القائمة الرئيسية

الصفحات

الاطار القانوني للهيئات المستقلة ومفهوم استقلالها (ج 1) بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


الاطار القانوني للهيئات المستقلة ومفهوم استقلالها (ج 1)
 بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



الاطار القانوني للهيئات المستقلة ومفهوم استقلالها 
بقلم / ايناس عبد الهادي مهدي الربيعي


    المقدمة :

استقر الفقه الدستوري على تقسيم السلطات الثلاث الى ثلاث سلطات هي التشريعية والتنفذية والقضائية ,اختصت الاولى بتشريع القوانين والثانية بتنفيذ القوانين والثالثة بتطبيق القوانين الا انه يلاحظ ان هذا الفصل ليس مطلقا يتفاوت حسب طبيعة نظام الحكم ,وقد بين دستور جمهورية  العراق لعام 2005 تلك السلطات في المادة (74)منه اذ نصت على : (تتكون السلطات الأتحادية من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس اختصاصاتها ومهامها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات ),لياتي دستور جمهورية العراق لعام 2005 لياتي بمفهوم قد يكون جديدا في القانون الدستوري في العراق ألا وهي الهيئات المستقلة اذ ورد تعبير الهيئات المستقلة في دستور جمهورية العراق لعام 2005 والتي ظهرت لاعتبارات سياسية وأخرى ادارية ليثير الوضع القانوني لتلك الهيئات مشكلة العلاقة بين السلطات الثلاث في الدولة في ظل الفصل بين السلطات ليكون موضوع استقلالها هو حجر الزاوية لأي عملية رقابة وتقييم لأداء تلك الهيئات  مع تمثيل مبدأ الاستقلالية لتلك الهيئات مفهوما اساسيا في عملها ولا يزال الجدل محتدما حول طبيعة استقلال الهيئات المستقلة هل هو مالي وأداري فقط ام استقلال تام ,وبما ان الدساتير ترسم مهام وصلاحيات كل سلطة والعلاقة بين السلطات وكيفية حل المنازعات بينها وبالتالي يفترض ان تكون جميع السلطات في الدولة خاضعة للأنظمة والقوانين ,وبما ان الحاجة الضرورة تأسيس هيئات مستقلة ليظهر مفهوم الهيئات المستقلة لتمنح الاستقلال عن السلطات الاخرى بناء على الغرض والهدف المنشأة من اجله بموجب الدستور والقانون ,لتطرح العديد من التساؤلات في هذا النطاق منها التساؤل حول الاساس القانوني لممارسة تلك الهيئات لاختصاصاتها ؟ وهل كانت تلك الهيئات موفقة في انجاز مهامها الموكلة اليها ,نائية بنفسها عن تأثير باقي السلطات ؟هل ان استقلاليتها يجعل منها سلطة رابعة الى جانب السلطات الرئيسية في الدولة ؟وهل ان استحداث هيئات جديدة لايتعارض مع عمل الهيئات الموجودة مسبقا ؟هذه التساؤلات وغيرها من التساؤلات سنحاول الاجابة عنه من خلال بحثنا اذ سنتناول مفهوم الهيئات المستقلة وأنواعها ومن ثم بيان حكمها في دستور جمهورية العراق لعام 2005 وفي القوانين العراقية والدولية لبيان مدى استقلالية تلك الهيئات بشكل يمكنها من اداء مهامها بحرية دون الخضوع لاحدى السلطات .

  المطلب الاول / مفهوم الهيئات المستقلة

      ظهر مبدأ الهيئات المستقلة وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات مع اولى تطبيقاته في فرنسا بالتطبيقات الادارية المستقلة (كما تسمى في فرنسا ) وكان ذلك في عام 1941 ثم اخذ امر انشاء تلك الهيئات بالازدياد بعد عام 1975 وكانت تلك الهيئات لا تدير مرفقا عاما بل ان نشاطها يتعلق بالمرفق العام من حيث الرقابة على السلطة التي تتولى ادارة ذلك المرفق ومتابعة نشاطها وتنظيم عملها ,ونتيجة لاستقلال تلك الهيئات عن السلطة التنفيذية فقد ثار الجدل حول طبيعة تلك الهيئات وهل هي جزء من السلطة التشريعية او القضائية او التنفيذية ام هي سلطة رابعة الى جانب تلك السلطات , دستور جمهورية العراق لعام 2005 وليثار نفس التساؤل الذي اثير نحوها في الدستور الفرنسي , ليأتي مفهوم الهيئات المستقلة ليشكل جدلا متحدما حول طبيعة  استقلال تلك الهيئات وهل هي سلطة رابعة ام انها وسيلة لخلق نوع من التوازن والتعاون بين باقي السلطات ؟ام هي وجدت لضمان حياد عمل الاجهزة التنفيذية في الدولة ولبيان ذلك وغيره من التساؤلات يقتضي الامر ان نبين تعريف تلك الهيئات ابتدأ للمضي قدما في ايضاح باقي التساؤلات وكالاتي :

 الفرع الاول / تعريف الهيئات المستقلة وتاصيلها التاريخي

تعرف الهيئات المستقلة بانها : (هيئات ينشأها قانون بحدد نظامها اذ لايجوز للسلطة التنفيذية ان تعدل هذا النظام بأرادتها المنفردة ,بمنحها الشخصية المعنوية واستقلالا حقيقيا في تصريف شؤونها الادارية والمالية )كما تعرف الهيئات المستقلة بانها : (مؤوسسات يتم انشائها بموجب القانون لتحقيق اغراض معينة عامة) "1",كما تعرف بانها :  (وحدات ادارية مستقلة تقوم باوجه نشاط فنية تتطلب قدرا كبيرا من التخصص ) او هي : (هيئات معاونة للهيئات التنفيذية وتقوم بالدراسة والبحث وابداء الرأي في نواح معينة )"2",فهي اذن هيئات وطنية تتمتع باستقلالية عضوية ووظيفية سواء عن السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية بناء على الغرض والاهداف المطلوب انجازها من قبل هذه الهيئات لتعمل على دعم الديمقراطية كما تنص على ذلك بعض الدساتير مثل دستور تونس في الفصل 125 و127 منه "3" .
ومن تتبع نشأة تلك الهيئات في  السويد منذ عام 1809 نجد ان ظهور تلك الهيئات قد اقترن بالدستور السويدي الذي استحدث نظام الامبودسمان اما في  فرنسا  فقد ظهر نظام الوسيط فنجد ان القانون الخاص بوسيط الجمهورية نص على : ( ....ان  تعيين الوسيط يكون بمرسوم لمجلس الوزراء لمدة ست سنوات ) وكذلك الحال بالنسبة لمجلس التنافس الذي يتكون من سبعة عشر عضوا يتم تعيينهم بمرسوم لمدة ست سنوات ,وكذلك الحال في الولايات المتحدة الامريكية لا يختلف عن سابقه اذ يعين اعضاء الهيئات المستقلة كلجنة التجارة الفدرالية ولجنة تكافؤ الفرص ومجلس الادخار الفدرالي من قبل الرئيس  بعد موافقة مجلس الشيوخ , اما في العصور الاسلامية فقد تمثلت بالحسبة وولاية المظالم ,امافي العراق فقد ظهرت هذه الهيئات لاعتبارات سياسية واخرى ادارية اذ تلعب البيئة السياسية دورا كبيرا في ظهور تلك الهيئات فتنامي المناخ السياسي الديمقراطي له دور كبير في انشاء تلك الهيئات المستقلة لتنامي المبادىء الديمقراطية وكذلك اتساع الوظيفة الادارية فقد استلزم انشاء هيئات مستقلة ماليا واداريا لتمارس الرقابة على مؤسسات الدولة مع اتسام تلك الهيئات بالعديد من الخصائص التي تميزها عن اجهزة الدولة الاخرى لتؤهلها لممارسة دورها الرقابي بشكل فعال  "4".
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع