القائمة الرئيسية

الصفحات

الاختصاصات الحصرية للبرلمان في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 إعداد: الدكتور أزهر عبد الأمير الفتلاوي معهد العلمين للدراسات العليا



الاختصاصات الحصرية للبرلمان في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
إعداد: الدكتور أزهر عبد الأمير الفتلاوي
معهد العلمين للدراسات العليا



الاختصاصات الحصرية للبرلمان في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
إعداد: الدكتور أزهر عبد الأمير الفتلاوي معهد العلمين للدراسات العليا


المقدمة
المطلب الاول: تعريف الاختصاص الحصري
المطلب الثاني: الاختصاصات الحصرية (المباشرة)
الفرع الاول: الاختصاصات الحصرية بموجب المادة(110) من دستور
               2005
الفرع الثاني: الاختصاصات المباشرة
  المطلب  الثالث: الاختصاصات غير الحصرية (غير المباشرة)
الفرع الأول: السطات التنفيذية للبرلمان
الفرع الثاني: الاختصاصات المشتركة مع السلطة التنفيذية
أولاً: تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية
ثانياً: الموافقة على إعلان حالة الحرب وحالة الطوارئ
ثالثاً: الموافقة على تعيين السفراء
رابعاً: الموافقة على تعيين كبار الضباط في الجيش
الفرع الثالث: الاختصاصات المشتركة مع السلطة القضائية
النتائج والتوصيات


المقدمة
تولي دساتير الدول أهمية كبيرة لمسألة الاختصاصات التي تتمتع بها السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية لذا نجد أنها تدرجها ضمن النصوص الدستورية كي تتمتع بمرتبة تلك النصوص, أضف إلى ذلك أن قواعد الاختصاص تعد من النظام العام وهذا ما يكسبها أيضاً حصانة من التعدي عليها إذ أن مخالفتها تؤدي إلى بطلان التصرف لمخالفته للنظام العام, ومن خلال ما تقدم بات من الضروري البحث في بيان الاختصاصات التي يمارسها البرلمان وسنحاول من خلال اللجوء للمنهج التحليلي في تحليل النصوص القانونية في معرض الحاجة الى ذلك حيث سينتظم البحث على ثلاثة مطالب, نتطرق إلى تعريف الاختصاص الحصري في المطلب الاول, وصولا ً إلى الاختصاصات الحصرية للبرلمان في المطلب الثاني, ومن ثم بيان الاختصاصات غير الحصرية التي من الممكن أن يمارسها البرلمان من خلال أدائه لعمله وفق الدستور والقوانين التشريعية في المطلب الثالث, نعقبها بنتائج البحث والتوصيات آملين أن نوفق في تحقيق الهدف المنشود من البحث, والله ولي التوفيق.
المطلب الأول: تعريف الاختصاص الحصري
يقصد بالاختصاص الحصري أنه اختصاص جهة معينة بممارسة اختصاص معين دون غيرها, أو أنه تولي جهة معينة القيام بوظيفة معينة بموجب القانون بحيث لا يجوز لغيرها أن تؤدي هذه الوظيفة وإلا كان أداؤها مخالفاً للقانون([1]).
والجدير بالذكر أن قواعد الاختصاص هي من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها, واستناداً إلى قواعد الاختصاص فإن الاختصاصات الحصرية لا يجوز تفويضها أو تخويلها أو التنازل عنها.
وقد نصت المادة (61) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على الاختصاصات التي يمكن للبرلمان ممارستها([2]).
ومن خلال ملاحظة ما جاءت به المادة (61) نجد أن هناك اختصاصات يمارسها البرلمان منفرداً ونستطيع أن نطلق عليها الاختصاصات الحصرية أو (المباشرة), في حين نجد أنه يمارس اختصاصات أخرى بالاشتراك مع السلطة التنفيذية تارة, أو السلطة القضائية تارةً أخرى, وهنا بالإمكان تسميتها الاختصاصات غير الحصرية أو (غير المباشرة). 
المطلب الثاني: الاختصاصات الحصرية (المباشرة)
يمارس البرلمان إختصاصات جاءت على سبيل الحصر, وهي الاختصاصات التي يمارسها كسلطة اتحادية بصورة مشتركة مع السلطتين التنفيذية والقضائية, وسنتناولها في الفرع الاول من هذا المطلب في حين أن البرلمان يمارس أخرى بصورة مباشرة كسلطة تشريعية, وهذا هو محور البحث في الفرع الثاني.
الفرع الأول: الاختصاصات الحصرية بموجب المادة(110) من دستور 2005
وردت عبارة (الاختصاصات الحصرية) في المادة (110) ضمن الباب الرابع من الدستور والذي بين الاختصاصات الاتحادية في الدستور إذ جاء فيها "تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية:([3]).
لكن هذا النوع من الاختصاص يختص به البرلمان بصفته إحدى السلطات الاتحادية الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية), وكلمة (حصرية) هنا تتعلق بالسلطات الاتحادية ككل لا بالبرلمان وحده.
الفرع الثاني: الاختصاصات المباشرة كسلطة تشريعية
تطرقت نصوص الدستور إلى ممارسة البرلمان لاختصاص مباشر في المادتين (61) و(52/ثانياً ) ونبين ذلك من خلال الآتي:
أولاً: بالرجوع إلى نص المادة (61) من الدستور نجد أن هناك اختصاصات بينتها المادة أعلاه يختص بها البرلمان وحده دون غيره, وسنحاول بيان هذه الاختصاصات كما يأتي:
1.  تشريع القوانين الاتحادية (م61/أولاً)
2.انتخاب رئيس الجمهورية (م61/ثالثاً) ( ويطلق على هذا الاختصاص بالاختصاص السياسي([4]).
3. إجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة العامة, وإقرارها.
ثانياً: نصت المادة (52/أولاً) على أنه:"يبت مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض بأغلبية ثلثي أعضائه".
إذ أن الفقرة أعلاه أشارت إلى أن البت في عضوية أعضاء المجلس هي من إختصاصه ولم تشر إلى أية جهة أخرى يمكنها القيام بهذه المهمة, وهو ما يوحي أنها اختصاص حصري للبرلمان.
ثالثاً: الرقابة على أداء السلطة التنفيذية
منح الدستور البرلمان اختصاص الرقابة على أداء السلطة التنفيذية وهو ما أشارت إليه المادة (61) من الدستور النافذ وأكدت أن من اختصاص البرلمان استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وإعفاؤهم بالأغلبية المطلقة. إذ يدخل اختصاص البرلمان في أعلاه ضمن أعمال الرقابة البرلمانية, وبموجبها يجوز لعضو مجلس النواب ( السؤال, المناقشة, الاستجواب وسحب الثقة)([5]).

المطلب الثالث: الاختصاصات غير الحصرية (غير المباشرة)
إضافة إلى الإختصاصات المباشرة لمجلس النواب فقد أوجد الدستور إختصاصات أخرى غير مباشرة, أي أنه من الممكن أن تمارسه جهة أخرى غير البرلمان وهي السلطات التنفيذية, والاختصاصات يمارسها البرلمان بصورة مشتركة مع السلطات الاخرى وسنحاول بيانها كما يأتي:
الفرع الأول: السلطات التنفيذية للبرلمان
خول دستور جمهورية العراق لسنة 2005 البرلمان ممارسة اختصاصات تنفيذية جعلت كفته تتغلب على كفة المؤسسات الدستورية الاخرى وبذلك اقترب من نظام حكومة الجمعية النيابية([6]).
الفرع الثاني: الاختصاصات المشتركة مع السلطة التنفيذية
هناك اختصاصات يمارسها البرلمان بصورة غير مباشرة مع السلطة التنفيذية نبينها كما يأتي:
أولاً: تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية
نصت المادة (61/ رابعاً) على أنه:
يختص البرلمان بما يأتي: رابعاً "تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون ليس بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب"
ومن خلال النص المتقدم يتبين لنا أن البرلمان يختص بالموافقة على قانون التصديق على معاهدة معينة بعد أن تقوم السلطة التنفيذية بإعداد قانون التصديق على المعاهدة وبذلك نرى أنه قد اشترك مع السلطة التنفيذية في ممارسة احد اختصاصاتها.
والجدير بالذكر أن مصادقة رئيس الجمهورية على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تتوقف على مصادقة البرلمان ايضاً([7]). والملاحظ هنا أن اجراءات مصادقة رئيس الجمهورية على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تجري بنفس الاجراءات المتعلقة بالمصادقة على القوانين التي يشرعها البرلمان.

ثانياً: الموافقة على إعلان حالة الحرب وحالة الطوارئ
 نصت المادة (61/ تاسعاً/أ)على:
يختص مجلس النواب بما يأتي: "الموافقة على إعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثيين بناءً على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء)".
تحدد الدساتير عادةً الجهة المسؤولة على إعلان حالة الحرب والطوارئ والتي تؤدي إلى تعرض أمن وسلامة البلد إلى المخاطر والتي قد تنتج عن مخاطر بيئية أو كوارث طبيعية أو بشرية كالاعتداء على حدود الدولة مثلاً.  
ومن باب إساءة استعمال السلطة تلجأ بعض الدول وخاصة الدول ذات الحكم الاستبدادي إلى فرض حكمها وسلب حقوق الشعوب عن طريق استخدام حالة إعلان الحرب وحالة إعلان الطوارئ ولهذا فقد إختط دستور جمهورية العراق لسنة 2005 لنفسه مساراً جديداً بمنحه البرلمان اختصاص الموافقة على إعلان حالة الحرب وحالة الطوارئ وذلك عن طريق التصويت بأغلبية ثلثي المصوتين من أعضاء المجلس أولاً واشترط تقديم طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ثانياً, وبذلك جعل إعلان حالة الحرب وحالة الطوارئ اختصاصاً مشتركاً بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. كذلك ألزم الدستور رئيس مجلس الوزراء بأن يعرض الاجراءات التي اتخذها والنتائج التي توصل إليها خلال فترة اعلان حالة الطوارئ أو حالة الحرب على مجلس النواب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهائها([8]).
كما أن المادة (80/ سادساً) حددت الجهة المختصة بالتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وهي مجلس الوزراء وهذا دليل على تداخل وتكامل الاختصاصات بين البرلمان ومجلس الوزراء([9]).
ثالثاً: الموافقة على تعيين السفراء
نصت المادة (61/ خامساً ب) على اختصاص البرلمان في الموافقة على تعين كل السفراء واصحاب الدرجات الخاصة باقتراح من مجلس الوزراء, ومن النص المتقدم يتبين لنا أن البرلمان لا ينفرد بتعين السفراء بل أن الجهة التي يعمل لديها الموظف هي التي تقوم بتشريعه وقد بينها الدستور وهي مجلس الوزراء, ويكتمل تعيين السفير بموافقة البرلمان.
رابعاً: الموافقة على تعيين كبار الضباط في الجيش
نصت المادة (61/ خامساً ج )على اختصاص البرلمان بتعيين رئيس اركان الجيش ومعاونيه ومن هم بتنصيب قائد فرقة ورئيس جهاز المخابرات لكن هذا الاختصاص لم يكن محصوراً بالبرلمان إذ أن تعين هؤلاء الاشخاص يكون باقتراح من مجلس الوزراء.
الفرع الثالث: الاختصاصات المشتركة مع السلطة القضائية
نصت المادة (61/ خامساً/ أ) على:
يختص مجلس النواب بالموافقة على تعين كل من:
أ- "رئيس اعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي بالأغلبية المطلقة بناء على اقتراح من مجلس القضاء الاعلى"
ومن خلال النص أعلاه نجد أن مجلس النواب لا يختص وحده بالموافقة على تعين الاشخاص المذكورين في الفقرة (أ) من (المادة 61/ خامساً) بل أن من يتولى ترشيحهم هو مجلس القضاء الاعلى وبذلك نجد أن اختصاص البرلمان هو اختصاص تشاركي مع السلطة القضائية([10]).



النتائج والتوصيات
بعد أن استعرضنا مفردات البحث توصلنا إلى النتائج التالية:
النتائج:
1- يمارس البرلمان نوعين من الاختصاصات الاولى مباشرة يمارسها بشكل منفرد, والاخرى يمارسها بصورة غير مباشرة مع السلطتين التنفيذية والقضائية.
2- إن مجلس النواب بممارسته للاختصاصات التشاركية فإنه يعكس صورة النظام البرلماني القائم على الموازنة بين اختصاصات السلطة التشريعية والتنفيذية.
4. إن الدستور النافذ بمنحه اختصاصات وامتيازات كثيرة للبرلمان فإنه يقترب من نظام الجمعية القائم على تغليب السلطة التشريعية
5. من خلال البحث تبين لنا جلياً مبدأ الفصل المرن بين السلطات والذي يتيح لأحدى السلطتين التشريعية والتنفيذية ممارسة اختصاصات مشتركة.
6. إن الاختصاص من النظام العام لذا فإنه في حالة إضافة اختصاص حصري للبرلمان فإنه يتطلب صدور قانون بذلك.
التوصيات:
يوصي الباحث  بتشريع قانون يوضح اختصاصات البرلمان الحصرية وغير الحصرية بالشكل الذي لا يؤدي الى اللبس والغموض.







([1]) متاح على الموقع الالكتروني https://www.linternaute.fr/dictionnaire/fr/definition/sciences-juridiques  تاريخ الزيارة 17/4/2020.
([2])  ينظر نص المادة (61) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
([3]) تنظر المادة (110) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
([4]) المقصود بالاختصاص السياسي أي المتعلق بمنصب رئيس الجمهورية ونوابه ومنصب رئيس مجلس الوزراء والوزارة وبيان الوزارة وحالتي الحرب والطوارئ ( ينظر في ذلك: د. وائل عبد اللطيف القاضي الفضل, أصول العمل النيابي, بغداد, 2006, ص240.
([5]) د. غازي فيصل مهدي و د. عدنان عاجل عبيد, القضاء الاداري, مؤسسة لنبراس للطباعة والنشر , العراق, النجف الاشرف, 2013, ص94.
([6]) د .حميد حنون خالد, مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق, مكتبة السنهوري, ط1, سنة 2013, ص351.
([7]) نصت المادة(73/ ثانياً) من دستور جمهورية العراق على أنه: "المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بعد موافقة مجلس النواب وتعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسليمها".

([8]) م. مازن مزهر عواد الشمري, إختصاصات مجلس النواب التنفيذية ذات الاثر الدولي في ضوء دستور جمهورية العراق لسنة 2005, مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية, جامعة كركوك, العدد (22) المجلد (6), 2017, ص25.
([9]) (نصت المادة (80/ سادساً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على "التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها, أو من يخوله".
([10]) مازن مزهر عواد الشمري, مصدر سابق, ص150.


المصادر


1. د. غازي فيصل مهدي و د.عدنان عاجل عبيد, القضاء الاداري, مؤسسة النبراس للطباعة والنشر , العراق, النجف الاشرف, 2013.
2. د .حميد حنون خالد, مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق, مكتبة السنهوري, ط1, سنة 2013.
3. د. وائل عبد اللطيف القاضي الفضل, أصول العمل النيابي, بغداد, 2006.
4. م. مازن مزهر عواد الشمري, إختصاصات مجلس النواب التنفيذية ذات الاثر الدولي في ضوء دستور جمهورية العراق لسنة 2005, مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية, جامعة كركوك, العدد (22) المجلد (6), 2017.
5. دستور جمهورية العراق لسنة 2005.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع