القائمة الرئيسية

الصفحات

الدبلوماسية الوقائية وأثرها في إدارة النزاعات الدولية عبدالعظيم اسماعيل المسلماوي معهد العلمين للدراسات العليا



الدبلوماسية الوقائية وأثرها في إدارة النزاعات الدولية
عبدالعظيم اسماعيل المسلماوي
معهد العلمين للدراسات العليا 

الدبلوماسية الوقائية وأثرها في إدارة النزاعات الدولية
عبدالعظيم اسماعيل المسلماوي

      يستند حلّ النزاع إلى أساس أوّلي، هو العمل التعاوني من أجل حلّ المشاكل، وهو عمل يطمح إلى تحريك الأطراف ذات الاختلافات الحقيقية والمعقولة، نحو حلول مشتَركَة ومقبولة. وبمساعدة طرف ثالث، أو من دون مساعدة، يفترض هذا العمل، وجود قدرة لدى الاطراف المتنازعة على حلّ مشاكلها، وعلى إيجاد الحلول المُرضية للقضايا العالقة.
     وتتطلّب أي عملية فاعلة لحل النزاعات، وجود اتصال، وادارة سياسية من جانب الأطراف المتنازعة، لمواجهة خصومه، ومعالجة المشاكل بأسلوب مشترك، والاتفاق على رؤية مستقبلية للحفاظ على العلاقة، واستدامة التسويات.
      تفرض المستجدّات العالمية المتلاحقة الحاجة إلى تجديد لغة التواصل، بين دول العالم على اختلافها، ومن هنا تتّجه الأنظار إلى الدبلوماسية الوقائية، وإلى المَهام المُناطة بالجهاز الدبلوماسي، فالدبلوماسية هي لغة الحوار، وأداة التواصل المباشرة مع الآخر، للتعريف بالذات والدفاع عن القضايا، وخلق حالة وثقافة سلام تحقّق في ظلّها مصالح الجميع، والحفاظ على صورة حسنة وغير مشوّشة في الخارج، وتصحيح الأوهام والتصوّرات الزائفة، وتسعى الدبلوماسية الوقائية إلى تعظيم الاستفادة المُشْتَركَة، وإقامة علاقات صحيحة وودّية، وبناء الجسور للتواصل بين الحكومات والشعوب، وتغليب الوفاق والاتفاق، وتقليص الاختلاف والخلاف، وتسويتها في التفاهم؛ لذلك فإن العمل الدبلوماسي أصبح أكثر أهمية في عالمُنا المعاصر من أي وقت مضى، ومع ظهور دور الدبلوماسية الوقائية، وتدخل المصالح والروابط المجتمعية عبر القارات، وانكماش العالم، وانحسار مبدأ السيادة بفعل قوى العولمة، وثورة وسائل الاتصال التي أدّتْ إلى تغيرّات في المجالات والادوار والمهام جميعها بما في ذلك أدوار ومهام الدبلوماسيين، والدبلوماسية معاً.
     لَقد أثبتت التطوّرات التأريخية الدبلوماسية، أشكالها وممارستها كافة، أن العلاقات الدولية المعاصرة على درجة عالية من التشابك والتعقيد، تفوق ما كانت عليه في مدّة تأريخية سابقة، سواء أكان ذلك بعد انتهاء الحرب الباردة بين القوتيين العظميين، وما ارتبط بها من ازمات، وظهور عهد الوفاق بين القوّتين العظميين، الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد السوفيتي وقتئذ، وما نجم عنها من تغيّر في النظام الدولي.
     ومع اشتداد التنافس السياسي والاقتصادي من جهة، واتساع نطاق التعاون بين الدول لثورة تكنولوجيا المعلومات من جهة أخرى، وازداد النشاط الدولي وأعطى للدبلوماسية كأحدى الأدوات التنفيذية للسياسة أهمية خاصة.
    وإنّ فشل عصبة الأمم في الماضي، والأمم المتحدة في الحاضر، في حلّ النزاعات بالطرق السلمية، سيدفع بالقيادات العالمية لاستعمال الدبلوماسية بأشكالها كافة إلى تحقيق مقومّات السلام، واستمراره، والبحث عن الوسائل والطرق البديلة، والاعتماد على مؤسسات متخصّصة تنسجم مع طبيعة ومتطلّبات تنفيذ السياسة الخارجية، بالوظيفة الدبلوماسية؛ لأنها أداة تنفيذية لتحقيق السياسة الخارجية، وأن دول العالم تتصل وتتفاعل مع بعضها بعضاً في إطار المؤسسات الرسمية للوظيفة الدبلوماسية. ومن وظيفة الدبلوماسية، تمثيل الدولة الموفدة لدى الدولة المستقبِلة، وحماية مصالح الدولة الموفدة، التفاوض مع حكومة الدولة المُستقبلة، الاستعلام بكل الوسائل المشروعة عن أوضاع الدولة المُسْتَقِبلة وتطور الأحداث فيها وتقديم التقارير بهذا الشأن، توثيق العلاقات الودية وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة الموفَدَة والمُستَقِبلَةِ.
    احتلّتْ الدبلوماسية الوقائية مكانةً متقدّمة في سلّم السياسة الخارجية، ولعبت دوراً متميزاً في حلّ المشاكل الدولية وألاقليمية العالقة، ووضعت في أولويات عملها الدفع باتجاه الحفاظ على المكاسب والمصالح المشتركة للدول لتجنّب الوقوع في النزاعات.
     وكانت ايران نموذجاً ناجحاً للدبلوماسية الوقائية الحديثة التي استطاعت الحصول على حقوقها بإعتراف المجتمع الدولي - لامتلاكها الطاقة النووية للأغراض السلمية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها والتعامل معها كقوى كبرى في المنطقة يمكن أن تشكل عامل استقرار. واستطاعت الدبلوماسية الوقائية للمفاوض الايراني أن تحقق طفرة نوعية في ميدان العلاقات الدولية وكأنموذج يحتذى به لحل المشاكل والمنازعات الدولية.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع