القائمة الرئيسية

الصفحات

عمل الأمم المتحدة في سبعة عقود - فشل أم نجاح

عمل الأمم المتحدة في سبعة عقود - فشل أم نجاح



بقلم : أ.د حكمت شبر  - ج: 2.


. ولكنها سياسة الأنتقام والتدمير التي بقيت مطبقة بحق الشعب العراقي . وأستكملت بدخول القوات الأمريكية عام 2003 الأراضي العراقية.

وهل فكر أعضاء مجلس الأمن بتعويض عوائل الأطفال الذين ماتوا بسبب الحرمان من الغذاء وتفشي الأمراض ؟ وهل فكروا بالمآسي النفسية والأجتماعية التي حاقت بالعوائل العراقية نتيجة قصف الطائرات آلاف الأطنان من القنابل، وبدلاً عن ذلك ذهبت التعويضات إلى عوائل أخرى لا تستحقها .

7- لم ينسى العالم ما فعلته ألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية ، والتي خلفّت دماراً رهيباً في أوربا وآسيا وأفريقيا ، وقتل خلالها عشرات الملايين ولم يساور أي أنسان الشك في حقيقة عدوان الدولتين المذكورتين . ولكن ما حصل أن الولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات ومن منطلق سياسي وليس قانوني أن تخلت عن التعويضات ، نظراً لرغبة الغرب في تشجيع ألمانيا واليابان للوقوف كدولتين قويتين أمام المعسكر السوفيتي .

بل حصل العكس فأن الولايات المتحدة قدمت وفقاً لمشروع مارشال الأقتصادي لألمانيا والغرب الأوربي المليارات من المساعدات مما أدى إلى التقدم السريع للغرب والدولة الألمانية .

كان لهذا الموقف السياسي أزاء الدولتين المعنيتين في الحرب العالمية الثانية نتائج أيجابية مثمرة لا علاقة لها بالقانون الدولي وأدانته للعدوان ، فلماذا أمتنعت الولايات المتحدة عن مثل هذا الموقف أزاء العراق المدمّر من قبلها ؟ .

لم يسمح للعراق في ظل الرئيس السابق أن يعيد بناء وطنه بسبب الجزاءات الأقتصادية والحصار الرهيب الذي فرض عليه . ولم يكن هذا الموقف عادلاً ونابعاً من قواعد القانون الدولي ونصوص قرار مجلس الأمن بعد أنتهاء الأسباب الموجبة لذلك .
كان الموقف كله متأتياً من روح الأنتقام التي تلبست المنتصر ومحاولته أسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين . ولم يخف الرؤساء الأمريكان والمسؤولين الغربيين رغبتهم في أنهاء ذلك النظام . لهذا لم يسع أي منهم لبذل التعاطف مع الشعب العراقي وأنهاء معاناته بسبب التعويضات الظالمة .

ومما يثير التساؤل الآن وفي ظروفنا الحالة البائسة خصوصاً بعد سقوط النظام السابق . لماذا لا يلغى ما تبقى من التعويضات وينتهي ذلك العهد بما فيه من مآسي وظلم سببها الأمريكان لنا .

8- لقد فوضتم أمرنا بعد (التحرير) إلى صندوق النقد الدولي فلقد أعدتم لنا نفوذكم الذي أنهيناه منذ ثورة 14تموز 1958 عن طريق هذا التفويض بالسيطرة على مقدراتنا المالية ووقوف المصرف موقف المثير للمشاكل في وجه أقتصادنا . ومن هذه القضايا ، ما يتعلق بالشؤون السياسية المخلة بسيادتنا عن طريق تدخله وفرض أرادته في السياسات والتدابير الأقتصادية التي تقوم بها الحكومة العراقية . ولقد فرض المصرف علينا لأجل تنفيذ تخفيضات القروض أن ترفع أسعار الوقود على أختلاف أنواعها ، والكل يعلم بما يعانيه المواطن العراقي من بطالة وانعدام الخدمات ، فكيف وقد أصبحت بأسعار لا يمكن مجاراتها .

كما استخدم نفوذه للضغط على الحكومة للقيام بأعمال الخصخصة لمشاريع الدولة العامة ومؤسساتها بحجة تطبيق أقتصاد السوق .
كما تدخل المصرف النقد الدولي ويتدخل بفرض شروطه في سياسة الباب المفتوح امام البضائع الأجنبية التي دمرت صناعتنا وزراعتنا الوطنية خدمة للأحتكارات الأجنبية ، كما فرض المصرف ألغاء نظام الحماية للصناعة والزراعة الوطنيتين على أمل أسناد ودعم العراق للدخول في عضوية منظمة التجارة العالمية .

فما الذي تغير يا ترى في العراق ، الذي كان محروماً من حرياته ، ويعيش الآن حياةً مأساوية تفتقر إلى جميع الخدمات ، هذا ما أوصلنا إليه الأحتلال وقرارات مجلس الأمن السابقة ، وهل هنالك أفضل من مثل العقوبات الظالمة التي فرضها مجلس الأمن على العراق لتثبت فشل سياسة هذا المجلس الذي يدار من قبل الأستعمار الأمريكي .

أما الجمعية العامة للأمم المتحدة فهي المنبر العام لجميع الدول ، يجتمع فيها الأعضاء كل عام منذ الأسبوع الثالث من أيلول حتى نهاية كانون الأول ويحق لهم منافشة كافة القضايا ذات الطابع الدولي والتي ليس لها مساس بالشؤون الداخلية للدول . حيث تربو المواضيع التي تناقش في كل دورة من دوراتها الـ (150) أو تزيد وقد ناقشت الجمعية العامة مواضيع خطيرة لها مساس بمصير الشعوب وحياتها بدءاً بالدورة الأولى وحتى الوقت الحاضر .

فقد أصدرت قرارات كثيرة تدين الأستعمار وتطلب تصفيته أنطلاقاً من مبدأ تقرير المصير متوجةً عملها بأعلان ألغاء الأستعمار عام 1960م ، وقد صفي الأستعمار من الناحية الرسمية وأصبحت الغالبية العظمى من المستعمرات أعضاء في الأمم المتحدة . ولكن هل صفي جوهر الأستعمار حقاً ؟ صحيح أن الدول الأفريقية والأسيوية حصلت على الأستقلال الرسمي وأصبح لها (علم ودستور ومجلس أمة ) ، ولكن هل انفصلت عن المتربول أم أنها لازالت ترزح تحت نيران ثقل الأشكال الجديدة من الأستعمار وعلى رأسها الأستعمار الأقتصادي . فدول العالم الثالث مدينة بأكثر من (500) مليار دولار للدول الغنية واحتكاراتها . ولا تستطيع الوفاء بالتزاماتها ، بل دخلت دوامة الفوائد المركبة التي تضاعف سنوياً حجم ديونها ، وقد ازداد تخلفها عن السابق . بينما تصاعدت وتائر التطور العلمي والتكنولوجي في البلدان الغنية .

وتفتك المجاعة بملايين البشر سنوياً في البلدان الأسيوية والأفريقية – خصوصاً في بلدان الساحل الغربي من أفريقيا – في الوقت الذي تتخلف فيه الدول الغنية من الأيفاء بالتزاماتها المثبتة في الميثاق والتي تقضي بمد يد المساعدة (في استخدام الأداة في ترقية الشؤون الأقتصادية والأجتماعية للشعوب جميعاً) .

فما قيمة الأستقلال الرسمي بدون الأستقلال الأقتصادي ؟ أن الأمم الغنية مطالبة بالتخلص من انانيتها في العيش المرفه على حساب الأمم الفقيرة . وذلك بأن تتعاون من خلال الأمم المتحدة وهيأتها المختلفة بمد يد العون لإنقاذ جياع العالم من الموت والقضاء على الظواهر المتسببة في تخلف العالم الثالث كظاهرة التصحر والأنحباس الحراري وظاهرة الأعتماد على تصدير المواد الأولية البخسة الثمن والجهل والمرض . لقد صلح ما قيل من أن الشعوب الغنية زاد غناها والشعوب الفقيرة زاد فقرها منذ انشاء الأمم المتحدة حتى الوقت الحاضر .

ولم تقصّر الجمعية العامة في أتخاذ القرارات اللازمة لتعزيز حقوق الأنسان المنصوص عليها في (م 1- ف 3) ، فقد أصدرت عام 1948م أعلان حقوق الأنسان وعززته بمواثيق حقوق الأنسان عام 1968م وهي تصدر سنوياً عشرات القرارات التي تشجب عدم أحترام حقوق الأنسان في مختلف دول العالم وتشجب الفصل والتمييز العنصري في اسرائيل وتوصي بمقاطعة هذه الدول وأتخاذ الأجراءات القانونية بحقها ولكن ما مدى تطبيق مواثيق وحقوق الأنسان من قبل دول العالم ؟ علماً بأن هذه المواثيق ذات طبيعة ملزمة فقد تحولت الى معاهدات نافذة صادقت عليها أغلبية دول العالم.
يشير آخر تقرير للجنة العفو الدولية أن حقوق الأنسان تخرق في أكثر من 120 بلداً في العالم ، حيث تستخدم حكومات هذه البلدان مختلف الوسائل في التعذيب والأضطهاد والسجن والأعدام دون محاكمة . متنكرة بذلك إلى ألتزاماتها النابعة من مواثيق حقوق الأنسان، هذا في الوقت الذي تصوت فيه سنوياً إلى جانب أحترام حقوق الأنسان.

أنه لمن المستغرب أن ترتفع الأصوات باحترام حقوق الأنسان داخل الأمم المتحدة في الوقت الذي لا يتوفر فيه حق العيش لمئات الملايين من البشر أمام أزدهار تجارة الجوع التي تمارسها الدول الغنية. أن مواقف الدول الكبرى إزاء حقوق الأنسان واضحة في أنها تشجع القتل والتعذيب والتمييز العنصري ازاء الحركات الوطنية المطالبة بحقوق شعوبها، فما يحصل في اسرائيل وافغانستان والعراق وليبيا واليمن وغيرها من الدول لدليل قاطع على تنكب هذه البلدان من ألتزاماتها. فالحق فيما نراه من مصالح وأخطار أستعمارية ممهدة لها. وحقوق الأنسان تتمثل في أستمرار تدفق البترول وبقية المواد الأولية لمصانعها واستثماراتها. وحقوق الأنسان تتحول سلاح يقتل أبناء العالم الثالث.

وكرست الجمعية العامة الكثير من اجتماعاتها لبحث موضوع نزع السلاح وقد انشأت لجنة خاصة تجتمع سنوياً في جنيف أو نيويورك لهذا الغرض. وتعلم شعوب العالم حق العلم أن ألاف المليارات التي تخصص سنوياً لإنتاج آلات القتل والدمار قادرة على القضاء بشكل كامل على جميع المصائب التي تعاني منها البشرية وفي مقدمتها المرض والجهل والجوع.

إلا أن الدول سادرة في غيها تضاعف سنوياً ميزانيات التسلح. بل أنها تفتح آفاق جديدة للتسلح كالتسابق في مجال حرب النجوم وكأن الأرض ضاقت بوسائل الحرب والدمار.

صحيح أن النداءات التي توجهها الجمعية العامة مليئة بعبارات عاطفية تستدر الدموع على مصير الأنسانية المعذبة وكرامتها لكن الدول الكبرى تجاوزت سباق التسلح فيما بينها ليشمل دول العالم الثالث.

فدول الشرق الأوسط وامريكا اللاتينية والدول الأفريقية توظف ألاف الملايين سنوياً لأسلحة الدمار بدل أن تستورد التكنولوجيا لتطوير بلدانها زراعياً وصناعياً. فما الذي عملته المنظمة في هذا المجال لأيقاف سباق التسلح بشكل كامل لإنقاذ البشرية من ويلات الحرب المدمرة ؟؟.

ولا ننسى الجهود الكبيرة التي بذلتها الجمعية العامة في مجال استغلال ثروات البحار خارج حدود المياه الأقليمية للدول، فقد كرست الجمعية العامة جهودها في لجنة البحار ومن ثم في مؤتمر البحار لوضع اتفاقية دولية لأستغلال ثروات البحار لخدمة الأنسانية جمعاء. فهو ميراث عام لجميع البشر.

وبالفعل فقد تم وضع أتفاقية عامة لهذا الغرض بعد نقاشات واجتماعات سنوية مطولة لما يزيد عن خمس عشرة عاماً إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت التوقيع على هذه الأتفاقيات التي تلبي أهداف وطموحات شعوب العالم الثالث والسبب هو أن الولايات المتحدة تكاد أن تكون الوحيدة القادرة على أستغلال ثروات البحار لأمتلاكها التكنولوجيا المتطورة على أستثمار ثروات أعماق البحار. فلماذا تشارك الشعوب الأخرة بهذه الثروات، وقد عملت الأمم المتحدة جاهدة في الحفاظ على البيئة في العالم بعد أن تجاوزت الدول الكبرى الخطوط الحمر في تلويث بيئة الكرة الأرضية. وصار الأستمرار في سلوك الشركات الكبرى التي لا تلتزم بالمعايير الموقفة لتلويث الطبيعة حتى تكونت ظاهرة الأنحباس الحراري التي تهدد كوكبنا بالدمار ولحد الأن لم تقم الدول المعنية بتنفيذ مقررات مؤتمر باريس المنعقد عام 2015م، والذي وضع الأسس الضرورية لأيقاف الأنبعاثات الكاربونية وحماية كوكبنا الأرضي من الموت.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع