرم جزائي، حتى صدر قانون أصول المحاكات السابق في العام 1953 فقلّص في المادة 460 منه الديون التي يمكن اللجوء لتحصيلها بهذه الوسيلة للتعويض الناجم عن جرم جزائي، وبعض التزامات قضايا الأحوال الشخصية.

علماً أن هناك بعض التشريعات المقارنة تسمح بالتضييق على المدين بمثل هذه الوسيلة لتحصيل بعض الديون، كالتقنين الفرنسي والتقنين المصري (د. صلاح الدين السلحدار-أصول التنفيذ المدني – ص443)

سار القانون الجديد على نهج سالفه فأبقى فئات الديون التي كان يحبس عليها إكراهياً (التعويض الناجم عن جرم جزائي – النفقة – المهر – استرجاع البائنة – تسليم الصغير).

ولكنه قام بإعادة صياغة وتبويب النص الناظم للحبس التنفيذي بحيث تكون عباراته أكثر وضوحاً مما كانت عليه في النص القديم وأخذ الرقم (المادة 439)، وذلك على النحو التالي:


((يقرر رئيس التنفيذ حبس المحكوم عليه لتامين استيفاء الحقوق الآتية دون غيرها:

أ - المبالغ والتعويضات والإلزامات المحكوم بها من المحاكم المدنية بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية إذا كانت ناجمة عن جرم جزائي.

ب - المبالغ والتعويضات والإلزامات المحكوم بها في الدعاوى الجزائية بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية باستثناء الحكم بالرد المنصوص عليه في قانون العقوبات العام.


  • 1) النفقة بأنواعها.
  • 2) المهر المعجل والمؤجل المسمى بصك الزواج أو بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية.
  • 3) استرجاع البائنة في حالة فسخ عقد الزواج والتفريق المؤقت والدائم.
  • 4) تسليم الولد إلى الشخص الذي عهد إليه بحفظه وتأمين إراءة الصغير لوليه.
د - لرئيس التنفيذ ان يقرر منع سفر المحكوم عليه إلى حين استيفاء المبالغ والتعويضات والإلزامات المحكوم بها من المحاكم المدنية والجزائية وغيرها من المحاكم بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية))


- بالنسبة لتعويض الأضرار الناجمة عن جرم جزائي:



1 – إذا كان الحكم صادراً عن محكمة مدنية:

نصًّ القانون الجديد صراحة أن التعويض الذي تحكم به المحاكم المدنية عن الأضرار المتولدة عن جرم جزائي، يمكن التضييق على المدين بالحبس لإكراهه على دفعه.

وبذلك حسم خلاف وتردد في الاجتهاد القضائي حول هذا الموضوع، وقد أشار الدكتور صلاح الدين السلحدار في مرجعه الشهير عن أصول التنفيذ إلى هذا الخلاف ونوه لحكم محكمة استئناف حلب عام 1963 الذي أجاز التضييق بالحبس التنفيذي لتعويض ضرر ناجم عن جريمة صادر عن القضاء المدني، مخالفة بذلك اجتهاد لمحكمة استئناف صادر عام 1960 (السلحدار – المرجع السابق – ص446)

ولكن يشترط لتطبيق هذا النص أن يكون حكم المحكمة المدنية مسبوقاً بحكم جزائي صادر قبله يقرر وجود المسؤولية الجزائية بحق المدين. (استئناف دمشق – ق 5 – تا 5/ 1/ 1972 – العطري – قا 1985)

كأن يكون الحكم الجزائي صادراً عن القضاء العسكري الذي لا يحكم بالتعويض المدني فيضطر الدائن للجوء للقضاء المدني لطلب التعويض عن الضرر المتولد عن ذلك الجرم من المحكمة المدنية، أو أن يكون الحكم الجزائي صدر بالإدانة بدعوى الحق العام، ولم يتخذ فيها المجني عليه صفة المدعي الشخصي ولم يطلب التعويض، فلا شيء يمنع من لجوئه للمحكمة المدنية وطلب التعويض، ففي هذه الحالة يمكن التضييق على المدين بالحبس الإكراهي لإلزامه بدفع التعويض المحكوم به من المحكمة المدنية.

أما إذا قام الدائن على سبيل المثال الذي يحمل شيكاً بدون رصيد بالتوجه مباشرة للمحكمة المدنية وطلب الحكم بالتعويض عن ارتكاب جرم شيك بدون رصيد، أو إذا طلب الدائن من المحكمة المدنية التعويض عن جرم مشمول بالعفو لم يسبق تحريك الدعوى العامة به على المدين، ففي هذه الحالات لا يتم التضييق بالحبس الإكراهي بحق المدين، لأن المحاكم المدنية تتثبت من وجود الخطأ المدني دون أن تتعدى ذلك للحكم بوجود جرم جزائي يتوجب عقوبة كالحبس أو الغرامة.


2 – الحكم بالردّ:

خالف القانون الجديد اتجاه قوياً ومرموقاً يعتبر الحكم بـ (الردّ) بمثابة تعويض عن جرم جزائي يستوجب التوسل بالحبس لإكراهه على تنفيذه، واستثناه من جملة الإلزامات التي تستوجب هذا التضييق، 

وفي الواقع كانت هذه المسألة مثار خلاف شديد بين رجال القانون فمنهم من يعتبره تعويض، ومنهم من لا يراه كذلك، فانحاز القانون الجديد لأصحاب الرأي الثاني، ولم يعتبره تعويضاً.


وسنفصل في هذه المسألة على النحو التالي:

الردّ: يعتبر من جملة الإلزامات المدنية التي يحكم بها القاضي الجزائي، (المادة 129 عقوبات) وهو إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة، (المادة 130/ 1 عقوبات) ويتوجب القانون الحكم به عفواً كلما كان ذلك ممكناً. (المادة 130/ 2 عقوبات)
ولكن الإشكالية التي يثيرها الحكم بالرد هي بالمادة 146 من قانون العقوبات التي استثنته من ضمن الإلزامات التي يمكن اللجوء للتضييق بالحبس التنفيذي بسببها إذ تقول بصراحة:

((يمكن اللجوء إلى الحبس التنفيذي وفقاً لقانون أصول المحاكمات للقضايا المدنية وذلك لتنفيذ الإلزامات المدنية باستثناء الرد ونشر الحكم))


والمادة 445/ 1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تقول:

((يمكن التوسل بالحبس الإكراهي وفقا لقانون الاجراء لإنفاذ الإلزامات المدنية المحكوم بها غير النشر ورد المال))
وما نجم عن ذلك من اختلاف في اعتباره من قبيل التعويض أم لا، 

فمن الآراء التي لا تعتبر الردّ تعويضاً يستوجب التضييق بالحبس الإكراهي نذكر:
((الرد الجزائي لا يدخل ضمن مفهوم تعويض الأضرار المتولدة عن جرم جزائي))
(استئناف حلب – ق 900 لعام 1960/ ق95 لعام 1966/ ق 27 لعام 1967 – السلحدار المرجع السابق ص447 الحاشية)
(استئناف دمشق – ق105 لعام 1970/1090 لعام 1975)


أما الآراء التي تعتبره تعويض يستوجب التضييق بالحبس نذكر منها:

الرأي الشهير لوزارة العدل في كتابها الموجه إلى المحامي العام الأول في حلب رقم 4000 تاريخ 12/ 4/ 1966 الذي المنشور ي مجموعة العطري تحت رقم قاعدة 1951، وأشار إليه الدكتور السلحدار في الصفحة 448 من مرجعه القيّم، الذي اعتبر نص النصين المذكورين في قانوني العقوبات والأصول الجزائية منسوخان بنص المادة 460/ 1 من قانون أصول المحاكمات حيث قال:

((نرى أن الردّ الذي هو إعادة الحال لما كانت عليه قبل الجرم يدخل في مفهوم تعويض الضرر المتولد عن جرم جزائي ويجوز طلب الحبس من أجل تنفيذه، فهو طريق من طرق التعويض وهو الأصل (المادة 172 مدني) ويسمى بالتعويض العيني ويحكم به ما دام المال لم يتلف أو يتعيب.....

أما ما جاء في المادة 146 عقوبات والمادة 445/ 1 أصول جزائية لجهة عدم جواز الحبس بشأن الرد فيعتبر ملغى بنص المادة 460/ 1 أصول محاكمات، بسبب صدور الأخير بصورة متأخرة عن القانونين السابقين، ولاعتبار شمول نصه بنفس شمول النصين السابقين، ولاعتبار شمول نص بنفس شمول النصين السابقين، لأن نصيّ قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية بحثا في جواز الحبس بشأن تعويض الضرر المتولد عن جرم جزائي باستثناء الردّ، في حين جاء نص المادة 460/ 1 من قانون أصول المحاكمات بصورة مطلقة دون أي استثناء، فيعتبر النص المذكور ناسخاً لنصي قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية عملاً بقاعدة إلغاء القوانين، لذلك نرى أنه يجوز اللجوء إلى الحبس التنفيذي من أجل تحصيل الردّ المقضي به كطريق من طرق تعويض الأضرار المتولدة عن جرم جزائي))

رأي الفقيه الكبير المرحوم نصرة منلا حيدر الذي أجاز إمكانية التضييق بالحبس الإكراهي عند الحكم بالردّ قائلاً:
((يمكننا القول بأن نص المادة 460/ 1 من قانون أصول المحاكمات لجهة جواز الحبس من أجل تعويض الضرر الناتج عن جرم جزائي، بما في ذلك الردّ لعدم وجود استثناء بشأنه، ولدخوله في مفهوم التعويض، يعتبر في نفس قوة نص المادتين (146 عقوبات و445/1 أصول جزائية)

لأن جميع هذه النصوص بحثت في كيفية تحصيل تعويض الضرر المتولد عن جرم جزائي فتعتبر من حيث الشمول والاستغراق في درجة واحدة، وبالنظر لتأخر نص المادة 460/1 من قانون أصول المحاكات في الصدور، يعدُّ ما جاء فيه ناسخاً لنص مادتي قانون العقوبات وقانون الأصول الجزائية))

وكنا نأمل أن يلتزم المشرع جانب الآراء التي تنادي باعتبار الردّ باعتباره من الإلزامات المدنية التي يحكم بها القضاء كتعويض أصلي عن الجرم الجزائي، يمكن التضييق بالحبس من أجل تنفيذها خلافاً لما جنح له بالقانون الجديد.

- بالنسبة للنفقة:

كان النص السابق يحبس إكراهياً من أجل دين (النفقة)، فأوضح القانون الجديد بأنها (النفقة بأنواعها) ليقطع أي تأويل بأنها تقتصر على النفقة الزوجية دون غيرها كنفقة الأولاد والأقارب.

وكنا نتمنى لو كان المشرع أكثر إيضاحاً من ذلك ونص أن الحبس يشمل النفقة المتراكمة أيضاً بالإضافة للنفقة الحالّة، إذ أن هذه المسألة أثارت إشكالاً في السابق حول جواز الحبس التنفيذي عن دين النفقة المتراكمة، دعا وزارة العدل لتوجيه كتاب بتاريخ 14/ 4/ 1962 يرى بجواز ذلك. (مجموعة العطري في الأصول – ج3 – قا 1945)

- بالنسبة للمهر:

أوضح القانون الجديد بأن المقصود بالمهر الذي يمكن التوسل بالحبس التنفيذي من أجل تحصيله هو المعجل والمؤجل المسمى بصك الزواج أو بحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية.

للبحث صلة إن شاء الله .....
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق

إرسال تعليق

اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة

التنقل السريع