القائمة الرئيسية

الصفحات

الهوية القومية والدينية في النصوص الدستورية العراقية (ح : 2) د. حيدر أدهم الطائي


الهوية القومية والدينية في النصوص الدستورية العراقية (ح : 2)
د. حيدر أدهم الطائي



الهوية القومية والدينية في النصوص الدستورية العراقية
د. حيدر أدهم الطائي

   وبعد انهيار نظام حكم عبد الكريم قاسم المدعوم من الشيوعيين عام 1963 صدر قانون المجلس الوطني رقم (25) في 4 نيسان 1963 الذي لم يتضمن إشارة إلى الهوية القومية للعراق، ثم صدر بعد ذلك قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم (61) لسنة 1964 في 22 نيسان 1964 وهو كذلك لم يتضمن إشارة إلى الهوية القومية للعراق، وتم إلغاء هذا القانون بصدور دستور 29 نيسان 1964 المؤقت الذي تضمن إشارات صريحة حسم بموجبها الانتماء القومي للعراق، فديباجة هذا الدستور أكدت على أن الحركة السياسية التي تمت في الثامن عشر من تشرين الثاني 1963، تعمل على (تنشئة الأجيال الصاعدة على الروح العربية الإسلامية) وجاءت المادة الأولى منه لتنص على (الجمهورية العراقية دولة ديمقراطية اشتراكية تستمد أصول دينها واشتراكيتها من التراث العربي وروح الإسلام، والشعب العراقي جزء من الأمة العربية هدفه الوحدة العربية الشاملة، وتلتزم الحكومة بالعمل على تحقيقها في أقرب وقت ممكن، مبتدئة بالوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة) بينما نصت المادة (19) على (العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة بلا تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو أي سبب آخر، ويقر هذا الدستور الحقوق القومية للأكراد ضمن الشعب العراقي في وحدة وطنية متآخية)
ويلاحظ على هذه النصوص الآتي:
1.عكست النصوص المذكورة الطابع القومي العربي لاتجاه السلطة الحاكمة الممزوج بنزعة دينية.
2.أكدت هذه النصوص "المادة الأولى" على أن الشعب العراقي جزء من الأمة العربية ويعمل على تحقيق الوحدة العربية.
   وهذا الدستور يعد بما تبناه معبرا عن أحد أكثر النصوص وضوحا في الإشارة إلى هوية العراق القومية من أي نص دستوري آخر.
   أما دستور 21 ايلول 1968 المؤقت فنصت مادته الأولى على (الجمهورية العراقية دولة ديمقراطية شعبية تستمد أصول ديمقراطيتها وشعبيتها من التراث العربي وروح الإسلام، الشعب العراقي جزء من الأمة العربية هدفه الوحدة العربية الشاملة وتلتزم الحكومة بالعمل على تحقيقها)
   بينما نصت المادة الحادية والعشرون على (العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين، ويتعاونون في الحفاظ على كيان الوطن بما فيهم العرب والأكراد ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية).
وهذان نصان لا يختلفان كثيراً عن النصوص الواردة في دستور 29 نيسان 1964 المؤقت والذي جرى اعمال نصوصه في العراق خلال فترة زمنية قصيرة عكست بذلك واقع ظاهرة عدم الاستقرار السياسي الذي شهدته بلاد ما بين النهرين منذ سقوط الملكية في العام 1958.
أما دستور 1970 المؤقت فنصت المادة الخامسة منه على - العراق جزء من الأمة العربية، ب- يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية والقومية الكردية ويقر هذا الدستور حقوق الشعب الكردي القومية والحقوق المشروعة للأقليات كافة ضمن الوحدة العراقية).
ويمكن تثبيت بعض الملاحظات على هذين النصين وبالشكل الآتي:
1.انه يحسم الهوية القومية للعراق باعتباره جزءاً من الأمة العربية ولا يكتفي فقط بالقول أن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية.
2.انه يقر بوجود قوميات أخرى تعيش في العراق حيث أشار بصورة صريحة إلى القومية الكردية، وان هذا الدستور يعترف بالحقوق القومية للأكراد، فضلاً عن إشارته إلى وجود أقليات أخرى يعترف هذا الدستور بحقوقها ضمن الوحدة العراقية.

   أما في مشروع 1990 الذي لم يقدر له أن يدخل دور النفاذ فنصت المادة الثانية منه على أن (العراق جزء من الوطن العربي، يعمل لتحقيق الوحدة العربية الشاملة) بينما نصت المادة السادسة منه على (يتكون شعب العراق من العرب والأكراد، ويقر الدستور حقوق الأكراد القومية ويضمن الحقوق المشروعة للعراقيين كافة ضمن وحدة الوطن والدولة والمجتمع) ونصت المادة السابعة على أن (اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وتكون اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في منطقة الحكم الذاتي)
   أخيراً نشير إلى أن قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لم يشر إلى الهوية العربية للعراق حيث اكتفت المادة (7/أ) منه على النص (العراق بلد متعدد القوميات، والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية) فهذا النص لم يعتبر العراق جزءاً من الأمة العربية بحدوده المعروفة دولياً وإنما عدّ الشعب العربي فيه جزءاً من الأمة العربية، والنص المذكور يعبر بشكل سليم عن حقيقة التكوين العرقي للشعب العراقي في الوقت الذي لا يستجيب فيه هذا النص بصورة سليمة للتكوين السياسي لحدود الدولة العراقية المعروفة دولياً في هذا النص فقط وإن كان الاعتراف بالطابع العربي للعراق وهويته العربية أمراً قائماً بصرف النظر عن هذا النص, فالعراق عضو فاعل في الجامعة العربية.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع