القائمة الرئيسية

الصفحات

تركيا تتحدى القانون الدولي بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



تركيا تتحدى القانون الدولي
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



تركيا تتحدى القانون الدولي
بقلم / إيناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

      اندفعت تركيا للهجوم على الأراضي السورية مبررة هجومها بالدفاع عن النفس بخطاب أرسلته الى مجلس الأمن يوم بدء العملية العسكرية مستندة للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة لضمان امن الحدود التركية ،تسبب الهجوم بتشريد مئات الآلاف من النازحين في المنطقة هذا القرار التركي الذي يعد مفاجئ فليس هناك من أدلة تبرر هجومها ولا تدعم وجهة نظرها بالتهديد لحدودها بل التطور الوحيد كان قرار الولايات المتحدة سحب قواتها والدعم الجوي من المنطقة وهو ما سمح للرئيس التركي بشن الهجوم دون خوف من الانتقام الأمريكي ،وهو ما قد يكون هو الدافع لتجرؤ تركيا على هذا السلوك المخالف للقانون بالادعاء بالدفاع عن النفس ولا سيما أن الميثاق أكد على لن يمتنع جميع أعضاء الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية عن التهديد بالقوة أو استخدامها ضد السلامة الاقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة مع وجود ثلاث استثناءات الأول لمجلس الأمن أن يأذن بالتدخل لصيانة أو استعادة السلم والأمن الدوليين والثاني أن توافق الدولة على استخدام القوة من قبل دولة أخرى على أراضيها كما هو الحال في أفغانستان والعراق بموافقتهما على الاستعانة بقوات دولية لمحاربة الجماعات الإرهابية والثالث إذا ما تعرضت دولة عضو لهجوم مسلح يتطلب اتخاذ خطوات ضرورية ومناسبة للدفاع عن النفس الدوليين لحين اتخاذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين ،وهو ما يؤكد أن واضعوا الميثاق كانوا على دراية بان الحق الموسع في الدفاع عن النفس يعني السماح للدول بشن حروب بذرائع عدة في ظل تكدس أسلحة عند الدول المتنافسة لذلك اشترطوا أن يكون أولا هناك هجوم مسلح وهو ما امتد لأبعد من ذلك مع مرور الوقت فبعد تفجيرات السفارة الأمريكية والمنشات العسكرية في بيروت عام 1984 اصدر الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان  توجيها سريا لقرار الأمن القومي والذي رفعت عنه السرية عام 2010 بان ( يعد النشاط الإرهابي الذي ترعاه الدولة أو التهديد الموجه لمثل تلك الأعمال بمثابة الأعمال العدائية وستحمل الولايات المتحدة الجهات الراعية المسؤولية عندما يكون لدينا دليل على ما أن دولة ما تنوي القيام بعمل إرهابي ضدنا فإننا نتحمل مسؤولية اتخاذ تدابير لحماية مواطنينا وممتلكاتنا ومصالحنا) ليكون ذلك القرار أول توجه نحو تغيير فكر الحكومة الأمريكية للتصدي للتهديدات الإرهابية عبر اتخاذ عمل استباقي ،ومع ذلك لم تكن تدابير الدفاع الوقائي مفعلة حتى عهد أدارة الرئيس جورج دبليو بوش  الذي جعل أدارته محورا للعمليات العسكرية الأمريكية عبر تبني مبدأ الضربات الوقائية كوسيلة للدفاع ضد التهديدات الأمنية الفورية أو المستقبلية في خطاب ألقاه عام 2002 حيث أعلن حربه على الإرهاب بقوله: ( الحرب على الإرهاب لن تتنصر إلا إذا ما نقلنا المعركة للعدو معرقلين خططه مواجهين أسوا التهديدات قبل ظهورها)وهو ما كان المبرر في شن الحرب على العراق بدافع حماية امن الولايات المتحدة ضد أسلحة الدمار الشامل التي تبين أنها غير موجودة وهو ما كان شرارة البدء لاضطراب الأوضاع في الشرق الأوسط ،ليأتي الرئيس اوباما رافضا مبدأ الرئيس بوش إلا انه واصل تبرير العمليات العسكرية الأمريكية في ظل فهم واسع للدفاع عن النفس إذ أرسلت أدارة اوباما رسالة للأمم المتحدة تعلن خططها للانخراط في الأعمال العسكرية الضرورية والمتناسبة في سوريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وعناصر القاعدة في سوريا وفق المادة (51) من الميثاق ،إلا أن المثير في خطاب اوباما كان انه استند لتفسير مثير للجدل لفكرة الدفاع عن النفس عبر تبني فكرة انه إذا ما كانت الدولة غير قادرة أو راغبة لمنع استخدام أراضيها في هجمات على دولة أخرى يجوز ذلك للدول الأخرى استخدام القوة العسكرية لمنع تلك الهجمات لتكون تلك الحجة للتدخل في سوريا ليكون ذلك تطورا في فكرة الدفاع عن النفس وهو ما يظهر لنا السبب في جراءة تركيا على تأكيد حق الدفاع عن النفس  وهو ما سيكون شرارة لزعزعة الأمن في المنطقة مهددا ما بقي من استقرار ولا سيما أن تبني حجج لتوسيع قواعد القانون الدولي وخرقها سيدفع دول أخرى لسوك نفس المنحنى وفق ما يتناسب وأهدافها وهو ما يدفع للدعوة لأعادة النظر بالقواعد الدولية وانتهاكاتها ولا سيما أنها بدأت تقوض السلم والأمن الدوليين بدل تقويته وتعزيزه .
     لذا فتركيا الدولة الجارة والعضو في الناتو قد انتهكت السيادة السورية وغزت أجزاء منها ،تلك الدولة التي اعترفت بها الأمم المتحدة بعد انضمامها للمنظمة الدولية علم 1945 وقبل استقلالها عن فرنسا ،إذا كان التصرف التركي وان كانت تبرره بمخاوف أمنية مشروعة سواء من التهديدات الإرهابية أو تدفق اللاجئين الذين يمثلون ضغطا على اقتصادها ومجتمعها إلا أنها كانت شرارة نرى أنها اشتعلت لمواجهة مسلحة بين دول تتصارع على أراضي دولة أخرى تصفي حساباتها على حساب شعوب أخرى منتهكة حرياتها وأمنها واستقلالها دافعة بها لمصير مجهول لا يستبعد أن تكون هي أول من يتضرر مما جنته يداها كتبعات لسلوكها بالتخلي عن مبدأ لا مشاكل مع الجيران والدخول في مشاكل تزيد من التزاماتها على المستوى الداخلي والخارجي في علاقاتها الدولية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع