القائمة الرئيسية

الصفحات

نقل العدوى بين الحق في الصحة والمسؤولية الجنائية بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



نقل العدوى بين الحق في الصحة والمسؤولية الجنائية
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا


نقل العدوى بين الحق في الصحة والمسؤولية الجنائية
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا


     ترتبط الصحة ارتباطا وثيقا بحق الإنسان في الصحة في أطار حقوق الإنسان كمطلب أساسي لأي فرد في أي مجتمع ولاسيما أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة الإنسان وحقه في الحياة لذا كان  من الواجب حماية هذا الحق وتوفير وسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة وقد تناول دستور جمهورية العراق لعام 2005 موضوع الحق في الصحة في المادة (31) منه والتي تنص على : ( أولا / لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية وتعنى الدولة بالصحة العامة وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء المستشفيات والمؤسسات الصحية .
ثانيا/ للأفراد والهيئات أنشاء مستشفيات أو دور علاج خاصة وبأشراف من الدولة وينظم ذلك بقانون )إما المادة (33) من الدستور فقد تناولت حق الأفراد بالعيش  في ظروف بيئية سليمة مع كفالة الدولة لحماية البيئة والتنوع الإحيائي والحفاظ عليها ،وبما أن من حق كل إنسان العيش في مستوى معيشي يضمن صحته وسلامته على نطاق المسكن والملبس والطعام والعناية الطبية ،لذا كان حرمان الفرد من هذا الحق يمثل جريمة من جرائم الضرر التي تكون فيها النتيجة الجرمية تغيرا ملحوظا في العالم الخارجي والتي تقع على سلامة الجسد كما هو الحال في جرائم الإيذاء فالضرر يمكن أن يتحقق بوسائل عدة فقد يكون متوقعا أو عمديا أو غير عمد يتهدد حقا اقره القانون وفقا للضرر الذي يحدث والذي يمثل النتيجة الجرمية كتغيير محسوس ناتج عن اعتداء فعلي يتسبب بإهدار المصلحة المحمية  سواء تحقق الضرر أم لم يتحقق حالا أو متوقعا لخطورة الفعل وما ينتج عنه فالخطر والضرر هما النتيجة غير المشروعة في المفهوم القانوني لذا كان التأثير على صحة الإنسان من الجرائم الضارة بالصحة العامة عبر سلوك مادي مضر بصحة الأفراد وان لم يتحقق الضرر كنتيجة جرمية ،لذلك فقد عمد المشرع العراقي في قانون العقوبات النافذ رقم 111 لسنة 1969في الفصل السابع منه والمعنون بالجرائم ذات الخطر العام على تجريم ومعاقبة من يرتكب عمدا أو يتسبب بخطئه في نشر مرض خطير وفقا لأحكام المواد (368-369) لكون تلك الجرائم تمس المجتمع دون أن يقتصر تأثيرها على فرد واحد فطبيعة الفعل المرتكب هو ضرر ممتد الأثر ،إلا أن ما يلاحظ في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)المستجد وإعلان منظمة الصحة العالمية بأنه وباء ينتج عن فصيلة كبيرة من الفيروسات التي قد تمرض الحيوان والإنسان على حد سواء وبما انه بات يسبب تهديدا مشتركا للعالم اجمع أصبح من المهم احتواء هذا الفيروس والحد من أثاره على شتى مجالات الحياة في العالم اجمع ولاسيما أن الأضرار التي لحقت بالعالم جراء الفايروس تقدر بانخفاض قدره 50 مليار دولار في صادرات العالم التحويلية خلال شهر شباط وحده وهو ما يدعو للتضامن العالمي سياسيا وتقنيا وماليا لكونه السبيل الوحيد لمنع العدوى وإنقاذ الأرواح، ومن الجدير بالذكر أن المنظمة كانت سبق وان حذرت من منذ عام 2007 تفشي الإمراض المعدية وشددت على العمل على احتوائها لكونها تمثل تهديدا للأمن والصحة العالمية ولاسيما في ظل واقع زيادة تنقل الناس بشكل أسرع فشركات الطيران تنقل ما يعادل حوالي ملياري شخص سنويا وهو ما يمكن الأفراد والأمراض التي يحملونها من التنقل بين البلدان في غضون ساعات وهو ما تمت ملاحظته عام 2003 عند انتشار المتلازمة الرئوية الحادة الوخيمة والتي كلفت البلدان الأسيوية حينها خسائر تقدر بنحو 60 مليار دولار من أجمالي نفقات وخسائر تجارية ،لذا كانت إجراءات بعض الدول وفي مقدمتها الصين صارمة في مكافحة المرض إذ فرضت عقوبة الإعدام على من يخفي أصابته عمدا بالفيروس أو يدلي ببيانات زائفة تتعلق بالإصابة به فوفق قرار أصدرته أحدى المحاكم الصينية فان أخفاء تاريخ السفر الخاص بالأفراد بما يتعلق بمن اتصل بهم يرتقي لمستوى الجريمة وهو ما أيدته جريدة (بكين ديلي) الرسمية بذكرها  (انه في حال تسبب أي شخص في انتشار الفيروس فيمكن أن يواجه جريمة تعريض سلامة العامة للخطر ) لتعود تؤكد انه في الحالات السابقة يمكن أن يحكم على المنتهكين بالسجن عشرة أعوام أو مدى الحياة أو الإعدام وكذلك الحال فيمن يمتنع عن ارتداء الكمامة فهو الأخر مجرم بحق المجتمع،أ ما المملكة العربية السعودية وفي السياق ذاته فقد عدت عدم الإعلان عن جهة السفر جريمة يعاقب عليها قانونا في أطار مكافحة الفيروس وانتشاره ،أما على المستوى الوطني فنجد أن الامتثال لتعليمات وزارة الصحة لا يلقى الأثر المناسب لخطورة الوضع والذي قد يعزى لافتقاد المعرفة أو اللامبالاة التي تسود بين الأفراد فالامتثال لنصائح الوقاية أمرا لا نجده يلقى بالا وعدم امتثال وهو ما نرجح أن يكون ذو اثر سلبي ستكشف عنه الأيام القادمة الغطاء بما يحمل معه من أثار كارثية كنتيجة ذلك التراخي والتهاون في التعامل مع المرض من قبل الأفراد والذين لا يرتكبون جريمة بحق أنفسهم بل جرائم تهدد مجتمع بأكمله .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع