القائمة الرئيسية

الصفحات

الخيط الرفيع بين الصحفي والسياسي الدكتور حيدر ادهم الطائي



الخيط الرفيع بين الصحفي والسياسي
الدكتور حيدر ادهم الطائي


الخيط الرفيع بين الصحفي والسياسي
د حيدر ادهم الطائي

بين عمل السياسي والصحفي خيط رفيع وربما أكثر من ذلك فكلاهما يلتصق بالاخر حتى يستمر في وظيفته وسط عالم تتلاطم فيه المشاكل الاقتصادية والسياسية هذا ما خطر على بالي قبل أيام عندما وجدت نفسي وسط كتب والدي التي تراكمت في مكتبته العتيقة فتذكرت قول الجاحظ " الكتاب هو الجليس الذي لا يطريك, والصديق الذي لا يغريك, يطيل إمتاعك, ويشحذ طباعك" فتناولت كتابا للصحفي العراقي احمد فوزي وهو تحت عنوان 12 رئيس وزراء وله حكايات مع شخصيات عراقية تبوأت منصب رئاسة الوزراء في العراق أثناء فترة حكم الملوك الهاشميين منها ما دار بينه وبين رئيس الوزراء العراقي الشهير نوري السعيد وقد أراد الصحفي شيئا يدخره لمستقبل أيامه الصحفية ولبى السياسي هذه الرغبة لكن بطريقته الخاصة وللقصة مغزى يمكن من خلالها تلمس طريقة تفكير كل واحد منهما واليكم الحكاية التي سأنقلها بطريقة تكاد تكون حرفية بل هي حرفية الى حد بعيد وكما وردت في الكتاب المذكور وهذه دعوة لاقتنائه فهو ممتع. يقول احمد فوزي (في الحفل الذي أقامته السفارة الإيرانية في بغداد , بمناسبة مؤتمر ابن سينا المنعقد في بغداد, والذي حضره عدد من الشخصيات العربية والعالمية, وبعض كبار المفكرين الإيرانيين, وذلك مساء يوم 21 اذار 1952.
كان الباشا - يقصد نوري السعيد - واقفا وسط جماعة من أنصاره ومريديه .........."اذكروا محاسن موتاكم" والمرح والحبور يطغيان على وجهه , والقهقهات تنطلق بين الحين والحين من تلك الحلقة المحيطة به, كالسوار للمعصم..!
تقدمت منه, وفتحت له دفتر الذكريات " الاوتوكراف" وقلت له:
يا باشا... إني من هواة جمع تواقيع الشخصيات البارزة...وان دفتري يفتقر الى توقيع فخامتكم...فهل تتكرمون بتسطير بعض الكلمات, وتذيلونها بتوقيعكم الكريم ؟!
أجابني- بعد أن حدجني بنظرات فاحصة, وأظنه عرفني من أسئلتي الملحاحة في مؤتمره الصحفي الأخير, وبعد أن أصبح دفتر الذكريات بين أصابعه, وفتحه متفحصا التواقيع والكلمات المسطرة فيه... قال ضاحكا:
-هاي.... شلون كدرت تجمع هذا العدد من التواقيع؟!
قلت: يا باشا....إنها هواية محببة الى نفسي, وبالتالي فهي ذخر تأريخي, تفيدني في مستقبل أيامي الصحفية...
قال: وماذا تريد أن اكتب لك...؟!
قلت: كما تشاء...
قال: لا ... هسه مو وقت كتابة... راح اوقعلك فقط... ووقع فعلا, في الركن العلوي الأيسر من الورقة ,وكتب تأريخ اليوم تحت توقيعه... وقال مازحا :
-         ما رأيك بتوقيعي. ؟!
قلت: انه واضح وصريح... ويقرأ من غير عناء أو جهد...
قال: أنا صريح في كل شيء... في توقيعي ...وفي سياستي... ولا ألف ولا أدور ...انظر, انك تستطيع أن تقرأ توقيعي بكل وضوح... أليس كذلك ..؟!
قلت: نعم... يا فخامة الباشا...
قال: ولكن لم تسألني, لماذا وقعت لك في الطرف العلوي الأيسر من الورقة. ؟!
قلت مستغربا: لقد انتبهت الى ذلك فعلا ... ولكن لماذا ...؟!
قال ضاحكا: لكي لا تكتب شيئا فوق توقيعي, وتنسبه الي, لأني لا أثق بأكثر الصحفيين, ولا سيما الشباب منهم..؟!
وضحك " الباشا" بعدها, بمليء شدقيه... وانطلقت الضحكات من الحلقة المحيطة به من جماعته ومريديه, على هذه الالتفاتة البارعة من زعيمها السعيد ...؟! "
فإذا كانت هذه هي حكاية الصحفي مع السياسي فهناك حكاية أخرى لشخص حشر انفه في موقف مشابه ربما متأثرا بهذه الحكاية عن وعي أو من دون وعي وللحكاية الأخيرة وقتها ان شاءت الاقدار.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع