القائمة الرئيسية

الصفحات

الاصلاح الاداري وعلاقته بمكافحة الفساد ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


الاصلاح الاداري وعلاقته بمكافحة الفساد
ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

الاصلاح الاداري وعلاقته بمكافحة الفساد
 ايناس عبد الهادي الربيعي
     عد الفساد افة فتاكة في كل العصور وفي مختلف الحضارات الى يومنا هذا ويرتبط وجوده بالرغبة في الحصول على الكسب بطرق غير مشروعة وتتجلى تلك الظاهرة في المؤسسات الحكومية بصورة اوضح عن غيرها فهو السبب الرئيسي للمشكلات الاقتصادية وبوجوده يتطلب الامر معالجة الاجهزة الادارية بجميع اشكالها عن طريق وضع برامج هادفة للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها ،ومما لا شك فيه تعدد اسباب الفساد ولكن لنقف عند تعريف الفساد ما هو؟
    الفساد هو ظاهرة عالمية واقليمية ومحلية ومجتمعية وانسانية وفردية يمكن رؤيته في جميع مفاصل الحياة خلفته وقائع كثيرة لذى فقد عرفته منظمة الشفافية الدولية بانه : (استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة) اما البنك الدولي فعرفه بانه: (اساءة استعمال الوظيفة العامة لاجل الكسب الخاص) اما برنامج الامم المتحدة الانمائي فقد عرفه بانه: (اساءة استعمال المنصب او السلطة للمنفعة الخاصة سواء عن طريق الرشوة او الابتزاز او النفوذ او المحسوبية او الغش او الاختلاس او تقديم الاكراميات للتعجيل بالخدمات) كما عرفته لجنة الشفافية والنزاهة في مصر بانه: (الافعال التي يقدم على ممارستها شخص او مجموعة اشخاص دون وجه حق للحصول على منافع ومزايا بطرق مخالفة للقانون والتشريعات).
    كما عرفته موسوعة العلوم الاجتماعية بانه: (التجرد عن القانون والنظام العام وعدم الالتزام بهما من اجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية للفرد او لجماعة معينة).
    اذن هو استغلال المنصب لتحقيق اهداف شخصية على حساب الصالح العام دون وجه حق وهذا هو تعريف الفساد بشكل عام اما الفساد المالي والاداري فهو انتهاك القوانين والانحراف عن اداء الواجبات الرسمية لتحقيق مكسب شخصي عن طريق الاخلال بالوظيفة واخضاع المصلحة العامة للمصلحة الشخصية.
    وللفساد اشكال متعددة منها الفساد المالي والفساد الاداري والفساد الاجتماعي والفساد القانوني والفساد السياسي ,وسنتناول الفساد الاداري لكونه ذو اثر واضح لتعدد اشكاله ,وتعارف الناس الى الانحلال فهو فاسد وهذا الفساد قد يصيب الموظف من خلال العديد من الصور ليصبح افة تنهك الجهاز الاداري وهو ما اشار اليه مكتب المفتش العام في وزارة التخطيط في دورة اقامها في عام 2012 بان محاربة الفساد مهمة وطنية وانسانية واخلاقية يتحملها الجميع لبناء الوطن ,اذ ان انتشار الفساد يؤدي لتحلل القيم الاخلاقية وانتشار السلبية بين افراد المجتمع لذى كان عاتق محاربته يقع على جميع افراد المجتمع بلا استثناء ,وبتعدد اسباب تفشيه يمكن ان تحدد تلك الاسباب ب:
   اسباب سياسية كغياب الحريات والنظام الديمقراطي ضمن مؤسسات المجتمع.
   اسباب اجتماعية كالحروب واثارها ونتائجها من عدم استقرار.
   اسباب اقتصادية كأوضاع متردية وارتفاع تكاليف المعيشة.
   اسباب ادارية وتنظيمية كالإجراءات المعقدة وغموض التشريعاتاو عدم العمل بها.
     فغياب الديمقراطية والفقر والجهل وغياب التوعية وانهيار القيم الاخلاقية كلها اسباب توفر البيئة الملائمة لانتشار ظاهرة الفساد مع وجود تشريعات وقوانين قد تكون هي من احد الاسباب المشجعة على الفساد مع انخفاض اجور العاملين في مجال الوظيفة العامة وتدني المستوى المعاشي مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة لترك تلك الظاهرة اثارها على المجتمع مرتبة لنتائج تتجلى في استغلال الموظف لنفوذه لصالحه الخاص على حساب المصلحة العامة مع سوء التنظيم الاداري والتنفيذي لتنهب اموال الدولة من قبل ذوي الاطماع لتصبح الرشوة والاختلاس من سمات النشاط الوظيفي.
    وبوجود تلك الاثار السلبية للفساد يتطلب الامر تظافر جميع الجهود وعلى جميع الاصعدة من خلال الوسائل التالية المتمثلة في استقلال كامل للقضاء والنزاهة وتعزيز الاتفاقيات الدولية بتشريعات وطنية تضعها على ارض الواقع تطبيقا ,مع رفع المستوى المعيشي ومحاسبة الفاسدين ومكافئة النزيهين والعمل على التقليل من الروتين الاداري الذي يمثل احدى الوسائل التي يستغلها الفاسدون للتنفع من خلالها مع العمل على توعيه المجتمع بكافة اطيافه على خطورة تلك الظاهرة ووسائل مكافحتها مع تفعيل الدور الرقابي في العمل الاداري وصولا للإصلاح الاداري الذي يمكن ان يعرف بانه: (تغيير مقصود في هياكل الادارة واساليبها من شانه تحسين مخرجات الجهاز الاداري خدمة للمواطن تماشيا مع الاهداف المراد تحقيقها) فهو تغيير في هيكل الادارة واساليبها احدهما او كلاهما القصد منه تحسين مخرجات الجهاز الاداري لخدمة الفرد عن عن طريق اعادة الادارة الى الاهداف التي وجدت من اجلها لتخليصها مما لحق بها من فساد عن طريق وسائل منها تطوير اساليب العمل واجراءاته مع اعادة النظر في التشكيلة الادارية والاعتماد على التقنيات الحديثة في اداء الاعمال في نطاق الوظيفة العامة, ويتحقق ذلك من خلال وجود سلطة ادارية تؤمن بأهمية الاصلاح ووجوب تنفيذه مع وجود كادر مدرب لتنفيذ هذا الاصلاح بوجود خطط محددة بحدود زمنية ليسهل انجازها ومتابعتها مع تنفيذ الخطة بنظام متابعة لما تم انجازه من خطط موضوعة.
    الا ان ما لا يخفى ان الاصلاح الاداري قد تواجهه معوقات متمثلة في القيادات الادارية غير المؤهلة وفقدان القدرة على الابداع وعدم وجود خطط للعمل عليها, او قد تكون احدى المعوقات هو ضعف الوعي بأهمية هذه الاصلاحات مع عدم كسب العقول والخبرات مع تدني مستوى الاجور لعدم توفر المخصصات المادية او عدم ملائمتها مع الجهد المبذول او عدم توفر الموارد المالة اللازمة لإدارة العملية الانتاجية مع قصور التشريعات في معالجة تلك المشاكل التي ترافق العمل الاداري والتي قد تتمثل في عدم وجود رقابة او ضعفها.
    وهو ما يعيدنا الى البحث في اهم عوامل ومصادره الاصلاح الاداري المتمثلة في الاتفاقيات الدولية والانظمة الدستورية التي تعد من اهم عوامل الاصلاح الاداري لمواجهة الفساد بكل انواعه ,ولكون الفساد مشكلة ذات اطار عالمي لا يقتصر اثرها على حيز دون اخر فتشريع قوانين رادعة للفساد هو المدخل للحد من تلك الظاهرة.
      اما على المستوى الوطني فنجد ان المشرع العراقي قد اشار في قانون انضباط موظفي الدولة رقم 4 لسنة 1991 المعدل الى العديد من المواد والنصوص الداعية للمحافظة على اموال الدولة في م/4/سادسا منه, والامتناع عن استغلال الوظيفة العامة في م/4/تاسعا منه والتي جاءت لتأكيد ما اورده المشرع في م/4/اولا من القانون اعلاه والتي تبين ان على الموظف اداء اعمال وظيفته بنفسه بأمانة وشعور بالمسؤولية  لتأتي م/5/احدى عشر التي حذرت الموظف من الاقتراض او قبول مكافأة او هدية او منفعة من المراجعين او المقاولين او المتعهدين المتعاقدين مع دائرته او كل من لهم علاقة بالموظف بسبب عمله.
     لتاتي مجموعة من الاجراءات التي تأكد جدية المشرع العراقي في الاصلاح ومحاربة الفساد منها هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين في الوزارات ولجنة النزاهة النيابية وديوان الرقابة المالية.
     ومع انضمام العراق لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 المصدقة بالقانون رقم 35لسنة 2007 يصبح العراق عضوا في تلك الاتفاقية وملزما بتنفيذ احكامها ولا سيما ان الغرض من الاتفاقية تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد من خلال تعزيز النزاهة والمسألة والادارة السليمة للممتلكات العامة وملاحقة مرتكبي الفساد الاداري بكافة اشكاله وتجميد العائدات المتأتية منه مع اجراء تقويم دوري لنشاط المؤسسات الحكومية والبرامج والتدابير ذات العلاقة بمكافحة الفساد مع منح الجهات الرقابية والقضائية الاستقلالية في اداء عملها بعيدا عن التأثيرات المعوقة لعملها.
     ومن خلال كل ما تقدم نجد ان الية مكافحة الفساد تتجلى بالعديد من الصور التي لا يصعب تحقيقها منها غرس مفهوم الرقابة الذاتية في نفس الموظفين ووضع لوائح عمل واضحة تبين المخالفات وعقوباتها مع التاكيد على تدريب العاملين في اجهزة الدولة وفق الوظائف التي يتقلدونها مع التأكيد على تغذية الاجهزة الادارية من العاملين على اساس الكفاءة وتكافؤ الفرص والسعي لتحقيق العدالة الوظيفية بين اولئك العاملين ,مع ادراج نصوص من تلك الاتفاقية (اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد) في نصوص الدستور, مع الحرص على التعريف بالقوانين والانظمة التي تكافح الفساد وتوعية الافراد بها والتنبيه على خطورة مخالفتها واثار ذلك السيئة على المجتمع بشكل عام.






هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع