القائمة الرئيسية

الصفحات

فكرة النظام العام وشاعر الحب الدكتور حيدر ادهم الطائي




فكرة النظام العام وشاعر الحب الدكتور حيدر ادهم الطائي



فكرة النظام العام وشاعر الحب
الدكتور حيدر ادهم الطائي

    النظام العام مصطلح قانوني ذو دلالات يفهمها أهل الفقه والقضاء وغيرهم من المشتغلين في المهن القانونية أما نزار قباني فهو شاعر يعرفه الجميع من له صلة بالشعر ومن لا يمت الى الشعر بصلة, وسأجتهد في هذه السطور أن اخرج عن المألوف في التعليق على أحكام القضاء أو ما ورد فيها حتى لو كان هذا التعليق يتطرق لموضوع واحد وبصورة جزئية, وأنا متأكد إن أهل القانون لن يرحموني لخروجي عن الأصول والتقاليد والأعراف التي يعتزون بها في كتابة التعليقات على ما تفيض به قريحة أهل القضاء من أحكام فكيف نربط بين الشعر ومفاهيم قانونية يتفق كثيرون أنها تمتاز بنوع من الجفاف القاتل وأحلى ما فيها مر.
    أقول قد تبدو العلة في الموضوع فقبل سنين ردد صديق لي بعض الأبيات لشاعر الحب المعروف نزار قباني, وهي تعبر عن واقع تكميم الافواه يقول الشاعر العربي المميز:
لو أحدا يمنحني الأمان
لو استطعت أن أقابل السلطان
لقلت له يا سيدي السلطان
لقد خسرت الحرب مرتين
لأنك ابتعدت عن قضية الإنسان
فنصف شعبنا ليس له لسان
ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان
    يبدو واضحا أيها السادة ان الشاعر يتكلم عن غياب حرية التعبير عن الرأي, وهي ضمانة حقيقية من ضمانات حقوق الإنسان والحريات العامة بصرف النظر عن نوعها مدنية كانت أم سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية... الخ وحتى اخر كلمة مما خطت يدي لا اعتقد بوجود اعتراض من أي نوع على المضمون يحول دون المزاوجة بين القانون وشعر "نزار" , وعلى هدي من الأفكار المتقدمة ذهبت المحكمة الاتحادية العليا على ما ادعي في قرارها المرقم 46/اتحادية/2011 الصادر في 22/8/2011 الى القول بأن (ممارسة الحريات المنصوص عليها في المادة 38 من الدستور مقيدة بشرط عدم الإخلال بالنظام العام والآداب لذا فان المواد الواردة في قانون العقوبات 81-84 غير متعارضة مع أحكام المادة 38/أولا وثانيا من الدستور بل تكون متفقة معها) فهل كان شاعرنا المعروف يقصد بالنصف الاخر من شعبه العربي الذي ليس له لسان فكرة النظام العام إذا تبنينا مفهوما متشددا عند الأخذ بهذه الفكرة وبشكل خاص في أيام ما أصبح يطلق عليه الربيع العربي؟ وقد ولى هذا الربيع من دون ان يحقق للشعوب العربية الغاية التي خرجوا من اجلها الى الشوارع أم أن الأمور قد استقامت الان ولو كان ذلك على قدر تعلق الأمر بحرية التعبير عن الرأي التي حرصت أنظمة سياسية عربية عديدة أثناء سطوتها على تكميم الأفواه فدفعت بعد ذلك من جراء هذا التوجه والتمسك به ثمنا غاليا ؟
صفوة القول ان خير الأمور أوسطها كما يقال فحرية التعبير مصونة لكن بشرط أن تمارس بضوابط واضحة ومحددة بشكل جيد لا تخل بفحواها ولا تفقدها روحها ودورها في المجتمع وعلى الجميع أن يفهم ذلك.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع