القائمة الرئيسية

الصفحات

دعاوى الفساد المحامية والباحثة نهضة عبد الحسين الخفاجي ماجستير قانون خاص معهد العلمين للدراسات العليا


دعاوى الفساد
المحامية والباحثة نهضة عبد الحسين الخفاجي ماجستير قانون خاص
 معهد العلمين للدراسات العليا

دعاوى الفساد
المحامية والباحثة نهضة عبد الحسين الخفاجي ماجستير قانون خاص

      لقد انتشر الفساد في الاونة الاخيرة بشكل واسع , مما حدى بنا البحث فيه  وذلك لما يسببه من ضرر للمجتمع بشكل عام والافراد بشكل خاص, لذا لابد من ان نعرف ما هو الفساد ومن ثم نبحث في انواعه وعلى ضوء معرفة نوع الفساد يمكننا التعرف على المحكمة المختصة بنظر دعاوى الفساد والقانون الذي يمكننا تطبيقه.
   أولا تعريف الفساد
      عرفت منظمة الشفافية الفساد : بأنه استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة, ووضع البنك الدولي تعريفاً للأنشطة التي يمكن أن تندرج تحت تعريف الفساد وذلك عندما قال بأن الفساد هو "إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص"
       فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة, كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة تقديم رش للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية, كما يمكن للفساد أن يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة. (1)
     و أن الفساد أزمة أخلاقية و يعرف على أنه سلوك لا أخلاقي للموظف العام. فالفساد بشكل عام هو استخدام وضع غير قانوني (وقد يكون قانوني) لتحقيق كسب غير شرعي وغالباً ما يتسم بالسرية.
     وقد تطور مفهوم الفساد من الرشوة وجلب المنفعة غير المشروعة وإرسال الهدايا فأصبح هذا الأسلوب  من مخلفات الماضي, إلا أن الألفاظ المتداولة اليوم (كومشنات, عمولة, وتسهيلات تجارية, والنسب المئوية) وهذه الألفاظ تجارية مهنية وللأسف محترمة !! تستخدم لتشغيل عمل الشركات الكبرى.

ثانياً :انواع الفساد
1- الفساد السياسي : ويشمل فساد الزعماء والقادة والرؤساء والوزراء وممثلي الشعب ونوابه, وهو فساد التشريع والتنفيذ والقضاء, وفساد الأحزاب السياسية وقضايا التمويل, وما يتعلق بعمل النسق السياسي في الدولة. وهذا هو فساد السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية, حيث يستشري في كل مفاصل الدولة من القمم الى القواعد, ومن الصعب معالجته لانه يبدء من قمة الهرم في الدولة وينزل الى من هم دون ذلك من مدراء عامين وموظفين.
    وهذا الفساد يحتاج الى ادلة ووثائق ومستندات, وله محاكم خاصة بكل نوع منه, قد تكون محاكم ادارية او دستورية او عسكرية او محاكم الامن الداخلي او محاكم النزاهة. وذلك حسب النظام السياسي والقضائي لكل دولة, والقوانين التي تصدرها السلطة التشريعية لغرض معالجة الفساد والقضاء على المفسدين ومعاقبتهم وفقا لقانون الدولة المعمول به.
     وقد اعتبر السياسي العراقي السيد بهاء الاعرجي (رئيس لجنة النزاهة البرلمانية السابق) في احد لقاءاته ان الفساد الموجود في العراق هو (فساد سياسي)
2- الفساد الاجتماعي ويشمل :
أ- فضائح كبار مسئولي الدولة الأخلاقية : وهذا النوع من الفساد لا علاقة له بالاموال بل يختص بالأشخاص. وعلاقاتهم مع العاملين معهم من الموظفين وبالأخص النساء. وما يتعرضن له من تحرشات غير اخلاقية من اقوال او افعال, والبعض منهن ترضخ للامر الواقع مقابل بقاءها في الوظيفة سواء كانت راضية او رافضة لما يقع عليها. واليوم وبعد ان زودت معظم دوائر الدولة بالكاميرات اصبح من الصعب ان يكون  للتحرش وخاصة الجنسي مكان في محل العمل, بل اصبحت لهم دور وشقق خاصة بذلك.
  ولكن من اراد ان يشتكي من الضحايا رجال ونساء فان ابواب القضاء مفتوحة امامهم لكن بعد ان يأتي بالدليل الذي يدين الفاعل. ومعظم الضحايا تلجئ الى التهديد برفع الشكوى او السكوت مقابل منافع مادية او وظيفية.
ب- بروز شبكات تجارة البشر وبيع اعضائهم وغالبا من يتاجر هكذا نوع هم ممن يعملون في المجالات الطبية والصحية او مافيات تابعة لهم من خارج المجال الصحي. ومن يمارس هذا العمل الفاسد لا بد من ان يخضع للعقوبة الادارية المتمثلة بالفصل من الوظيفة العامة ومنعه من ممارسة ومزاولة المهنة على حسابه الخاص, ومن ثم يحال الى القضاء المتمثل بالقضاء الجزائي ابتداءا من محاكم التحقيق وانتهاءا بمحكمة الجنايات او الجنح حسب نوع الفعل, او محكمة الاحداث اذا كان الفاعل حدثا.
ج- استغلال الأطفال في الأعمال لا أخلاقية والاعتداء عليهم جنسياُ (وهذه من الكبائر من الناحية الشرعية ومحرمة) .وقد يتعرض الطفل للقتل او الوفاة بعد اغتصابه. وهذه الحالات تنتشر حسب المجتمعات. من حيث تمدنها أو جهلها, وقد انتشرت في الآونة الاخيرة هكذا نوع من الجرائم التي ينأى لها الضمير البشري والانسانية جمعاء. ولابد من ان يكون عقاب الفاعل من العقوبات الشديدة جدا ولا تقبل الصلح او التنازل حتى وان دفع الدية الفاعل لذوي المجنى عليه, وذلك للحد من هكذا جرائم. وهذا ايضا من اختصاص محاكم الجزاء المتمثلة بمحاكم التحقيق والجنايات. 
3- الفساد الإداري : ويتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية.
       ويشمل النشاطات التي تتم داخل جهاز إداري حكومي والتي تؤدي إلى انحراف ذلك الجهاز عن هدفه الرسمي, ويعرف بأنه إخلال بالمصالح والواجبات العامة.
      وهذا النوع من الفساد غالبا ما يقع تحت طائلة العقوبات الادارية المتمثلة بعقوبة الانذار او تأخير الترفيع والعلاوة او الترقية, وتكون بناء على قرار او توصية اللجان التحقيقية الادارية التي تشكل لهذا الغرض.
     وكذلك يشمل الرشوة والمحاباة والمحسوبية والاحتيال والاختلاس والاثراء على حساب الغير وغسيل الاموال والتزوير. وهذه الجرائم والافعال تكون من اختصاص محاكم التحقيق و الجنايات. او محاكم تحقيق النزاهة. والحكم فيها اولا واخيرا للقضاء.
     وقد حددت الفقرة 6/أ من المادة 21 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل الجرائم المخلة بالشرف وهي السرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الامانة والاحتيال والرشوة وهتك العرض. 
    وقد عرفت الفقرة 1من المادة 307 من قانون العقوبات العراقي النافذ الرشوة وهي طلب كل موظف او مكلف بخدمة عامة او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعد بشيء من ذلك لأداء عمل من اعمال وظيفته او الامتناع عنه او الاخلال بواجبات الوظيفة... وقد اصبح التحقيق في جرائم الرشوة في العراق من اختصاص محاكم تحقيق هيئة النزاهة.
    وكما عرفت المادة 315 من قانون العقوبات العراقي النافذ الاختلاس بأنه (كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالا او متاعا او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته)
4- الفساد المالي : ويتمثل بمجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية. ويشمل صفقات السلاح, انتشار الجريمة المنظمة, تهرب ضريبي وجمركي والتسيب المالي وهدر المال العام, (2)
      وان الفساد المستشري في العراق بمختلف مفاصل الدولة السياسية والاجتماعية والاخلاقية والمالية  تحتاج الى تشريع خاص بالفساد والمعاقبة المفسدين. وانها جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969. 
       وإن العراق قد صادق على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام  2004, وانها اتفاقية عالمية واسعة النطاق واشترك فيها اكثر من 120 دولة وممثلين عن منظمات مكافحة الفساد والشفافية والدول المختلفة. وانها لأول مرة تمثل استراتيجية شاملة خاصة لمكافحة الفساد بمختلف انواعه, وذلك بموجب القانون رقم 35 لسنة 2007. (3)
     لذا اصبحت هذه الاتفاقية ملزمة التطبيق في العراق بعد ان صادق عليها.
     لكن من خلال متابعاتنا القانونية لموضوع الفساد نجد بأنه مرض واستفحل ويحتاج الى علاجات سريعة اولها احالة  كبار المفسدين على القضاء, وايقاع العقاب بهم, والزامهم باسترجاع الاموال التي استحوذوا عليها عن طريق عمليات الفساد التي عاثت بالبلاد وكشف الذمم المالية للمفسدين. وابعاد المفسدين عن المناصب المهمة والحساسة في الدولة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمصادر
(1) د. منير الحمش , الاقتصاد السياسي – الفساد – الاصلاح – التنمية , منشورات دائرة الكتاب العرب , دمشق , 2006 ,  ص 28 .
(2) د. هاشم الشمري . د. إيثار الفتلي , الفساد الإداري والمالي وآثاره الاقتصادية والاجتماعية, دار اليازوري العلمية للطباعة والنشر , الأردن , عمان و الطبعة الأولى , 2011 , ص 20 – 25 .
 (3) المنشور في الوقائع العراقية العدد 4047 في 2007 .
(4) اتفاقية مكافحة الفساد للأمم المتحدة لسنة 2003 .
(5) قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع