القائمة الرئيسية

الصفحات

علاقة مبدا المسؤولية عن الحماية بسرقة الممتلكات الثقافية وتدميرها (ج: 2) الدكتور حيدر ادهم الطائي



علاقة مبدا المسؤولية عن الحماية بسرقة الممتلكات الثقافية وتدميرها (ج: 2) الدكتور حيدر ادهم الطائي



علاقة مبدا المسؤولية عن الحماية بسرقة الممتلكات الثقافية وتدميرها
الدكتور حيدر ادهم الطائي
ثانيا: سرقة او تدمير الممتلكات الثقافية كجريمة حرب
ينظر الى مجموعة جرائم الحرب باعتبارها من اقدم الجرائم التي عرفها المجتمع الدولي, وهي تضم اشكالا متنوعة من الانتهاكات ضد الافراد او الممتلكات لقوانين واعراف الحرب التي يقوم بها احد اطراف النزاع المسلح بحق الطرف الاخر. وقد استخدمت اتفاقيات لاهاي المبرمة في الاعوام 1899 – 1907 طريقة تعداد بعض الافعال لكي تعدها جريمة حرب متجنبة ذكر تعريف "لجريمة الحرب" وبالتالي فانه تعد من جرائم الحرب استخدام الاسلحة السامة, والاستخدام الغادر لشارة العدو, وقتل او جرح من القى سلاحه من العدو, وتدمير ممتلكات العدو دون توافر ضرورة عسكرية.
اما في اتفاقيات جنيف الاربعة فقد ذكرت الافعال التي تشكل جرائم حرب في المادتين (50 – 53) من الاتفاقية الاولى, والمادتين (44 – 45) من الاتفاقية الثانية, والمادة (130) من الاتفاقية الثالثة, والمادة (147) من الاتفاقية الرابعة وتلك الجرائم هي:
(القتل العمد, التعذيب,التجارب البيولوجية, احداث الام كبيرة بصورة مقصودة, ايذاءات خطيرة ضد السلامة الجسدية والصحية, المعاملة غير الانسانية, تخريب الاموال وتملكها بصورة لا تبررها الضرورة العسكرية, والتي تنفذ على مدى واسع غير مشروع وتعسفي, اكراه شخص على الخدمة في القوات المسلحة لدولة عدوه, حرمان شخص محمي من حقه في محاكمة قانونية وحيادية وحسبما تفرضه الاتفاقيات الدولية, اقصاء الاشخاص ونقلهم من اماكن تواجدهم بصورة غير مشروعة, الاعتقال غير المشروع, اخذ الرهائن, سوء استخدام علم الصليب الاحمر او شارته والاعلام المماثلة)
اما النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد حدد المقصود بجرائم الحرب في المادة (8/2) بانها تعني الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المبرمة في 12 اب 1949, والانتهاكات الخطيرة الاخرى للقوانين والاعراف التي تطبق في المنازعات المسلحة الدولية في النطاق الثابت للقانون الدولي, والانتهاكات الجسيمة للمادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربعة المبرمة في 12 اب 1949 في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي, والانتهاكات الخطيرة الاخرى للقوانين والاعراف التي تطبق في المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي في اطار القانون الدولي القائم.
والذي يبدو من نص المادة الثامنة انها قدمت صورة مقبولة عن طبيعة جرائم الحرب ومعناها الا انها مع ذلك قد يثير تحديدها بعض الغموض عند اعتمادها كاساس لتحديد ارتكاب مثل تلك الصور من جريمة جرائم الحرب ضد سكان دولة ما او الممتلكات التابعة لهم ولبلدهم, ففي المقام الاول لا ينعقد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم الحرب الا اذا كانت ترتكب في اطار خطة تعكس سياسية عامة او في اطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم, ومهما يكن من امر فان الثابت بموجب قواعد القانون الدولي ان ما اشارت اليه المادة (8) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية يمكن ان يشكل الاساس الذي يعتمد عليه للقول بارتكاب جرائم الحرب, فاذا ثبت وقوع احدى صور جرائم الحرب, وبالشكل الذي حددته تلك المادة, اي انها ارتكبت ضمن خطة وبشكل واسع النطاق فمن الممكن ان تعد اساس حتى لامكانية تفعيل مبدا المسؤولية عن الحماية, وبمفهوم المخالفة فان اي عمل من الاعمال الواردة في المادة (8) اذا ارتكبت بشكل انفرادي منعزل لا يمكن ان تكون هدفا لتفعيل المبدا.

ثالثا:تفعيل مبدا المسؤولية عن الحماية عند سرقة او تدمير الممتلكات الثقافية
يعد مبدا المسؤولية عن الحماية الية دولية تجمع بين احترام السيادة الوطنية للدولة ومسؤولية الدول عن حماية الجماعات السكانية المعرضة للانتهاكات الفضيعة جراء عوامل متعددة, فسيادة الدول ليست مجرد رخصة او تفويض قانوني للقتل, ومن ثم فانه لا يحق لاية دولة ان تتنازل عن مسؤولية حماية شعبها من الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجريمة التطهير العرقي, وعند فشل الدولة في توفير تلك الحماية فان المجتمع الدولي يعد المسؤول عن توفيرها بعمل جماعي فعال وسريع ما لم تكن الوسائل السلمية كافية لتادية الدور المطلوب. وهناك توجهات تنادي بالتوسع في تطبيق المبدا بحيث لا يقتصر على الجرائم الاربعة المذكورة, والتي وردت بصورة حصرية في الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي.
وقد وضعت شروط متعددة لممارسة مبدا المسؤولية عن الحماية من جانب المجتمع الدولي, وهذه الشروط هي:
1.شروط ذات طبيعة مادية تتمثل بارتكاب جرائم الابادة الجماعية, وجرائم الحرب, وجريمة التطهير العرقي, والجرائم ضد الانسانية تجيز للمجتمع الدولي ان يتدخل.
2.شروط وقتية تتمثل بالفشل الواضح للدول المعنية عن ممارسة مسؤوليتها عن الحماية لمصلحة سكانها ضد الجرائم المذكورة, واستنفاذ الوسائل السلمية المتاحة كافة لحل الازمة.
3.شروط رسمية تتمثل بصدور القرار عن مجلس الامن الدولي بصورة حصرية وفقا للفصل السادس او السابع من الميثاق على ان يجري تقييم كل حالة على حدة.
وبقدر تعلق الامر بامكانية اعمال مبدا المسؤولية عن الحماية في حالة تدمير الممتلكات الثقافية او سرقتها فقد برز اتجاه يذهب الى القول ان انه في حالة وجود دولة غير قادرة او غير راغبة في حماية ممتلكاتها الثقافية فان من الاجدر ان يتحرك المجتمع الدولي للتدخل بهدف حمايتها كونها ممتلكات نفيسة لا يمكن استبدالها فضلا عن ان حماية الموروث الثقافي في اية دولة مسالة ذات اهمية لا تقل عن اهمية حماية السكان المدنيين فهي تمثل هويتهم, ووفقا للقانون الدولي العرفي والاتفاقي فان التدمير المتعمد للممتلكات الثقافية قد يشكل جريمة حرب طبقا للمادة (8/2/ه/4) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية, والتي عدت من قبيل جرائم الحرب تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للاغراض الدينية او التعليمية او الفنية او العلمية او الخيرية, والاثار التاريخية, والمستشفيات, وماكن تجمع المرضى والجرحى, شريطة ان لا تكون اهدافا عسكرية.




هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع