القائمة الرئيسية

الصفحات

حقوق الانسان بين مكافحة الإرهاب والحق في الخصوصية بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



حقوق الانسان بين مكافحة الإرهاب والحق في الخصوصية
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



حقوق الانسان بين مكافحة الإرهاب والحق في الخصوصية
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

     اثبت الواقع المعاصر بان العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأفراد تقع في نطاق مكافحة الإرهاب لذا ألزمت الأمم المتحدة الدول الأعضاء الالتزام بقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني في الإجراءات والتدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب مع التأكيد على أن الإجراءات والتدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب مع التأكيد على أن الحرب على الإرهاب لا يجب أن تمس الحقوق والحريات ،وعلى الرغم من ذلك نجد انطواء الإجراءات المتخذة لمكافحة الإرهاب على المساس بالعديد من الحقوق والحريات المقررة للأفراد والجماعات ،وعلى الرغم من خطورة الإرهاب على المجتمع الدولي إلا أن مكافحته قد اتخذت سببا لانتهاك تلك الحقوق والحريات في حالة تعرض الدولة لموجة من الأعمال الإرهابية ،فالحق في الأمن الشخصي هو من أولى الحقوق الواجب حمايتها والتي يتمتع بها الانسان وهو ما أشار إليه الإعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة الثالثة منه بنصها على : ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه)كما أشار إليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة التاسعة منه بقوله : ( لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه ولا يجوز توقيف احد او اعتقاله تعسفا ولا يجوز حرمان احد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للأجراء المقرر)ويتمثل الخطر في مكافحة الإرهاب على الحريات الشخصية عبر التشريعات الصادرة عن الدول التي تمنح بموجبها سلطات الضبط القضائي سلطات واسعة بصورة تخالف ما هو متبع في الجرائم الأخرى إذ أن هنالك العديد من التشريعات منحت للسلطات القضائية صلاحية القبض دون أذن مسبق إذا ما توافرت أسباب معقولة للاشتباه بالأعداد والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية ومنها القانون الأمريكي لعام 2001 الذي أعطى السلطات الحق في احتجاز أي شخص دون توجيه اتهام ولا محاكمة ولا أدلة قضائية بل لمجرد الاستناد لشبهات او أدلة عن طريق أقوال آخرين قد تكون أخذت بالإكراه  كما منحت الحق في الاحتجاز لفترة طويلة دون توجيه أي تهمة إليه مثال مشروع القانون المقدم من رئيس الوزراء البريطاني للبرلمان الانكليزي عام 2006 على اثر تفجيرات لندن عام 2005 إذ كان هناك مقترح يسمح باحتجاز المشتبه به في الجريمة الإرهابية حتى تسعين يوما إلا أن القانون صدر ليجعل مدة الاحتجاز ثمان وعشرون يوما والتي تعد طويلة في دولة ديمقراطية وتم طرح قانون أخر في عام 2008 لتمديد فترة الاحتجاز الى اثنان وأربعين يوما الأمر الذي عارضته منظمات حقوق الانسان لكونه يخرق المبدأ القانوني في منع توقيف الأفراد بدون عذر مقبول وكذلك فعلت ايطاليا بتمديد مدة الاحتجاز في الجرائم الإرهابية دون توجيه الاتهام او حضور محام وهو ما يتناقض مع المادة التاسعة من ميثاق الأمم المتحدة ،كما أن لعض الدول أجازت اللجوء للتعذيب عند التحقيق مع المتهمين في جرائم إرهابية ومثال ذلك الرئيس جورج بوش الذي أجاز استخدامه في التحقيق مع المتهمين في جرائم إرهابية وهو ما يتسم بالتشدد على الرغم من أن اغلب المواثيق والتشريعات الدولية  حرمت التعذيب للحصول على اعتراف او أقرار بجريمة إرهابية او لمنع وقوع جريمة إرهابية ،كما قامت الولايات المتحدة عام 2004 باستخدام أجهزة التنصت في التجسس على المكالمات الخاصة الأمر الذي مس الحياة الشخصية لجميع أفراد المجتمع وهو ما سلكه المشرع الايطالي عام 2005 بإصداره حزمة من التشريعات المنتهكة للحياة الخاصة بالتنصت على مكالمات الأفراد الخاصة إلا أن ذلك لم يمنع من تزايد الهجمات الإرهابية او إيقافها وظهر اتجاه يطالب بتوسيع سلطات القضاء في هذا المجال عبر اختيار نوع العقوبة ومقدارها او أبدالها مع مراعاة مصلحة المتهم تحت شعار تأهيله وإعادة دمجه في المجتمع ومنهم من يطالب بالحد من سلطة القضاء والتشدد على المتهم الذي خان ثقة المجتمع ولم يردعه رادع عن فعله الجرمي لتكون تلك الإجراءات هادفة لمنع ظهور التطرف عبر استخدام وسائل التجسس الوقائي والتي تعد وسائل شرعية وقانونية لمواجهة التهديدات الأمنية ولكن التساؤل الذي يثور  هل أن تلك الرقابة توفر المزيد من الأمن ؟وهو ما لا نجده مترابطا بالضرورة إذ قد تكون تلك الوسائل غير مجدية فالكم الهائل من المعلومات يجعلها غير قابلة للاستعمال إلا أن ذلك لا ينفي أهمية تلك الإجراءات في تجنب العديد من الهجمات الإرهابية والذي يعد نجاحا بحد ذاته على الرغم من الضحية الأكيدة هي الحرية فكل خطوة من الحرب على الإرهاب تضيق الخناق على الجماعات الإرهابية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع