القائمة الرئيسية

الصفحات

المشاركة الواعية في البحوث العلمية والحق في الصحة بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



المشاركة الواعية في البحوث العلمية والحق في الصحة
بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



المشاركة الواعية في البحوث العلمية والحق في الصحة
بقلم/ ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا

      تعد كفالة التمتع بالحق في الرعاية الصحية احدى اهم مميزات مراعاة الكرامة الانسانية والتي تتمثل في ايجاد بيئة تمكن المرضى من الحصول على المشورة الطبية والعلاج اللازم وهو ما يتطلب سلسلة من خدمات الرعاية الصحية التي توفرها الدولة للفرد في نطاق مسؤوليتها باحترام حق الفرد في الحصول على الرعاية اللازمة عند الحاجة مع اتخاذ التدابير اللازمة الوقائية والساندة ،فحق الفرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية (الحق في الصحة) وهو كأمر مقر من قبل مجلس حقوق الانسان في قراره (6/29)في 14 كانون الاول من عام 2007 ،فمفهوم حق المرضى في الرعاية الصحية مر بمراحل تطور منذ محاكمات نورنمبرغ في القرن الماضي ليتردد الاعتراف بذلك الحق وتحديد مسؤولية الدول تجاه المرضى في عام 1947 وقد سبق وان اكدت مدونة نورنمبرغ على ان المشاركة الطوعية للفرد في البحث الطبي لازمة في كل الظروف ليأتي اعلان هلسنكي عام 1964 للارتقاء بمبادئ نورنمبرغ وربطها بالواجبات الاخلاقية للأطباء وفق ما ينص عليه اعلان جنيف لعام 1948 وهو ما تم تأكيده عام 1994 في اعلان امستردام الذي اشترط موافقة المريض لأي تدخل طبي وعدها شرطا اساسيا لذلك كافلا بذلك الحق في رفض التدخلات الطبية او وقفها لتكون تلك الموافقة قرارا طوعيا للمريض بنحو يكفل حق المريض في اتخاذ القرار والغاء ما يرتبط بذلك من التزامات تقع على عاتق مقدم الخدمة الطبية كالدولة او المؤسسات الخاصة  وهو ما يعد احتراما لأهلية المريض القانونية او من يمثله والتي ترتبط بالقدرة على اتخاذ قرار بقبول او رفض التدخل الطبي على ان يكون ذلك الاجراء موثقا قبل اتخاذ الاجراء الطبي محل الموافقة وبشكل طوعي دون قسر او ادعاء كاذب وهو ما يتطلب موافقة صريحة من المريض دون قسر او اكراه والذي يمكن ان يتضمن حالات الارهاق والاجهاد اضف الى ذلك يتوجب احاطة المريض علما بالمعلومات المقدمة له على نحو يناسب مداركه وهو ما يطلق عليه مصطلح المريض الحصيف والمستمد قانونا من مذهب (كانتربيري) الامريكي والذي يقضي بكشف كل المعلومات للمريض قبل الحصول على موافقته ،اما في كندا فالمبدأ هو (الموافقة الموضوعية المعدلة) والتي تتضمن ان تكون المعلومات متوفرة ومقبولة للمريض مع مراعاة ظروف المريض الخاصة بشكل منفرد لكل حالة وهو ما يعزز الثقة بين الطبيب والمريض بما يشكل دعما لاستقلالية المريض وحفظ الكرامة الانسانية للفرد في المتع بالأمن الصحي والحصول على الخدمات الصحية بكرامة ،ليضع العهد الدولي التزاما على عاتق الدول بحماية الافراد من التجاوز على حقهم في الرعاية الصحية او التمييز بينهم على اي من اسس التمييز ولأي سبب كان ،اضف الى ذلك عدة صكوك دولية واقليمية عمدت لكفالة ذلك الحق والتي منها اتفاقية اوربا بشان حقوق الانسان والطب الاحيائي (اتفاقية اوفييدو) المعتمدة عام 1997 وبروتوكولها الاضافي المتعلق بالبحث الطبي البيولوجي (سلسلة المعاهدات الاوربية 195) وميثاق الحقوق الاساسية الصادر عن الاتحاد الاوربي والتوجيه المتعلق بالتجارب السريرية الصادر عن المجلس الاوربي والبرلمان الاوربي وهو ما يؤكد ان الاختبارات الاجبارية تتعارض مع حقوق الانسان وتقوضها اذ قد تكون تلك الاختبارات قسرية بما يعني عدم موافقة الافراد على اجرائها او منعهم من الحصول على النتائج المتوقعة منها وهو ما ينفي الحق في الموافقة على العلاج او رفضه بغض النظر عن النتائج المرجوة ، فتدابير الصحة العامة دائما ما يتوجب ان تكون طوعية بحفظ حق المريض وخصوصيته وفق ما منصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دون اي تقويض وفقا لمبادئ (سيراكوزا لعام 1985) لتكون تلك الاجراءات مشروعة ومطابقة للقانون وما يوضع من قيود يجب ان يتلائم مع متطلبات الكرامة الانسانية وحقوق الانسان وحرياته الاساسية على ان تجرى ضمن بيئة صحية مثلى ليحاط علما من يخضع لتجارب البحث العلمي بأهداف البحث واساليبه والفوائد المرجوة منه والاخطار التي يمكن ان تترتب عنه مع امكانية الانسحاب في اي وقت مع ضمان الحصول على تعويض مناسب مقابل المشاركة في البحث للوقت والجهد والاثار السلبية التي يمكن ان تترتب عنه على ان تضاعف تلك الحماية للأفراد ذوي الاعاقة الشديدة والحوامل والاطفال والاشخاص المعرضين لحالات الطوارئ المهددة للحياة والمسنين ،مع ضمان عدم اللجوء للاستعانة بتلك الفئات الا في حالة انعدام الفئة السكانية البديلة وبنفس القدرة والفعالية على ان تخفف مخاطر المشاركة لأدنى حد على ان لا تمنح المكافئات التعويضية للوكلاء المأذون لهم بالموافقة نيابة عن من لا يمكنه ممارسة اهليته القانونية ،لذلك تعد الموافقة الواعية مبدأ راسخ في القانون الدولي وعلى الصعيد الوطني وهي رابط بين المريض والطبيب لذلك يتوجب على الدولة كفالة الحق في الصحة ومراقبة الممارسات القانونية في نطاق تقديم الرعاية الصحية ومجال اجراء  البحوث دون ان تعمد لفرض قيود على تقديم الرعاية الصحية اللازمة للصحة العامة ورصد الحالات التي تنتهك ذلك الضمان بما يهدد كرامة الانسان والحيلولة دون حدوث اي انتهاك لذلك الحق.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع