القائمة الرئيسية

الصفحات

قانون العفو الخاص في زمن الكورونا بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا



قانون العفو الخاص في زمن الكورونا
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا



قانون العفو الخاص في زمن الكورونا
بقلم / ايناس عبد الهادي الربيعي معهد العلمين للدراسات العليا

      يعد العفو عنصرا مهما ومشروعا من عناصر النظم القانونية بجميع انحاء العالم على الرغم من انه من الممكن ان يمثل موضع خلاف ولا سيما انه يمثل عملية موازنة بين مصالح المتهم او المدان وتحقيق العدالة كمصلحة للمجتمع  بأجمعه عبر تفعيل مبدا المسألة  وحاجة الضحايا لتطبيق العدالة ، ليعود ملف السجناء وقانون العفو بصورة مكررة الى الواجهة بفترات متلاحقة عبر مطالبات بالعفو ولأسباب متباينة ليكون انتشار وباء الكورونا احدى تلك الاسباب لتجدد الدعوات وعودة تلك المطالبات التي كانت غالبا ما تصطدم بعقبات عدة دون الوصول لحل والعودة لنقطة الصفر لاختلاف الآراء السياسية منها ليعود النقاش تارة اخرى في ظل خوف من انتشار الوباء بين السجناء فمنذ سنوات ادرج قانون العفو كاقتراح من قبل رئيس الوزراء المستقيل السيد عادل عبد المهدي في اول جلسة تشريعية ليلقى الرفض من بعض الاطراف السياسية ولا سيما ان السجون تضم الالاف الارهابين من قتلة القوى الامنية وافراد الشعب بحجة عدم كفاية الادلة في حين تنادي اطراف اخرى بان بطئ الاجراءات يهدد مصير مئات المساجين الذين يواجهون الخطر الذي يهدد حياتهم من انتشار الوباء ليكون الدافع مزدوج الهدف الحفاظ على ارواح نزلاء المؤسسات الاصلاحية ظاهرا والحصول على مكاسب انتخابية من جهة اخرى ،ومن وجهة نظر اخرى نجد ان السجون تكتظ بالعديد من المتورطين بجرائم المخدرات والسرقة اضافة الى الارهابيين والقتلة وهو ما يتطلب دراسة مستفيضة للإقرار والتطبيق على ارض الواقع ،وبالعودة لمفهوم  العفو الخاص نجد انه قانون يصدر عن السلطة التنفيذية عادة (الرئيس او رئيس الوزراء) بإلغاء عقوبة واعادة الحقوق المدنية لاحد الافراد دون اسقاط الادانة وهو ما يميزه عن العفو العام الذي يعد فعلا تشريعيا او تنفيذيا يحول دون اتخاذ الاجراءات التحقيقية او القضائية نحو فرد او مجموعة من الافراد ليلغي اي عقوبات فرضت سابقا وفي بعض البلدان لا يظهر الفرق واضحا بين كلا العفوين العام والخاص بصورة جلية اذ قد يحصل بعض الافراد على عفو خاص في حالات معينة ليكون بذلك اقرب للرأفة عنه للعفو ،اما في نطاق القانون الدولي الانساني  وبما يتعلق بالجرائم الارهابية نجد انه يتعامل مع تلك الجرائم بكونها انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الانساني فلا يجوز منح مرتكبيها العفو الا انه يمكن للدو اتخاذ تدابير معينة للتشجيع على احلال السلم والتي منها عرض العفو عبر اتفاقات او تشريعات خاصة لتمكن بذلك الامم من التعافي والمضي قدما وهو ما يتفق والبرتوكول الاضافي الثاني لاتفاقيات جنيف ،اما المنظمة الدولية للصليب الاحمر فلا تشارك في مجالات السياسة بوصفها منظمة انسانية ملتزمة التزاما تاما بالحياد والاستقلال وعدم التحيز لذلك تقر حق الدول في اتخاذ القرارات استنادا لتشريعاتها المحلية وبما يتوافق مع القانون الدولي ولذلك وفقا للتفويض الذي منحته اياها الدول من خلال اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الاضافيين الملحقين بها تعمل على نشر وتعزيز القانون الدولي الانساني باعتبارها الحارسة على تنفيذه  لذا نجد المنظمة الدولية للصليب الاحمر في العراق تعمل على دعم المؤسسة الاصلاحية لمواجهة الوباء عبر الاستعداد لتقديم المساعدات ودعم الدائرة بالمواد الصحية والطبية لمواجه الوباء والاطلاع المستمر على احوال النزلاء والاجراءات الاحترازية الصحية المتخذة من قبل دائرة الاصلاح والمتابعة الميدانية مع وزارة العدل لإجراءات المحافظة على سلامة النزلاء وهو ما يتوافق مع توجيهات وزير العدل السيد فاروق شواني بوضع الية لتنفيذ قانون العفو الخاص المنصوص عليه في المادة (73/اولا) من دستور جمهورية العراق لسنة   2005 كإحدى صلاحيات السيد رئيس الجمهورية وفق مقترح السيد رئيس الوزراء لتحدد الفئات المشمولة بهذا العفو وهم:
-         من اكمل نصف محكوميته او من بقي من محكوميته اقل من سنة او المحكوم عليه بسنة او اقل.
مع استثناء من الشمول بالعفو:
-   ما يتعلق بالحق الخاص الا بعد تنازل المشتكي او ذوي المجني عليه امام قاضي التحقيق او المحكمة المختصة.
-   المحكومون بارتكاب جرائم دولية والجرائم الارهابية والجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي و الداخلي وجريمة الاتجار بالبشر او جريمة حيازة واستعمال الاسلحة الكاتمة للصوت والاسلحة ذات التصنيف الخاص والفساد المالي والاداري وجرائم الاغتصاب واللواط والزنا بالمحارم والاتجار بالمخدرات .
-         جرائم غسيل الاموال وجرائم الخطف والاختلاس وسرقة اموال الدولة واهدار المال العام عمدا مالم يسدد ما بذمته من اموال قبل اطلاق سراحه.
-   جرائم تهريب الاثار وتزييف العملة وجريمة تزوير المحررات الرسمية التي ادت حصول المزور على درجة وظيفية في ملاك الدولة مدير عام فما فوق.
-         من شمل بقانون العفو لعام 2008 و2016 .
مع شمول الاجانب  المحكومين المخالفين لقانون الاقامة .
ومن الاطلاع على الاستثناءات الواردة في التوصية اعلاه نجد انها متوافقة مع مقتضيات العدالة وقواعد القانون الدولي فاستثناء مرتكبي الجرائم الدولية والارهابية هو لما تمثله تلك الجرائم من خطورة تمس امن المجتمع الدولي ككل فاطلاق سراحهم في ظروف كهذه التي يواجهها العالم اجمع يحمل في طياته مخاطرات عدة قد يعمد هؤلاء لاستغلالها مستغلين الوضع السائد وانشغال الدول بمنع تفشي الوباء ، وكذلك الامر لمستخدمي الاسلحة الكاتمة وحائزيها والمتاجرين بها  والمفرقعات والاسلحة ذات التصنيف الخاص لما تمثله تلك الجرائم من خطورة على استقرار وامن المجتمع  ككل وهو ما نجده ينطبق على باقي الجرائم المستثناة فخطورة مرتكبيها تكم في فداحة ما ارتكبوه من جرائم وانتهاكات بحق الافراد في المجتمع وامنه واستقراه وشعور الافراد بالأمن والطمأنينة وهو ما نرى انه متوافق مع مقتضيات العدالة والانسانية ومفهوم العفو الخاص الذي يكون متعلقا بمحو عقوبة جرم معين والاقتصار على جرائم معينة او تخفيض العقوبة لتلك الجرائم بما يخالف العفو العام الذي لا يستثني بالعادة جرائم من نطاقه او الاقتصار على تخفيض عقوبة جريمة معينة او تعليق الشمول به لبعض الجرائم على شروط معينة لان ذلك يحوله لعفو خاص ولا ان الاجراءات الاحترازية ضد انتشار الوباء مستمرة ليكون خيارا لتخيف اكتظاظ اماكن الاحتجاز والسجون بالموقوفين والمحكومين للحد من اثار على الازمة على تلك الفئة مع احتمال انتشار الوباء في اماكن الاحتجاز مما يجعل الامر يمثل صعوبة في السيطرة عليه اذا ما انتشر بين نزلاء تلك المؤسسات الاصلاحية ولا سيما ان هذا العفو قد تزامن بإصدار دول عدة لعفو عن مساجينها وفق معايير انسانية وموضوعية مرتبطة بحالة الطوارئ الصحية وما تفرضه من اتخاذ الاحتياطات اللازمة وهو ما نرى انه يمثل فرصة لهؤلاء الافراد لغايات اصلاحية وقائية تجمع الاهداف وتحقق الغاية المبتغاة في تحقيق امن واستقرار المجتمع.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع