القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في كتاب (المجتمع المدني في العراق بعد عام ٢٠٠٣ ودوره في بناء الديمقراطية) للمؤلف المحامي الدكتور جميل جعفر البدر بقلم الاستاذ الدكتور باقر الكرباسي



قراءة في كتاب (المجتمع المدني في العراق بعد عام ٢٠٠٣ ودوره في بناء الديمقراطية) للمؤلف المحامي الدكتور جميل جعفر البدر
بقلم الاستاذ الدكتور باقر الكرباسي



قراءة في كتاب (المجتمع المدني في العراق بعد عام ٢٠٠٣ ودوره في بناء الديمقراطية) للمؤلف المحامي الدكتور جميل جعفر البدر.
 بقلم الاستاذ الدكتور باقر الكرباسي   

     أن العمق التاريخي الذي يتمتع به العراق والغنى الحضاري الذي يمتاز به والتعدد الثقافي الذي يطبعه منذ آلاف السنين، كلها عوامل اهلته للاضطلاع بدوره العلمي المتميز في الحضارة الإسلامية، وعطاء حضارة العراق لم يتوقف عند بدايات التاريخ القديم وإنما ظلت تمد الحضارات الإنسانية والمدنيات المتعاقبة بشتى اسباب الرقي والتقدم على طول تاريخها المديد، وعندما نتحدث عن الديمقراطية في العراق فمن المعلوم انها تكون هشة في مرحلة البناء وتزداد صلابة مع ترسيخ مبادئها، ولذلك يحتاج بناؤها إلى كثير من التاني في العمل ويستغرق زمنا ليس بالقصير لارساء مفاهيم جديدة وتغيير مفاهيم اخر نشأت عليها أجيال متعاقبة من الشعب العراقي تحت وطاة الدكتاتورية والحكم الفردي، اي ان الديمقراطية تنتج مجتمعنا مدنيا ينظر بثقافته وليس بعينيه، فاقامة أسس المجتمع المدني وتجذير المضمون قبل الشكل في الحكم الديمقراطي من خلال المؤسسات المدنية وتأسيس دولة القانون بخضوع الحكام والمحكومين له سواسية من دون استثناءات وفقا لقانون العدل في العراق الجديد.
والكتاب الذي أقدمه للقارئ العزيز كتاب له علاقة وطيدة بما قدمت، عنوانه (المجتمع المدني في العراق بعد عام ٢٠٠٣ ودوره في بناء الديمقراطية) لباحث جاد ومكافح استطاع ان يمزج القانون مع السياسة ليظهر لنا رسالة علمية تبحث عن دور المجتمع المدني في بناء الديمقراطية في العراق، الكتاب في الأصل رسالته للماجستير، صدر في سنة ٢٠١٧م,  بـ(٢١٨) صفحة، تكون من تمهيد وثلاثة فصول تتخللها مباحث عديدة، وخاتمة فيها استنتاجات الباحث ومن ثم قائمة للمصادر والمراجع، في التمهيد يقول الدكتور جميل البدر :(حظي المجتمع المدني باهتمام من لدن المفكرين والباحثين في العلوم الإنسانية عموما، والعلوم السياسية خصوصا، ويرجع هذا الاهتمام الى مفهوم الحد من استبداد النظم السياسية ودكتاتوريتها، اي ان هناك ثمة أهداف ووسائل لمعالجة الاخفاقات في منح الحقوق والتجاوز على الحريات العامة، التي تقع اغلب النظم السياسية فيها، وقد كان العراق احد الدول التي توالت على حكمه أنظمة استبدادية استمرت لعقود طويلة، لاسيما النظام الدكتاتوري السابق الذي حكم العراق طوال ثلاثة عقود ونصف من الزمن، داب فيها على زرع الثقافة الشمولية في الدولة والمجتمع، وترسيخ ذلك في القيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية)، ويستمر الباحث في تمهيده قائلا :(ومع التغيير الذي حصل في العراق شاعت مصطلحات عديدة منها :الديمقراطية، المجتمع المدني، الفدرالية، حقوق الإنسان وحقوق المرأة وغيرها من المصطلحات التي كانت مغيبة عن الاستماع قبل التحول الديمقراطي الجاري الان، وأن ما شهده العراق منذ تأسيس الدولة العراقية حتى التغيير في سنة ٢٠٠٣ هو صدور كثير من القوانين حول الجمعيات، كان آخرها قانون الجمعيات رقم ١٣ لسنة ٢٠٠٠، الا انها لم تكن تحظى بالاهتمام مادامت النظم شمولية دكتاتورية، وبعد أن حصل التغيير السياسي ذاع مصطلح (المجتمع المدني)، وأخذ اهتماما بالغا كونه يستظل بالنظام الديمقراطي الجديد، فضلا عن كونه ثابتا من ثوابت التحول الديمقراطي، إذ الديمقراطية من دون مجتمع مدني).
وكان من ضمن مايدرسه الباحث هو توضيح أهمية البحث ومشكلته وفرضيته ومنهجيته وهيكليته ومن ثم عرض الدراسات السابقة حول الموضوع، و(ماهية المجتمع المدني) هو عنوان الفصل الأول من الكتاب، درس البحث البدر بعد أن قسمه على ثلاثة مباحث، تطور المجتمع المدني في الفكر الغربي ومن ثم في الفكر الإسلامي بعدها بحث الإطار المفهوم للمجتمع المدني، وكان فصلا غنيا بالمعلومات التاريخية والسياسية، وساقف على فقرة تعريف وسمات المجتمع المدني حسبما درسه الباحث من المراجع وإعطاء رأيه فيه فيقول :(تعددت تعريفات المجتمع المدني حسب المواقف الايديولوجية، والخلفية الفكرية، والوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية) ص٥٦، وينتهي بعد عرض مجموعة من التعاريف لمفكرين وباحثين إلى أن التعريف الأكثر انتشارا والذي يتضمن مجموعة من السمات هو: (مجموعة من التنظيمات التطوعية المستقلة ذاتيا والتي تملا المجال العام بين الأسرة والدولة، غير ربحية، تسعى الى تحقيق منافع او مصالح للجميع او بعض فئاته المهمشة لتحقيق مصالح افرادها ملتزمة بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والادارة السلمية للاختلافات والتسامح وقبول الآخر) ص٥٨_٥٩، وجاء الفصل الثاني بعنوان (المجتمع المدني والديمقراطية) بثلاثة مباحث اولها علاقة المجتمع المدني بالدولة، ومن ثم علاقته بالثقافة السياسية وآخرها علاقته بالمشاركة السياسية، إذ خاض الباحث في هذا الفصل وتوقف كثيرا عند علاقة المجتمع المدني بالثقافة السياسية واعطاها اهتماما خاصا وشرحا وافيا، اما الفصل الثالث من الكتاب فكان عنوانه (دور المجتمع المدني في التحول الديمقراطي في العراق بعد عام ٢٠٠٣)، ومباحثه ثلاثة أيضا، درس في الأول منها علاقة المجتمع المدني بالدولة في العراق، وفي الثاني علاقته بالثقافة السياسية بعد عام ٢٠٠٣، موضحا فيه بنية المجتمع العراقي والبنى التقليدية والثقافة السياسية، اما أنماط الثقافة السياسية السائدة في العراق هو عنوان المبحث الثالث وقسمها على أقسام هي :الثقافة السياسية التقليدية في العراق ومن ثم ثقافة الخضوع او الثقافة التابعة في العراق وآخرها الثقافة السياسية المساهمة (المشاركة) في العراق، وفي الخاتمة التي شملت الاستنتاجات أيضا يقول الدكتور الباحث : (تبين من خلال البحث ان موضوع المجتمع المدني ودوره في بناء الديمقراطية في العراق بعد عام ٢٠٠٣ هو موضوع شائك ومعقد نظرا لحداثة المصطلح في الواقع العراقي كونه ضبابيا ان لم نقل مغيبا في الوعي السياسي العراقي طوال مدة الحكم الدكتاتوري الذي سبق عملية التغيير) ص٢٠١.
موضوع الكتاب مهم جدا في مثل ظروف بلد يعيش التحول الديمقراطي، ومن المؤكد أفاد منه باحثون كثر لما فيه من معلومة حديثة، مبارك للباحث صدور الكتاب ومبارك له الدكتوراه أيضا.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع