القائمة الرئيسية

الصفحات

اخفاء الحقائق واثر ذلك في انتشار الاوبئة والامراض بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



اخفاء الحقائق واثر ذلك  في انتشار الاوبئة والامراض
بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



اخفاء الحقائق واثر ذلك  في انتشار الاوبئة والامراض
بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

     ترهق الامراض التي يمكن الوقاية منها العديد من دول العالم ليموت سنويا بما يقدر بثلاثة عشر مليونا من الافراد بما يعاد 80% منهم بسبب الامراض السارية وعلى الرغم من ان الصحة مسؤولية مشتركة الا ان الدول غالبا ما تعمد لتبني مبدأ المصلحة الذاتية بدلا من الاساليب المتوافقة لتعزيز اطار عمل رئيسي متماسك لمشاركة المسؤولية لحفظ الصحة وهو ما يواجه تحديات كبرى تتمثل في توضيح التزامات الدول تجاه قاطنيها والتزامات الدول ازاء سكان العالم ولا سيما ان حقوق الانسان الدولية توفر اعلى معايير يمكن بلوغها من الصحة لتكون نقطة انطلاق لتحقيق اعلى مستوى من الخدمات الصحية للفرد الا ان ذلك واجه معوقات عدة تمثلت في قلة الاستثمارات الصحية الحكومية للفرد وهو ما يظهر بنطاق واضح في الدول النامية مقارنة بدول العالم المتقدم وهو ما يبقي تلك النظم الصحية منخفضة وحبيسة لسياسات المانح ولا سيما ان العديد من تلك النظم تعتمد على المتبرع وهو امر معيب ولا سيما ان اغلب الجهات المانحة تقرر لمن ولماذا ومقدار ما تمنحه وهو ما لا يدع مجالا للبلد المتلقي في التصرف بتلك المنح وهو ما يوجد علاقة غير متكافئة معتمدة على المانح وتحدد مسؤولية الدولة عن برامجها الصحية التي تصبح منوطة بغيرها ولا سيما ان في الغالب تفتقر وزارات الصحة للمعرفة بالبرامج المدعومة من مانحين اجانب وامكانية ادارتها بما يتلائم والحاجات الفعلية للبلد ،لذا بات امر الصحة العامة يعتمد اكثر مما مضى على التعاون الدولي وارادة الجميع للاتخاذ اجراءات فعالة لتصدي للأخطار الجديدة والمستجدة  رسالة واضحة تبعثها لنا الازمة الحالية لانتشار فايروس كورونا المستجد في ظل تعمد لإخفاء معلومات عن وباء بات يهدد سكان العالم بلا استثناء والتي بينت مقدار الخلل في نطاق التعاون الدولي في مواجهة تلك الاخطار فظهور امراض خطيرة وجديدة بشكل غير مسبوق بقدرة على عبور الحدود بسرعة والانتشار بين البلدان ولا سيما انها خطر قائم منذ قرون عدة كما هو الحال في الانفلونزا الجائحة والسل والملاريا والفيروسات المسببة للإيدز وحمى ايبولا النزفية والمتلازمة التنفسية الوخيمة ،فمنذ عام 1967 تم اكتشاف ما لا يقل عن 39 عامل من العوامل الممرضة الجديدة بما في ذلك الفيروسات المسببة للأمراض سابقة الذكر وهو ما يتطلب تضامنا على الصعيد العالمي ليكون مسؤولية مشتركة للاستجابة لمقتضيات التصدي ومواجهة سريان تلك الامراض تحقيقا للصحة العامة على الصعيد الدولي عبر اقامة شبكة عالمية للإنذار بحدوث تلك الاوبئة والفاشيات لمكافحتها والوقاية منها عبر التعاون مع المؤسسات الحكومية المحلية لدعم الجهود لدراسة الظروف المحيطة بانتشار فايروس ما عبر الترصد النشط واقتفاء اثر المخالطين ومكافحة نشر العدوى وفهم الظروف المحيطة بانتشار الفيروس في الطبيعة وكيفية انتقاله للبشر وتحسين القدرة على التنبؤ بتلك الامراض والوقاية منها مستقبلا و لا سيما انها باتت تسبب اثار صحية واقتصادية خطيرة كما حدث عام 2003 عند انتشار المتلازمة الرئوية الحادة والتي كلفت البلدان الاسيوية ما مقداره 60 مليار دولار امريكي بين نفقات وخسائر تجارية وهو ما يوضح مكامن الخلل في نطاق الصحة بإحساس زائف بالأمن الصحي في ظل غياب فاشيات الامراض المعدية وتغيرات سياسية في المواقف من دعم البرامج الصحية وحالات الهجرة القسرية التي تجبر الافراد على التجمع والعيش في ظروف يلازمها الفقر وانعدام الخدمات  الصحية والتي منها النظافة مما يزيد من خطر ظهور الاوبئة مع تطور الجراثيم والفايروسات واكتسابها مقاومة ضد الادوية والعقاقير اضف الى ذلك تربية الحيوانات دون مراعاة الاسس الصحية السليمة لتشير تقارير منظمة الصحة العالمية منذ اب من عام 2007 الى ان الانفلونزا الجانحة هي من اخطر الامراض التي تتهدد الامن الصحي للناس على سطح الكوكب مع تنبيهها على ضرورة تعزيز النظم الصحية وتوخي الحيطة في التدابير المتخذة وفق المخاطر القائمة في ظل ظهور سلالات مقاومة للأدوية وهو ما يستوجب الالتزام بلوائح اصدرتها منظمة الصحة العالمية منذ عام 2005 والتي تستند لفكرة انه لا يمكن لدولة توفير الحماية التامة لمواطنيها بشكل منعزل بل توجب ان تعمد الدول لتقييم الطوارئ الصحية العامة والتي يمكن ان تسبب قلقا دوليا وابلاغ منظمة الصحة العالمة بها مع ضمان تغطية المخاطر الناتجة عن تفشي عوامل المرض ، ومنذ اصدار تلك اللوائح عام 2005 قامت كل البلدان الاعضاء في منظمة الصحة العالمية والتي يبلغ عددها 193 دولة بأنشاء   مراكز اتصال بالمنظمة بما يتعلق بموضوع تلك اللوائح يبلغ عددها 174 مركزا وهو ما يمثل عدم امتثال كلي لتعليمات المنظمة بهذا الجانب على الرغم من ان الموضوع غاية بالأهمية لتظهر لنا الازمة من جديد بعد الانذار منها قبل اكثر من ثلاث عشر سنة وهو ما يستدعي التطبيق الكامل من قبل جميع الدول للوائح الصحية الدولية لعام 2005 عبر التعاون الدولي بالرصد والانذار بحدوث الاوبئة والامراض والاستجابة السريعة لتفادي اخطارها وما ينتج عنه من اخطار تهدد الصحة العامة واقتصاديات الدول والذي يتحقق عبر تبادل المعرفة التكنلوجية بطريقة منفتحة بما يشمل الفيروسات والعينات المختبرية وهو امر لازم للوصول الى المستوى الامثل للأمن الصحي العالمي ليكون من مسؤولية الجميع بناء القدرات لتطوير وتعزيز البنى الصحية في جميع البلدان ولا سيما ان الازمة الحالية كشفت هشاشة العديد من تلك الانظمة في دول يشار اليها بالكبرى او المتقدمة في مجال الصحة اضافة الى التعاون داخل القطاعات الحكومية المحلية عبر توفير القدرات اللازمة للتدريب والرصد للوبئة مع شن حملات للوقاية دون الانتظار لحين تفشي المرض او الوباء.
      لذا يكون الابلاغ السريع وتبادل المعلومات المتعلقة بانتشار الامراض بين الدول الاعضاء في المنظمة ولا سيما ان موضوع التصدي لتلك الاوبئة يتعلق بسرعة الحصول على المعلومة المتعلقة بالوضع الوبائي للبلد المعني في ظل واقع انتقال الناس والبضائع لمسافات شاسعة في وقت قصير مما يمثل تحديات هائلة تتطلب فعالية وسرعة في التصدي لها من قبل السلطات المختصة محليا ودوليا في الوقت المناسب ولا سيما ان مهمة نشر المعلومة تقع على عاتق منظمة الصحة العالمية لذا كان تبادل المعلومة السريع هو العامل الاول والاساس للتصدي للوتيرة المتصاعدة في سفر الافراد وتنقل البضائع ومساهمة ذلك في انتشار الاوبئة وهو ما لوحظ في الفترة التي انتشر فيها وباء سارس مع الاخذ بنظر الاعتبار ان بعض التنقلات تجري بلا اي ضوابط وهو ما يعني عدم السيطرة بشكل كامل على تلك التنقلات وهو ما يضع السلطات المسؤولة امام مسؤولية الاخفاق في تنفيذ القوانين الدولية وهو ما سيمثل خسائر كبرى سواء على صعيد الصحة العامة او السياسة ـفمنذ عام 1946 حدد دستور منظمة الصحة العالمية مسؤولية المنظمة بالنسبة لمكافحة الامراض المعدية وواجبات الدول في نقل المعلومة للمنظمة والتي كانت مقصورة على نقل المعلومة والتي حدثت لاحقا عام 1951 ليتم تبني القواعد الصحية التنظيمية الصحية الدولية (IHR) لتوفير قاعدة قانونية لاطار عمل المنظمة في الوقاية ومكافحة الامراض المعدية العابرة للحدود لتعمد عام 1995 لتطلب الدول الاعضاء تعديل القوانين الصحية التنظيمية الدولية لقدمها وعدم ملائمتها مع التحديات الجديدة  ليتم اعتماد القواعد التنظيمية لعام 2005 والمعتمدة لحد الان والتي تتضمن نظاما متطور للإبلاغ عن الامراض المعدية والتي اصبحت سارية منذ حزيران من عام 2007 والتي تتطلب وفق المادة 4 منها من الدول الاعضاء الابلاغ خلال 24 ساعة عن الحلات الوبائية التي يمكن ان تتصف بأهمية عالمية لإعلان حالة الطوارئ بما يتعلق بالصحة العامة مع استخدام اسرع الوسائل المتاحة للاعلان عبر مراكز الاتصال الوطنية التي نوهنا عنها مسبقا على ان يصار لأرسال معلومات مفصلة بأسرع وقت ممكن بما يتعلق بهذا الشأن ،كما تستطيع منظمة الصحة العالمية وفق المادتين (9و10) ان تعمد لاستخدام مصادر اخرى للحصول على المعلومة بشان الامراض المتواجدة لدى الدول الاعضاء على ان يتم تأكيدها من المصادر الرسمية من قبل البلد العضو قبل اتخاذ اي اجراء يرتكز على تلك المعلومة ليصار لإبلاغها لباقي الدول الاعضاء وفي حالات استثنائية تبقى تلك المعلومات طي الكتمان ـلتلزم المادة (11) المنظمة بإبلاغ المعلومة لجميع الدول الاعضاء بأسرع وقت ممكن ونشرها للجمهور ليعد اتصال المنظمة بمندوبي الدول  الاعضاء شرطا لإيصال المعلومة ليعد اخفاء الدول اي معلومات تتعلق بالوضع الوبائي خرقا للنصوص الدستورية للمنظمة مهما كانت الدوافع لكون انضمام الدول للمنظمة يرتب التزاما على الدول الاعضاء بتوفير المعلومة  اللازمة للمنظمة تنفيذا لواجبات دولية وردت بوضوح في دستور المنظمة والتي ترتكز على قواعد قانونية ملزمة وهو ما يلزم الدول الاعضاء بالالتزام في نصوصها القانونية والدستورية بذلك وهو ما يعد تنفيذا لقرار الجمعية العامة عام 2004بقرارها المرقم (28/2/في 27 ايار 2004) بوجوب نشر المعلومات المتعلقة بالنتائج المختبرية ذات النتائج الايجابية بتشخيص الامراض لما لذلك من اثار وتداعيات خطيرة تتعلق بالصحة العامة والاقتصاد العالمي وهو ما يستوجب عدم التستر على المعلومة المتعلقة بالكشف عن الوضع الوبائي  لاحد الامراض لما لذلك من اثر على حملات التوعية بالصحة العامة واعلان الطوارئ الدولية ولا سيما في القضايا ذات الاهتمام العالمي والتي يمكن ان يكون لها اثر سياسي واقتصادي كبير على التجمعات البشرية بما يؤثر سلبا على الاحوال المعيشية للسكان المحليين وهو ما يدعو لدعوة الجهات المسؤولة لتحمل مسؤولياتها لنشر المعلومة بطريقة قعالة وعلى المستوى العالمي بما يتعلق بانتشار الامراض مع وضع الاولوية على الجهود المشتركة في تعزيز القدرات الصحية والابلاغ عن الاوبئة لنشر المعلومة بصورة فعالة ولا سيما ان هذه الازمة اظهرت مدى قوة الانظمة الصحية للبلدان ومقدرتها على تشخيص الامراض في مراحلها الاولى من الظهور لتظهر بؤر ساخنة للمرض في دول لا يمكننا القول عنها ذات سلطات صحية ضعيفة او غير موجودة كما هو الحال في دول تفتقر لتلك القدرات .


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع