القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءات في واقع كليات الحقوق العراقية د. محمد علي الطائي . د. حيـدر ادهـم الطائي.



قراءات في واقع كليات الحقوق العراقية
د. محمد علي الطائي  . د. حيـدر ادهـم الطائي.



قراءات في واقع كليات الحقوق العراقية
د. محمد علي الطائي  . د. حيـدر ادهـم الطائي.

     يعد العراق من الدول العريقة في فتح كلية للحقوق وذلك ما تم في ظل العهد العثماني عام 1908 حيث جرى في التاريخ المذكور قبول الدفعة الأولى من الطلبة العراقيين الذين تخرجوا عام 1911 وأثناء هذه الفترة الزمنية خرجت الكلية خيرة الحقوقيين العراقيين, وهي نتيجة لم تكن وليدة الصدفة لكنها نتاج عمل وجهد ومثابرة الكثيرين من الذين حرصوا على أن تكون لهذه الكلية الصدارة لجعلها في  مركز علمي مرموق لذا أمتاز خريجوها بالرصانة العلمية وحظي الكثير منهم بالاحترام والتقدير من مؤسسات علمية وطنية وعربية وعالمية إلا إن هذا الحال لم يستمر إذ لوحظ إن هناك تدنياً واضحاً في المستوى العلمي لخريجي كليات الحقوق العراقية عموما  نتيجة المشاكل والمصاعب التي عصفت بأبناء الرافدين في فترة الثمانينات والتسعينيات ومطلع القرن الحادي والعشرين فضلاً عن تواريخ سابقة تعود لمرحلة الستينيات عندما بدأت التيارات السياسية تتدخل في العملية التعليمية بشكل أو بآخر مما انعكس سلباً على مستوى مخرجات الكليات العراقية كافة ولم يقتصر الامر على كليات الحقوق فقط.

    ان الاعتراف بالحقيقة المتقدمة يمثل البداية الصحيحة لحل المشكلة التي يبدو إنها ستتفاقم في المستقبل بتأثير عوامل مختلفة منها:
1.التوسع في فتح كليات حقوق رسمية خارج احتياجات البلد مما سيؤدي الى خلق مشكلة تعيينهم واستيعابهم في دوائر الدولة وسيكبل ذلك  الاقتصاد الوطني ويحمله مبالغ طائلة، فضلاً عن استخدام تدريسيين غير مؤهلين لاداء عملهم العلمي  مما          يؤثر على المستوى العلمي والدراسي للطلبة.
هذا الى جانب فتح كليات مسائية لطلاب يبتغون الشهادة بأية صورة كانت وبالاخص تحرص الكليات على تسهيل امر نجاحهم في سبيل بقاء الاقبال عليها من قبل الطلاب لاستمرار تزويدها بالمال اللازم لسير عملها.
2. انعكاس بعض الممارسات السياسية والعوامل المرتبطة بها على واقع العملية التعليمية في الكليات العراقية ومنها كليات الحقوق على وجه الخصوص في ضوء وجود توجه من جانب بعض العاملين في المجال السياسي والأمني لدراسة القانون دون ان يملكوا الوقت والقدرة على الوفاء بمستلزمات الحصول على درجة البكالوريوس في الاختصاص المذكور مما أنعكس بصورة سلبية على مجمل الأوضاع الخاصة بدراسة القانون في العراق نظراً لما يمثله هؤلاء من ثقل دورهم السلطوي الذي سيمارس من جانبهم في شؤون الكليات وزيادة الضغوط على التدريسيين وادارات الكليات عموماً.
3.وجود نقص كبير في الكادر المتخصص الواجب توافره للقيام بالعملية التدريسية وإلقاء المحاضرات بحيث أصبحت بعض ان لم نقل جميع كليات الحقوق العراقية وأقسام القانون الموجودة في العراق تسمح لأشخاص لايحملون المؤهل العلمي المناسب للتدريس فيها فمن غير المقبول ان يقوم شخص حاصل على الدكتوراه في القانون العام بتدريس مواد تنضوي تحت فرع القانون الخاص والعكس لايمكن القبول به أيضا.
4.عدم القضاء على ظاهرة الغش من جانب بعض الكليات, وهذا أمر يؤسف له حقاً والظاهرة المذكورة تعكس في الوقت ذاته انهياراً في المنظومة الأخلاقية والقيمية التي كانت متواجدة وحية في مؤسسات التعليم العالي العراقية سابقا.
5. سوء مخرجات وزارة التربية بالمقارنة مع فترات سابقة مر بها العراق مما يقتضي معالجة هذه الحالة من خلال العناية بالتعليم الابتدائي والثانوي.
إن العوامل المذكورة تمثل جزءاً من أسباب ضعف مخرجات كليات الحقوق وبقية الاختصاصات في الكليات العراقية الأخرى إلا إن هذا لا يعني عدم وجود بعض الاشراقات هنا وهناك مما يمكن عدها الأمل الحقيقي لمستقبل تدريس القانون في العراق ومن ثم فأنه ينبغي العمل على اتخاذ عدة خطوات منها:
1.منح الجامعات العراقية اكبر قدر من الاستقلالية الضرورية للعمل باتجاه تطويرها مع إخضاع ممارساتها لنوع من الرقابة العلمية والإدارية ضماناً لحسن الأداء.
2.إبعاد الجامعات العراقية عن تفاصيل العملية السياسية وما أنتجته من مفردات مؤذية وممارسات غير ملائمة للعمل الجامعي كالمحاصصة السياسية في إطار توزيع المناصب.
3.وجود نقص كبير بالكادر التدريسي في العراق نتيجة هجرة الكفاءات الى خارج القطر بسبب اضطراب الامن او قلة المحفزات المادية والمعنوية لهم وهذا ما يقتضي وقفة حقيقية من جانب الدولة لمعالجة هذا الخلل وباسرع وقت.
4.ضرورة ضبط أوضاع كليات الحقوق وأقسام القانون من خلال عدم قبول كل من يرغب في الحصول على شهادة في القانون وذلك من خلال اعتماد حد أدنى لمعدل قبول الطلبة في هذه الكليات والأقسام بما فيها الكليات الأهلية التي أصبحت تخرج مئات بل آلاف الخريجين.
5.العناية بابنية كليات الحقوق وبأساتذة الجامعات العراقية عموماً واساتذة القانون خصوصاً من خلال توفير الحياة الحرة الكريمة لهم فضلاً عن تهيئة مستلزمات البحث العلمي القانوني سواء كان ذلك في داخل العراق أوخارجه.
6.فتح مكتبات متخصصة لكليات القانون وتزويدها بصورة منتظمة:
أ.بكافة الدوريات التي تصدر في العراق وخارج العراق.
ب.احدث الكتب التي تصدر في العراق والدول العربية بصورة خاصة والاجنبية بصورة عامة.
ج.استخدام الاجهزة الحديثة والمتطورة لمتابعة التطور العلمي في العالم مع تدريب الطلبة على استخدامها.
7.تشجيع التدريسيين في تأليف الكتب وبالاخص من وصل الى درجة علمية متقدمة ( استاذ ) ومن كان بدرجة استاذ مساعد على ان يجري اخضاع هذه المؤلفات للتقييم العلمي.
8.حماية الاستاذ من السرقة  لمجهوده من خلال استنساخ الكتب بدون موافقتة وخلق الاطار التشريعي المناسب للهدف المذكور على المستوى الجزائي والمدني.  
9.ارسال التدريسيين الى جامعات العالم العريقة للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم.
10.ادخال التدريسيين العراقيين في دورات لاتقان اللغات الاجنبية  داخل العراق وخارجه.
صفوة القول بخصوص ما تقدم ان كلمة الحق مرة ولا يمكن الادعاء بوجود الكثيرين من الذين يستطيعون سماعها ولسان حالنا يقول لقد أسمعت لو ناديت حياً ونتمنى ان لا تكون الحياة قد فارقت من ننادي، ذلك ان لمخرجات كليات الحقوق آثار على جانب كبير من الاهمية  ويكفي ان نذكر بهذا الخصوص ان مستقبل النظام القضائي والسلطة القضائية في العراق مرتبط بمعالجة الازمات في هذه الكليات، اذ ان جانباً مهماً من مستقبل العراق يتوقف الى حدٍ كبير على وجود قضاة جيدين ومدربين بصورة ملائمة فاذا كان للمحكمة الفيدرالية العليا دور اساسي ومهم في الولايات المتحدة الأمريكية إذ إنها ابتكرت فكرة الرقابة على دستورية القوانين, وهي ممارسة تمثل ضمانة لحقوق المواطنين وحرياتهم كما انها ساهمت في تثبيت دعائم النظام الفيدرالي في ذلك البلد، سوف يظهر لنا أهمية العناية بالجهاز المذكور من خلال العناية بكليات الحقوق واقسام القانون في العراق.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع