القائمة الرئيسية

الصفحات

تبليغ الحكم الوجاهي - بحث ودراسة قانونية

حول وجيبة تبليغ الحكم الوجاهي

تبليغ الحكم الوجاهي - بحث ودراسة قانونية
تبليغ الحكم الوجاهي - بحث ودراسة قانونية 
المحامي عارف الشعال 

بداية أشكر الزميلات والزملاء الكرام الذين تفاعلوا مع الاستقصاء الذي أجريته على صفحتي وفي بعض المجموعات القانونية عن موضوع وجوب تبليغ أو عدم تبليغ الحكم الوجاهي حتى تسري مهلة الطعن به، إذ كان لتفاعلهم أثر لا ينكر في استمزاج الرأي العام القانوني حول هذه المسألة الهامة في أصول المحاكمات.


ولا أخفي دهشتي من نسبة الآراء الكبيرة المؤيدة لاعتبار مهلة الطعن تسري من ثاني يوم صدور الحكم إذا كان وجاهياً، وكنت أعتقد أن هذا الرأي لن تكون له هذه الشعبية الكبيرة!


في الواقع ما يعزز ويدعم الرأي القائل بعدم توجب تبليغ الطرف الذي يصدر الحكم بحقه وجاهياً، أن قانون أصول المحاكمات الجديد 1 / 2016 لم يعد يشترط إرفاق صورة عن القرار المطعون به مع لائحة الطعن، وبالتالي لم يعد المحامي واقعاً تحت رحمة قسم النسخ بالمحكمة وانتظار الدور لنسخ القرار، كما أنه بإمكانه الاطلاع على مسودة القرار لحظة صدوره ومعرفة حيثياته ويدونها لديه إذا أراد الطعن بالقرار، 


ولا يمكن هنا الحديث عن تلكؤ بعض القضاة في تسليم مسودة الحكم بعد تفهيمه لديوان المحكمة لمدة قد تصل لأيام، لأن القاضي الذي يبت بالدعوى ولا يسلم المسودة فوراً يكون قد ارتكب التزوير!


ولكن

هناك عقبة كأداء تقف عثرة في وجه تبني هذا الرأي، هي رسوم الحكم، وهذه العقبة لها جانبين:

الأول: تأمين الرسم:

إذا افترضنا في دعوى شرعية صدر الحكم لصالح الزوجة بالتفريق وإلزام الزوج بدفع المؤخر الذي يبلغ عدة ملايين، وأغفل الحكم لها بالمصاغ الذهبي، وأرادت الطعن به، ويتوجب عليها دفع رسم قد يتجاوز المائة أو المائتي ألف، (ومن المعروف أن رسوم الدعوى الشرعية مرتفعة نسبياً) وهو مبلغ قد يبلغ أضعاف مرتبها الشهري، وبالتالي قد تعجز عن تأمين الرسم ضمن مهلة الطعن بالحكم، فتظلم الزوجة لهذه الناحية وحاشى للقانون أن يتسبب بظلم أحد، وقس على ذلك في القضايا المدنية ذات الرسم المرتفع.


الثاني: تعذر تقدير الرسم فوراً:

من المسلم به أنه لا يجوز الطعن بحكم قبل تسديد الرسم المنصوص عليه في قانون الرسوم القضائية، 

وهناك نسبة كبيرة من القضايا يتعذر فيها تقدير الرسم بدون إجراء مراسلات أو خبرة فنية، كالقضايا المتعلقة بالعقارات، والذهب والأحجار الكريمة كالألماس، والعملات الأجنبية، وقد يستغرق إجراء المراسلات لمعرفة قيمة العملة الأجنبية أو المعادن النفيسة كالبلاتين والذهب، أو الخبرة لتقدير قيمة الأحجار الكريمة، وقتاً يتجاوز مهلة الطعن، وبالتالي لا يجوز للقانون أن يتسبب بفوات مهلة الطعن لسبب لا يد لأطراف الدعوى فيه.

وبناء عليه لا يجوز للمشرع أن يذهب باتجاه إقرار سريان المهلة من تاريخ صدور الحكم الوجاهي قبل أن يجد حلاً للإشكالات المثارة آنفاً، وإلا سيتهم بقلة التبصر، وسيتسبب بضياع الحقوق، وهو ما يجب أن يتنزه المشرع عنه.

تاريخياً:

عرفت سورية وجيبة تبليغ الحكم حتى لو كان وجاهياً منذ أيام قانون أصول المحاكمات الحقوقية العثماني، حيث كان منصوصاً عليها في المادة 181 منه، وكانت مهلة الاستئناف واحد وستون يوماً تبدأ من تاريخ التبليغ، وعندما صدر ما يسمى وقتذاك "ذيل" لهذا القانون في 8 ربيع الثاني 1329، أبقى على هذه الوجيبة ولكن خفض مدة الاستئناف بمقتضى المادة 22 من "الذيل" المذكور وجعلها 30 يوماً تبدأ من تاريخ التبليغ.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع