القائمة الرئيسية

الصفحات

دعاوى الاستثمار وفقاً لبيانات القضاء العراقي المحامية والباحثة نهضة عبد الحسين الخفاجي معهد العلمين للدراسات العليا


دعاوى الاستثمار وفقاً لبيانات القضاء العراقي
المحامية والباحثة نهضة عبد الحسين الخفاجي 
معهد العلمين للدراسات العليا

دعاوى الاستثمار وفقاً لبيانات القضاء العراقي
المحامية والباحثة نهضة عبد الحسين الخفاجي

      خير ما نبدأ البحث في موضوع القضاء وبغية لتحقيق العدل قوله تعال: ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) (1) والحكم بالعدل هو القضاء.
  وكذلك قوله تعالى: (وإن حكمت فأحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطون)  والمقســـطون هــم العادلون. (2)
      ونليه بعهد الإمام علي ابن أبي طالب ع إلى مالك الاشتر النخعى عندما ولاه على مصر في كيفية اختيار القضاء [... ثم أختر للحكم أفضل رعيتك في نفسك, ممن لا تضيق به الأمور, ولا تمحكه الخصوم, ولا يتمادى في الزلة, ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه, ولا تشرف نفسه على طمع, ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه...](3)
      عليه فالقاضي هو الذي ينبغي أن يعرف القانون ليس بوصفه فرداً من أفراد المجتمع فحسب, وإنما بوصفه عضواً في السلطة القضائية التي أنيط بها تطبيق القانون.
     وإن مكانة القاضي  ووظيفته تتصدر أجهزة الدولة , فهو المحور الذي يدور عليه نظام الحكم. فالقضاء يعيش الواقع الاجتماعي بكل مشاكله, ومن المعلوم أن مشاكل الحياة اليومية أرحب نطاقاً من أي مدى للاحتمالات التي يتوقعها المشرع أو الفقيه, فلا بد من أن يكون التعامل القضائي مع النصوص بعيداً عن التحجر والجمود, وإن يتبع القضاء التفسير المتطور ليواكب التطورات الاجتماعية التي يعيشها البلد.(4)
       ونرى ضرورة أن يستدل  القاضي الوطني  بأحكام المحاكم الدولية والتعرف على أهم القواعد التي يتم بموجبها حل النزاعات الاستثمارية.
    ويعد القضاء الوسيلة الأهم في حسم المنازعات الاستثمارية في العراق , وذلك استناداً لاحكام قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 2015 , حيث بموجب القرارات الصادرة من المحاكم يمكن التوصل إلى اصدار أحكام ملزمة لأطراف النزاع , التي يمكن تنفيذها من أحد الأطراف ضد الطرف الثاني.
     ويحق للمستثمر الوطني والأجنبي اللجوء إلى المحاكم الوطنية, وطلب الحصول على الحماية القضائية المناسبة وهذا الحق مستمد مباشرة من القانونين العراقي والقانون الدولي العام, بحسبان دخوله في نطاق الحد الأدنى من الحقوق, التي يتمتع فيها المستثمرين العراقيين والمستثمرين الأجانب على التراب الوطني للدولة الإقليمية, التي يتواجد فيها الأجنبي.
  وإن حق التقاضي من الحقوق اللازمة لحياة الأجنبي على التراب الوطني, والقانون الدولي يوجب على الدولة الإقليمية أن تعطي الأجنبي قدراً من الحقوق, ومنها حقه في اللجوء إلى القضاء الوطني لطلب الحماية القضائية, عند حصول اعتداء على الحقوق الموضوعية التي يحوزها الأجنبي, فالحق الموضوعي, دون حماية قضائية, عديم الجدوى, من الناحية العملية. ويترتب على حرمان الأجنبي من اللجوء إلى القضاء الوطني للدولة الإقليمية, إنكار العدالة, الأمر الذي يوجب مساءلة الدولة عن خطئها التقصيري, سالف الذكر, أمام القضاء الدولي.
    و يجب أن يعامل المستثمر الأجنبي أمام القضاء الوطني معاملة كريمة وأن تكفل له جميع الحقوق الإجرائية, التي تتم كفالتها للمتقاضي الوطني.(5)
    وقد قضت الأحكام العامة للقانون المدني العراقي بأن على المحاكم الأخذ بقواعد العدالة في حالة عدم وجود نص تشريعي. مسترشدة في ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه في العراق, وإذا كانت قواعد العدالة تستمد من القوانين التي تتقارب مع القوانين العراقية, فيـكـون من باب أولى وعد تطبيق القانون العراقــي أقرب لتـحـقـيـق الــعدالـة فـي حـالـة عـدم وجـود الـنـص الأجنبي. (6)
  أما بالنسبة إلى مقاضاة الأجنبي أمام المحاكم العراقية فقد أجازت المادة - 15- من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1956 المعدل  مقاضاة الأجنبي أمام المحاكم العراقية حالة وجوده في العراق, أو تعلق الدعوى بعقار موجود في العراق أو عقد أو التزام نشأ أو كان واجب التنفيذ في العراق.
ويكون المستثمر اما شخص طبيعي او شخص معنوي, وهذا الشخص قد يكون وطني او اجنبي. ولكل من هذين الشخصين اجراءات تقاضي خاصة به, وذلك من حيث التبليغ والتوكيل.
   حيث يتمثل الشخص المعنوي بالشركات والمؤسسات الاخرى,  فبالنسبة إلى تبليغ الشركات الأجنبية فقد اشارة الفقرة 6 من المادة 48 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1956 المعدل  على إن (للشخص المعنوي, موطن, ويعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته, والشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها أعمال في العراق يعتبر مركز إدارتها بالنسبة للقانون الداخلي المكان الذي فيه إدارة أعمالها في العراق) كما اشترط بأن يكون لكل شخص معنوي ممثل يعبر عن إرادته. وغالباً ما يكون وكيلا قانونياُ.(7)
  أما فيما يتعلق بالشركات التي لها فرع أو وكيل أو ممثل تجاري في العراق فقد نصت الفقرة 9 من المادة 61 من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل .(على تسليم ورقة التبليغ إلى الفرع أو الوكيل أو الممثل التجاري).
    وبالنسبة إلى المحاكم المختصة في نظر دعاوى الاستثمار في العراق هي المحاكم التجارية وتكون ضمن محاكم البداءة.
-على سبيل المثال- فقد صدر  البيان الصادر من مجلس القضاء الأعلى المرقم 112 /ق /أ في 10 / 10/ 2011 والذي جاء فيه:
1- تشكيل محكمة بداءة  في النجف تختص بالنظر في  الدعاوى التجارية إذا كان أحد أطرافها من غير العراقيين وترتبط برئاسة محكمة استئناف النجف الاتحادية.
2- وقد حدد اختصاص المحكمة المشار إليها من الناحية المكانية محافظة النجف بحدودها الإدارية.
وأدناه نص البيان المبلغ بموجب الكتاب المرقم 112 لسنة 2011.
مجلس القضاء الأعلى /
 دائرة شؤون القضاء وأعضاء الادعاء العام               العدد   112 /ق/ أ
                                                                                          التاريخ   10/10/ 2011
                                      بيان
أولاً - بناءً على مقتضيات المصلحة العامة واستناداً إلى أحكام المادة (22) من قانون التنظيم القضائي رقم (160 ) لسنة 1979 بدلالة أحكام ( القسم الرابع ) من الأمر (12) لسنة 2004 تقرر
1- تشكيل محكمة بداءة تختص في الدعاوى التجارية إذا كان أحد أطرافها من غير العراقيين وترتبط برئاسة محكمة استئناف النجف الاتحادية .
2- يكون اختصاص المحكمة المشار إليها أعلاه من الناحية المكانية محافظة النجف بحدودها الإدارية وتنظر الدعاوى التي تقام بعد صدور هذا البيان.
ثانياً – ينفذ هذا البيان من تاريخ صدوره.
                                                                         توقيع
                                                                   مدحت المحمود
                                                             رئيس مجلس القضاء الأعلى

ومن ثم ورد من مجلس القضاء الأعلى البيان المرقم 164 / ق /أ في 22 /12 / 2014
والمتضمن نقل اختصاص محكمة البداءة  المختصة بالنظر في دعاوى عقود المقاولات إلى محكمة البداءة المختصة بالدعاوى التجـارية في رئاسات محاكم الاستئناف كافــة .وأدناه نص البيانين الأول والثاني المبلغ بموجب الكتاب المرقم 114 لسنة 2014 .
                                             بيان
مجلس القضاء الأعلى /
دائرة شؤون القضاء وأعضاء الادعاء العام                   العدد  164 /ق/ أ
التاريخ  22/12/2014
                                                                                                         
بناءً على ما قرره مجلس القضاء الأعلى بجلسته السابعة عشر المنعقدة بتاريخ 22/ 12/ 2014 تقرر:
 أولاً – نقل اختصاص محكمة البداءة المختصة بالنظر في دعاوى عقود المقاولات إلى محكمة البداءة المختصة بالدعاوى التجارية في رئاسات محاكم الاستئناف كافة.
 ثانياً – ينفذ هذا البيان من تاريخ 22/12/ 2014.
توقيع                                                                                                     
                                                                  مدحت  ا لمحمود
                                                            رئيس مجلس القضاء الأعلى
                                                                 22/ 12 / 2014
    وقد أقيمت أمام هذه المحكمة عدد من الدعاوى ففي بادئ الامر ردت قسم منها  لعدم اختصاص المحكمة او لعدم وجود طرف أجنبي فيها.
    ولم يكن هناك سجل خاص حسبما بلغنا السيد قاضي المحكمة التجارية  وكاتب الضبط فيها لسنة 2014وتعذر تزويدنا بإحصائية خاصة بها لأنها في ذات السجل الأساس مع دعاوى البداءة.
    اما في سنة 2015 تم تشكيل محاكم تجارية ضمن محاكم البداءة مختصة في الدعاوى الاستثمارية سواء كان المستثمر عراقي او أجنبي . وتم فتح سجل خاص للدعاوى التجارية, وبلغ عدد الدعاوى التجارية في عام 2015.
41 دعوى, منها 28 محسومة و13 مبطلة.                                      
     وقد تابعنا البحث في سجل المحكمة التجارية في محكمة استئناف النجف الاتحادية بعد صدور التعديل رقم 50 لسنة 2015 لقانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006.
    ففي سنة 2016 بلغ عدد الدعاوى 16 دعوى منها 9 محسومة و5 مبطلة.
      وسنة 2017 بلغ عدد الدعاوى المقامة 72 دعوى منها 32 محسومة و 40 دعوى مبطلة. ونلاحظ زيادة عدد الدعاوى خلال هذه السنة لان بعض المشاريع الاستثمارية الاجنبية والوطنية (السكنية خاصة) قد انجزت وبدأت تطالب ببدلات المبيع وتارة تكون مدعية واخرى مدعى عليها.
     اما سنة 2018 بلغ مجموع الدعاوى المقامة امام المحكمة التجارية وفقا للسجل الاساس77  دعوى منها 76 دعوى محسومة, ودعوى واحدة دورت على سنة 2019. وهذا دليل الواضح على ان المشاريع الاستثمارية بدأت بالتنفيذ, وهناك عوامل واسباب لتلكؤها, او لم تنفذ على ضوء العقد مما يضطر احد الاطراف الى اللجوء الى القضاء. 
     ويتضح من هذا البيان بأن تم نقل دعاوى عقود المقاولات من محاكم البداءة إلى المحاكم التجارية التي شكلت عام 2011, التي ورد فيه تحديداً أن أحد أطرافها من غير العراقيين.
      وقد أقيمت عدة دعاوى استنادا للبيان الاول الذي تم الاشارة اليها, منها الدعوى المقامة أمام محكمة بداءة الحيدرية, والدعوى الأخرى المرقمة 2285 /ب / 2013, التي أقيمت من المدعي المدير المفوض لشركة الميرة الجديدة  (وهي شركة أجنبية محل تسجيلها في جزر القمر والمشار إلى نص ترجمة شهادة  تأسيسها.) على المدعى عليه الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة حول قطع الأراضي التي صدرت بخصوصها إجازة الاستثمار المرقمة 196 في 28/ 3/ 2012, وقد استأخرت الدعوى لحين إكمال المدعى عليه إجراءات التمليك لقطع الأراضي موضوع الإجازة وقد أكتسب قرار الاستأخار الدرجة القطعية لتصديقه تمييزاً بموجب قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 179 /الهيئة المدنية الثانية/ 2014 في 10 / 6/ 2014 م.
    وفي الدعوتين قررت المحكمة إدخال هيئة الاستثمار شخصاً ثالثاً في الدعوى للاستيضاح منه. وقد حسمت معظم الدعاوى الاستثمارية, ونلاحظ بأن المحكمة التجارية الموجودة ضمن محكمة البداءة هي التي تنظر الدعاوى الاستثمارية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمصادر
(1) الآية 58 من سورة النساء.
(2) الآية 42 من سورة المائدة.
(3) د. صبحي الصالح, نهج البلاغة, دار الكتاب اللبناني, مكتبة المدرسة, الطبعة الثالثة, سنة 1983, ص 434.
(4) د. آدم وهيب النداوي, شرح قانون الإثبات, دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة, مطبعة المعارف, الطيعة الأولى, بغداد, 1984م, ص 10.
(5) د. هشام خالد, القانون القضائي الخاص الدولي – دراسة مقارنة – دار الفكر الجامعي, الإسكندرية, الطبعة الأولى, 2012 م, ص 40
(6) د. حسن الهداوي, تنازع القوانين وأحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي, مطبعة الرشاد, بغداد, الطبعة الثانية, 1972, ص 140
(7) د. سعدون ناجي القشطينى, شرح أحكام المرافعات, الجزء الأول, الطبعة الثالثة, مطبعة المعارف, بغداد, 1979م, ص 166.
(8) القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1956 المعدل.
(9) قانون المرافعات العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل.
(10) قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 2015.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع