القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في كتاب وللقلق نكهة للأستاذ الدكتور واستاذ العلوم السياسية حيدر نزار السيد سلمان بقلم الدكتور: باقر الكرباسي / النجف الاشرف




قراءة في كتاب وللقلق نكهة للأستاذ الدكتور واستاذ العلوم السياسية حيدر نزار السيد سلمان
بقلم الدكتور:  باقر الكرباسي / النجف الاشرف



قراءة في كتاب وللقلق نكهة للأستاذ الدكتور واستاذ العلوم السياسية حيدر نزار السيد سلمان.
بقلم الدكتور:  باقر الكرباسي / النجف الاشرف

    عمد الكاتب في عتبة عنوانه إلى سياق منزاح عما هو متعارف او مألوف في جعل للقلق نكهة خاصة ولذة وجعل أيضا من هذا القلق عامل قوة وواقعية لارتياد المحظور، والعنوان يتساوق مع المتن اي (النص) بديناميكية عصرية تضيئ او تسلط الضوء على تساؤلات الإنسان وهو يصارع الوجود الذي غزته المتغيرات، حقيقة أعجبتني النصوص إذ وجدت فيها الوجه القاسي للحياة العصرية التي جعلت الإنسان يعيش الترقب بحذافيره كلها مما ولد في نفسه الشك في ما يحيطه والآخر الذي يسعى في تهديد خصوصيته والفوضى العارمة التي بعثرت كيانه، نصوص الدكتور حيدر حملت أشعة نابعة من مشاعر الغربة والاضطهاد من الاخر فردا ومجتمعا، وهو بين هذا وذاك لجا الي عقد مقارنات بين طبقتي المجتمع العليا والدنيا راجعا لذلك إلى عصور الطبيعة لاسيما القرن السابع عشر والثامن عشر حينما أصبح البون شاسعا بين طبقات المجتمع الارستقراطية والبرجوازية والبرولتاريا ليجعل من هذا المعطى معادلا موضوعيا يسلط من خلاله الضوء على الفوارق الطبيعية التي انتشرت في مجتمعه، والكاتب هنا يحاول ان يقتحم هذه العوالم بروح وثابة ولكن يعلن _بخفاء _ عجزه وفشله عن مجاراة هذه العوالم البعيدة عنه ماديا ونفسيا، لذا عمد الكاتب إلى تبني شخصيتين هما أقرب للرمز منهما للانسان هما :شخصية البطل المثالي المضحي في سبيل المبادئ، وشخصية الرجل المادي اللاهث وراء مغريات الحياة، ومن دون هاتين الشخصيتين احتلت الهامش لتعمل على تسليط الضوء على رؤاها وما تتبناه.
    وفي النصوص النثرية ترتبط قضية المكان شانها في ذلك شان قضية الزمان ارتباط عضويا وثيقا، فنجد زمان المادة التي كتبها المؤلف كاد ان يتمثلها في اتجاهات ثلاثة :الأول يتمثل في التذكر والاسترجاع وهي اغلبها زفرات أطلقها الكاتب في تذكر مامضى بما يحمله من صفاء ونقاء، والذي جعل منه نتيجة حتمية للاتجاه الثاني الذي يمثل الحاضر بما يحمله من بؤس، لذا صار الكاتب يعيش في وجدان تناقضات هذين الاتجاهين الزمنيين مما دفع به لاستشراف المستقبل وهو الاتجاه الثالث، وهذا الاستشراف نظر اليه الكاتب بعين المتنبئ الذي يرسم صورة المستقبل بما تولد في داخله من تناقضات هذين الزمنين، فلنتامل قوله _على سبيل المثال _ (لاتنطق بكل الكلمات المحبوسة في صدرك فلربما يأتي اليوم الذي تحبسك فيه كلماتك) ص٥٧، وهنا نرى كيفية فعل هذه الازمة في خلق النظرة السوداوية للواقع المعيش، الأمر الذي دفع بالكاتب إلى البحث عن ازمنة أخرى في محاولة ولاسيما فيما يتصل بالزمن الماضي، وتوقفت عند نص شارع الطوسي كثيرا للوصف الجميل الذي تمثل إلى حد كبير في المكان الذي يحتله النص، وصفه لمسرح الحدث خاصة والحدث في مدينة عاشها الكاتب ولم يتخيلها، فيقول :(كل دروبك موحية بالوجع، وفيك يتردد صدى بكاء الشابات والأمهات والأباء والأبناء، ولازالت أصواتهم تتصاعد، وانت ساكن لاصوت لك، لادمعة تسقط، فهل اعتدت التجلد والصلابة وماتت روحك؟) ص٧٧، وفي النص نفسه يقول :(ولانك فم الموت العالم المفتوح بشهية، ولأنك طريق المارين إلى العالم الآخر، فرب احد سيأتي ليغلق كل طرقك ودروبك، ويسد فتحة الموت، بل ويعلنها نهايتك الأبدية، فقد جفت منابع الدمع، وتوقفت الحناجر عن الصراخ، وانت مازلت صامتا لاتحلم بالوداع الاخير) ص٧٨، وجدت انحيازا في نصوص دكتور حيدر على المضطهدين والمسحوقين، نصوص رافضة للظلم والطغيان، وهذا جلي في قوله الذي اختتم به كتابه :(وهنا عاد الجميع إلى ماقبل الماضي باحثين عن الأصل المدفون في ترابه، وكان العلام المبعثر في الأماكن الرطبة يشرب من مياه السواقي الجافة العفنة، ولازال يحتفظ بذاكرة اجتثاثه) ص٨٤، واخيرا اقول ان عطاء الدكتور حيدر لم يتوقف يكتب ويحلل وينقد، واغبطه على هذا المنجز إذ أعطى للسرد والنص النثري دفقة جديدة من الحياة.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع