القائمة الرئيسية

الصفحات

حظر التجوال كأحد مقاصد الشريعة والقانون لحفظ النفس بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



حظر التجوال كأحد مقاصد الشريعة والقانون لحفظ النفس
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



حظر التجوال كأحد مقاصد الشريعة والقانون لحفظ النفس
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

     يستلزم لحماية المصلحة العامة في الدولة اصدار قوانين وتشريعات والتي منها حظر التجوال والذي يمنع بموجبه الناس من السير في الشوارع والطرقات والاماكن العامة وهو ما يمر علينا هذه الايام لتصدر بعض القوانين لتقييد حرية الفرد في التنقل داخل منطقة معينة وذلك لظروف  استثنائية داخلية او خارجية لكن ما هو حظر التجوال الذي اصبح واقعا نعايشه في وقتنا الحاضر اذ يلجأ اليه لمنع الناس من الحركة من بلد او منطقة لظرف استثنائي ولفترة زمنية معينة وبما ان حظر التجول هو تقييد لحرية الفرد التي اقرتها المادة(44/اولا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والتي جاء فيها : ( للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه)وبما ان هذا الحق دستوري يتعلق بأحد الحقوق الدستورية للفرد فلا يجوز تقييده الا بقانون وفق ما اقرته المادة (46) من الدستور والتي تنص على : (لا يكون تقييد ممارسة اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او جوهر الحرية) لذا تكون الحالات الطارئة التي يتعرض لها البلد احد اسباب فرض حظر التجول كما هو الحال عند انتشار الاوبئة لتكون احدى تلك الحالات التي تمنح السلطات المختصة صلاحية اتخاذ التدابير اللازمة ومنها حظر التجول كليا او جزئيا وفق مقتضيات الحاجة وبما ان الدستور قد الحرية لفرد واقرها الا ان القانون منح السطات المختصة سلطة فرض حظر التجوال فقد وضع القانون عقوبة على منتهك ذلك الحكم عبر تجريم مخالفة الاوامر والتعليمات الصادرة من سلطة عامة وفق احكام المادة(240) من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم (111) لسنة 1969 ،ولم يكن الامر بالمختلف في نطاق القانون الدولي فقد اقر هو الاخر حرية التنقل في اكثر من موضع منها المادة (13) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 والمادة(12) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 والتعليق العام رقم (27) لعام 1999 في مادته الاولى الا انه قد اتاح تقييد تلك الحرية في حالة الضرورة اوردها في المادة (12/3) والتي حدد ان يكون ذلك التقييد بنص القانون وبما يتعلق بالأمن والصحة العامة والسلامة والآداب او حقوق الاخرين وحرياتهم وهو ما نجده متوافقا مع النصوص الدستورية الواردة في دستور جمهورية العراق لعام 2005 ،لذا فان فرض منع التجول على منطقة كعينة تتعرض لتهديد امني او صحي بريا كان او جويا يحظر خلاله سير الناس مستندا لقرار محلي او دولي كما حدث في اوائل التسعينات من القرن الماضي بحظر الطيران في الاجواء العراقية والذي قد يكون لفترة طويلة او قصيرة كليا او جزئيا كان يفرض على منطقة  برمتها و لفترة طويلة او لأيام معدودة ،واحد اهم الاسباب التي تدعو لمنع التجول وحضره انتشار وباء او مرض خطير يهدد حياة الناس فيفرض للحد من تعرض الناس للإصابة بالمرض وهو ما يعد عذرا حتى في العبادات فعن ابن عباس(رض) عن الرسول (ص) ان الرسول قال: ((من سنع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا وما العذر ،قال : خوف من مرض ....)) ليرد التصريح باعتبار المرض عذرا ،والخوف الذي جرى على الاتفاق عليه عذرا لا يخلو من ثلاث ،الاول/ الخوف على النفس بما يؤدي لأتلافها او الحاق الضرر بها ،والثاني/ الخوف على المال من الضياع او الاستيلاء عليه ،والثالث/ الخوف على الولد او العرض او موت قريب دون شهوده ،ولا يختلف ان يكون احد الوالين او سواهما ،وهذه الاعذار تتحقق في منع التجول الجاري في وقتنا الحاضر وبما ان الفقهاء اتفقوا على ان تصرفات ولي الامر او الحاكم منوطة بحفظ وتحقيق مصالح الناس وبما ان الاوبئة خطر يفترض حظرا صحيا للحد من انتشار الامراض التي قد تفتك بالعباد تعمد الدول لفرض حظر التجوال في المدن الموبوءة لمنع انتشاره لبقية المدن وهو ما اقرته الشريعة الاسلامية وقد بين الرسول (ص) ذلك  بأوضح بيان فمنع الدخول للبلدة الموبوءة 
    بالطاعون ومنع الخروج منها بل جعل ذلك كالفرار من الزحف والذي هو من كبار الذنوب وجعل للصابر اجر الشهيد فعن جابر (رض) عن الرسول (ص) قال : ((الفار من الطاعون كالفار من الزحف والصابر فيه كالصابر في الزحف)) وهو ما يدلنا على اقدم نظام وقائي صحي في التاريخ لتأخذ به الامم بعد ذلك ومنها فرنسا كأول دولة تلجأ اليع عام 1791 لتأخذ به باقي الدول بعد ذلك ليكون احد اهم الوسائل للحد من انتشار الامراض الوبائية ليمنع الناس من التنقل سواء كانوا مصابين ام لا، اما المرجعية الرشيدة فقد كان لها موقفها من ذلك الامر فقد اكدت على حرمة التجمع مادامت الحكومة تامر بعدم التجمع وتحظره لانتشار وباء بين الناس وعدت ناقل المرض او مخالف قوانين حظر التجوال بانه قاتل اذا ما تسبب بقتل انسان بهذا الفيروس بتأكيدها ان الالتزام بالحظر هو من الامور العقلائية والطبية لا بد من الالتزام بها وهو يمثل الموقف الشرعي والقانوني من حظر التجوال الذي يعد ضرورة لحفظ النفس في وقت بات الوباء ينتشر كالنار في الهشيم بين افراد الشعب بعد الانتقال من مرحلة المصابين العائدين من دول موبوءة لننتقل لمرحلة المصابين عن طريق العدوى عن طريق اشخاص مصابين نسال الله السلامة والصحة للجميع.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع