القائمة الرئيسية

الصفحات

المشردون في العراق الدكتور حيدر ادهم الطائي



المشردون في العراق الدكتور حيدر ادهم الطائي


المشردون في العراق
 الدكتور حيدر ادهم الطائي
                       
    تحفل كتب الأدب في مختلف دول العالم بالاشارة الى حالة التشرد ووصف أوضاع المشردين في المجتمعات المختلفة والمتنوعة في قناعاتها وتوجهاتها بل ان هناك إشارات ذات مغزى للفيلسوف الإغريقي ديوجين الذي كان يعيش في برميل وسط الغابة يحمل فيها فانوسا والشمس ساطعة مخترقة كبد السماء بحثا عن إنسان فإذا كان الحال على ما ذكرنا, وهذا أمر متصور حيث يعكس الأدباء واقع حال هذه الفئة التي غالبا ما تكون محط سخرية الأطفال في شوارع المجتمعات الفقيرة فان الحالة ذاتها تبدو غريبة للغاية وغير مبررة بكل المعايير في مجتمعات غنية ومنها المجتمع العراقي الذي أدى هدر المال العام فيه الى عدم معالجة مشاكل الناس وربما كان عدد مؤسسات المجتمع المدني التي تدعي عنايتها بهذه الشريحة يفوق عدد الذين ينضوون تحت مظلتها إن كانت هناك مظلة تقيهم البؤس الذين هم فيه ولا حلول تلوح في الأفق, ومن يدعي خلاف ذلك نقول له ان واقع الحال يكذب ما تدعي, ومن الغريب حقا انك يا أخي المواطن العراقي لا تكاد تستثني حيا عراقيا أو منطقة بغدادية من الوجود المؤذي للكرامة الإنسانية بل وللذوق العام عندما تشاهد هؤلاء المساكين وهم يطوفون الشوارع حفاة عراة في مناطق بغداد الفقيرة والغنية  أو لنقل في المناطق القديمة والحديثة من عاصمة الخلفاء الذين يخاطبون الغمام فأية سخرية هذه بل واية مهزلة!!! ورغم وجود التزام قانوني واضح وصريح يحتم على منتسبي وزارة الداخلية ومؤسسات الدولة العراقية العتيدة ذات العلاقة بمعالجة وجود مثل هذه الحالات بالتعاون مع مؤسسات حكومية أخرى فان الحل يبقى مفقودا الامر الذي يعكس حجم التقصير والاهمال المتعمد في الاداء الحكومي والرقابي, فكل ما يهم الممسكين بالسلطة في العراق امتيازاتهم فهم في واد والناس في واد اخر, وهذه نتيجة منطقية طالما بقي هؤلاء يتقاضون الملايين من الخزينة العراقية او القصعة العراقية الممدودة للكافة, لكل من هب ودب, واسرهم واقاربهم واعوانهم يعيشون خارج العراق,حاملين لجنسيات اجنبية وعربية, فالامر سواء.
    فعلى سبيل المثال لا الحصر اقول كنت اذهب بين فترة وأخرى لشارع المتنبي حيث حي الميدان, وما تبقى من سوق بيع الكتب, وهو مكان بغدادي تراثي قديم تفوح منه رائحة الماضي وعطر العباسيين بما لهم وما عليهم, وفيه شاهدت مشردا بنصف سروال من سراويل الشرطة العراقية في عهدها الملكي ولن أقول انه كان يتيه في مشيته أشعث الشعر حافي القدمين وسط ابرز من يدعي الثقافة في العراق واقسم بالله أنني لست منهم بل لقد شاهدت سيدة على ما أظن بملابس رثة لم يمس الماء جسدها المتسخ بأتربة الشوارع ربما منذ شهور في ساحة النسور حيث تمر مركبات أصحاب السلطة وتجدون المشهد ذاته يتكرر منذ سنين في مناطق بغداد الأخرى كالباب الشرقي ومنطقة النهضة وشارع الرشيد الذي فقد بريقه في العراق الفيدرالي الديمقراطي التعددي!!!.... الخ فأين الجهات "المسئولة" وهي غير مسؤولة على ما يبدو, التي اعتقد وأنا على يقين أنهم يعلمون ولا يفعلون شيئا لمعالجة حال هؤلاء البؤساء في عراق المليارات المبددة, وان فعلوا فهو واجبهم الأخلاقي والديني قبل أن يكون واجبهم القانوني, فوزارة الداخلية التي تسير مركبات منتسبيها في الاتجاه المعاكس, وكذلك مركبات الأجهزة الأمنية الأخرى تجوب الشوارع دون أن تؤدي دورها المطلوب في حالات عدة سوى التجاوز على كرامة الناس نتيجة ضعف ثقافة حقوق الإنسان لمنتسبي هذه الأجهزة والنزعة السلطوية المتجذرة, وهذه مسألة أخلاقية قبل أن تكون قضية قانونية, كما ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية معنية بمتابعة أوضاع هذه الفئة فضلا عن مجالس المحافظات فأين هؤلاء من تراث المسلمين وخليفتهم الذي يقر بمسؤوليته عن عنزة تعثر في ارض العراق وهو على رأس السلطة, فهل نقول لقد اسمعت لو ناديت حيا.... ؟ الاجابة التي نتصورها حتى اليوم ستكون "نعم" لقد اسمعت لو ناديت حيا  ولكن لا حياة لمن تنادي

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع