القائمة الرئيسية

الصفحات

ربيع السودان ام سيناريو انقلاب عسكري بقلم ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



ربيع السودان ام سيناريو انقلاب عسكري
بقلم ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

ربيع السودان ام سيناريو انقلاب عسكري
بقلم ايناس عبد الهادي الربيعي

     بعد اعلان وزير الدفاع السوداني الخميس 11-نيسان 2019 عزل واعتقال والتحفظ على  الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير ليكون تحت الاقامة الجبرية مع اعتقال اعضاء المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم وتشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد من خلال بيان عرف بالبيان رقم 1 والذي صرح فيه وزير الدفاع بان افراد القوات الامنية قد عاشوا ما عاشه الشعب في محنته ورغم تلك الوعود الكاذبة والمعاناة الا ان صبر هذا الشعب كان كبيرا لبين من خلال البيان الذي القاه بان الشعب السوداني قد تخطى المحنة من خلال تعبيره عن تطلعاته منذ شهور وبين حرص الاجهزة الامنية على ادارة الازمة بكفاءة وان ما حصل هو نتيجة لاستحالة الحلول ، ليتابع القول بان اللجنة الامنية قامت بما لم يحسب حسابه وتحملت المسؤولية الكاملة لفترة انتقالية لمدة سنتين تتولى فيها القوات المسلحة وتمثيل محدود للجنة الامنية لتكون مسؤولية ادارة الدولة على عاتقهم .
     ليبين ابن عوف تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى ادارة الحكم لمدة عاميين مع تعطيل الدستور واعلان حالة الطوارئ لمدة 3اشهر وحظر تجوال لمدة شهر وقفل الاجواء الجوية للسودان والمداخل والمعابر لمدة 24 ساعة مع الابقاء على المؤسسات القضائية والمحكمة الدستورية العليا لممارسة مهامها وتكليف وكلاء الوزارات بمهامها  مع حل مجلس النواب والمجلس الوطني ومجلس الولايات وحكومات الولايات وتكليف رجال الامن بمهامها مع دعوة الحراك الشعبي للحفاظ على حياة المواطنين وعدم الاعتداء على الممتلكات الشخصية والرسمية والفرض الصارم للنظام مع اعلان وقف إطلاق النار في جميع ارجاء السودان مع إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين لتهيئة المناخ السياسي لانتقال سلمي للسلطة واجراء انتخابات ديمقراطية بعد انتهاء الفترة الانتقالية مع تامين المرافق الامنية والحيوية في البلاد وضع دستور جديد مع الالتزام بكل المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والاقليمية والمحلية مع صون حقوق الانسان والحرص على مصالح السودان العليا وعدم التدخل في شؤون دول الجوار مرفق باعتذار للشعب السوداني عن الخسائر بالأرواح والاصابات للمواطنين السودانيين  .
     كان هذا ملخص لما تناوله وزير الدفاع السوداني في خطابه لإعلان عزل الرئيس المخلوع، وبالرجوع لعقود مضت نجد ان البشير جاء للحكم على ظهر دبابة وخلع بنفس الطريقة التي تقلد بها الحكم منذ 30 عاما مضت والتي انفرد فيها بالحكم بدعم من الاخوان المسلمين مع تشكيله لحزب حاكم لتكون من نتائجه حرب ابادة جماعية ذهب ضحيتها وفق تقرير للأمم المتحدة أكثر من 300الف شخص وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين مشرد الامر الذي دفع لإصدار مذكرة جلب دولية بحقه وعدد من الشخصيات السودانية المتورطة بتلك الجرائم وعلى الرغم من ذلك ظل البشير حرا لسنوات يتنقل بطائرته دون أي اعتراض على الرغم من مطالبة المحكمة للدول الاطراف في نظامها الاساس بالتعاون في تنفيذ طلب المحكمة باعتقاله بموجب المذكرة الدولية من قبل المدعي العام للمحكمة لاتهامه بارتكاب جرائم حرب ومن ضمنها سبع تهم منها ارتكاب جرائم ضد الانسانية والترحيل القسري والتعذيب وقيادة هجمات ضد المدنيين وهو الامر الذي يعيد للأذهان جرائم راوندا عام 1994 لتكون مأساة دارفور لا تقل شانا عنها ولا سيما ان اغلبها جرائم موثقة ،ليخرج عام 2009 معلنا عن طرد منظمات الاغاثة الدولية والتي تقدم العون والاغاثة للنازحين من الحرب في اقليم دارفور معلل قراره بدعوى تعامل تلك المنظمات مع المحكمة الجنائية الدولية التي اصدرت مذكرة الاعتقال بحقه .
    الا ان اعلان المحكمة الجنائية الدولية عام 2014 تجميد ملف جرائم الحرب في اقليم دارفور وجنوب غرب السودان الامر الذي اثار العديد من التساؤلات عما إذا كان هذا التجميد هو صفقة دولية، ام هو مزاجية سياسية في التعامل مع القضايا الدولية؟ ولا سيما ان مجلس الامن لم يحرك ساكنا للضغط من اجل اعتقال المتهمين في ملف دارفور، الامر الذي يثير تساؤل اخر حول مدى جدوى وجود تلك المحكمة في ظل اصدار ذلك القرار والذي من الممكن ان يكون دافعا لمواصلة تلك الجرائم بحق الانسانية من قبل الجناة ولا سيما وان البشير قد تحدى قرار المحكمة ولمرات عدة عن طريق القيام بزيارات خارجية دون ان تقدم دولا صادقت على الاتفاقية لتقديمه للمحاكمة او تسليمه، لتكتفي الامم المتحدة عام 2018 بمطالبة السودان بمحاكمة المتسببين بهجمات دارفور في العامين 2014و2016  امام المحاكم الوطنية السودانية والتي تعد خطوة خجولة من قبل المجتمع الدولي وان دلت فهي تدل على ضعفه في ظل تنامي الجرائم ضد الانسانية .
     وبالرجوع الى ردود الفعل الدولية نجد ان اغلب الدول اكدت دعمها لانتقال سلمي للسلطة مع دعوات لتكون الفترة الانتقالية لأقل من عامين مع منح الشعب السوداني حق تقرير من يقوده في المرحلة القادمة من خلال التأكيد على ان الشعب السوداني كان يطالب بالتغيير وعملية انتقالية بقيادة مدنية وبدون عنف معللين ذلك ان المجلس العسكري في السودان لن يستطيع تلبية مطالب الشعب السوداني داعين لنقل السلطة لحكومة مدنية ولا سيما ان المجلس العسكري متهم بانتهاك مبادئ الاتحاد الافريقي الذي انتقد الانقلاب العسكري في السودان مبينا بان سيطرة الجيش ليست بالحل المناسب للتحديات التي يواجهها السودان موكدا اجتماع مجلس السلم والامن في الاتحاد الافريقي لبحث الوضع واتخاذ قرارات مناسبة مع دعوة جميع الاطراف للهدوء وضبط النفس مع حثهم على الانخراط في حوار شامل لتهيئة الظروف لتلبية تطلعات الشعب السوداني في الدمقراطية والحكم الرشيد واستعادة النظام الدستوري بأسرع وقت واعلاء المصلحة الوطنية ، اما الامم المتحدة فلم تكن تصريحات الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بالمغايرة عما دعت اليه دول العالم المختلفة من خلال المطالبة بعملية انتقالية تلبي التطلعات الديمقراطية لشعبه وفق ما صرح به اذ امتنع الامين العام للأمم المتحدة عن ادانة الانقلاب العسكري مع تجديد دعوته جميع الاطراف للالتزام بالهدوء واكبر قدر من ضبط النفس معربا عن امله بتحقيق تطلعات الشعب من خلال عملية انتقالية شاملة ومناسبة .
     وعلى الرغم من كل ما تقدم نجد ان معظم الدول تتابع تطور الاحداث باهتمام شديد مترقبين ما تحمله الايام القادمة من مستجدات على الساحة السودانية ولا سيما بوجود اعتصامات مستمرة للشارع السوداني متحدية منع التجوال الليلي مطالبة بأسقاط باقي رموز النظام وتسليم السلطة لحكومة مدنية تدير المرحلة الانتقالية لحين انتقال السلطة عبر انتخابات ديمقراطية.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع