القائمة الرئيسية

الصفحات

التبني في القانون العراقي . الباحث علي حليم حسن العباسي معهد العلمين للدراسات العليا.


التبني في القانون العراقي . الباحث علي حليم حسن العباسي معهد العلمين للدراسات العليا.


 التبني في القانون العراقي . 

الباحث علي حليم حسن العباسي معهد العلمين للدراسات العليا.

 تداول الإعلام في الأيام الأخيرة قصص من الواقع عن أطفال ايتام أو مجهولي النسب تُركوا لوحدهم ليواجهوا مصاعب الحياة ويختبروا تجاربها , وإذ تناولت قلمي لأكتب عن هذا الموضوع الذي نال اهتمام مختلف شرائح المجتمع ونخبه ؛ فإني ألزمت نفسي بالتقيد في إطار الجنبة القانونية للموضوع دون التطرق إلى الجوانب الأخرى تاركا ذلك لذوي الاختصاص .
 لم تأخذ التشريعات العربية ومنها العراق بنظام التبني لأسباب نعتقد إنها تتعلق بالجانب الديني ؛ اذ ان الشريعة الإسلامية تحرم التبني . إلا ان المشرع العراقي اخذ بنظام قريب من التبني يعرف بـ ( الضم ) , ويعرف اهل اللغة الضم بأنه (( ضم الشخص إلى صدره , أي عانقه بحنان وعناية , كما يقال ضم فلانا إليه : أي جعله صاحبا له , ويقال ايضا ضم الحزب إليه اعضاءا جددا : أي اضافهم إليه ) . اما في القانون العراقي فلم نجد تعريفا له.

لقد نظم المشرع العراقي الأحكام والقواعد الخاصة بالضم في قانون رعاية الاحداث رقم ( 76 ) لسنة 1983 النافذ حاليا , وافرد له الفصل الخامس من الباب الثالث من القانون المذكور .
 وبمطالعة نصوص الفصل الخامس نجد مجموعة من الأحكام والقواعد الخاصة بالضم , ويمكن الحديث عنها وفق التبويب الآتي : أولا : شروط التبني , اشترط القانون العراقي لضم طفل يتيم أو مجهول النسب جملة من الشروط وهي : ان يكون طالبا الضم عراقيان . قيام رابطة الزوجية بينهما . معروفان بحسن السيرة . عاقلان وسالمان من الامراض المعدية . قدرتهما على اعالة الصغير وتربيته . ان يتوافر فيهما حسن النية . ثانيا : إجراءات طلب الضم : نظم القانون العراقي إجراءات الضم التي يتوجب اتباعها لإصدار قرار الضم , وهي كآلاتي : ان يتقدم طالبا الضم بطلبٍ مشترك إلى محكمة الاحداث . ان يكون الطفل المراد ضمهُ يتيم الابوين أو مجهول النسب . على محكمة الاحداث التحقق من توافر شروط الضم المذكورة في أعلاه . إصدار قرار الضم بصفة تجريبية امدها ستة أشهر يجوز تمديدها إلى ستة أشهر أخرى . إرسال باحث اجتماعي إلى دار الزوجين مرة واحدة في الأقل كل شهر , وان يقدم تقريرا بذلك . إصدار قرار الضم بعد انقضاء فترة التجربة إذا وجدت ان مصلحة الصغير متحققة . ثالثا : التزامات الزوجين : فرض المشرع العراقي في المادة ( 43 ) من القانون المذكور مجموعة من الالتزامات على عاتق الزوجين يتوجب عليهما الالتزام والتقيد بهما , وهذه الالتزامات هي : الانفاق على الصغير . والمشرع هنا حدد امد الانفاق , فبالنسبة للأنثى يستمر الانفاق عليها إلى ان تتزوج أو إلى ان تعمل .
أما الذكر فيتم الانفاق عليه إلى السن الذي يكسب فيه امثاله , أما إذا كان طالب علم فيتم الانفاق عليه لحين حصوله على الشهادة الاعدادية في الأقل . أما إذا كان عاجزا عن الكسب لعلة في جسمه أو عاهة في عقله , فيتم الانفاق عليه إلى ان يكون قادرا على الكسب . الإيصاء للصغير بحصة من التركة : أوجبت المادة ( 43/ثانيا ) من القانون المذكور على الزوجين ان يوصيا بحصة من تركتهما بعد الوفاة . وقد تدخل المشرع فحدد هذه الحصة بما يساوي حصة اقل وارث , كما اشترط المشرع عدم تجاوز هذه الحصة ثلث التركة . وهنا يثار تساؤل عن مدى جواز رجوع الزوجين عن هذه الوصية ؟ الإجابة عن هذا السؤال تكون بالنفي , فالمشرع في المادة المذكورة لم يجز للزوجين الرجوع عن هذه الوصية . رابعا : ديانة الصغير مجهول النسب وديانته لم يفت على المشرع العراقي ايراد حكم خاص بديانة وجنسية الصغير مجهول النسب . فجاء نص المادة ( 45 ) من القانون المذكور ليبين الحكم الفصل في هذا الموضوع .
 فديانة الصغير مجهول النسب هي الاسلام . أما عن جنسيته فهي العراقية . مع ضرورة الإشارة إلى ان المشرع لم يجعل من هذه القرينة قطعية , أي انه ترك الباب مفتوحا لإثبات خلاف ذلك , فقد يقر شخصا ما بنسب الصغير وبالتالي يتم تحديد جنسية الصغير وديانته وفق تلك المستجدات .
هذه أهم وابرز الأحكام والقواعد المتعلقة بضم الصغير يتيم الابوين أو مجهول النسب في القانون العراقي , بقي علينا ان نشير إلى مسالة في غاية الاهمية وهي ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد أعلنت في تشرين الأول من عام 2016 أعلنت عن شروط تبني الاطفال كريمي النسب , وبصدد هذه الشروط التي اعلنتها الوزارة وعند وزنها بميزان المشروعية نجد إن بعضها قد جاء مخالفا لأحكام قانون رعاية الاحداث , ووجه المخالفة يتجلى في كون هذه الشروط اصدرتها الوزارة في حين ان القانون هو الاسمى وهو الواجب التطبيق , وان ما يصدر عن الوزارة من تعليمات وأنظمة يجب ان يكون تسهيلا لتنفيذ القانون لا مخالفا له . كما ان بعض الشروط لا أساس لها في القانون , فشرط عدم قدرة الانجاب الثابت بتقرير طبي لم ينص عليه القانون , وحرمان الزوجين من السفر خارج العراق خلال فترة نفاذ قرار الضم التجريبي المذكور أعلاه هو قرار أو إجراء غير مشروع لأنه فاقد لسنده القانوني . وفي الختام نوجه دعوة إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى العمل على تشجيع وتفعيل نظام الضم لكونه نظاما اجتماعيا يؤدي إلى نتائج ايجابية بالنسبة للأطفال والمجتمع ككل , كذلك دعوتها إلى مزيد من الاهتمام بالطفولة ورعايتها وحمايتها وتأهيل وتطوير دور رعاية الايتام التابعة للوزارة .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع