القائمة الرئيسية

الصفحات

السيادة في عالم متغير, بقلم:القاضي فاضل عباس الملا.

((السيادة في عالم متغير)).

السيادة في عالم متغير, بقلم:القاضي فاضل عباس الملا.
السيادة في عالم متغير, بقلم:القاضي فاضل عباس الملا.


 بقلم:القاضي فاضل عباس الملا.

من خلال القائي للمحاضرات في قسم القانون لعدد من الكليات في النجف الاشرف تعرفت بشكل شخصي على الاستاذ الجليل حكمت شبر الذي كنت اعلم بثقل وزنه العلمي والوطني قبل تلك المناسبة وقد تفضل مشكوراً بإهداء ما صدرت له من مؤلفات في مرحلة مابعد سقوط نظام صدام وبضمنها مؤلفه الذي يحصد عنوان مقالتي هذه وقد لا يعرف بعض القراء ان مؤلفه هو احد اساتذة جامعة بغداد الذي حصل على الاستاذية قبل هجرته عام 1980م, إلى أوربا ضمن من هاجر من الكوادر العلمية والوطنية والقومية رفيعة المستوى من العراقيين ليعيش الغربة كي لا تطالها يد النظام السابق بالتصفية الجسدية - حسب مصطلحهم -لما يحمله من احساس وطني صادق وفكر قانوني عميق وجرأة في محاربة الانظمة الدكتاتورية والشوفينية المعاصرة .

وبعد السقوط عاد الى مسقط رأسه مدينة النجف الاشرف وقد انيطت به حالياً عمادة معهد العلمين للدراسات العليا في النجف الاشرف.

والكتاب المذكور على صغر حجمه - (80), صفحة من القطع المتوسط - الا انه كبير في مدلولاته ومضامينه وواسع في تحليلاته.

فبعد المقدمة تناول تحديد مفهوم السيادة في ظل احكام القانون الدولي العام باعتبارها الركيزة الاساسية التي تقوم عليها الدولة والاساس الذي تستند عليها في تعاملها داخليا - في نطاق البلد - أو خارجيا مع بقية الدول والمنظمات في المجتمع الدولي بكل حرية وفي منأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي - فبحث بشكل موجز ومركز مظاهر السيادة بشقيها الداخلي والخارجي ثم عرج الى بيان مفهوم السيادة الاقتصادية والعولمة موضحا بكل شفافية ان هذه السيادة تنصب على حرية الدولة في السيطرة على مواردها وثرواتها القومية وتوجيهها توجيها مبرمجا وصحيحا لصالح شعبها.

كما انه القى الضوء على آثار ما خلفته القوى الاستعمارية في تقاسم الثروات للبلدان التي هيمنت عليها في آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية وما عمدته في فرض سياسية المحصول الواحد كي تبقى تلك البلدان خاضعة لتبعية اقتصادية وسياسية مستمرة لدول الغرب الاستعمارية ومن الامثلة التي جاء بها في كتابة ما قام به الفرنسيون من تحويل حقول تونس والمغرب والجزائر الخضراء الى زراعة صنف واحد من المحاصيل الزراعية وهو العنب كي يتم تصديره الى فرنسا - وقتذاك - لخدمة صناعة النبيذ ثم أوضح حقيقة ما آلت اليه دول العالم الثالث - المستضعفة - بعد الاستغلال من تخلف ودمار ودور الامم المتحدة في اعاده بعض ما سرق من اموالنا وثرواتنا على شكل مساعدات انسانية!

وفي مبحث (السيادة والعولمة), تطرق الى مفردات نظام العولمة المتمثل في نشوء مؤسسات جديدة انضمت الى تلك الموجودة سلفا والعاملة عبر الحدود ففي ميدان المجتمع المدني الدولي انضمت جماعات جديدة مثل حركة (اليوبيل), التي تدفع باتجاه تخفيف ديون البلدان الفقيرة الى منظمات الانسانية التي كان حضورها منذ وقت غير قصير كالصليب الاحمر ومنظمة الصحة العالمية وما حصل نتيجة العلاقات المترابطة فيما بينها الذي أخذ منحى لا يعرف الى أين يقودنا في ظل العولمة التي كما يدعون جعلت العالم قرية صغيرة وحولته الى مجتمع يكفل بعضه الآخر.

وخلص الى القول بان على الحكومة في عراقنا الجديد ان تتعامل بحذر مع المؤسسات المالية والشركات الاجنبية لتتملك وتستثمر ما تشاء في العراق وبعد ان ابدى توصياته بصفته خبيرا في هذا المجال تطرق الى موضوع السيادة وحقوق الانسان موضحا ان القانون الدولي الانساني ما وضع الا لتحقيق اهداف انسانية نبيلة كي تنعم شعوب العالم بالطمأنينة والسلام وحرية تقرير المصير وتحقيق كامل السيادة على ارضيها ثم جنح في بحثه الى ميثاق المحكمة الجنائية الدولية هذه المحكمة التي أود ان يعلم القارئ الفاضل انها انشأت بموجب النظام الخاص بها والذي تم اعتماده في مؤتمر روما للمفوضين الدبلوماسيين المعنى بأنشائها عام 1998م, والذي تستمد احاكمها من مبادئ القانون الدولي الانساني والهادفة الى محكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة ذات الطابع الدولي والتي حددتها المادة الخامسة من نظامها الاساسي بجرائم الابادة البشرية - كالمقابر الجماعية - والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان.

وقد تناول الكتاب البعد التاريخي لها للمواثيق الدولية ذات العلاقة تلميحا وانتهى الى مبحث حول السيادة ونظام الحكم الشمولي مدللا على ان هذا النظام العالق كان في سنوات القرن العشرين يتحصن بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية من قبل المجتمع الدولي ومنظماته الانسانية.. فأعمال التعذيب الجسدي والابادة والاغتصاب ومطاردة المواطنين والكوادر العلمية النظيفة وحرمانهم من ابسط حقوقهم تعتبر مثل هذه الاعمال في شرعة الحكام الشموليين من الاختصاصات الداخلية لحكوماتهم التي تمنع تدخل المجتمع الدولي ومنظماته الانسانية من التدخل فيها أو كبح جمحها متعللين باستقلالية وسيادة دولهم وضرب لذلك بعده (مثله لتلك الشعوب التي هيمنت عليها النظام الدكتاتوريه والشمولية برجل دولتها المتفرد بالسلطة أو بحكم الحزب الواحد والتي تعرضت لا بشع صور جرائم الابادة البشرية والاضطهاد مثل الشعب الروسي في ظل الحكم الشمولي لستالين والشعب اليوغسلافي ابان حكم الدكتاتور الطائفي سوفيتش وما قام به (عيدي أمين), من مجاز في أوغندا هذا العريف في الجيش البريطاني الذي تم تدريبه في اسرائيل أضحى الحاكم المطلق للبلاد (وما قام به (حسين جدي) المتسلط على الشعب التشادي الذي لا زال الشعب يعاني من آثار الابادة والحرب التي سببها له .. وأخيراً جاء بمثال لم يعده المجتمع الانساني من الجرائم البشعة التي قام بها صدام حسين بحق شعبه المظلوم والذي جسد حكمه أخس صور النظم الشمولية المعاصرة هذا الدكتاتوري الذي لم يعرف يوما منذ ان قبض على زمام الامور في العراق وعبر (35), سنة لم يعرف معنى الانسانية مشيرا إلى بعض تصرفاته الحمقاء ففي عام 1975م, وهب أيران نصف شط العرب في معاهدة الجزائر وبعد الغائها اثر زج شعبه في حرب لا مسوغ حقيقي لها مع ايران عاد بعد احتلاله الكويت فامر بالرجوع الى تلك المعاهدة في محاولة غبية لكسب ود ايران كما وهب الاردن منطقة حدودية كبيرة هي الرويشد وهبته السخية للسعودية مثل منطقة الحياد ناهيك عن حروبه العدوانية ضد الشعب العراقي وشعوب البلدان المجاورة.

وبعد فلتساؤل مع المؤلف هل من الانسانية ان يبقى العراق حتى الان تحت وطأة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة؟

ألم يتذكر أصحاب القرار في المجتمع الدولي ما حل بالشعب العراقي من الكوارث ابان حكم صدام الشمولي وهل لم تصله معلومة ان الكثير من اعلام العراق ومثقفيه واصحاب القلم فيه قد باعوا نفائس كتبهم الخاصة من اجل لقمة العيش وكاتب هذه السطور منهم, ثم اليس مثل هذه الواقعة تشكل فاجعة حضارية بالنسبة للفكر الانساني عموما ولحضارة وادي الرافدين خصوصاً؟

يحق لي القول أخيرا بان هناك حاله تفاقمت خطورتها وتتطلب تكثيف جهود المخلصين من ابناء العراق وبالأخص من هم في مركز السلطة في المعالجة السريعة للفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة وتشخيص العناصر الهدامة التي توغلت في اجهزة الدولة الحساسة وبتعاون من الاجندات الاجنبية وممن هم لا يزالون في مراكز حساسة من الكادر الوظيفي الذي لم يشملهم التطير والتي بذلت ولا زالت تبذل جهدها في ابعاد العناصر النظيفة والنزيهة والتي جبلت على احترام سيادة القانون سواء بتصفيتها جسدياً أو عدم تحديد الخدمة لمن بلغ سن التقاعد كما حصل مع كاتب هذه الاسطر نهاية عام 2007م, وغير ذلك من الاساليب.

فالساحة العراقية الراهنة تتطلب اتخاذ خطوات ايجابية جدية وعاجلة على صعيد حسم ما ورثه العراق الجديد من النظام السابق وما املاه واقع ما بعد السقوط من سلبيات غير معهودة واعطاء الاوليات للنوع لا للحكم لمن بيده القرار فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع