القائمة الرئيسية

الصفحات

مدى قدرة قواعد العدالة على تعديل نصوص القانون تعليق على قرار قضائي بقلم: أ. د طارق كاظم عجيل / عميد كلية القانون/ جامعة ذي قار


مدى قدرة قواعد العدالة على تعديل نصوص القانون 
"
تعليق على قرار قضائي
بقلم: أ. د طارق كاظم عجيل / عميد كلية القانون/ جامعة ذي قار



مدى قدرة قواعد العدالة على تعديل نصوص القانون 
"
تعليق على قرار قضائي
بقلم: أ. د طارق كاظم عجيل
عميد كلية القانون/ جامعة ذي قار 
الجهة المصدرة : العراق - اتحادي
نوع الحكم : استئناف
رقم الحكم : 1274 / س 2 / 2015
تاريخ الحكم : 25-02-2016
اسم المحكمة : رئاسة محكمة استئناف بغداد / الرصافة الاتحادية / الهيئة الاستئنافية الثانية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    تشكلت محكمة استئناف بغداد/الرصافة الاتحادية بصفتها الأصلية بتاريخ 25/2/2016 برئاسة نائب الرئيس السيد محمد منيف سالم وعضوية نائب الرئيس السيد علي حسين يونس وقاضي الاستئناف شهاب احمد محمد المأذونين بالقضاء بأسم الشعب وأصدرت قرارها الأتي
المستأنف / مدير عام الماء / اضافة لوظيفته /وكيلاه المحامي (ص.ص) والحقوقي (م.ر.ح)
المستأنف عليه / المدير المفوض لشركة أنوار سورى للمقاولات العامة المحدودة /اضافة لوظيفته/ وكيله المحامي (ف.ن.ج)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القرار :- ادعى المدعي (المستأنف )بأنه تعاقد مع المدعي عليه (المستأنف عليه ) على انجاز مشروع ماء المشخاب الجديد بتنفيذ ونصب المعدات الكهروميكانيكية وتشغيل وصيانة المشروع وبعد الاستلام النهائي لاحظ بأن الشركة المنفذة (المستأنف عليه ) قامت بالتنفيذ خلافاً لما تم الاتفاق عليه مما ادى الى حدوث اضرار أصابت الفلاتر جراء سوء التنفيذ وقد قام بأجراء الصيانة واستبدال الفلاتر وتصليح موقع العمل بمبلغ مقداره (737,750,000) دينار لذا طلب دعوة المدعى عليه للمرافعة والزامه بتأديه المبلغ المذكور بتاريخ 10/9/2015 وبعدد 423/ب/2015 اصدرت محكمة البداءة المتخصصة بالدعاوى التجارية حكماً حضورياً قابلاً للاستئناف و تمييز قضت فيه برد دعوى المدعي (المستأنف ) وتحميله الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة وكيل المدعى عليه المحامي (ف.ن.ج) مبلغاً مقداره خمسمائة الف دينار ولعدم قناعة المدعي بالحكم المذكور فقد طعن به أستئنافاً بلائحته المؤرخة في 16/9/2015 طالباً فسخه وحضر وكيلا الطرفين وبوشر بالمرافعة الحضورية العلنية ولوقوع الطعن الاستئنافي ضمن المدة القانونية ولاشتماله على اسبابه قرر قبوله شكلاً وبعد التدقيق والمداولة ولدى الاطلاع على وقائع الدعوى وأدلتها الثبوتية فقد وجد بأن العقد موضوع الدعوى المرقم 6010 في /7/10/2007 مبرم بين المستأنف وشركة (ع.ال.ع ال) للمقاولات لغرض انجاز مشروع ماء المشجاب الجديد بتنفيذ ونصب المعدات الكهروميكانيكية ولتشغيل وصيانة المشروع وان شركة المستأنف عليه تم تحويلها الى شركة انوار سورى للمقاولات العامة المحدودة حسب ما جاء بكتاب مسجل الشركات بالعدد 23851 في 4/11/2015 وقد تصادق وكيلا الطرفين على ذلك في محضر جلسة يوم 25/11/2015 وبناء على طلب وكيل المستأنف قررت المحكمة أنتخاب خبير من المهندسين المختصين في المجال الميكانيكي لغرض اجراء الكشف على مشروع وبيان ما اذا كان الخلل الحاصل فيه هو من العيوب الخفية التي يتعذر على المستأنف اكتشافها عند استلام المشروع من عدمه وأنابة محكمة أستئناف النجف الاتحادية لاجراء الكشف على مشروع بصحبة خبير بالمعدات الكهروميكانيكية وبيان ما اذا كانت العيوب الحاصلة في المشروع عيوباً خفيه ومشمولة بالمادة (870) من القانون المدني وبيان مقدار التعويض الذي يستحقه المستأنف وقد تم اجراء الكشف على المشروع وقدم الخبير تقريره والذي ورد برفقة كتاب محكمة استئناف النجف الاتحادية بالعدد 2/انابة /2015 في 8/2/2016 حيث اجري الكشف بتاريخ 15/12 /2015 وقد خلص الخبير في تقريره الى انه ((بعد اجراء المعاينة والكشف الموقعي على مشروع فقد تبين ان هناك خلل في الفلاتر الخاصة بالتصفية تمثيل بوجود تكسر في قسم من البلاطات الخرسانية الحاملة للنوزلات وتكسر وتلف بعض النوزلات وقلع القواعد الكونكريتية الخاصة بحمل هذه البلاطات من مكانها وان هذا الخلل قد حصل نتيجة عدم تثبيت القواعد بشكل جيد بالأرض وانه قد تم استخدام مادة رغوة مع مادة الاسمنت بملىء مفاصل ما بين البلاطات الخرسانية الحاملة النوزلات ولم يتم أستخدام (مادة غير قابلة للتمزق) كما موجود بالمخططات التصميمية للمشروع مما ادى الى عبور الرمل الى اسفل الفلاتر ودخولها الى النوزلات وبالتالي الى انسدادها وان دائرة المستأنف خاطبت الشركة المستأنف عليه بوجود خلل في فلاتر التصفية وان هذه التعتبر من العيوب الخفية المشمولة بنص المادة (870) مدني وان المستأنف يستحق تعويض عن هذه الاضرار مبلغاً مقداره ثلثمائة وخمسون مليون دينار وان هذا المبلغ يشمل كلفة تبديل النوزلات التالفة والمغلقة بسبب دخول الرمل والمواد الاخرى وكلفة ابدال المادة العازلة الفاصلة بين البلاطات الخرسانية بمادة مطابقة للمخططات والموصفات الفنية وتثبيت النوزلات بشكل جيد للفلاتر (5,4,3,2) وقد دفع وكيل المستأنف عليه بأن دعوى الضمان المنصوص عليها بالمادة (870) مدني بالفقرة الرابعة منها نفط يمضي سنة واحدة من وقت انكشاف العيب وحصول التهدم وان المستأنف اكتشف العيب بتاريخ 11/2/2014 وأقام الدعوى بالضمان بتاريخ 5/8/2015 اي بعد مرور سنة ونصف على اكتشاف العيب مما تكون دعواه فاقدة لسندها القانوني وواجبة الرد من هذه الجهة وتجد هذه المحكمة من خلال تدقيق أضبارة الدعوى ومستندات المشروع والمخاطبات الجارية حول العقد بين الطرفين ان المدعي (المستأنف ) قد خاطب الشركة (المستأنف عليه) بموجب الكتابين المرقمين 1407 في 11/2 /2014 و5191 في 5/5/2014 واعلمهم بموجب اتخاذ ما يلزم لمعالجة العيوب الحاصلة في فلاتر مشروع ماء المشخاب وعددها سته فلاتر ألا ان المستأنف لم يلتفت الى هذه الكتب وقام بأهمالها ولم يكلف نفسه عناء الاجابة عنها والمبادرة الى اصلاح الاضرار والتي تعتبر بمثابة انذارات له من قبل المستأنف وتنبيه بوجوب أصلاح الاضرار وتراخى في الاجابة قاصداً من وراء ذلك المماطلة والتسويف مما الى مضي المدة المحددة لاقامة الدعوى ضمن السقف الزمني الوارد بالفقرة (4) من المادة (870) مدني وان هذه المحكمة ترى ان اقامة الدعوى من قبل المستأنف وبالوصف المتقدم يعتبر تحصل حاصل كالتنبه الذي قام به بموجب الكتابين المرقمين 1407 و5191 في 11/2/2014 و 5/5/2014 اللـذين صدرا ضمن الـمدة الـمحددة بالـفقرة (4) من الـمادة 870 مدني اذا ان قصد المستأنف عليه من المماطلة والتسويف بالأجابة على الكتابين المشار اليها في اعلاه هو مضي المدة المحددة بالفقرة (4) من المادة( 870 )مدني وان قواعد العدالة وألانصاف تقضي بوجوب معاملته بنقيض قصده السيء والزامه بتعويض المستأنف عما لحقه من أضرار لحقت بالمشروع جراء العيوب الخفية واذ ان تقدير الخبير القضائي المؤرخ في 8/2/2016 قد جاء مسبباً ومعللاً ووافياً لا مغالاة او إجحاف فيه ويصلح ان يكون سبباً للحكم عن وفق المادة 140 أثبات لذا فقد رفضت المحكمة طلب وكيله المستأنف بانتخاب ثلاثة خبراء واٍذ ان محكمة البداءة بحكمها المطعون فيه قد خالفت وجهة النظر القانونية المتقدمة مما يقتضي فسخه كلاً لذا قررت المحكمة فسخ حكم محكمة البداءة المتخصصة بالدعاوى التجارية بالعدد 423/ب/2015 في 10/9/2015 كلاً والزام المدعى عليه والمدير المفوض لشركة النوار سورى للمقاولات العامة المحدودة اضافة لوظيفته يتأديته الى المدعي مدير عام الماء اضافة لوظيفته مبلغاً مقداره ثلثمائة وخمسون دينار وهي قيمة التصليحات التي قام بها المستأنف ورد الدعوى بالزيادة وتحميل الطرفين الرسوم والمصاريف النسبية وتحميل المدعي عليه اتعاب محاماة وكيلا المدعي المحامي (ص.ص) والحقوقي (م.ر.ح) مبلغاً مقداره خمسمائة الف دينار وتحميل المدعي اتعاب محاماة وكيل المدعى عليه المحامي (ف.ن) مبلغاً مقداره خمسمائة الف دينار شاملة لمرحلي التقاضي بداءة واستئنافا وصدر الحكم بالاتفاق استنادا للمواد 193,166,161,160,159 مرافعات مدنية حضورياً قابلاً للتمييز وافهم علناً .
التعليق
     أريد أن أبين أولا وقبل كل شيء أننا سوف لن نناقش، هل أن العيوب موضوع الدعوى من العيوب المشمولة بأحكام المادة 870 من القانون المدني أم لا، وسوف نركز تعليقنا على نقطة جوهرية وردت في القرار تتمثل باستعانة المحكمة بقواعد العدالة والانصاف لمخالفة مدد السقوط المنصوص عليها في الفقرة 4 من المادة 870 مدني. فهل تملك قواعد العدالة والانصاف مثل هذه القوة؟ بحيث تستطيع المحكمة عن طريق الاستعانة بها تعديل مدد السقوط المنصوص عليها في القانون
    سوف لن أطيل عليكم في شرح ماهية قواعد العدالة والانصاف، وما كان دورها في القانون الروماني وما أل إليه في التشريعات المدنية الحديثة، فهذا بحث يطول. وأقتصر على قول ما يأتي:- 
    نحن لا نؤيد المحكمة الموقرة فيما ذهبت اليه، فقواعد العدالة والانصاف يمكن الاستعانة بها، لسد النقص الموجود في التشريع، ولكن ليس لتعديل التشريع القائم، بحجة عدم عدالته، فالنصوص التشريعية أحد أهدفها تحقيق العدالة، ولكن ليس كل أهدافها، فالقواعد التشريعية تهدف إلى ضبط النظام في المجتمع وتحقيق الاستقرار في المعاملات، وتنشد العدالة بين الاشخاص، وليس من مهمة القاضي أن ينظر في موافقة نصوص القانون للعدالة أو مخالفتها له، فهذه مهمة الفقه، أما مهمة القاضي – وهي جليلة – فتقتصر على تطبيق القانون كما هو بغض النظر عن عدالته، لأن الدخول في موضوع عدالة القاعدة التشريعية من قبل القضاء يؤدي إلى ضياع النظام في التطبيق، ويحول القاضي إلى مشرع، فتختلط وظيفة القضاء بوظيفة التشريع، ويحصل ملا يحمد عقباه
أما إذا كانت النصوص التشريعية مشوبة بالغموض أو الابهام، فيمكن الاستعانة بقواعد التفسير لإيضاحها، إما إذا كان النصوص التشريعية ناقصة، فيمكن الاستعانة بقواعد العرف، ثم مبدأ الشريعة السلامية وأخيرا قواعد العدالة لإكمالها
    لذلك كان المفروض بقضائنا المدني، أن يسقط دعوى الضمان العشري لمرور مدة السقوط المنصوص عليها في القانون، ويسمح للمتعاقد أن يرجع على المتعاقد معه بدعوى المسؤولية التقصيرية لارتكابه عملا غير مشروع يتمثل بالمماطلة – بسوء نية – بهدف مضي المدة المحددة لرفع دعوى الضمان، ولما كانت هذه المماطلة والتسويف يدخلان في باب الغش ويشكلان عملا غير مشروع، فأن دعوى التعويض عن هذه الافعال لا تسقط إلا بمرور ثلاث سنوات، ويكون موضوعها تعويض المتعاقد عن الضرر المتمثل بسقوط دعوى الضمان العشري بما تتضمنه هذه الدعوى من عناصر التعويض المنصوص عليها قانونا( ). فتتحقق العدالة التي ينشدها قضائنا العادل، وتطبق النصوص كما أردها المشرع. 
 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع