القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة ضمنية في كتاب الفكر السياسي الغربي جون لوك وميلاد الليبرالية الغربية إنموذجا الاستاذ الباحث يونس شعيل عجيل معهد العلمين للدراسات العليا


قراءة ضمنية في كتاب الفكر السياسي الغربي - جون لوك وميلاد الليبرالية الغربية إنموذجا
الاستاذ الباحث يونس شعيل عجيل
 معهد العلمين للدراسات العليا



قراءة ضمنية في كتاب الفكر السياسي الغربي - جون لوك وميلاد الليبرالية الغربية إنموذجا
الاستاذ الباحث يونس شعيل عجيل معهد العلمين للدراسات العليا

أولاً - الفكر السياسي (الليبرالي) الغربي الحديث
لا تبدو هناك حدود فاصلة بين الفكر السياسي لعصر النهضة والفكر السياسي للعصر الليبرالي اللاحق، رغم عدم وضوح هذه الحدود الفاصلة، لكن يمكن تمييز الفكر السياسي الليبرالي كونه متكامل وذو هيمنة ونضج وهذا يعود الى خصائصه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
     يكتنف الليبرالية الغموض بسبب تعدد معانيها وتنافرها أحياناً ولكن هذا لا يعني عدم سبر أغوارها ومحاولة معرفة مفهومها من خلال ما يلي:
1-   الاتجاه الأول: يرى إن الليبرالية سلوك عقلي فردي تنطلق من الفرد لتعزز مكانته على حساب الجماعة.
2-   الاتجاه الثاني: ينظر الى الليبرالية باعتبارها فلسفة أو مجموع فلسفي متجانس يهدف الى التأكيد الى استقلال الفرد في اطار الكون الذي يعيش فيه, أي ضمان حقوق الفرد واستقلاله تجاه المجتمع والدولة.
3-   الاتجاه الثالث: ينظر الى الليبرالية من منظور مجتمعي قوامه وجود مجتمع يعتمد على الديمقراطية البرلمانية سياسياً، واقتصاد السوق الحرَّ اقتصادياً .
إن الليبرالية هي فكر عقلاني واجتماعي يطرح الحرية كمبدأ أو غاية للنشاط الإنساني, ومحاولة تخليص الفرد من كل أنواع الهيمنة الدينية والسياسية والاجتماعية.
إن تحديد الفترة الزمنية بداية ظهور الفكر الليبرالي يمثل اشكالية، فعند البعض يذهب الى تحديد بداياته الى وقت ظهور وثيقة (الماكناكارتا/الميثاق الأعظم) بينما يذهب البعض الآخر الى بداية ظهور كتاب (جون لوك) بعنوان (مقالة حول السلطة المدنية) بينما يعتقد آخرون هذه البداية الى ظهور (مجتمع الوفرة).
إن سبب الخلاف في تحديد بداية ظهور عصر الليبرالية والفترة التي يغطيها يعود الى جملة أسباب منها الخلط بين أسباب ظهور الليبرالية والمبادئ التي تقوم عليها، فالمبادئ الليبرالية قد تجد لها جذور موغلة في القدم تمتد الى القرن الميلادي الثالث عشر، إذ احتضنها وثيقة    (الماكنا كارتا) في انكلترا، وهذا لا يعني إرجاع بداية العصر الليبرالي الى ذلك التاريخ طالما إن أسباب الليبرالية لم تكن قد توفرت حينذاك.
من خصائص العصر الليبرالي:
1-   الخصائص الاقتصادية: إن التوازن الاقتصادي لا يتحقق عن طريق تدخل الدولة، إنما عن طريق القوانين الطبقية العرض، الطلب والمنافسة الحرة.
2-   الخصائص الاجتماعية: إذ يتميز العصر الليبرالي بطبيعة متناقضة حيث احتضنت القوى الاجتماعية القديمة كالنبلاء، ورجال الدين بمواقع بارزة وبنفس الوقت لم تعد هذه القوى تشكل قوة سياسية وهو يفسر بخاصيتين.
أ‌-       يتميز هذا العصر الليبرالي بالحراك الاجتماعي بعد رفع الحواجز بين النبلاء والبرلمانيين من خلال تزاوجهم مع النبلاء وهو ما أدى الى ارتقائهم الى النبالة.
ب‌- إن العلاقة بين الطبقات اتسمت في هذا العصر بالعدائية, إذ أن النبيل يرى في البرجوازي شخص مرابي، والإقطاعي يخشى تمرد الفلاحين، والعمال لا يثقون بالفلاحين، والدولة هي الوحيدة المستفيدة من تأجيج هذه التعارضات، عليه فإن الليبرالية لا يمكن أن تظهر إلا مع وقف تدخلات الدولة، وتوفر الأسباب اللازمة لظهور اقتصاد السوق الذي بدأ معه تاريخ الليبرالية.
3-   الخصائص السياسية: في العصر الليبرالي ضعف تدخل الدولة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن تركت الدوائر للأفراد حق ممارسة نشاطهم الاقتصادي في حدود مصالحهم الخاصة، إذ تخلت الدولة الموروثة في عهد النهضة عن دور الحاكم القاضي, متحولة بذلك الى دولة اقطاعية تحتضن بعض المؤسسات التي برزت بسبب ضغط الطبقة البرجوازية وهو ما أسهم الى حد كبير في الطبقة الاقطاعية لهذه الدولة.
4-   الخصائص الثقافية: إذ شهد العصر الليبرالي ظهور تيارات فكرية متنوعة بعد أن توالى ضعف الهيمنة الثقافية الكنية, مثل بروز الطبقة البرجوازية التي تتميز بطابع عقلاني قنور وبروز العلوم الطبيعية, كالكهرباء, والمغناطيس والكيمياء.
ثانياً – جون لوك وميلاد الليبرالية الغربية:
لقد اتسم علماء الرعيل الأول من المفكرين الليبراليين بالنتاج الفكري السياسي, بيد أنه لم يكن بصورة النقاء الخالصة, بل ظهر في نتاج فكري متكامل البنية لكنه ليس بسياسي أساساً ولا ذو طبيعة متباينة, لقد ولد (جون لوك) صاحب المنظمات الفكرية الفلسفية (1632-1704) من عائلة انكليزية متدينة, إذ ظهرت اهتماماته بالميادين السياسية والاجتماعية, وإذ ضيقت الحكومة عليه الخناقة فغادر بريطانيا الى فرنسا عام 1675م ليعود ثانية عام 1679م الى بلده. ويرحل بعدها الى هولندا إذ وضع معظم مؤلفاته فيها, ومنها كتابه (رسالة في التسامح الديني), في عام 1689م عاد الى بلاده حاملاً معه نسخة من مسودة كتابه (مقالتان في الحكومة المدنية) الذي صدر عام 1690م الى جانب كتابه (مقالة في العقل الإنساني)، إن فلسفة (جون لوك) ذات طبعة حاوية في جوهرها مبنية على مستخلص المبادئ من الحواس مع رفضه أي معرفة فطرية تسبق الخبرة الحسية وتنتقد الروح التقليدية.
وعليه كان (جون  لوك) فيلسوف من ثورة عام 1688 الانكليزية إذ أن كتابه (مقالتان في الحكومة المدنية) كان أصلاً ينظر لهذه الثورة ومبادئها, والتي تدحض أذكار (روبرت فلمر) الذي يبَّتها بكتابه (باترياركا أو السلطة الطبيعية للملوك) إذ أن أفكاره لا تتوافق مع مبادئ الثورة، لقد كان (روبرت فلمر) يدافع عن السلطة الملكية، إذ كان (جون لوك) ينتقده عن فكرته،إذ أن فلمر يقول إن الإنسان ولد وهو في حضرة السلطة التي وهبها الله لآدم ثم تنحدر في نهاية الأمر الى الملوك، وهو ما تصدى له (جون لوك) بالتجريح والنقد على أثر عودة الملكية بعد الثورة العظيمة عام 1688م والتي كانت مشحونة بذكريات ثورة (كرومويل) عام 1648م التي هزَّت الملكية بعنف.
1-   حالة الطبيعة عن جون لوك:
استمد (جون لوك) فكرته عن حالة الطبيعة من (هوبز) بيد إنها تختلف عنها, ليكرس الدفاع عن الحرية الفردية، فـ(هوبز) يتصور الطبيعة بأنها حالة حرب تنتهي الى نوع من الاستسلام الذي يكون بشكل صورة عقد اجتماعي يقود الى نوع من الحكم المطلق.
بينما لوك لديه الطبيعة حالة سلام تنتهي الى صيغة عقد اجتماعي يأخذ هذا الكلام ويفعله بشكل اتفاق محدد ومشروط وقابل للوصول الى الحرية، إذ أن حالة الطبيعة لدى (جون لوك) هي التي يظهر في ظلها الناس أحراراً ومتساويين بنور العقل.
2-   العقد الاجتماعي ونشوء المجتمع المدني عند جون لوك:
رغم ما تقدم ظل (جون لوك) يعتقد بأن حالة الطبيعة سوف لن تستثمر في هذا الواقع, فالتطور الاقتصادي للطبيعة يقود الى تعقيد العلاقات الاجتماعية وانعدام العدالة والاستقلال الفردي الملازمين لحالة الطبيعة والحافظين للأمن والسلام.
إن سبب هذا التطور يعود الى (النقود) فقبل ظهورها كان صعب الاحتفاظ بالزيادة في الحاجات الاستهلاكية للسلع ولكن بعد ظهورها أصبح من يحتفظ الإنسان بما يزيد عن حاجته الاستهلاكية للسلع التي هي عرضة للفساد والتلف, وترتب ندرة  الأرض والمناخة والحاجة الى قانون العدالة الخاصة وهو ما سبب الأذى في غياب الأمن وانعدام السلام واقترح (جون لوك) ثلاثة أشياء لتحقيق المجتمع المدني هي :
أ‌-       وضع قانون معين.
ب‌- وجود قاضي لتنفيذه.
ت‌- وجود سلطة قضائية وإن المجتمع المدني يختلف عن المجتمع الطبيعي بفقرة واحدة هي اتنازل عن الحق الشخصي كأفراد في سبيل (إيقاع العقاب بالآخرين) ولا يعرف عن القانون الطبيعي إلا في هذا الجانب. وهو ما مهد طبقة النظام الليبرالي كنظام سياسي اجتماعي يود فيه حق الفرد أي حق الحياة الخاصة, وحق الملكية أي حقوق الأنسان والتي لا يجوز للسلطة خرقها, وهو ما جعل الثورة أمراً ممكناً ومشروع من الناحية الطبيعية إذا قامت السلطات بالتعدي على حقوق  الإنسان.
3-   العلاقة بين السلطات عند جون لوك: السلطات في نظر جون لوك هي ثلاث:
أ‌-       سلطة تشريعية.
ب‌- سلطة تنفيذية أقل من التشريعية مقاطعة لها وسلطة قضائية أو فدرالية, ويمثل السلطات التشريعية البرلمان بالاقتراع السري والتنفيذي الملك والسلطة القضائية تعتبر تابعة للتنفيذية وبعده تأثر (مونتسيكو) بفصل السلطات.
ليكون الكتاب منهج يستهل تلاميذ وباحثين في الفكر الانساني والسياسي بقلم الدكتور عبد الحسين الطعان والدكتور عامر حسن فياض والدكتور علي عباس مراد في القرن المنصرم والوقت الحالي.  
 
     
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع